الشعب والقضاء والمقاومة ثلاثيّة ذهبيّة جديدة

ناصر قنديل

– مع الكلام الذي قاله الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن مضمون واتجاه وحجم المعركة مع الفساد، بدا واضحاً أن المعادلة التي رسمها السيد نصرالله بوضع مكافحة الفساد بمقام مقاومة الاحتلال، واعتبار أن مزارع الفساد يجب تحريرها أسوة بمزارع شبعا، وكل منهما تحت الاحتلال، وتوصيف دور المقاومة في هذه المعركة، باعتبارها الجهة التي لن تساوم، ولن تتورّط، ولن تقيم تسوية، وستستعد بكل أنواع الجهوزية وأسلحة الردع اللازمة، وتكوين بنك الأهداف وامتلاك الصواريخ الدقيقة ذات القدرة التدميرية الفعالة، ووحدات الكوماندوس القادرة على الدخول إلى نقاط تمركز العدو، والمقاومة مطمئنة إلى ثباتها وصبرها وعدم يأسها، أو تعبها أو خوفها، وواثقة من نقاء مسيرتها وسريرتها، مستعدة كما في مقاومة الاحتلال للوقوف في الصفوف الخلفية عندما يتقدّم غيرها الصفوف الأولى فهي لا تبحث عن الأضواء ولا عن الشعبوية ولديهما منهما ما يكفي ويفيض.

– الشريك الطبيعي للمقاومة في هذه المعركة هو الشعب صاحب المصلحة الأولى في الفوز بحماية مال الدولة الذي هو ماله من الهدر والسرقة والنهب، وشراكة الشعب ضرورية لأنها تحصن موقف المقاومة وتحميه، كما في مقاومة الاحتلال، وهي هنا أقل كلفة من تلك، لكنها ضرورية أكثر. فالناس هم مصدر بنك المعلومات، وهم الرأي العام الضاغط والضامن لمواصلة المعركة، وهم السند لقطع الطريق على رهانات حرف المعركة عن طبيعتها ومحاولة تحويرها لتصير ذات طابع طائفي أو مذهبي، والشعب هو الرادع لدعوات المساومة، وهو المحفّز للزجّ بجميع المكوّنات السياسية في صف المقاومة وهي تخوض هذه المعركة. والذي يتابع وسائل التواصل الاجتماعي يدرك أن الشعب لا يحتاج لتعبئة للتقدم نحو الصفوف الأولى في هذه المعركة، كما يدرك حجم الآمال المعقودة على دور المقاومة في خوضها والفوز فيها.

– في مواجهة الاحتلال كان الشريك الثالث هو الجيش ولا يزال، وكانت المعادلة الذهبية التي تخشّبت بعض الألسنة في محاولة تخشيبها، هي الشعب والجيش والمقاومة، بينما في مواجهة الفساد، فالقضاء هو الشريك الذي ينتظر منه حمل الراية بدلاً من الجيش الذي قدم شهداء وتضحيات في مواجهة الاحتلال ورد العدوان، جنباً إلى جنب مع المقاومة، والقضاء الذي يُعوّل على دوره الكبير، في المتابعة والبحث والتحقيق والتدقيق، مدعو للشعور بالثقة بأنه لن يكون وحيداً، وعليه ألا يخشى المخاوف التي يزرعها بعض السياسيين، والتهديدات التي يبثها ذوو النفوذ من قدرتهم على النيل من القضاة الذين يقاربون هذا الملف بمهنيّة ومسؤولية، فزمن أول تحوّل، وبمستطاع القضاة ذوي الأيادي البيضاء، أن ينتفضوا كما فعل القضاة الإيطاليون ذات يوم، وأن يطمئنوا أنهم محصّنون ومحميّون ولن يستطيع أن ينال منهم أحد. فالمقاومة بالمرصاد لتحمي الأيدي النظيفة، وعلى رأس الدولة رئيس للجمهورية يضمن للقضاء الغطاء كما يضمنه للجيش للدفاع عن أحد أركان السيادة، الذي يمثله المال العام.

– كما في المواجهة مع الاحتلال، الإعلام شريك للمقاومة والجيش والشعب، ولسان حال الثلاثيّة، رغم وجود بعض الإعلام الذي أدمن التشكيك والتيئيس والتهوين متموضعاً عملياً في ضفة حماية الاحتلال، سيكون الإعلام شريك ثلاثية المقاومة والشعب والقضاء، رغم تموضع بعضه في متراس التشكيك والتيئيس والتهوين متموضعاً عملياً في ضفة حماية الفساد.

– زمن الحرب الأهلية والحروب الخارجية والفتن قد ولّى، وطريق الصبر طويل، أما الطريق الوحيد السالك أمام الخائفين من النيل منهم في ملفات الفساد فهو التقدّم الاستباقي للقضاء بأدلة البراءة، أو بالاعتراف بالجرم طوعاً وإعادة المال المنهوب عسى أن يشكل ذلك سبباً تخفيفياً في عيون القانون والقضاة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى