كليب: التخطيط للحرب على سورية ترافق مع محاولة ضرب مجموعة من الدول التي دعمت فعلياً المسألة الفلسطينية ولا يجب أن يفوتنا أنّ المشروع الأساسي هو حماية «إسرائيل»

أحمد موسى

بمناسبة عيد مولد باعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده، أقامت منفذية زحلة في الحزب السوري القومي الاجتماعي ندوة سياسية تحدث فيها الإعلامي الدكتور سامي كليب بعنوان «الحرب السورية ـ أسباب ومآلات»، وذلك في قاعة المؤتمرات ـ بارك أوتيل ـ شتورة.

حضر الندوة عدد من مسؤولي الأحزاب وشخصيات وفاعليات سياسية وإعلامية وثقافية وبلدية واختيارية وأكاديمية، كما حضرها عميد الإذاعة داليدا المولى، عضو المجلس الأعلى أحمد سيف الدين، رئيس المحكمة الحزبية حسين عيسى، منفذ عام منفذية زحلة إيلي جرحس وهيئة المنفذية، مدير عام «البناء» د. وليد زيتوني، مدير إدارة «البناء» زياد الحاج، وجمع من المسؤولين وحشد من القوميين والمواطنين.

زيتوني

استُهِلت الندوة بكلمة لناظر الإذاعة في منفذية زحلة الدكتور لؤي زيتوني تمحورت حول استشراف أنطون سعاده للمخاطر التي تحيق بالأمة وجاء فيها:

«تحيّة الفجر الجديد الذي يشعّ على بلادنا وتاريخها.. على وجودنا وفكرنا.. على مفاهيمنا وقيمنا التي تحوّلت لتكون عنصراً من عناصر الوحدة والحياة والتّطوّر، بدلاً من كونها مظاهر تفرقةٍ وجمود…

التّحيّة لكلّ نقطة ضوء كان مدادها سعادة ونهضته، وما زالت تشعّ إلى اليوم وستبقى معلنةً أن «ليس بعد اللّيل إلاّ فجر مجدٍ يتسامى.

لن أكـرّر على مسامعكم كلماتٍ تعوّدتم على تلاوتها أو سماعها في هذه المناسبة، ولا أريد لتلك الكلمات أن تفقد معانيها العظيمة الحقّة، لأنّها لا تعني ميلاد رجل فردٍ متميّز فحسب، بل تعني إحياء أمّةٍ بأسرها، وتأكيداً على أنّ أمّتنا عصيّة على الموت لأنّها أنجبت رجلاً بحجم أنطون سعاده، رجلاً استطاع أن يعيد الحيويّة والدّم إلى أوصالها، وأن يمسح غبار الزّمن والانحطاط والتّخلّف عن حقيقتها، وأن ينير دروب حياتها وارتقائها.

لكنّ السّؤال هنا، ما دمنا أمام قامةٍ بهذا الحجم: لماذا لم تكن تعاليمه ورؤاه مرجعاً أصيلاً لنا في مجتمعنا هذا؟

ولمَ لم نسر على نهجه ونتلقّف كلامه، الذي يحذّر فيه من المخاطر التي تحدق بهذه الأمّة منذ ثمانين عاماً وما يزيد؟

في الواقع، لا يمكن للقارئ منّا أن يغفل عن كلامه الذي يرى فيه أنّ «سورية القوميّة الاجتماعيّة لا تنتظر أن يحرّرها أحد، لأنّها تعلم أنّها إذا لم تحرّر نفسها هي وتحارب من أجل سيادتها وحقوقها فلن يحرّرها سلطان أجنبيّ»، وذلك لأنّنا «لسنا أمّةً حقيرةً قليلة العدد، فقيرة الموارد، معدومة الوسائل. نحن أمّة قويّة عظيمة: قويّة بمواهبها، غنيّة بمواردها، عظيمة بروحها.

ولا أحد ينسى في هذا المجال موقف سعاده الجذريّ والصّارم الذي لا يقبل الجدل من الخطر الأوّل المتمثّل بالعدوّ اليهوديّ، «فليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا وحقنا ووطننا غير اليهود»، ومعروف استشرافه المبكر لهذا الخطر. لكنّ هذا الموقف لم يكن متوقّفاً عند هذا الحدّ، إذ شمل استشراف المخاطر المحيطة بنا كلّها. ولعلّ أبرزها ما يعلنه عن الولايات المتّحدة بالقول: «الظّاهر أنّ لمعان الدّولارات قد أعمى بصيرة الأميركيين، حتى أنّهم أصبحوا يوافقون على الاعتداء على حريّة الأمم بدمٍ بارد»، فهو يبيّن تخلّي الولايات المتّحدة عن كلّ الأسس الأخلاقيّة في سبيل المصالح الاقتصاديّة».

وأشار زيتوني إلى «أنّ سعاده ألقى الضوء على الخطر التّركيّ القائم آنذاك، والذي يستتبع طموحات قد لا تنتهي في بلادنا، حين قال: «إنّ الأتراك قد أخذوا منذ الآن يحسبون الاسكندرون السوريّة تركيّةً ويوثقّون علاقاتهم القوميّة بها، حتّى أنّهم أطلقوا عليها اسماً تركيّاً جديداً ولم يكتفوا بذلك، بل هم يتطلّعون الآن إلى أمام الاسكندرون، إلى حلب ثمّ الجزيرة». هذا من دون أن نغفل عن إعلانه الشّهير الذي جاء فيه: «هنالك خطرٌ ثانٍ يلوح في الأفق، إنّه خطر كردستان وإنشاء دولة كرديّة»، وحول الخطر التّكفيريّ الحاضر من الصّحراء إذ وجد «في العصبيّة الدّينيّة الوهابيّة المنتشرة في الجزيرة العربيّة، عداءً للسّنّة والشّيعة وللتمدّن المسيحيّ والإسلاميّ العام، وخطراً يرمي إلى فتحٍ عربيّ جديد للبلدان المجاورة للسّعوديّة، خصوصاً الأمّة السّوريّة» والقائم «على عصبيّة مادّيّة خطرة…» مستعدّة لإقامة حربٍ وشراء العملاء مقابل حفنات من المال».

وأضاف: «بعد هذا نسأل: أليست هذه عناصر الحرب اليوم على الشّام؟ وهل يمكن البحث في ما يصيبنا اليوم على السّاحة القوميّة بمعزلٍ عن هذه الرّؤية؟

من هذا المنطلق، كان عنوان محاضرتنا هذه اليوم «الحرب السّوريّة ـ أسباب ومآلات»، وكان ضيفنا الكريم له باع طويل في الإعلام وفي التّحليل السّياسيّ، وفي كشف الستائر عن خفايا المسائل المطروحة راهناً».

كليب

من جهته استهلّ الإعلامي د. سامي كليب الندوة بشكر الحزب السوري القومي الاجتماعي على دعوته ليكون ضيف القوميين الاجتماعيين في ذكرى عزيزة عليهم في الأول من آذار، ومن ثم تلا نصاً لأنطون سعاده معايداً من خلاله جميع النساء في عيد المرأة العالمي».

وفي موضوع الندوة «الحرب السورية أسباب ومآلات» اعتبر «أنّ التخطيط للحرب على الشام، ترافق مع محاولة ضرب مجموعة من الدول التي دعمت فعلياً المسألة الفلسطينية، مثل العراق والشام ولبنان والجزائر والسودان، وأغلب هذه الدول طالتها التغييرات الآتية من الولايات المتحدة الأميركية»، وأكد «أنّ المشروع الأساسي هو حماية إسرائيل»، مشدّداً على «أنّ ذلك لا يجب أن يفوتنا أو يغيب عنا».

وأضاف: «إنّ الحرب على دمشق بدأت منذ مدة طويلة، وعاد إلى مرحلة تولّي الرئيس الدكتور بشار الأسد رئاسة الجمهورية والظروف التي أحاطت بالسنوات الأولى من عهده على الصعيدين الدولي والإقليمي وأهمها:

– جاء بعد أقل من 5 أشهر على انتخاب فلاديمير بوتين رئيساً لروسيا.

ـ جاء قبل نحو 5 أشهر من انتخاب بوش الابن والمحافظين الجدد في الولايات المتحدة الأميركية.

– في إيران كان الإصلاحيون بقيادة خاتمي قد حققوا فوزاً كاسحاً في الانتخابات العامة.

– العراق يعلن في 1 حزيران من العام 2000 «أنّ العقوبات قضت على أكثر من مليون و350 ألف نسمة معظمهم من الأطفال».

ـ انسحاب العدو «الإسرائيلي» من جنوب لبنان في العام 2000.

ـ عدوان «إسرائيل» على رادار للجيش السوري في لبنان بعد 10 أشهر على رئاسة الدكتور بشار الأسد

ـ 11 أيلول 2001 في الولايات المتحدة الأميركية

ـ 2003 اجتياح العراق».

واعتبر كليب «أنّ هذه الأسباب إلى جانب الإملاءات الأميركية التي تمادت إثر اجتياح العراق، كان هدفها الأساس هو القضاء على المقاومة في لبنان والشام والعراق وفلسطين وتقويض أية قوة تساند هذا المحور».

واستعرض كليب «ما كشفه الرئيس اللبناني الأسبق إميل لحود عن لقائه مع وزير الخارجية الأميركي كولن باول عام 2003 والمطالب الثلاث المستغربة التي حاول فرضها على لبنان، لا سيما لجهة قطع العلاقة مع حركات ومحور المقاومة».

كما عرض لجزء من المحضر السري للقاء الرئيس بشار الأسد وكولن باول عام 2003 وأورد حرفياً ما قاله وزير الخارجية الأميركي في هذا الاجتماع: «نحن نريد بقدر استطاعتنا أن ننهي العنف ونريد منكم مجدّداً أن تضعوا نهاية لأعمال الجماعات الفلسطينية الرافضة والموجودة لديكم في سوريا، وفي دمشق، سواء أكانت حركة حماس أم غيرها من الموجودين هنا. وقد تحدثتُ عن هذا الأمر مسبقاً وأعلم أنه يجب إغلاق هذه المكاتب وإخبار قادتها أن يجدوا مكاناً آخر ليمارسوا فيه نشاطهم، وهذا سيرى على أنه إشارة إيجابية جداً من قبلكم ليس في المنطقة فقط بل في الولايات المتحدة أيضاً».

ولفت كليب إلى «أنّ هذه المطالب كانت لضرب الحركات المقاومة مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي وحزب الله، مع التحضير لضرب الشام»، مشيراً إلى ما جاء به كولن باول خلال لقائه الرئيس الأسد: «النقطة الأخرى التي أرغب في التحدث بشأنها، تتعلق بحزب الله، طبعاً ما زال لدينا بعض الإشارات التي تدل على أن دعم حزب الله مستمر، من خلال شحن بعض المواد إليه عبر سوريا، ونريد أن نطلب منكم مجدّداً وقف هذا النوع من النشاطات. نحن لدينا طرقنا للمراقبة بحذر شديد، ومعرفة كيفية تحرك هذه الشاحنات. وبصراحة من الأفضل أن يكون هناك وقف للعمليات العسكرية من جنوب لبنان، ووفقاً لاتفاق سابق يجب أن تتحرك القوات المسلحة اللبنانية باتجاه الجنوب».

كما استعرض كليب حركة الرئيس الأسد الإقليمية وتواصله مع بعض الدول العربية، «ومحاولة وضع حدّ للمشاريع التي باتت جلية بخلق حلف عربي لم ينجح في الوصول إليه. وبالتالي كان من الطبيعي في ظلّ تحالفات الأنظمة العربية مع الولايات المتحدة الأميركية وتفكك العراق والأزمة التي هزت لبنان بعد العام 2005 أن يتجه الرئيس الأسد إلى إيران لحماية المقاومة ودعم الصراع في فلسطين، وبدا ذلك الحلف واضحاً في قمة دمشق المفصلية التي جمعته مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد والسيد حسن نصرالله في 26 شباط من العام 2010.

أسّست هذه الظروف بالإضافة إلى رفض لبنان والشام المطالب الأميركية التي حملها باول، بحسب الدكتور كليب، «لبدء وضع مشروع ضرب الشام من البوابة اللبنانية، وبالتدخل لاحقاً فيها سعياً إلى القضاء على محور المقاومة وتطويق أي خطر على كيان العدو وكانت هناك أرض خصبة في سوريا لزرع الإرهاب لمواجهة التقارب السوري ـ الإيراني». وأضاف: «إنّ ظهور حركات المعارضة بداية الأزمة والخطاب الذي حملته والدعوة إلى ضرب المقاومة والتسويق للسلام مع «إسرائيل» كان واضحاً منه أنّ الخطة بدأت لتتحول بعدها المعارضة إلى مقاتلين وإرهابيين».

وبحث كليب في خطاب ما سمي «المعارضة السورية» في بداية الأحداث وكيف بدأت تظهر مطالب تهاجم المقاومة، وعرض لما قاله السيد حسن نصرالله للكشف عن هذه السياقات في أحد خطاباته.

واستنتج أنّ أولى الخلاصات للمشروع والتي ظهرت مع بداية الحرب على دمشق التالي:

«أولاً: محور المقاومة مستهدف

ثانياً: سوريا هي الحلقة التي سيتم ضرب الإرهاب فيها بعد تطويق الاختراقات في إيران وصعوبة اختراق حزب الله

ثالثاً: استهداف سوريا سيحقق أهدافاً كثيرة بينها ضرب أو تطويق محور المقاومة، شلّ قدرات الجيش السوري، منع السلاح عن حزب الله، انفضاض العرب عن سوريا، تعزيز الفتنة المذهبية.

رابعاً: استنزاف إيران وحزب الله مالياً وعسكرياً ثم تحويلهما إلى أهداف إرهابية».

وفي السياق أورد كليب شهادات لمجموعة كتاب غربيين كشفوا عن وثائق ومحاضر اجتماعات تروي ما أعد للشام لوضع اليد على الثروة البترولية والغازية.

وتطرق إلى ثقة الرئيس بشار الأسد بالانتصار على الإرهابيين والتحالف الدولي بمواجهة الشام خلال لقائه به والاستراتيجية التي يتبعها وعمق التحالفات التي نسجها مع روسيا وإيران وأورد مجموعة خلاصات من لقائه مع الرئيس الأسد عام 2014، حيث أكد «أنّ الثقة بالانتصار شدّد عليها السيد حسن نصرالله خلال لقائه به والذي اعتبر أنّ أية حرب مقبلة ستشهد تحرير أراض من فلسطين المحتلة وأنّ القدرة على الوصول إلى أهداف «إسرائيلية» تطورت فعاليتها ودقتها وقدرتها».

وأشار د. كليب إلى عدد من الأبحاث والدراسات «الإسرائيلية» أبرزها توصيات حلقة النقاش التي نظمها مركز «بيغن السادات للأبحاث الاستراتيجية» في كانون الثاني 2013 ومفادها:

– «إنّ «إسرائيل» لا تمانع بأن يتقاتل خصومها بعضهم مع بعض… أولاً ليس لدينا حب للأسد وثانياً فإنّ الصراع يغذي الانقسام السني الشيعي ويشرك إيران وتركيا في هذا الصراع.

– إنّ أية نتيجة يمكنها أن تحدّ من التأثير الروسي والإيراني في سوريا مرحب بها.

– إنّ أفضل نتيجة لكل من «إسرائيل» والغرب، بمعزل عمن يصل إلى السلطة، هو نظام جديد يهتم بالتطورات الداخلية ولا يدعم إيران وحزب الله.

– إنّ كردستاناً مستقلاً يضم كرد إيران وسوريا والعراق وتركيا، سيكون بمثابة تطور جيد «لإسرائيل» والغرب معاً.

– إنّ الجيش السوري آخر جيش على الحدود مع «إسرائيل» يملك فرقاً كاملة مدرعة وفرق مشاة ومدفعية وقوات جوية، وإنّ تفكُّكه أمر جيد لإسرائيل».

وختم الدكتور كليب مؤكداً «أنّ سوريا ستستعيد كامل أراضيها حتى نهاية العام الجاري أو بداية العام المقبل، وأنّ المقاومة قوية ومحورها صلب وزاد صلابة بعد حرب تموز 2006 والحرب على الشام». وعدّد مجموعة نتائج حالياً لكلّ ما مرت به المنطقة:

– المقاومة اليوم بكلّ تنويعاتها بما فيها الحزب السوري القومي الاجتماعي أقوى بعشرات المرات.

– إعادة الإعمار ستكون جاذبة وسيعود معظم السوريين إلى بلادهم.

– انكسار المشروع في سوريا يعني انحساره لذلك نرى مخالب كثيرة.

– وعي إقليمي ودولي للأسباب الحقيقية لما حصل.

– لقوى التي حاربت لن تبقى في سوريا إلى الأبد».

واعتبر «أنّ الظروف الحالية تشكل فرصة حقيقية لإطلاق مشروع نهضوي في سوريا والمنطقة بشكل عام وحزب أنطون سعاده له دور مفصلي في هذه المرحلة بما يحمله من مبادئ فكرية وإصلاحية».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى