لماذا اختفت السخرية من أدبياتنا؟

يكتبها الياس عشي

عندما تقرأ سِيَرَ المفكرين الكبار، لا بدّ أن تتوقف عند الجاحظ الذي جمع بين رجاحة العقل وخفّة الظلّ، تاركاً لنا ثروة من الحِكَم لا يمكن أن تمرّ بها مروراً عابراً، كقوله مثلاً: «لا تذهب إلى ما تريك العين، بل اذهب إلى ما يريك العقل».

لكن الجاحظ، إضافةً إلى عقلانيته، كان سيد السخرية في «بخلائه»، أو في يومياته! من نوادره أنه التقى امرأة طويلة القامة، وكان على طعام، فمازحها قائلاً:

– انزلي كلي معنا.

فقالت:

– إصعدْ أنت حتى ترى الدنيا!

مئات ممّن يشبهون الجاحظ في رجاحة العقل والسخرية الناعمة، عرباً وأجانب، كانوا أسياد المنابر، اختفوا اليوم، وصارت السطحية والبذاءة هما البديل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى