لست معاقاً أو فاقداً للرعاية ما دمت أسمو بذاتي .. نشاط تعليمي ترفيهي للأطفال

«هل تعرفون ما معنى أن يسكن الإنسان في قارورة عطر» سؤال طرحه الشاعر الراحل نزار قباني ليتابع بيتنا كان تلك القارورة استحوذ على كل مشاعري وأفقدني شهية الخروج إلى الزقاق، واليوم في بيت الشرق للتراث في حي الميدان نتلمس معاني تلك الكلمات لكونه يهتم بتنمية مقدرات الأطفال والشباب وأصحاب المهن التراثية عبر احتضانه للحرف السورية العريقة.

ببراءة الطفولة وخصوصية التعامل مع حالات من إعاقة وفقد للرعاية جاء النشاط الذي احتضنه هذا البيت التابع لجمعية الوفاء التنموية السورية ليحمل من عنوانه مضمونه «لست معاقاً او فاقداً للرعاية ما دمت أسمو بذاتي» جامعاً نحو 18 طفلاً من جمعيتي جودي لذوي الاحتياجات الخاصة وقرى الأطفال sos ليقدّم لهم برامج تعليمية وترفيهية بهدف تعريفهم بالحرف السورية واختبار ميولهم في تعلم إحداها بحال امتلاكهم الموهبة.

وخلال النشاط تعرّف الأطفال على 12 حرفة سورية يضمّها بيت الشرق للتراث يشرف عليها أمهر صناع الحرف في دمشق ومنها الفسيفساء والحفر والنقش والصدف والخيط العربي والموزاييك والدهان الدمشقي والبروكار والرخام ليتعلّم بعدها الأطفال بطريقة مبسّطة آلية صنع لوحات فسيفساء وتلوين لوحات تحاكي مهنة الدهان الدمشقي.

وبلغتهم الخاصة التي تعبر عن سعادتهم لاكتشاف شيء جديد شرح الأطفال لمندوبة سانا ما قاموا به من صنع لوحات بسيطة وآلية رصف حجارة الفسيفساء ليصنعوا بها الورود والعصافير ويخطوا أسماءهم ويشكلوا العلم السوري بأناملهم الصغيرة وأرواحهم الشفافة.

الحرفية المتخصصة بمهنة الفسيفساء وفاء حسن تمتهن هذا الحرفة منذ 20 عاماً أكدت في تصريح لـ سانا أهمية الحفاظ على المهن التراثية من الاندثار وتعليمها للأجيال الجديدة بطرق علمية حديثة لكونهم الحامل المستقبلي لهذه الحرف.

واستعرض الحرفي المتخصص بمهنة الدهان الدمشقي ماهر بوظو هذه الحرفة والتي تعود إلى 1400 عام قائلاً: «نسعى للحفاظ على الدهان الدمشقي وتأهيل حرفيين جدد ولا سيما أن الحرب التي تعرّضت لها سورية تسببت بتراجع عدد اليد الحرفية العاملة» منوّهاً بحماس الأطفال لتعلم الحرف وامتلاكهم أفكاراً خاصة بهم ستساعد على تطوير مواهبهم ليصبحوا فنانين محترفين.

من جهتها تحدّثت مديرة قرية الصبورة غفران عويرة عن سعي الجمعية لتأمين مستقبل الأطفال وتعليمهم المهن التي تضمن لهم العيش الكريم في حال لم يختاروا إكمال دراستهم ليأتي التشبيك مع جمعية الوفاء التنموية في صلب هذا الهدف الذي أكدته أيضاً مديرة جمعية جودي الدكتورة صباح السقا منوّهة بتجربة تعليم الأطفال الحرف بطرق علمية.

ودعت السقا جميع الأهالي لتشجيع أبنائهم على تعلّم المهن التراثية العريقة وتعويدهم الاعتماد على الذات وعدم الاتكال على الآخرين لتحصينهم في المستقبل علمياً ومهنياً مؤكدة أهمية التعاون بين الجمعيات الأهلية وتبادل الخبرات لخدمة الشرائح المستهدفة والمجتمع المحلي.

بدوره أوضح مدير بيت الشرق للتراث الدكتور خالد الفياض أن البيت حاضنة لمجموعة من الحرف لأهداف تعليمية ويستهدف جميع الأعمار، لافتاً إلى أن نشاط اليوم يهدف لتحبيب أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة وفاقدي الرعاية بالفن والتراث واكتشاف المواهب الكامنة داخلهم.

واستعرضت مديرة جمعية الوفاء التنموية رمال صالح مشاريع الجمعية منذ بداية الحرب الإرهابية على سورية والتي استهدفت بعملها جميع الأسر المتضرّرة من الإرهاب ليتجه عملها عام 2014 للعمل التنموي عبر ورشات مهنية تضمن مصدر رزق للعائلات والسيدات المتضرّرات من الإرهاب.

وعن مشروع بيت الشرق للتراث أشارت صالح إلى أن من أهدافه إيجاد مكان لأصحاب المهن ممن تدمرت ورشاتهم في ريف دمشق بفعل الإرهاب لضمان استمراريتهم في العمل، لكونه يعد مصدر عيش لأسرهم إضافة إلى تعليم الراغبين في امتهان هذه الحرف حفاظاً عليها من الاندثار ودمج الحرفة مع العلم عبر تأسيس مكتبة تراثية للمتخصصين والباحثين في شأن التراث السوري.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى