البيان الوزاري اليوم… ومجلس وزراء الجمعة… وجلسات الثقة تبدأ الثلاثاء حزب الله والتيار الحر يجدّدان التمسك بالتفاهم… والحريري وجنبلاط لتنظيم الخلاف

كتب المحرّر السياسيّ

هدأت لغة التوتر في العلاقة الأوروبية الإيرانية بعدما أدّى التلازم بين الإعلان عن الآلية المالية للتبادل التجاري بين أوروبا وإيران مع نشر البيان السياسي للاتحاد الأوروبي حول البرنامج الصاروخي الإيراني والدور الإقليمي لإيران إلى الإيحاء بأن التفاهم حول هذين الملفين يشكل شرطاً للعمل بالآلية المالية، خصوصاً مع مطالبات أوروبية لإيران بالانضمام إلى معاهدة مكافحة تمويل الإرهاب وتوجيه انتقادات لإيران في ملف حقوق الإنسان. وجاء الرد الإيراني حازماً لجهة رفض التفاوض على الملف الصاروخي ورفض الانضمام إلى الاتفاقية الأوروبية لمكافحة تمويل الإرهاب، وصولاً إلى التلويح باعتبار التفاهم حول ملفها النووي ساقطاً ما لم تنجح أوروبا بوضع آلية التبادل المالي قيد التنفيذ. وبعد اتصالات دبلوماسية متبادلة كشفت عنها مصادر إيرانية تمّ التوصل إلى تفاهم يقضي بوضع الآلية المالية الأوروبية مطلع شهر آذار قيد التنفيذ بعد إرفاق عدد من التوضيحات التقنية عنها.

التطور الأوروبي الإيراني يأتي عشية مؤتمر وارسو الذي دعت إليه واشنطن تحت عنوان عزل إيران، وتقول المعلومات المتوافرة قبل أسبوع من موعده إن المقاطعة الأوروبية ثابتة للمؤتمر ومثلها ستفعل روسيا والصين وتركيا ودول عديدة ما يجعل المؤتمر ظاهرة إعلامية باهتة تكرّس نتائج المواجهات التي دارت في المنطقة وخسرها حلفاء أميركا وربحتها إيران وحلفاؤها.

بالتوازي حملت النتائج التي وصلت إليها المفاوضات لتطبيق اتفاق ستوكهولم حول اليمن الإشارات لقرب تطبيق اتفاق تبادل المعتقلين والأسرى، وإلى إحياء اتفاقية الحديدة مع تبديل رئيس فريق المراقبين الأمميين.

لبنانياً، تعقد اللجنة المكلفة بصياغة البيان الوزاري جلستها الأخيرة اليوم برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري لقراءة أخيرة لمسودة البيان وإقراره، تمهيداً لإحالته إلى مجلس الوزراء الذي يفترض أن ينعقد يوم الجمعة لإقراره وإحالته إلى مجلس النواب الذي يتوقع أن تنعقد هيئة مكتبه السبت وتوجّه الدعوة لجلسات مناقشة البيان الوزاري ومنح الثقة للحكومة الجديدة بدءاً من يوم الثلاثاء المقبل.

أبرز المناخات السياسية المحيطة بالعمل الحكومي تمثّلت، بسعي حزب القوات اللبنانية لتظهير تميّزه في قضايا النقاش السياسي في فقرات البيان الوزاري رغم طابعها الإنشائي، سواء في ما يتعلق بالعلاقة بسورية أو بالفقرة الخاصة بالمقاومة، فيما شكل السجال بين رئيس الحكومة سعد الحريري وفريقه من جهة مع النائب السابق وليد جنبلاط من جهة أخرى العلامة الأبرز التي بلغت الذروة في لغة التخاطب الاتهامي القاسي بين الطرفين قبل أن تهدأ إعلامياً، بمساعي وسطاء نجحوا في التوصل إلى تنظيم الخلاف، الذي يدور في العمق حول ما ينقل عن جنبلاط من اتهامات للحريري بصفقات سياسية واقتصادية مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، رغم الخسائر التي تصيب جنبلاط من تبنّي باسيل لمطالب النائب طلال أرسلان درزياً، كما أظهرت التشكيلة الحكومية سواء من خلال اسم الوزير الدرزي الثالث القريب من شيخ العقل نصرالدين الغريب الذي لا يعترف به جنبلاط، أو الحقيبة التي أسندت إليه وزارة دولة لشؤون النازحين، أما في الظاهر فيمنح جنبلاط لخصومته مضموناً يتصل باتهام الحريري بالتنازل عن صلاحياته كرئيس للحكومة وفقاً لنصوص اتفاق الطائف.

بالتوازي سياسياً أعاد حزب الله والتيار الوطني الحر تجديد تمسكهما بالتفاهم الذي وقعاه في كنيسة مار مخايل عام 2006، وقال رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، حزب الله لا يشتغل عند التيار ويجب أن ننتهي من هذه النغمة فلكل تطلعاته وتأملاته ولا يحق لنا وضع أجندات للآخرين ويجب أن تكون لدينا شجاعة الإقرار والاعتراف مما قدّمه حزب الله. فلولا حزب الله لما كان الرئيس عون رئيساً للجمهورية ولم يكن لتستفيق الميثاقية الوطنية في نظامنا، كما في المقابل على جمهور حزب الله أن يعرف أن لولا التيار لما صمد حزب الله بوجه إسرائيل والإرهاب ومحاولات العزل. وعلى حزب الله الاستمرار معنا في حفظ هذه الميثاقية لأن حزب الله يمثل ما يمثل والخيار الميثاقي يجب أن يحفظ مبدأ أن الأقوياء هم مَن يمثلون جماعاتهم. وعلى حزب الله أن يعي أن التيار الوطني لا يملك الخطاب نفسه ويمكن أن تحدث خيبات بسبب الفوارق، ولكن لا يجوز أن تصل عند بيئة الجمهورية إلى استسهال التخوين، حتى بالفكر.

تعقد اللجنة الوزارية التي تبحث صياغة البيان الوزاري اجتماعاً أخيراً اليوم في الساعة الثانية من بعد الظهر، بعدما كانت أمس اتفقت على اعتماد صيغة بيان الحكومة السابقة في ما يتعلق ببند المقاومة، وتم التشديد على العودة الآمنة للنازحين السوريين من دون أن يتم تضمين البيان الوزاري كلمة العودة الطوعية. وبحسب مصادر وزارية لـ»البناء» فإن الفقرة المتصلة بأزمة النزوح نصّت على الترحيب بكل المبادرات التي تصبّ في عودة النازحين مع تجديد الحكومة ترحيبها بالمبادرة الروسية، وأنها ستواصل العمل مع المجتمع الدولي للإيفاء بالتزاماته لمواجهة أعباء النزوح واحترام المواثيق الدولية مع الإصرار على أن الحل الوحيد هو بعودة النازحين الآمنة الى بلدهم ورفض أي شكل من أشكال دمجهم او إدماجهم في المجتمعات المضيفة. كما جرى الأخذ بمطلب الوزير جمال الجراح اضافة فقرة تتعلق بإلغاء وزارة الاعلام وتشكيل اللجنة الوطنية للإعلام، كما الاتفاق على التفاهم على اضافة فقرة بإلغاء وزارة المهجرين بعد إقفال ملف المصالحات خلال سنتين وتقرّر أيضاً تحديد مهام كل وزراء الدولة في مجلس الوزراء.

وكان الرئيس الحريري استقبل، بحضور مستشاره للشؤون الروسية جورج شعبان، السفير الروسي الكسندر زاسيبكين حيث جرى البحث، كما قال السفير الروسي في أفق تطوير التعاون الروسي – اللبناني على كافة الاصعدة وخاصة الاقتصادية في ضوء مقررات اللجنة الاقتصادية المشتركة الحكومية والعقود الموقعة مؤخراً في مجال الاستخراج والتنقيب عن الغاز والبترول والمرفأ النفطي في طرابلس، كما تم التأكيد على ضرورة مواصلة التفاعل في اطار اللجنة المشتركة الروسية – اللبنانية في ضوء المبادرة الروسية الهادفة الى تأمين عودة النازحين السوريين الى وطنهم. وعرض الحريري مع السفير الفرنسي برونو فوشيه المستجدات.

وأكدت كتلة المستقبل أمس، أهمية التضامن الحكومي في هذا المنعطف المصيري من تاريخ البلد والمنطقة، داعية كافة الشركاء على طاولة مجلس الوزراء «الى التزام موجبات هذا التضامن والتوقف عن المنازلات السياسية والإعلامية التي من شأنها الإضرار بالمصلحة العامة وبمكونات الثقة التي تحتاجها الدولة داخلياً وخارجياً.»

وشدّدت مصادر المستقبل لـ»البناء» على أن الأولوية اليوم تكمن في تطبيق مقررات مؤتمر «سيدر» وتنفيذ كل المشاريع المطلوبة في إطار محاربة الفساد، وترشيق الإدارة لافتة الى ان الرئيس سعد الحريري سيتعاطى على قاعدة «ما في ريشة فوق راس أي فاسد»، مشيرة الى ان الحكومة ستبدأ عملها فور نيلها الثقة من المجلس النيابي. ولفتت المصادر الى ان الحريري سيتعاطى مع مسألة النازحين وفقاً للمبادرة الروسية لا سيما أن موسكو تلعب دوراً أساسياً على الساحة السورية.

من ناحية أخرى، كان لافتاً أمس، دفاع رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل في ذكرى تفاهم مار مخايل عن موقفه من إقامة لوحة جلاء في نهر الكلب، مشدداً على «أن مَن لا يحترم تاريخنا لا يمكنه أن يفهمنا.» ورأى باسيل من كنيسة مار مخايل في الشياح أنه لولا حزب الله لما كان ميشال عون رئيساً للجمهورية، لكن حزب الله يجب أن يقر أنه لولا التيار لم يكن ليصمد بوجه إسرائيل أو الإرهاب ومحاولات العزل».

ولفت باسيل إلى أن وثيقة التفاهم بين التيار الوطني الحر وحزب الله «أتت بسبب استشعارنا بوجود محاولة لعزل مكوّن داخلي بأمر خارجي وهو أمر كان سيؤدي الى فتنة». وذكر وزير الخارجية أنه لا تزال هناك محميات للفساد في الدولة تحت حجج كثيرة، مؤكداً أنه لا يمكن محاربة الفساد عبر تعزيز فاسدين في مواقع الدولة.

واعتبر الوزير محمود قماطي أن «التفاهم يضع رؤية حول الوطن والمقاومة والاستراتيجية الدفاعية ومحاربة الفساد، وكان خطوة أولى باتجاه حوار وطني لكل القوى اللبنانية».

وشدد على أن «نتائج التفاهم ظهرت في الاختبار الحقيقي خلال عدوان تموز عام 2006»، ورأى قماطي أن «التفاهم لا يعني أننا جسم واحد وأننا متفقون على كل المواقف، لكنه واضح من ناحية الاتفاق على العناوين الاستراتيجية الكبرى»، مشيراً إلى أن «الرئيس ميشال عون ليس رئيساً للبنان فقط، بل هو شخصية مشرقية كبرى لكل المشرق.»

إلى ذلك، تتجه الأنظار اليوم إلى الخطاب الذي سيطل به الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في أربعينية الثورة الايرانية والذي من المرجح ان يكون عالي النبرة ليتلاءم مع التطورات في المنطقة والمواقف الأميركية والإسرائيلية من إيران وحزب الله. وشددت مصادر حزب الله لـ»البناء» على ان السيد سيخصص خطابه اليوم للملف الإيراني منذ الثورة حتى اليوم، ولن يتطرّق الى ملفات أخرى سوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية.

إلى ذلك، يزور الوزيران وائل أبو فاعور وأكرم شهيب الرئيس ميشال عون في قصر بعبدا اليوم، علماً أن أبو فاعور زار أمس المملكة العربية السعودية.

وأشارت مصادر الحزب الاشتراكي لـ»البناء» إلى تواصل حصل خلال ساعات نهار أمس، بين المعنيين في الحزب وتيار المستقبل خلص الى ضرورة معالجة الخلافات بعيداً عن الاعلام وتبادل الاتهامات وانطلاقاً من العلاقة التاريخية التي تجمع المستقبل بالنائب السابق وليد جنبلاط منذ ايام الرئيس الشهيد رفيق الحريري.

في المقابل، شددت مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر لـ»البناء» على ان جنبلاط يتعاطى بطريقة تدعو للتساؤل والاستغراب، مشيرة الى ان جنبلاط لا يزال يعيش عقلية الاستئثار بالدولة وبالطائفة، مشدّدة على أن هذا الأمر قد ولى، فقانون الانتخاب قضى على الاستئثار في الجبل، وعلى النائب جنبلاط العمل بعيداً عن الكيدية والمناكفات لمصلحة البلد، فهو يعي جيداً أن دوره في التركيبة المحلية لم يعُد كما كان في السابق. واعتبرت المصادر أن الحكومة سوف تعمل لتحقق أكبر قدر من الإنتاجية على المستويات كافة وأن الرئيس ميشال عون كذلك الأمر الرئيس سعد الحريري لن يقفا مكتوفي الأيدي امام عرقلة أي فريق وسيسمّيان المعطلين بأسمائهم.

ويزور رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي لبنان يوم غد الخميس، وسيستهل اجتماعاته مع الرئيس سعد الحريري. كما سيعقد لقاءات مع كل من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري. كما سيتفقد كونتي الكتيبة الايطالية العاملة في إطار قوة الأمم المتحدة المؤقتة في مقر شمع جنوب لبنان.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى