نريد بقاء الحكومة… لكننا نريد الحلول الجدية

البروفسور فريد البستاني

على طريقة ما اعتاده اللبنانيين من السياسيين يحاول البعض قراءة كلام رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل الذي تختصره مقولة إما حلول جدية في ملفات النازحين والكهرباء ومكافحة الفساد والاقتصاد أو لا حكومة، بصفته نوعاً من المناورات التفاوضية على ملفات بعينها كالتعيينات أو سواها، متجاهلين حقيقة أنّ التيار الوطني الحر الذي يرأسه باسيل، يربط مصيره بمصير هذه الحكومة، فهي حكومة العهد التي قال عنها رئيس الجمهورية مؤسّس التيار، إنّ حكومته الأولى تأتي بعد الانتخابات النايبية وعندها حاسبونا على الأداء، وقد أتت الانتخابات، وأتت حكومة العهد الأولى. كما يتجاهلون أنّ التيار الذي نال تفويضاً شعبياً واسعاً ترجمته الانتخابات النيابية، وثم التمثيل الحكومي، وقبلهما رئاسة الجمهورية بشخصية قيادية تاريخية في حياة لبنان السياسية، سيكون مسؤولاً عن فشل الحكومة أمام الناس، بطرح سؤال، ماذا تريدون أكثر من هذا حتى تتحقق الوعود والآمال؟

فشل الحكومة يعني أن يقول التيار الوطني الحر أحد أمرين، إما أنه فشل في ظروف كان يمكن فيها النجاح، أو أنه فشل لأن لا أمل في لبنان بالتغيير والإصلاح والحلول الجدية، طالما أنّ ما بين يدي التيار من مكانة رئاسية وحجم نيابي وفاعلية وزارية كانت تشكل حلماً ليبدأ التغيير، وفي حال إقرار التيار بأنه فشل فعليه أن ينتحّى، وفي حال إقراره بفقدان الأمل فهو يدعو الشعب للتنحّي عن السياسة وربما عن البقاء في البلد.

لأنّ التيار ورئيسه صادقون مع الناس، وصادقون في سعيهم للتغيير والحلول الجدية وواثقون من أنهم ليسوا من جماعة الفاشلين، وواثقون أنّ كلّ فشل سابق لم يكن قدراً، بل كان نتاجاً يشبه أصحابه، فليس وارداً في حساب التيار أن يقول للناس أيّ من الفرضيتين، فشلنا أو لا أمل يُرتجى، والخيار الوحيد الذي يضعه التيار والعهد أمامهما هو النجاح.

مخطئ من يعتقد أنّ جمهور اللبنانيين العريض الذي منح العماد ميشال عون هذا الزخم لتبوؤ منصب الرئاسة، ومثله ذلك الجمهور العريض الذي منح هذا الحضور النيابي للتيار الوطني الحر، فعل ذلك فقط من باب الإنصاف، أيّ الشعور بأحقية نيل العماد عون منصب الرئاسة، وأحقية نيل التيار هذا الحجم التمثيلي، فالإنصاف وحده يعني قبول هذا الجمهور أن يكون العماد عون رئيساً كالرؤساء الآخرين، أو أن يكون التيار كالأحزاب التي سبقته، بينما الإنصاف هنا مردّه في حالتي الرئيس والتيار، إلى رغبة الناس بالتغيير والحلول الجدية، وثقتها بأنّ الرئيس والتيار يمثلان هذه الرغبة والجدية، ويستحقان الثقة على أساس ذلك.

الحكومة الحالية التي ولدت بعد طول انتظار كلف لبنان كثيراً، ليست مجرد حكومة عادية يخاطر الرئيس والتيار بتعريضها للانفراط والفشل، فهي حكومة يعني بقاؤها والحفاظ عليها الكثير، لأنّ انفراط عقدها، يعني دخول البلاد في أزمة سياسية، وربما أزمة حكومية، وفي كلّ حال، فإنّ أيّ حكومة أخرى تليها مهما كان شكلها ستواجه تحديات ومتاعب أكبر مما يعترض طريق هذه الحكومة، ولذلك نتمسّك جميعاً ببقاء الحكومة ونسعى لتذليل العقبات من أمام طريقها، لكن الأكيد ليس على حساب إنجاز الحلول الجدية، التي تمّ التفاهم حولها مع ولادة الحكومة، فاللبنانيون لا يريدون حكومة تصريف أعمال، بل حكومة الحلول الجدية والمسؤولة، ولسان حالهم هو ما قاله رئيس التيار الوطني الحر، حكومة تبدأ مسار الحلول الجدية أو لا حكومة، ونأمل أن يكون هذا هو موقف سائر الشركاء في الحكومة، كي تفهم المعادلة بمكانها الصحيح تحفيزاً لانطلاق العمل الحكومي نحو الإنتاجية، وقد مرّ ثلث مهلة المئة يوم الأولى من عمرها، وهو ما كتبنا عنه كمؤشر على مسار ومصير العمل الحكومي وشاركني فيه زملاء نواب في كلماتهم في مناقشة البيان الوزاري، وربط البعض ثقته بهذه المهلة، كما ذهب تكتل لبنان القوي إلى جعل المهلة فرصة لوزرائه لإظهار إنجازاتهم، فليكن لما تبقى من المهلة عنوان، لأننا لا نريد للحكومة أن تفشل أو ترحل فلنبدأ بالملفات الصعبة والحلول الجدية… كفانا تصريف أعمال!

نائب الشوف في مجلس النواب اللبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى