نعيم تلحوق… كبيراً مكرّماً إلى جانب كبار

اعتدال صادق شومان

في أمسية «دافئة» ود بالعواطف تعكس هيبة المكان وسطوة الاسم، وبخلاف الأجواء الباردة التى سادت ذاك المساء من هوج العواصف وسكب السماء سخاءها بوفرة، غير أنّ االشعراء يتبعهم الغاوون، الذين جاؤوا كثراً يحتفون بإغواء الكلمة والمقام والمقال يشاركون بلدية الشويفات حفل إطلاق فعالياتها الثقافية التي أرادتها مغايرة للمألوف وخلافاً للسائد فكان اختيارها الشاعر نعيم تلحوق وأحد أعمدة وزارة الثقافة كما قدّمه المدير العام للشؤون الثقافية راعية الحفل الدكتور علي الصمد في حفل الافتتاح في قاعة مكتبة الأمير شكيب أرسلان وبحضور شخصيات وفاعليات فكرية وأدبية وثقافية وإعلامية، إلى جانب أعضاء المجلس البلدي والقيمين على مكتب الشؤون الثقافية والنشاطات في البلدية.

ويأتي هذا التكريم نتيجة دأب بلدية الشويفات وجديتها في تزخيم الحياة الفكرية والثقافية وتعزير موقعها الثقافي ومراكمة صرحها الحضاري بمنهج معرفي ليثمر سعيها وتحصد الحدث الثقافي بامتياز الذي هلّ هلاله من وزارة الثقافة بالإعلان الممهور «الشويفات مدينة ثقافية للعام 2019» ليندرج على منصتها الثقافية المتعدّدة بالأنشطة والأسماء المكرّمة فيتوج التكريم ويتكامل ويخلّد وهج إنجازهم بدءاً من أميرها وأمير «البيان» شكيب إرسلان، والمعلم بطرس البستاني، مرفودة ببرنامج سخي متعدّد الأدوار لأسماء لكبار رحلوا عن عالمنا بعد أن تركوا بصمة واضحة في عوالم الثقافة والفنون الأدبية.

الأمسية التكريمية التي خصّت البلدية بها الشاعر نعيم تلحوق والتي اعتلى منصتها كلّ من الأساتذة والفنانين والشعراء: وجيه فانوس، إلهام كلاب، لامع الحر، طارق ناصر الدين، علي شحرور، وسام وحماده، وسام كمال الدين، مع حضور مفاجئ للشاعر جورج شكور الذي انخرط في أجواء التكريم وأبى إلا أن يشارك بقصيدة خصّ بها المحتفى به، فأضفى على المناسبة جوّاً مضاعفاً من الحبور، لم يضاهيه فيه إلا «المير» طارق بما يملك من سرعة البداهة على بحر القصيدة ونباهة مشهوده له، و سرعان ما امتلأ المنبر بفيض الكلام والدروع التكريمية مع قطعة موسيقيّة قدّمها الفنان وسام حماده، من كلمات الشاعر تلحوق، إلى جانب لفتة خاصة من الفنان التشكيلي وسام كمال الدين بتقديمه مجموعة من لوحاته إلى بلدية الشويفات، ليكتمل النصاب، بالتفاف الأصدقاء في تمازج آسر بين الكلمة والفنون الجميلة والرسم والموسيقى لتتحوّل الأمسية إلى احتفالية ثقافية خصّت الشاعر نعيم تلحوق بتقدير كبير، لكلّ ما هو عليه ولما شكله حضوره المتميز على الساحة الثقافية كونه شاعراً أولاً، وإعلامياً إلى جانب دوره في وزارة الثقافة مسؤولاّ ملتزماً ومحتضناً للمواهب الواعدة ولكلّ مسار ثقافي على صعيد المنتديات والبرامج الإذاعية الأدبية.

تكريماً استحقه تلحوق لحضوره اليقيني والواعي ولديناميكية حراكه الثقافي الفعال، تكريماً لتجربته الإنسانيّة التي رسمها في دواوينه الشعريّة التي غناها بوحاً ورقصاً على عرش الكلام وولادات شعرية واسعة المداد والتجليات لا نهاية لها،

وباعتباره نموذجاً للمثقف الحيوي المتسق مع ذاته، كفعل ثقافيّ يحرّض على التأسيس والتأصيل.

كما أنّ جريدة «البناء» بدورها توجّه التحية إلى الشاعر نعيم تلحوق «أميناً» ورئيساً لصفحتها الثقافية في أوج انطلاقتها.

غير أنّ نعيم تلحوق المنحني بلطفٍ أمام تلك السدرة الوارفة من الحبّ وكلمات الترحيب لم يفته أن ينصب لمكرميه فخّاً غير شائك من الحبّ رصداً لكلّ هذا الترحيب بكلمة أودعها شكره وكل حبّه.

توقعنا الحياة في شرك أن نفخر ونعتدّ بما نفعل، بما ننجز، فلا تنتبه حين يقطع الزمن سيفه فيها ليسألها ماذا قدّمتِ وأبدعتِ؟ كيف خَلقتِ؟ وإلى أين وصلتِ؟

أكون واثقاً من نفسي، إذا اعتبرت أنّ الحياة ثقافة مبنية على ثلاث: العطاء، الاحترام، المحبة، وعدا ذلك فالثقافة معلومة خبر عاجل تقطف منه ما يليق بعقلك وإحساسك وروحك وتمضي لتعيده خلقاً جديداً.

وللكتابة محلّ غير الإعراب المبني للمجهول هي أيضاَ ثلاث: الهوية الزمكان- المتخيل ، والرؤيا… كيف يكون لي أن أكتب على بياض نقي من دون أن أعرف من أنا ولماذا وكيف؟ أنا لا أخاف سواد الحبر، وإنما أخاف بياض الورق…

أنتم هنا، هويتي التي يسير بها القلم على نقاء البياض، وسرّي المكان الذي يحضرني لأرى نفسي فيه، من خلال وجوهكم، علي الصمد ووجيه فانوس وإلهام كلاب البساط ولامع الحر وطارق ناصر الدين، ووسام حمادة وعلي شحرور وكاتي يمّين، أما الرؤيا فهي أني دائري الهوى لا أحظى بسمعة أقلّ من العودة إلى ذاتي باحثاً عن جمال الله فيكم.

على توفير المناخات اللازمة، لتأطير العمل الثقافي في وحدة حياة، شعاره التنوع ضمن الوحدة هو الذي يخلق إطاراً حقيقياً لتكون الثقافة، فالثقافة لم ولن تكون جنساً واحداً على الإطلاق.

ليس التكريم لي هو لكم، لأنكم مبدعون، والإبداع أكبر من الحياة والموت معاً، فأنا لم أقبل في حياتي غريماً أقلّ من الزمن، لأننا قليلون عليه، فوجدت فيكم القليل ليصير الكثير، لهذا أحبكم أكثر من أقلّي، فالقليل كثير المعاني…

الشكر لا يكون للصديق والحبيب، الشكر يكون للجلاّد أو العدو الذي لم يعد ينفع معه الرجاء، أما المحبة فوحدها تكبر فينا لأنها تجمِّل وجودنا، وكما قال السيد المسيح: «باركوا لاعنيكم واشكروا أعداءكم… أما للأصدقاء أقول أحبكم، أحبكم، أحبكم، الله محبة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى