رئيس الجمهورية يرحّب بلقاء القمة الثلاثي بين لبنان واليونان وقبرص ويؤكد حـق لبنان في اسـتخراج النفط والغاز

توافق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ونظيره اليوناني بروكوبيس بافلوبولوس على الدور الذي يمكن أن يلعبه كل من لبنان واليونان في إعطاء العلاقات العربية الأوروبية زخماً إيجابياً. وأكد تعزيز التعاون بين الطرفين لمواجهة أزمة النازحين خلال مؤتمر صحافي مشترك. أكد خلاله الرئيس عون حق لبنان باستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، مشدداً على رفض الانضمام الى أي منتدى أو آلية تعاون تشارك فيها «إسرائيل»، لا سيما منتدى غاز شرق المتوسط. ورحّب بلقاء القمة الثلاثي بين لبنان واليونان وقبرص، الذي ستستضيفه العاصمة القبرصية نيقوسيا، لتوطيد مختلف أوجه التعاون المشترك.

اعتبر الرئيس بافلوبولوس بدوره ان لبنان تحمل مسؤوليات جسام نتيجة الحرب في المنطقة، متوجها بالانتقاد الى اوروبا، قائلاً: «إن بلدا كبلدكم اظهر قدراً كبيراً من عظمة النفس التي لديه تجاه البشر الذين طلبوا منه العون، لم يحصل على جواب ملائم من الاتحاد الاوروبي».

وكان الرئيس عون والرئيس اليوناني عقدا جلسة محادثات ثنائية بحضور الوزير باسيل، شقير، والسيدة عون الهاشم من الجانب اللبناني، والوزير كاتروغالوس والسيد ينيماتاس والسفير فروس من الجانب اليوناني.

وأعقبت المحادثات الثنائية، محادثات موسعة في حضور بقية أعضاء الوفدين الرسميين اللبناني واليوناني، ركزت على العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها في المجالات كافة. وفي هذا الإطار تم تأكيد أهمية الاجتماع المثلث الطرف بين لبنان وقبرص واليونان. وتوافق الجانبان على الدور الذي يمكن ان يلعبه كل من لبنان واليونان في اعطاء العلاقات العربية الاوروبية زخماً ايجابياً. كما تم التطرق الى الوضع الاقليمي وملف النازحين السوريين، حيث جرى التأكيد على تعزيز التعاون بين الطرفين لمواجهة هذه الأزمة.

ووجّه الرئيس اليوناني دعوة الى الرئيس عون الى زيارة اليونان، فوعد بتلبيتها في أقرب فرصة ممكنة.

وحيا بافلوبولوس صمود الشعب اللبناني في المحن التي واجهته، فيما قدّم الرئيس عون لنظيره مذكرة حول آلية انشاء «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار»، طالبا دعم اليونان لإنشائها.

وبعد انتهاء المحادثات الموسعة، عقد الرئيسان عون وبافلوبولوس مؤتمراً صحافياً مشتركاً، استهله الرئيس عون بالتأكيد لرئيس اليونان حق لبنان باستخراج النفط والغاز ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة. وشدد على رفض الانضمام الى اي منتدى او آلية تعاون تشارك فيها «إسرائيل»، لا سيما منتدى غاز شرق المتوسط. وشكر وقوف بلاده الدائم الى جانب لبنان، وحضورها مؤتمر «سيدر»، ومشاركتها ضمن المكوّن البحري لقوّات «اليونيفيل». وكررت له دعم لبنان لليونان في المحافل الاقليمية والدولية.

واطلع الرئيس عون الرئيس اليوناني على المبادرة التي أطلقتها من على منبر الامم المتحدة بإنشاء «اكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» في لبنان، طالبا دعم بلاده لتحقيقها.

وعلى صعيد التطورات الإقليمية، استعرضنا ملف النازحين السوريين الشائك، فأطلع الرئيس عون نظيره اليوناني على الأعباء التي يتحمّلها لبنان نتيجة وجود اكثر من مليون و800 الف نازح على أراضيه، والتي تضاف الى ملف اللجوء الفلسطيني المزمن. الأمر الذي يستلزم مسؤولية مشتركة تقوم على العمل السريع لإقفال هذا الملف بتسهيل عودتهم الى المناطق الآمنة في سورية، منعاً لإمكانية تدفقهم الى اوروبا عبر بواباتها المتوسطية.

وشكر الرئيس عون الرئيس اليوناني على موقف بلاده الثابت بشأن القدس، وموقفها بشأن الجولان السوري الذي يبقى ارضاً محتلة. وشدد على أنّ قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بسيادة اسرائيل على مرتفعات الجولان، واعترافه بالقدس عاصمة لـ«إسرائيل»، نقض فاضح لمرتكزات الشرعية الدولية وميثاق الامم المتحدة. وهو امر يهدّد أيضاً سيادة الدولة اللبنانية التي تمتلك أراضي قضمتها «إسرائيل»، لا سيما في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر.

وقال الرئيس اليوناني من جهته إن الحاجة اليوم الى الحوار هي أكثر من اي وقت مضى، لأننا رأينا حتى اليوم، وذلك على حساب الشعوب والدول، ان الانطباع السائد هو صراع الحضارات. فلنلاحظ ان نظرية صراع الحضارات هي التي قامت عليها السياسات الخارجية لعدد من الدول، وقد نشبت حروب باسمها. الاّ ان هذه النظرية هي بعيدة كل البعد عن ايّ واقع تاريخي، وهي بكافة الاحوال كارثية بالمطلق، مدمّرة وخاطئة بالمطلق، حتى في أسسها.»

وقال: علينا نبني جسور العبور بين بعضنا البعض، اليونان ولبنان، بفضل طبيعتينا وحضارتينا، مؤهلان وحاضران ليكونا رائدي هذا الحوار بين الحضارات. ولقد عمد وزيرا خارجيتينا الى إطلاق مبادرتهما لشهر حزيران المقبل، وقبلناها بحماس شديد. وأنتم تعرفون ان اليونان اطلقت منذ سنوات عدة «مؤتمر رودس للحوار بين الحضارات والاديان»، لأن الحوار بين الاديان يشكّل شرطا لا مفر منه للحوار بين الحضارات.

ولفت إلى أن لبنان تحمل مسؤوليات جسام نتيجة الحرب في المنطقة، متوجها بالانتقاد الى أوروبا، قائلاً:» ان بلداً كبلدكم أظهر قدراً كبيراً من عظمة النفس التي لديه تجاه البشر الذين طلبوا منه العون، لم يحصل على جواب ملائم من الاتحاد الاوروبي».

وقال: للأسف لم تتمكّن اوروبا من ان تكون اكثر حضورا مما كان في استطاعتها. ولذلك اجرؤ على القول اإن اوروبا لم تفِ بالالتزامات التي كانت لتؤول اليها بالاستناد الى ثقافتها وتاريخها. واعتقد انه لا يجب علينا أن نغشّ انفسنا. نحن الاوروبيين صادقون على الدوام مع ذواتنا وننتقد انفسنا. واعتقد ان موقف اوروبا هذا وجّه ضربة قاسية لرمزيتها. الا ان الوقت ليس ابدا متأخراً، فنحن الاوروبيين مصمّمون على ان نعكس الاتجاه، وها نحن الآن جاهزون لبذل كل ما في وسعنا لأجل انهاء الحرب وللمساعدة قدر المستطاع جميع الذين هم في حاجة لها.

وختم بالقول: «نحن ندعم لبنان كي يكون له، ضمن اطار القانون الدولي، كل ما يعود له من حقوق، في ما يتعلق بسيادته الوطنية، ومصالحه. نحن نطالب ونصّر، كيونانيين واوروبيين، على احترام القانون الدولي بالنسبة إلى الجميع، بصورة عادلة ومتساوية، لأنه في خلاف ذلك لا يبقى للقانون الدولي من معنى. وهذا القانون لا يمكن ان يطبّق بصورة اختيارية، واقصد بذلك انّه انطلاقاً من سلطة كل دولة. وعلى اساس تطبيق القانون الدولي بصورة عادلة ومتساوية، فأنّنا ندعم لبنان في ما يتعلّق بحقوقه ومصالحه وحدوده وسيادته الوطنية.

وبعد انتهاء المؤتمر الصحافي، دوّن الرئيس اليوناني في السجل الذهبي للقصر كلمة تمنى فيها ان «تعزز هذه الزيارة التعاون المشترك بين بلدينا في مختلف المجالات».

واقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء رسمي على شرف الرئيس اليوناني وعقيلته، حضرها أعضاء الوفدين اللبناني واليوناني، عدد من الوزراء وسفراء الدول الأوروبية وأعضاء لجنة الصداقة اللبنانية اليونانية في مجلس النواب، وعميد السلك القنصلي جوزف حبيس، ومتروبوليت بيروت للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة، إضافة إلى كبار المسؤولين والمستشارين في رئاسة الجمهورية.

وشرب الرئيس عون نخب الرئيس الضيف وبلاده، وشرب الرئيس اليوناني من جهته نخب لبنان.

كذلك التقى الرئيس اليوناني والوفد المرافق رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، وتم خلال اللقاء عرض العلاقات الثنائية وموضوع الحدود البحرية وقضية النازحين السوريين والوضع في لبنان والمنطقة .

وبعد توديعه الرئيس الضيف سئل الرئيس بري عن الزيارة فقال: العلاقات بين لبنان واليونان لا بل بين العرب كل العرب واليونان كانت تاريخية وكانت دائماً مع قضاياهم العادلة. اليوم أكدنا ضرورة الاجتماع الثلاثي المتعلق باليونان ولبنان وقبرص، وبحثنا أموراً عديدة خصوصاً الامور التي تتعلق بالحدود البحرية والعلاقات المميزة التي يجب ان تستمر بين البلدان الثلاثة. وطبعاً شكرتهم على مشاركتهم في قوات اليونيفيل في الجنوب اللبناني، وكانت وقفة في النقاش حول موضوع النازحين السوريين هذا الموضوع حسب تعبير الرئيس اليوناني لا يحتمل وانه سيطرح هذا الموضوع مع الاوروبيين فما يقوم به لبنان في هذا الشأن هو خدمة ايضاً لأوروبا اكثر مما هو خدمة للبنان .

وردا على سؤال حول كيف يمكن ان يتجنب لبنان ان يصبح يونان ثانية؟ قال: تفاءلوا بالخير تجدوه، هذا الشهر لا اريد ان أقول إنه شهر مصيري، ولكن أقول إنه شهر دقيق جداً لكي نقوم بإجراءات واولها على الاطلاق هو موضوع الموازنة. خطة الكهرباء هي خطوة على الطريق الصحيح، وإن كانت ضرورية فإنها غير كافية على الإطلاق. المهم ان نعبر عن خطتنا المستقبلية بموضوع الموازنة حتى يعود البلد الى الاستقرار .

وزار الرئيس اليوناني رئيس الحكومة سعد الحريري حيث عقدا جلسة محادثات في حضور الوفد اليوناني المرافق ومستشار الرئيس الحريري غطاس خوري، تناولت آخر المستجدات في لبنان والمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، لا سيما على الصعيدين الاقتصادي والسياحي.

وبعدها توجه بافلوبولوس الى ساحة الشهداء وسط بيروت حيث وضع إكليلا من الزهر على نصب الشهداء، وأقيم احتفال للمناسبة حضره وزير الدفاع الوطني الياس بو صعب، وزير العدل رئيس بعثة الشرف البر سرحان، محافظ بيروت القاضي زياد شبيب، رئيس مجلس بلدية بيروت المهندس جمال عيتاني وقائد منطقة بيروت العسكرية العميد الركن علاء حلال.

كما التقى رئيس جمهورية اليونان متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، في مقر إقامته في فندق «فينيسيا».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى