جنون أحلام اليقظة

لا أعرف لمَ أحببتُك أنت بالذات.

وأنا أتوه كل يوم بين كل تلك الأسئلة التي لا أجوبة لها.

ربما لأني أعرف أنك لن تلتقي بامرأةٍ مثلي،

لذلك اعتقدتُ أن مستحيلي قد يكون جميلاً..

أو لأنني أردتُ أن نتمرّد على كل هذا السكون القاتل من حولنا وأن نخرج من عقد المجتمعات والماركات والعلاقات الجاهزة لتعليبنا بأكثر من طريقة.. تمّنيت أن أسرقك خارج أسوار تلك المدينة المليئة بسحب الدخان والكثير الكثير من الأشياء التي تستعملنا تحت شعار كلمة لازم .

أن أحررك قليلاً من نفسك ومن كل تلك الأكبال التي تلتقط كتفيك بقوة وتشنقك منذ الصباح بالركض خلف شيء لا يُمتلك..

ستتعلم يوماً كيف تحبّني خارج حدودها أنا وحدي..

لأنني لا أشبه كثيراً فتيات المجلات ولا أملك جسداً مثالياً ممشوقاً بلا أخطاء مليئاً بالحقن والتعديلات وجاهزاً للبيع مقابل تهافت الناس عليه.. أو لأنني تمّنيت لو ملكت ساقين أصغر حجماً أو كتفين أكثر جاذبيةً.. أو لأنني حتى لا أمتلك سوى أن أقرأ لك الشعر في ليلةٍ قد تكون فيها نائماً قربي ويداك متصالبتان خلف رأسك أو أن اكتبه على جسدك عوضاً عن ذلك وبذلك سيبدو حقيقياً أكثر..

أظنّ كل ذلك أبسط من أن أنتظرك لتصحوَ كل صباح لتشرق شمسي أو أن أتحسّس عينيك المغمَضتين خلف بحرٍ ونصف أرض!! ربما كانت المسافات بيننا أقصر من ذلك، لكنها بعيدةً بما يكفي لمجرد كونك حين تغمض لا تحلم بي بل تحلم بأنك تطير، لذلك بدأت أتعلم الرسم، فكلما قصّت الحياة لك جناحاً رسمته لك من جديد.

ولذلك أيضاً يا صديقي بدأت تملّ مني جارتنا الشقراء، لأنني أملأ جدران الشوارع وانا أتعلّم رسم الأجنحة بما يليق بشغف أحلامك..

أحلامك التي لن نتشاركها أبداً بل سأعلمك كيف تطير بهما لتحتضن جسد امرأةٍ سواي وتلامس أنوثتها بعد أن أحرقت أنوثتي وأنا أبتسم من بعيد، لأنك لن تفلح سوى أن تكون زوجاً طيّباً مقصوص الأجنحة أما انا فسأبقى حلماً لا يُلامس بكعب قدميه الأرض ولا يطأ بجسده حوافّ الفراش لحب صيّرته قرب النجوم ورسمت أولى ملامحه كغيمةٍ هاربةٍ قد لا تترك أثراً خلفها سوى أن تملأ الأرض برائحة المطر..

ابتسم! أعرف أنك تبتسم الآن، لأنك ستستعيد كلماتي يوماً ما، فكلما قلت لك أن تحبني لأبعد من حدود الجسد ضحكت على بلاهتي عن كوني أرفض أن أستيقظ في صباح يتلو ليلة حب غارقةٍ بالوهج والعرق وتنظر صوبي فتراني امرأةً عاديةً بلا ألوان وبلا كل تلك الأقمار التي رصّعتها على منحنيات كفّيك، وأنا أكتب لك أشياء لا يطالها الواقع ولا يحكمها السياسيون ولا حدود لها كالجغرافيا والخرائط والأعلام وكل تقسيماتنا وانتماءاتنا وبؤسنا وأحلامنا الكاذبة..

لذلك سأبقى هناك حيث أنا بعيدة عنك حدّ التلاصق.. سأسرق منها وهي تغفو قربك لون عينيها أو حجم نهديها أو حتى خطوط يديها سأختلس قبلاتك التي ستضعها على عنقها. سأعلّمك أن الموت قد يبدو أحياناً أجمل حين تستطيع أن تفنى حتى الخلود بذاكرة من تحب.. أو أن تتشابك أصابعنا تحت الأرض فينمو جذرٌ صغيرٌ فنتوالد معه الحياة قصصاً وأحلاماً جديدة.. ولأن سمرتنا يا صديقي تشبه لون الأرض أكثر سنبقى متوحّدين باللاشيء ذاك الذي يجمعنا وحدنا لأننا امتلكنا به كل المعاني.

ريم البندك

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى