أرضنا لا تتحرّر بالمساومات وعلاقات التطبيع وحقنا لا يُصان بالتسويات والاتفاقيات المذلة بل بالإرادة المصمّمة على سلوك طريق المقاومة قتالاً واستشهاداً… نهجاً وخياراً

بمناسبة الذكرى الـ 34 للعملية البطولة التي نفذتها عروس الجنوب الإستشهادية سناء محيدلي ضدّ قوات الاحتلال الصهيوني على معبر باتر ـ جزين، أصدرت عمدة الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي البيان التالي:

إنّ العملية الإستشهادية التي نفذتها عروس الجنوب سناء محيدلي في التاسع من نيسان 1985، قبل 34 عاماً، والتي اندرجت في سياق سلسلة عمليات استشهادية ونوعية نفذها أبطال الحزب السوري القومي الاجتماعي، في إطار جبهة المقاومة الوطنية، شكلت حدثاً كبيراً ومفصلياً، لأنّ مفاعيل تلك العملية الاستشهادية، لم تقتصر على توجيه ضربة قاسية للعدو اليهودي وهزّ معنوباته وحسب، بل شدّت انتباه شعوب العالم قاطبة، إلى مقاومة شعبنا المشروعة ضدّ الاحتلال والعدوان، وصار اسم سناء وفعلها على كلّ لسان بوصفها نموذجاً للفتاة المقاومة التي تبذل الدماء دفاعاً عن أرضها وشعبها.

قبل 34 عاماً، كان العدو اليهودي يستبيح لبنان باحتلاله وغطرسته وإجرامه، وكان ما يسمّى المجتمع الدولي مكتفياً بدعوات غير جدية لتنفيذ القرار 425 الصادر عن مجلس الأمن الدولي، نائياً بنفسه عن أية خطوات لترجمة القرار المذكور وإجبار العدو على إنهاء احتلاله لجنوب لبنان، لذلك جاءت عملية سناء محيدلي، وما سبقها وما تلاها من عمليات نوعية واستشهادية، لتؤكد بأنّ قرار تحرير الأرض من الاحتلال، تنجزه مقاومة الشعوب بإرادتها المصمّمة وتضحياتها الجسام.

إنّ ما يسمّى المجتمع الدولي تنصّل من مسؤولياته كاملة في الدفاع عن سيادة الدول، حين نفذ العدو اليهودي اجتياحاً واسعاً للبنان في العام 1982 حتى العاصمة بيروت، مرتكباً أفظع المجازر بحق اللبنانيين والفلسطينيين، لا بل أنّ بعض المجتمع الدولي وفي مقدّمه الولايات المتحدة الأميركية ساندت الاحتلال بالدعم والمؤازرة، ولذلك، كان القرار بالمقاومة، وكانت الانطلاقة من سوق الخان في حاصبيا، بصواريخ أطقلتها مجموعة قومية، دكّت بها مستعمرات كريات شمونة، وكانت رصاصات خالد علوان التي شكلت فاتحة تحرير بيروت، وكانت العمليات الاستشهادية من وجدي إلى سناء وسائر كوكبة الاستشهاديين وسلسلة من العمليات البطولية.

لقد ثبت أنّ قرار مقاومة الاحتلال، وبالرغم من حجم التضحيات التي بُذلت، هو القرار الصائب والخيار الأقلّ كلفة لتحرير أرضنا من الاحتلال. وأنه لولا مقاومة شعبنا ولولا سناء ولولا كلّ المقاومين، لكان لبنان لا يزال تحت الاحتلال، ولكان حبر القرار 425 جفّ في أدراج مجلس الأمن الدولي.

إننا اليوم، وفي ذكرى عملية الاستشهادية سناء محيدلي، نؤكد تمسكنا بخيار المقاومة سبيلاً وحيداً لتحرير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة، خصوصاً مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر، وتمسكنا بمعادلة الجيش والشعب والمقاومة كمعادلة ردع تحمي سيادة لبنان من الانتهاكات الصهيونية وتضع حداً لأطماع العدو في مياهنا وثرواتنا.

كما نؤكد على حق شعبنا المشروع بمقاومة الاحتلال بكلّ الأشكال وعلى كافة الصعيد، بمسيرات العودة وبالعمليات النوعية، فالمقاومة هي السبيل الوحيد والخيار الأوحد لتحرير كلّ شبر مغتصب ومحتلّ من أرضنا، في لبنان والجولان وفلسطين. ونؤكد أنّ أرضنا لا تتحرّر بالمساومات وعلاقات التطبيع، وحقنا لا يُصان بالتسويات والاتفاقيات المذلة، بل بالإرادة المصمّمة على سلوك طريق المقاومة قتالاً واستشهاداً، نهجاً وخياراً.

أمتنا تتعرّض لأخطر مؤامرة تهدّد مصيرها ووجودها. مؤامرة تتكشف حلقاتها الواحدة تلو الأخرى، ويشكل اعتراف الرئيس الأميركي بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي وبسيادة هذا الاحتلال على الجولان، أخطر حلقات المؤامرات في مسار صفقة القرن لتصفية المسألة الفلسطينية، ولذلك فإنّ المعركة المصيرية التي نخوضها، ليست فقط بمواجهة العدو اليهودي الذي يحتلّ أرضنا ويقتل شعبنا، بل بوجه كلّ من يقف مع هذا العدو في احتلاله وإرهابه وإجرامه. وبوجه كلّ من يتطاول على حقنا، وكلّ من يسير في ركب التطبيع راضخاً للإملاءات الصهيونية الأميركية.

في الذكرى الـ 34 لعملية الاستشهادية سناء محيدلي، ندعو شعبنا إلى الالتفاف بقوة حول خيار المقاومة، وندعو شعوب العالم العربي وكلّ شعوب العالم إلى دعم مقاومة شعبنا، ضدّ الاحتلال والإرهاب والعدوان والعنصرية، ومن أجل تثبيت دعائم الحق والحرية.

لسناء محيدلي، لكوكبة الاستشهاديات والاستشهاديين، لقوة فعلهم التي «غيّرت وجه التاريخ»، عهدنا ووعدنا الاستمرار في المقاومة، حتى تحرير كلّ أرضنا، ومن أجل الارتقاء بأمتنا، أمة عظيمة، تقاوم في سبيل حقها وعزّها ومجدها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى