الفنان التشكيلي حيدر يازجي أيقونة سورية خالدة

رشا محفوض

رحلة كالحلم بين لواء اسكندرون السليب ودمشق الفيحاء… قصة إنسان نذر نفسه للأرض والفن والجمال فكان الفنان الراحل الدكتور حيدر يازجي صاحب لوحة ديورامية عن حرب تشرين وتحرير مرصد جبل الشيخ ورفع العلم السوري فوق القنيطرة الموجودة اليوم في صرح الشهيد بجبل قاسيون أيقونة من أيقونات سورية الخالدة .

حيدر يازجي 1946-2014 ترعرع في مدينة أنطاكية من أسرة متوسطة الحال وتشرب الثقافة منها ومن أخواله الفنانين والكتاب أدهم وصدقي وعزيز اسماعيل.

في حلب كانت أولى خطوات الراحل حيث تفتحت موهبته وكبرت أحلامه ودرس الرسم في مركز الفنون التشكيلية ليتخرج بدرجة امتياز ويقيم معرضه الفردي الأول عام 1963 لتتوالى بعدها المعارض وكان للفنانين اسماعيل حسني وسامي برهان الفضل في تكوينه في مرحلة البدايات.

في عام 1969 تحقق حلم يازجي بالانتساب إلى كلية الفنون الجميلة ـ دمشق ليبدأ مشواره الأكاديمي ويحصل فيما بعد على الجائزة الأولى لطلاب الجامعة. وفي عام 1970 أوفد إلى موسكو بعد فوزه بمنحة دراسية في المعهد العالي للفنون السينمائية وتخرج عام 1977 بدرجة امتياز شرف عن دراسة الديكور السينمائي والتلفزيوني كما حصل في العام نفسه على الماجستير في الرسم والتصوير الزيتي.

أحب يازجي الفنون المتحركة والأطفال فآثر أن تكون رسالته في الدكتوراه عنها فحاز عام 1981 شهادة دكتوراه فلسفة من موسكو وخلال وجوده هناك قدم نحو 12 معرضاً وعند عودته إلى سورية أقام معرضاً قدم فيه 600 عمل فني منوع نتاج أعماله في موسكو.

تقلد يازجي مناصب إدارية عدة حيث عين مديراً لمهرجاني المحبة والأغنية السورية الأول وعمل مديراً للعلاقات العامة في الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون وشغل منصب نقيب الفنانين التشكيليين منذ عام 2000 وحتى رحيله. تحولت النقابة في عهده إلى اتحاد فضلاً عن دوره في دعم الفنانين وتشجيعهم.

عمل الراحل مديراً للمركز العربي للتدريب الإذاعي والتلفزيوني في دمشق وكان عضو لجنة تحكيم لكثير من الأعمال الفنية والسينمائية والتلفزيونية وعضو اللجنة العليا للمقتنيات والأعمال الفنية والنصبية.

عرف عن يازجي بأنه فنان الواقعية الهادفة النابضة بالأحاسيس والمشاعر كما تأثر بالمدرسة الانطباعية ونقلها في أعماله بأسلوب واقعي وتميزت ريشته بنمط خاص وجسد التفاصيل الصغيرة بعبقرية وعفوية وتنوعت أعماله بين البورتريه والطبيعة والتوثيق.

ركّز يازجي في أعماله على العوامل المحيطة والحالات الاجتماعية التي عايشها مطوعاً كل الظروف وقتامة الواقع المحيط لخدمة لوحاته وبذلك انتزع لنفسه لقب فنان الواقعية الجديدة بجدارة وتجلت شجاعته الفنية في تطوير ما بدأ به جيل كامل من فناني سورية أمثال فاتح المدرس ولؤي كيالي ونذير نبعة.

عشق الفنان يازجي الوطن فأبدع رائعته اللوحة البانورامية عن حرب تشرين التحريرية تلك اللوحة التي ضمنها كل خبرته الفنية والتقنية ليجسد بها القيمة العليا التي عكست بطولة الجندي السوري ثم نفذ لوحة ديورامية عن حرب تشرين وتحرير مرصد جبل الشيخ ورفع العلم السوري فوق القنيطرة بقياس 19 متراً ضرب 6 أمتار.

وفي آخر لقاءاته الصحافية لـ»سانا» قبل رحيله كان يازجي يؤكد على أنّ الساحة الفنية السورية تشهد حالياً بزوغ ثقافات فنية شمولية تجاوزت في عطاءاتها القيود والمدارس والعادات، مخصصاً للشباب حيزاً في حديثه وما امتازت به إبداعاتهم الفنية وتطور اطلاعاتهم فنافسوا على مستوى الوطن العربي والعالم وتلقوا رعاية الجهات الرسمية.

يذكر أنّ أعمال الراحل مُقتناة من قبل وزارة الثقافة والمتحف الوطني في دمشق وضمن مجموعات خاصة داخل سورية وخارجها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى