نصرالله يعرض تسليح الجيش وحلّ أزمات الكهرباء والسير بمعونة إيرانية البيان الوزاري سير بين النقاط… والحكومة تباشر العمل منتصف الشهر

كتب المحرّر السياسي

في اللقاء المرتقب بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكونغرس، بدا الرئيس دونالد ترامب قلقاً من مسار التحقيقات التي تطاله والتي تهدد رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي بفتحها، فكان كل الخطاب الذي أكد قرار الانسحاب من سورية مركزاً على الاستعداد للتعاون والتشريع، على قاعدة شرط رسمته معادلة ترامب، التي وجهها مباشرة لبيلوسي «لا سلام وتشريع وبالمقابل حرب وتحقيق»، بينما بقي الغموض حول مستقبل الجدار مع المكسيك وامتناع ترامب رغم التسريبات التي سبقت الخطاب بالإعلان عن حالة الطوارئ.

لبنانياً، أنجزت الحكومة الجديدة بيانها الوزاري الذي وصفته مصادر مطلعة بأنه سير بين النقاط في كل القضايا السياسية والاقتصادية، مع تقدم بطيء ومحدود في الخطاب السياسي حول العلاقة بسورية في ملف النازحين، حيث تمت الصياغة بطريقة أقرب لخطاب التيار الوطني الحر بالدعوة لعودة آمنة للنازحين، وبالتعاون مع المبادرة الروسية التي تستند إلى التشارك مع الدولة السورية وجوهرها فك الارتباط بين عودة النازحين والحل السياسي، بخلاف الموقف الغربي الذي يضع هذا الشرط أمام أي بحث بعودة النازحين لاستخدام النازحين والبلدان المضيفة كرهائن لفرض الشروط على سورية.

مع إقرار الحكومة اليوم للبيان الوزاري وإحالته إلى مجلس النواب الذي سينعقد في جلسات متتابعة لمناقشة البيان والتصويت على الثقة بالحكومة، تدخل الحكومة منتصف الشهر وهي مزوّدة بثقة المجلس النيابي لتواجه تحديات البدء بالإنجازات التي ينتظرها اللبنانيون، خصوصاً أن خطط النهوض التي يتحدث عنها البيان يرتبط أغلبها بالدول المانحة للقروض، والتي ستتكشف طبيعة الشروط التي تضعها على تقديم مساهماتها المالية ودرجة مساس هذه الشروط بمفهوم السيادة، وهو ما سيؤدي لفتح نقاشات خلافية على طاولة مجلس الوزراء.

من البوابة السيادية قد تقع الحكومة في ارتباك مؤتمر سيدر، الذي تقوده الدول المعارضة لعودة النازحين السوريين خارج الحل السياسي، وتشترط على لبنان الإسراع بفتح النقاش حول سلاح المقاومة. ومن البوابة السيادية فاجأ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الحكومة بتناوله لذكرى انتصار الثورة الإسلامية في إيران، التي قام باستعراض إنجازاتها العلمية والتنموية والعمرانية والاجتماعية خلال أربعين عاماً وارتقائها إلى مصاف الدول العظمى في العالم، ليربط هذه الإنجازات بتمسك القيادة الإيرانية بقرارها المستقل والسيادي.

من هذه البوابة السيادية دخل نصرالله إلى ملفات التحديات التي تواجه لبنان ليقول إن الحلول متاحة وليست مكلفة، لكنها تحتاج دولة سيدة وحكومة تتمسك بقرارها المستقل، فعرض على الحكومة استعداده لتأمين شبكة دفاع جوي وأفضل أنواع السلاح للجيش اللبناني بمعونة إيرانية ليكون أقوى جيوش المنطقة، كما عرض استعداده لطلب معونة إيرانية متاحة في مجال الكهرباء لحلول جذرية في أقل من عام وبكلفة معقولة، وفي الأنفاق وخطط السير وفي الدواء وصناعته وحلول مشاكل الاستشفاء، ليقول المهم أن يكون قرارنا سيادياً، فهل نجرؤ؟

نصرالله: إيران لن تكون وحدَها

قدّم الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله توصيفاً تاريخياً لمسار الثورة الإيرانية في عمرها الأربعين ملقياً الضوء على أبرز الإنجازات التي نقلت إيران من دولة متخلّفة الى دولة متقدّمة عالمياً ومنافسة في العلوم المختلفة والقدرات العسكرية والثقافة والفكر والاستقرار السياسي والصمود على رغم الحصار والعقوبات الدولية المفروضة عليها منذ العام 1979.

أما التوصيف الذي قاربه السيد نصرالله للمرة الأولى هو المقارنة بين دولة الإسلام في ظلال ولاية الفقيه وبين «الإسلام المنحرف» بصورة الوهابية والداعشية بهدف إظهار حقيقة الإسلام وإسقاط الإسلام المزوّر والمشوّه والمحرّف الذي تمثله داعش وأخواتها بدعم مطلق من دول الخليج وعلى رأسها السعودية بأمر من أميركا.

وفي كلمة له خلال المهرجان الذي أقامه الحزب في ذكرى انتصار الثورة الإسلامية في الضاحية الجنوبية، بيّن نصرالله بأن ما يجري في المنطقة ليست حرباً إيرانية – «إسرائيلية» ولا صراعاً سعودياً – إيرانياً، بل هي حرب أميركية على الجمهورية الإسلامية منذ العام 1979 إلى اليوم والسعودية وبعض دول الخليج أداة في هذه الحرب، معتبراً بأن الذين يحاربون إيران اليوم بالعقوبات والتكفير والفتاوى هم مجردّ أدوات في الحرب.

وإذ رأى بأن الصراع في المنطقة سوف يبقى قائماً وقد يأخذ أشكالاً مختلفة، جزم بأن أميركا ستتراجع وستهزم في حربها ومشروعها ضد إيران، لأن إيران اليوم هي أقوى دولة في المنطقة ومحور المقاومة هو أقوى مما مضى، مشدداً على أن لا «إسرائيل» ولا الدول العربية من السعودية والإمارات قادرة على فتح حرب على إيران. ونبّه إلى أن البعض يستجرّ حرباً أميركية على إيران. وهذا بحاجة الى كلام كبير لأن المنطق والردع وتوازن القوة لا يسمح بالحرب، متوعّداً بأن إيران لن تكون وحدها عندما تشنّ أميركا عليها الحرب لأن كل منطقتنا مرتبطة بها.

مستعدّ لاستيراد السلاح الإيراني للجيش

وفي الشأن اللبناني قدّم السيد نصر الله للحكومة جملة عروض لحلول الأزمات البيئية والكهربائية والمواصلات وغيرها، كاشفاً أن إيران جاهزة لحل مشكلة الكهرباء بأقلّ من سنة وبأسعار متدنية جداً، كاشفاً أيضاً عن أنه في حكومة رئيس الوزراء السابق نجيب ميقاتي أتى وفد من إيران وقدّم عرضاً كبيراً لبناء أنفاق تحلّ مشكلة السير في لبنان لمدة خمسين عاماً، وتساءل في موضوع الدواء لماذا سنستمر باستيراد الدواء ولماذا نبقى أتباعاً للآخرين؟

وأعرب عن استعداده كصديق لإيران لاستيراد سلاح دفاع جوي للجيش اللبناني من إيران ليصبح أقوى جيش في المنطقة. وتساءل: «لماذا ندير ظهرنا لهذا الصديق ونعطي رقابنا للآخرين؟»، مؤكداً أن الولي الفقيه لم يطلب مني أي شيء أبداً بأي يوم من الأيام، فنحن شركاء لإيران في المنطقة، ونحن سادة عند الولي الفقيه وقرارنا حر».

وأشارت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن «السيد نصرالله لم يفرض على الحكومة والدولة مصادر تسليح أو مساعدات في قطاعات أخرى، كما لم يحصر الأمر بإيران بل ركّز على الهدف وهو معالجة الأزمات الحياتية وامتلاك الجيش قدرات عسكرية يستطيع من خلالها حماية بلده وردع أي عدوان خارجي وهي رسالة الى الحكومة. فإذا رفضت تلقي السلاح من إيران فلتأتِ به من أميركا أو أي دولة أخرى وإذا رفضت تلك الدول، فلماذا نرفض السلاح من دولة صديقة للبنان مستعدّة لتزويده بكل ما يريد وبكلفة زهيدة؟ فالسيد، بحسب المصادر، ألقى الحجة على الذين يمانعون ذلك، إلا أن المصادر استبعدت أن تتلقف الحكومة عروض السيد نصرالله «لأنها لا زالت رهينة القرار الأميركي ولن يتجرأ رئيس الحكومة بالمجازفة والتعاون مع إيران»، كما استبعدت المصادر أن تقبل الحكومة تلقي أي دعم إيراني لا كهربائي ولا طبي ولا عسكري، لأن القرار الأميركي يمنع امتلاك لبنان مصادر قوة وأي نفاذ لإيران من الحصار والعقوبات المفروضة عليها».

إقرار البيان الوزاري اليوم

وبعد ثلاث جلسات متتالية شقّ البيان الوزاري بصيغته النهائية طريقه الى مجلس الوزراء الذي يعقد جلسة اليوم في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية للتصويت عليه وإقراره، في ما يعتزم رئيس المجلس النيابي نبيه بري الدعوة لعقد جلسات مكثفة للمجلس النيابي في مطلع الأسبوع المقبل والمرجّح الخميس والجمعة لمناقشة البيان الحكومي ومنح الثقة للحكومة كاملة.

وقالت مصادر اللجنة لـ»البناء» إن «النقاشات كانت إيجابية وموضوعية وكان هناك اتفاق على جزء كبير من البنود فيما حصل خلاف على بعضها، لكن ليس خلافاً جوهرياً». وقد حصل سجال بين الرئيس سعد الحريري وممثلي القوات اللبنانية الوزيرين كميل ابو سليمان ومي شدياق اللذين طالبا باضافة عبارة على فقرة المقاومة وهي «ضمن المؤسسات الشرعية وفي اطار استراتيجية دفاعية»، غير أن الحريري رفض ذلك مفضلاً الإبقاء على العبارة نفسها في البيان السابق»، ولفت وزير الإعلام جمال الجراح بعد انتهاء الجلسة الى ان «الجوّ كان إيجابياً ولم يؤخذ بنص «القوات اللبنانية» أن تكون المقاومة من ضمن الاستراتيجية الدفاعية». وأعلن أن «مقاربة الوضع الاقتصادي أخذت الوقت الأكبر في النقاش»، وأضاف: «نحن ملتزمون بتخفيض عجز الموازنة عبر زيادة الواردات من دون أن يعني ذلك زيادة الضرائب».

وفي مؤشر على بدء المعركة بين القوات والتيار الوطني الحر وانتقالها الى طاولة مجلس الوزراء، انتقدت شدياق موقف التيار من سورية وقالت: «لا يُمكننا القبول بأن يعبّر وزير الخارجية جبران باسيل على المنابر الدولية عن موقف خارجي ليس هناك أيّ توافق عليه»، ودعت الى «ترك هذا قرار إعادة سورية الى الجامعة العربية للجامعة إذ لا اتفاق حتى الآن بشأن الدولة السورية في ما يتعلق بشكلها».

ويؤكد مشروع البيان الوزاري، بحسب المعلومات، أن لبنان ملتزم بسياسة مالية ونقدية متناغمة تعزز الثقة بالاقتصاد الوطني وتخفض نسبة الدين العام للناتج الإجمالي عن طريق زيادة حجم الاقتصاد وخفض عجز الخزينة، وأن «المطلوب من الحكومة قرارات وتشريعات وإصلاحات جريئة ومحدّدة قد تكون صعبة ومؤلمة».

وفي البيان ـنه «بدءاً من موازنة 2019 لبنان ملتزم بإجراء تصحيح مالي بمعدل 1 سنوياً على مدى 5 سنوات من خلال زيادة الإيرادات وتقليص الإنفاق بدءاً من خفض العجز السنوي لكهرباء لبنان وصولاً لإلغائه كلياً». ويلفت البيان الى ان الحكومة اللبنانية تلتزم العمل «في سياسة الاستقرار في سعر صرف العملة الوطنية». وسيتضمن البيان «بنداً حول تفعيل الجباية ومكافحة الهدر والتهرب الجمركي والضريبي». غير أن وزير المال علي حسن خليل أكد عدم «وجود توجّه أبداً لضرائب جديدة ولم نسمع من أحد توجهاً نحو ذلك». وأشار في تغريدة على تويتر إلى أن «البيان الوزاري متقدم وبالشق السياسي عكس تفاهماً على النص من دون إشكالات».

ويلحظ المشروع «تلزيم تراخيص بلوكات الدورة الثانية من التنقيب عن النفط في البحر قبل نهاية 2019». أما في موضوع مجلس الخدمة المدنية فطلب التيار الوطني الحر استبدال عبارة حصر التوظيف في القطاع العام عبر المجلس فقط بعبارة حصرها بالمجلس مع مراعاة المناصفة بين المسيحيين والمسلمين.

أما التطوّر الذي حصل في ملف النازحين إضافة إلى التوافق على المبادرة الروسية كإطار دولي لإعادتهم الى سورية، لم ترد كلمة العودة الطوعية في البيان بعدما كان فريق الحريري يصر عليها في السابق، واستبدلت بعبارة العودة الآمنة الى سورية بحسب معلومات «البناء».

وقالت مصادر وزارية معنية بملف النازحين لـ»البناء» إن «اللجنة توافقت على العودة الآمنة ومساعدة روسيا وإخراج هذا الملف من التجاذبات السياسية، وقد تم رسم ملامح سياسة لبنان في هذا الشأن عبر منح حرية حركة لعدد من الوزراء بالتنسيق مع رئيس الحكومة لحل المشاكل العالقة بين لبنان وسورية لا سيما أزمة النازحين والملفات الاقتصادية».

وقالت مصادر وزارية قواتية لـ»البناء» إن «القوات وافقت على الفقرة المتعلقة بالنازحين وفق المبادرة الروسية، وإن حصل ذلك قبل الحل السياسي في سورية»، فيما أوضحت مصادر الحريري لـ»البناء» أن «المبادرة الروسية لا تربط بين إعادة النازحين والحل السياسي كما تطلب الامم المتحدة»، فيما أكد السفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسيبكين لـ»البناء» أن «المبادرة الروسية ليست بديلاً عن دور الأمم المتحدة في رعاية عودة النازحين، بل روسيا ستعمل مع كل الأطراف لإنهاء هذا الملف، لا سيما مع الدولة السورية والأمم المتحدة أيضاً»، موضحاً أن «الحرب في سورية انتهت في أغلب المناطق وقد باتت العودة آمنة والدولة السورية مستعدّة لتوفير ذلك».

وبري يحذّر

وجدّد الرئيس بري خلال لقاء الأربعاء النيابي تأكيد ما كان التزم به وهو أن المجلس النيابي سيواكب عمل الحكومة بورشة عمل وعقد جلسات رقابية وتشريعية شهرية. ولفت بري الى أمر خطير يتعلّق بما أقدمت وتُقدم عليه «إسرائيل» من تلزيم واستغلال مساحة محاذية للحدود البحرية الجنوبية للبنان، مشيراً الى ان هذا الأمر يشكل تعدياً على السيادة اللبنانية ويستهدف مخزوننا وثروتنا النفطية ومياهنا.

وقال: هذه المسألة لا يمكن السكوت عنها وسأثير هذا الموضوع غداً مع رئيس الحكومة الإيطالية الذي يزور لبنان ومع المسؤولين وجهات دولية معنية. وأوضح أن لبنان لزم البلوك التاسع لثلاث شركات ايطالية وفرنسية وروسية. وهذا الاعتداء الإسرائيلي يأتي على رغم أن هذه الشركات ابتعدت 25 كيلومتراً داخل الحدود اللبنانية الجنوبية البحرية.

بدوره، طمأن الرئيس عون اللبنانيين، إلى أن المعطيات تبشر بمرحلة صعود في لبنان «لأن الأزمات باتت وراءنا، والوضع المالي يتحسّن ومن المتوقع أن تبدأ الفوائد بالانخفاض قريباً».

تراجع جنبلاطي…

على صعيد آخر سُجل تراجع جنبلاطي على جبهة بيت الوسط – كيلمنصو التي هدأت نسبياً أمس، بعد زيارة الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور الى بعبدا بتكليف من رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط. وأبلغ الوزيران رئيس الجمهورية، موقف «اللقاء الديموقراطي» و»التقدمي الاشتراكي» من موضوع الطائف وغيره من المواضيع.

وقال أبو فاعور: «لا زلنا في موقع الحرص على التسوية مع عون، واستمعنا من الرئيس عون الى ما يؤكد ويشدد على الحرص على هذا التفاهم كما قلت وإن كان غير مكتوب. وشريكنا في التسوية كان فخامة الرئيس وليست أي جهة سياسية أخرى».

وأكد رداً على سؤال، أن «العلاقة مع الرئيس الحريري علاقة تاريخية وليست مستجدّة، وقد حصلت اختلافات، وهي تحصل دائماً في السياسة، وتم الاتفاق منذ يومين على تهدئة السجالات الإعلامية وتم إيقافها ونستطيع اليوم أن نقول بأننا دخلنا في مرحلة الحوار المباشر. وهناك قضايا تحتاج الى نقاش بيننا وبين الرئيس الحريري، ولكن ذلك لا يفسد في العلاقة التاريخية قضية، والنائب جنبلاط حريص كل الحرص على أن يكون مساهماً إيجابياً في هذه الدينامية الجديدة التي انطلقت بعد تشكيل الحكومة وهذا الجو الإيجابي الذي حصل في البلد».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى