قالت له

قالت له: بين الحب والعبودية واللاحب والحرية ماذا تختار؟

قال لها: أختار الحب والحرية، لأن اللاحب هو العبودية.

قالت: أن تقول الشعر لا المنطق، فالحب ارتباط بآخر وتنازل عن مقادير من الحرية ضمن شروط الالتزام بأي شراكة واللاحب انفراد بالذات وحرية مطلقة.

قال لها: وهم وسراب هذا، فالعبودية التي تتحدّثين عنها هي ثمرة التزام بشراكة واحدة وتتناسين أن مثلها بأضعاف تفرضه علينا شراكات عديدة هي شرط كوننا كائنات اجتماعية. فنحن بذلك عبيد دون الحب لشراكات العائلة والعمل والتقاليد والمال والكثير الكثير سواها.

قالت: لكن الحب يضيف أشدّها قسوة وأكثرها خنقاً.

قال: تقصدين العلاقة بين رجل وامرأة وتسمّينها الحب، وليست كل علاقة حباً. فالحب هو تلك العلاقة التي نحبّ فيها الآخر ونحب أنفسنا من خلال حبه، بينما العلاقة التي تقصدين هي حب للذات وحب للآخر من خلال حب الذات. وفي الأولى يكون الحب متسعاً للحرية المتبادلة وتسابقاً في صناعة الفرح بين الشريكين وفي الثانية يكون حب الذات مشروع عبودية للشريك وقتالاً بين مشروعين لعبوديتين وثمة حالات يكون حب مقابل حب للذات فمنح لمتسع حرية من طرف وإصرار على قيود عبودية من طرف. والغيرة ليست إلا واحدة من قيود العبودية التي تحكي حكاية حب الذات وحبّ الشريك من خلالها فهي لسان حال التملك مفهوماً للحب الأعرج.

قالت له: وكيف تكون الحرية في الحب ما دام الحب التزاماً بالأحادية؟

قال: لأن الالتزام بالأحادية هو فعل طوعي للمشاعر وليس فعل قوانين وواجبات قهرية. وعندما تقع مخالفة ومخاطرة تلاقيها روح تسامح واحتواء.

قالت: هذه دعوة حالمة.

قال: ومشروعك للحب معادلة ظالمة.

قالت: وما تريده مستحيل.

قال: وما تفرضينه لا يعرف من الحب إلا الاسم والقليل.

قالت: وهل من حل وسط بيننا.

قال لها: أن ليس بيدنا أن نختار. فلا هم إن وقعنا على الحب أو وقع الحب علينا فهو حياة تحكمها قوانين الموت القدرية وأن نستسلم لها خير من عناد المكابرة.

قالت: تراني قدراً سيئاً وتقول لا مفرّ.

قال: أراك قدراً جميلاً وأقول أحب هذا المستقر.

قالت: وحريتي؟

قال: قايضيها بعبوديتي.

قالت: العين بالعين والسن بالسن.

قال لها: شرط أن لا تكون لعين تبريرات ولعين اتهامات.

قالت: لكن الظروف تعذر وثمة حروف تغدر.

قال: هذا عين الاستنساب.

قالت: لكل سؤال جواب.

قال: تتلاعبين بالكلام وأسعى للسلام وقد بطل العجب متى عرفت الأسباب.

قالت: نلتقي عند الباب.

قال: وداع بعد عتاب؟

قالت: بل عناق أحباب.

قال: فلنبدأ بالعنوان قراءة الكتاب.

وتعانقا..

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى