ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

الحزب السوري القومي الاجتماعي في الكاميرون ـ مواقف ونضالات وتاريخ حافل 2

هكذا كان العرفان وهكذا ظهرت نفسيتهم الخسيسة

في ربيع 1986، بعد إعادة العلاقات الدبلوماسية والإقتصادية بين دولة العدو اليهودي إسرائيل وكافة الدول الإفريقية ومنها الكاميرون، بعد تقاعس الدول العربية وغفلتها عن التعويض عليها أثناء القطيعة مع الدولة الصهيونية، هجمت إسرائيل بقوة بالغة ببرنامج محدّد يبغي تقليم أظافر اللبنانيين في القارة السمراء وتعطيل مصالحهم وإغلاق محلاتهم وإيقاف أعمالهم.

إثر وشاية مكتوبة بيد احد المغتربين بإيحاء من عملاء إسرائيل إنقضت قوى الجيش على بيوت عدد من اللبنانيين واعتقلت العشرات منهم دون إتهام أو إدانة أو تحقيق أو محاكمة، لمدة جاوزت عدة أشهر …

عمّ الخوف والقلق جميع أفراد الجالية من التصرّف غير المبرّر لقوات الأمن الكاميرونية واعتقال العشرات من اصحاب المصالح والمحال التجارية وشاحنات النقل وغير ذلك .

لم يتمكن القنصل الفخري نزيه الحاج، من بيترومين الكورة، من القيام بأي تدخّل يجدي لإنهاء هذا الوضع الشاذ وإطلاق سراح المعتقلين ظلماً وتعسّفاً .

ما إن وصلت الأخبار الى عائلات المعتقلين في لبنان حتى بدأت المظاهرات والإتصالات على أعلى المستويات، كما بدأت الصحف البيروتية تنشر الأخبار تباعاً مع صور المظاهرات وتوجيه اللوم الى الحكومة الكاميرونية وتحميلها مسؤولية الأضرار المادية والمعنوية التي يتكبدها هؤلاء الأبرياء المظلومون.

كان الأمين مسعد حجل في ذلك الوقت موجوداً في لبنان ولا بد من إعلامه عما يجري محلياً، وعندما اطّلع على خطورة الوضع وما يتعرض له أبناء الجالية، غادر بيروت على جناح السرعة بعدما نسّق مع الرفيق الصحافي جهاد ابوجودة كي يبقى حماس الصحافة وفوضى المظاهرات على قدم وساق .

بعد هبوط الطائرة على أرض مطار الياوندي، توجّه الأمين حجل نحو وزير الدفاع الكاميروني يراجعه بموضوع الموقوفين ويطّلع منه على الإتهامات الموجّهة اليهم والحجج والبراهين والأدلة التي علّلت المداهمات والإعتقالات.

حاول الأمين مسعد درس الموضوع مع السفراء العرب المعتمدين والطلب اليهم المساعدة في حل المشكلة لكن هؤلاء اعتبروا ان الموضوع ينحى امنياً فلا يمكنهم التدخّل والمراجعة .

رأى وزير الدفاع بوجود الأمين حجل مخرجاً للمعضلة التي وقع فيها بعض المسؤولين دون اسباب موجبة، واتفق الرجلان على التعاون لإخراج الحالة من عنق الزجاجة وتخفيف الضغط على الحكومة الكاميرونية حيث انه بدأت المداخلات الخارجية والوساطات على أنواعها وبرقيات الإستنكار من كافة الجاليات اللبنانية في العالم .

وقعت الحكومة الكاميرونية في مشكلة صعبة، فلا يمكن إبقاء الموقوفين قيد الإعتقال بدون أسباب موجبة ولا يمكن إطلاق سراحهم عفوياً مما يثبت أن الإعتقال جاء إعتباطياً وعشوائياً وكيدياً.

إقترح الأمين حجل على وزير الدفاع إطلاق سراح المعتقلين زمراً زمرا وبأعداد قليلة مما يريح المعتقلين وعائلاتهم والجالية وتكفّل بإيصال الأخبار السعيدة الى الصحف اللبنانية والحكومة اللبنانية ورئاسة الجمهورية اللبنانية، مقترحاً عليهم التخفيف من الضغوطات مع وعدهم بحل القضية بشكل جذري دون مضاعفات أو قلق على مصير الجالية .

تواصل الأمين حجل مع رئيس الجمهورية الكاميرونية بول بيا بشأن المعتقلين . وعده الرئيس بحل الموضوع خلال عدة أيام .

أرسلت الخارجية اللبنانية أحد السفراء، وليام حبيب، للعمل على إطلاق سراح المعتقلين، لكن السفير لم يتمكن من عمل أي شيء، وصحّ فيه قول الشاعر:

« المستجير بعمرو عند كربته

كالمستعيض عن الرمضاء بالنار «

وافت المنية في تلك الفترة القنصل الفخري نزيه الحاج وكّلف السيد ريمون الشدياق بحمل أختام القنصلية .

عُقدت إجتماعات متواصلة ولقاءات متعدّدة لمواكبة سير الوضع المستجدّ على الجالية وفي إحداها، رنّ جرس الهاتف فأجاب السيد شدياق، بعد أن شغّل مكبّر الصوت، على السفير فؤاد الترك، سفير لبنان في فرنسا حينها، الذي صرّح «بأنّه مُكلف من فخامة رئيس الجمهورية الشيخ أمين الجميّل، للسؤال إذا كان السيد مسعد حجل موجوداً حالياً في الكاميرون» وعندما أعلم أنه موجود في المكان أيضاً طلب التحدّث اليه فقال له ان فخامة الرئيس يعوّل على إهتمامه الفاعل لإطلاق سراح المعتقلين وحل قضيتهم دون ذيول ومضاعفات!!! وإن كان يرى ان مجيئه شخصياً يساعد ويعجّل في الحل فهو يترك ذلك على رأي واقتراح السيد حجل، فأجابه الحجل أنه موعود من رئيس الجمهورية الكاميرونية بإطلاق سراح المتبقين خلال أيام قليلة يعلمهم على ضوء ذلك ما يمكن القيام به.

بعد ثلاثة أيام خرج الباقي من المعتقلين وشكلوا وفداً منهم لزيارة الأمين مسعد وشكره على ما قام به من مجهود.

وعندما وصل بعض المعتقلين، وهم من الجالية اللبنانية في جمهورية إفريقيا الوسطى الى بانغي ووقوف القنصل الفخري اللبناني هناك، معروف الساحلي على حقيقة الأمر وجّه رسالة شكر الى الامين الحجل جاء فيها:

« جانب السيد الكبير مسعد حجل

الكلي الإحترام

تحية طيّبة ،

يسر الجالية اللبنانية في جمهورية إفريقيا الوسطى، أن تبلّغكم فائق شكرها العميق، مع كل تقدير واحترام لشخصكم الكريم، على كل جهد بذلتموه تجاه أبناء جاليتنا الذين أوقفوا وتناولهم التحقيق في ياوندي، وهذا الشيء بالنسبة لنا جميل كبير، ومعروف أكبر، لم نستغربه أبداً، لما نعلمه عن فضائلكم وتفانيكم تجاه وطنكم ومواطنيكم…»

الجامعة اللبنانية الثقافية إنشاء فرع الكاميرون

في أواسط الثمانينات من القرن الماضي، إتصل أمين عام الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم آنذاك الأمين منصور عازار بالأمين مسعد حجل للإهتمام بإنشاء فرع للجامعة في الكاميرون، طلب الأمين حجل من الأمين العام الكتابة للأمين فاروق ابوجودة رسالة رسمية بهذا الخصوص وهو أي الحجل سيقدم كل ما يلزم لإنجاح الموضوع .

تسلّم مدير المديرية الأمين ابوجودة رسالة من أمين عام المجلس القاري الإفريقي المحامي أحمد طرابلسي، يتمنى عليه فيها العمل على دعوة أبناء الجالية إلى اجتماع عام وانتخاب رئيس وهيئة إدارية للفرع .

دعا الأمين ابوجودة جميع عائلات الجالية الى منزل القنصل نزيه الحاج وشرح للحاضرين الذين بلغوا 52 مغترباً، عن غاية الإجتماع ودور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بتحصين وحدة الجاليات وضمان مصالح المغتربين وتعزيز جسر التواصل مع الوطن الأم .

طرح على الحاضرين إنتخاب رئيس ولجنة إدارية من 5 أشخاص وطلب من الحاضرين تقديم ترشيحاتهم للإقتراع السري .

فاز الأمين فاروق ابوجودة بأكثرية ساحقة بلغت 49 صوتاً. ونال احدهم صوتاً واحداً مع تسجيل ورقتين بيضاوين.

مثل الأمين ابوجودة والرفيق ادونيس حجل فرع الكاميرون في مؤتمرات الجامعة في بيروت.

وعندما عاد الأمين ابوجودة نهائياً الى لبنان سنة 1994، وجّه اليه نائب رئيس الجامعة العالمي أحمد ناصر رسالة تحمل تكليفاً أن يقوم بمهمة أمين عام مساعد مركزي ويشغل مكاتب الجامعة في الطابق السادس من بناية المصادقات التابعة لوزارة الخارجية والمغتربين في بيروت .

بقي الأمين ابوجودة ناشطاً في مهمته حتى العام 2011 حين انتخب الأمين مسعد حجل رئيساً للجامعة بالتزكية والإجماع لمدة سنتين، عيّن خلال تلك المدة مستشاراً خاصاً له .

جهد الإثنان معاً لتوحيد أجنحة الجامعة الثلاثة لكن جهودهما لم تثمر تحقيقاً للمبتغى والطموح والآمال.

استقال الأمين ابوجودة من مهمته مع نهاية عهد الأمين حجل في شهر تشرين الأول 2013 .

بقيت الجامعة منقسمة الى ثلاث جامعات لا يجمع بينها إلا الشعارات والأعلام والخطابات الكلامية التي لم تشبع جوعاً ولم توصل الى غاية منشودة .

وفود نيابية الى الكاميرون

تعقد مجالس النواب مؤتمرات دولية تتوزّع سنوياً على الدول الممثلة في جمعية الأمم المتّحدة ومنها الكاميرون.

ففي سنة 1972 استضاف مجلس النواب الكاميروني المؤتمر السنوي، حضره وفد من مجلس الشعب الشامي.

كانت العلاقات بين الحزب القومي والنظام في الشام لا تزال متحفّظة وخجولة وكان محظوراً على القوميين اي نشاط حزبي تبشيري أو إذاعي، خصوصاً في قطاعي العسكر والتعليم والطلبة.

يقول الأمين ابوجودة: دعوت هيئة المديرية الى جلسة طارئة لدراسة موضوع الإهتمام بالوفد الشامي. قرّر المسؤولون القيام بواجبات تكريم أعضاء الوفد، إما بدعوتهم الى بيوتنا أو الإكتفاء بتقديم هدايا رمزية لكل واحد منهم فتقرّر دعوتهم الى منزل ناموس المديرية الرفيق تاج الدين مرتضى – شامي من دمشق والى منزل مدير المديرية الرفيق فاروق ابوجودة .

كانت الدعوتان ناجحتين تماما أردنا منهما كسر الجليد القائم بين الحزب السوري القومي الإجتماعي وبين مسؤولي النظام في الشام ولو من باب المغترب الكاميروني.

رفعتُ تقريراً مفصلا الى عمدة عبر الحدود عن اللقاءين جاء في شق منه:

« بمناسبة مجيء وفد نيابي شامي، برئاسة السيد فهمي اليوسفي، رئيس مجلس الشعب في دمشق، وعضوية السادة محرّم طيارة والدكتور عبد الرزاق الشققي وواجد الأحدب، لحضور المؤتمر العالمي لمجالس النواب

الذي عُقد في الياوندي عاصمة الكاميرون بين الأول والتاسع من نيسان 1972، دعا الرفيق فاروق ابوجودة اعضاء الوفد الى سهرة في دارته حضرتها نخبة من النزالة السورية في الياوندي، فضلا عن جميع الرفقاء القوميين الإجتماعيين التابعين للفرع الحزبي في العاصمة .

والقى صاحب الدعوة كلمة بالمدعويين لاقت الترحيب والاستحسان» .

على اثرها إرتجل رئيس المجلس فهمي اليوسفي كلمة عبّر فيها عن شكره وامتنانه للإهتمام الذي لاقاه الوفد من أبناء الجالية في الكاميرون وهو يعتزّ بما سمعه من المسؤولين الكاميرونيين عن أبناء الجالية من إحترام وتقدير.

أردف اليوسفي أن الجمهورية العربية السورية قد عرفت تغييراً جذرياً بعد نجاح الحركة التصحيحية التي قادها الرئيس حافظ الأسد وهي مستعدة لإستقبال جميع أبناء العروبة بذراعين مفتوحتين دون تمييز بينهم. ودعا الحاضرين الى زيارة دمشق فهم مرحّب بهم كإخوة وهو ينتظرهم هناك معقباً أن الجميع لهم مكانهم على ساحة النضال والحوار الفكري العقائدي بمناخ منفتح ضمنته الحركة التصحيحية .

بعد عشرين سنة من ذلك التاريخ وفي ربيع 1992، عُقد المؤتمر السنوي مجدّداً في عاصمة الكاميرون.

وعنه جاء في مذكرات الأمين مسعد حجل الصفحة 274 الحلقة الخامسة والأربعون:

مؤتمرات مجالس النواب العالمية

تعقد مجالس النواب مؤتمرات عالمية دورية، تنتقل بين عواصم الدول، تعيّن مواعيدها هيئة الأمانة العامة، فيحضر رؤساء المجالس من دول العالم، أو مندوبين عن تلك المجالس من النواب، فيتحاورون حول الأوضاع العالمية الراهنة، فيعطي كل وفد ما عنده من معطيات ويقدّم ما يراه من مقترحات وآراء ويطلب من المجتمعين تأييد بلاده في مواقفها السياسية ويطالب إدانة البلدان المنتهكة لحقوق الدول واتخاذ مواقف مؤيدة لحق الشعوب المظلومة والمستضعفة في الحرية والإستقلال وتقرير المصير…

وغالباً ما تكون مقررات هذه المؤتمرات، حبراً على ورق إنِ اتُّخذت، حيث أن دول القرار لا تنفّذ ما يُطلب منها، هذا إذا سمحت للدول الأخرى، دول العالم الثالث، أن تتّخذ قراراً يتعارض مع هيمنتها وسطوها على ثروات العالم وسلب إرادة الشعوب ومنعها من التقدّم والتطوّر واستغلال ثرواتها الطبيعية بمعزل عن سطوة الدول الكبرى المعروفة بجشعها وبعقليتها الإستعمارية الجائرة .

المؤتمر العالمي في الكاميرون

وردتني معلومات من الكاميرون أنه عليّ السفر الى هناك، لأن المؤتمر العالمي لمجالس النواب، سيُعقد في العاصمة الكاميرونية خلال الفصل الثاني من السنة 1992، وأن الحكومة الكاميرونية بحاجة إلى إسهامي في الإعداد لنجاح تلك المناسبة.

وصلت الكاميرون لأجد ثمة طلبات تنتظرني، أتاني بها مسؤول في مجلس النواب المحلي، متعلقة بتأهيل قاعات الإجتماعات وأماكن استقبال النواب الأجانب، وعليّ تسليم البضاعة قبل انعقاد المؤتمر .

علمت أن مجالس نواب الدول العربية ستشارك في المؤتمر، ومنها وفد من لبنان برئاسة النائب نايلة معوض، وكذلك وفد من الشام برئاسة رئيس مجلس الشعب عبد القادر قدورة.

أصبح كل شيء جاهزاً لإستقبال الوفود، وكل شيء معداً لنجاح المؤتمر.

النائب نايلة معوض في الياوندي

مثّل مجلس النواب اللبناني سعادة النائب نايلة معوّض، أرملة الرئيس الراحل الشهيد رينيه معوّض، وتألف الوفد الشامي من عدد من ممثلي الشعب برئاسة عبد القادر قدورة.

بعد إنتهاء أعمال المؤتمر، وفي اليوم العاشر من شهر نيسان، دعوتُ أعضاء السلك الدبلوماسي المعتمدين في الكاميرون، من عرب وأجانب، الى حفل غداء، على شرف الوفدين اللبناني والشامي، كما كان مدعواً جميع ابناء الجالية اللبنانية في العاصمة الكاميرونية وتوزّع المدعوون على طاولات متساوية العدد .

وبينما كنتُ منهمكاً باستقبال الضيوف والسهر على أن تكون كل الخدمات مؤمّنة لإراحتهم، استفردتني السيدة نايلة لتطلب مني وبإلحاح، أن أوعز إلى مسؤول البروتوكول أن يُجلسها على طاولة الرئيس قدورة وإلى جانبه . وافق الرئيس قدورة، فكان لها ما أرادت.

في كلمتي بالمناسبة، رحّبتُ بالمدعوين، كل واحد حسب مسؤولياته ورتبته وخصّصتها هي بعبارة «السيدة اللبنانية الأولى»، كونها أرملة رئيس جمهورية لبنان السابق، فشكرتني كثيراً في ردّها ومدحتني وقرّظتني وعدّدت خصالا حميدة رأتها فيّ او سمعتها عني…»

«وعن المؤتمر للدول الناطقة بالفرنسية الذي عُقد في الكاميرون واشترك في أعماله وفد لبناني كتب الأمين حجل في مذكراته عن ذلك في الحلقة الثالثة والأربعون الصفحة 261 ما يلي:

النائبان الزين وبابكيان في الكاميرون.

في العام 1988، استضافت الحكومة الكاميرونية «مؤتمر الفرنكوفونية» فحضرت وفود الدول المشتركة في المجموعة الناطقة باللغة الفرنسية، ومن بينها وفد لبنان ضمّ النائبين عبد اللطيف الزين وخاتشيك بابكيان.

وعند انتهاء أعمال المؤتمر، دعوت إلى حفل عشاء على شرف الوفد اللبناني، حضره ممثل رئيس الجمهورية الكاميرونية بول بيا، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية السيد لوران إسّو، بوجود رئيس مجلس النواب الكاميروني ومجمل الوزراء الكاميرونيين وكافة أعضاء السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي، فضلا عن جميع أبناء الجالية اللبنانية في العاصمة الكاميرونية، وصدف وصول المغتربان في السنغال الأستاذ ميشال إده والأستاذ تابت، آتيين بتوصية من رئيس السنغال الدكتور الشاعر والأديب ليوبولد سيدار سانغور، إلى رئيس الكاميرون، وعندما علما بالسهرة عندي حضرا وسهرا وتعرفا على مجمل الحاضرين، مما سهّل أمرهما لدى المراجع الكاميرونية وقدّما عروضهما ليربحا مشروعاً في مدينة EDEA حيث يوجد سدّ مائي يشغّل معمل توليد الكهرباء لكافة مناطق الجمهورية .

2. أورد الأمين حجل في الحلقة 16 الصفحة 244 من مذكراته «لم أبدّل … ولن !» ما يلي:

الوفود الرسمية اللبنانية الى الكاميرون

بعد حصول الكاميرون في 1/ 1/ 1960، على استقلاله الناجز عن فرنسا، التي كانت تحكم المنطقة الشرقية منه وعاصمتها الياوندي ، وعن بريطانيا العظمى المحتلة المنطقة الغربية وعاصمتها بويا ، وبعد تعيين الحج أحمدو أييدجو رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومتين فدراليتين لكل مقاطعة حكومة، جاء الدكتور سيمون بيار تشونغي رئيساً لحكومة المقاطعة الفرنسية، والسيد برنارد مُونا، رئيساً للمقاطعة الإنكليزية،

عَيّنَ رئيس الجمهورية موعداً لتقبّل التهاني .

أوفدت معظم الدول مندوبين عنها يمثلونها ويقدّمون التهاني باسمها.

وكان الوفد اللبناني مؤلفاً من رئيس الوزراء السابق أحمد الداعوق والأستاذ خليل ابوجودة النائب والوزير السابق والصحافي المعروف سليم اللوزي، صاحب مجلة الحوادث .

مثّل الوفدُ الحكومةَ اللبنانية أحسن تمثيل، وكرّمت الجالية اللبنانية أعضاء الوفد، ودعا القنصل فرنسوا ناصيف إلى حفل عشاء في دارته، في الياوندي، حفاوة بزيارتهم الكريمة .

كان موعد الدعوة مساء الخميس الأول، من ذاك الشهر كانون الثاني 1960 .

خليل ابوجودة يتخلف لسماع سهرة «أم كلثوم»

حضر جميع المدعوين كما حضر عضوا الوفد، الداعوق واللوزي، ولم يحضر خليل ابوجودة ومضيفه وديع الداقور .

بعد الوقوف على حقيقة الأمر، تبيّن سبب الغياب العائد الى وقوع موعد العشاء مع موعد سهرة كوكب الشرق أم كلثوم ، التي كانت تحيي سهرة مساء أول خميس من كل شهر، يعود ريعها الى الأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين وذوي الحاجات الخاصة، ففضّل السهر مع أم كلثوم على السهر معنا .

السفير محمد علي حمادة يقدم أوراق اعتماده

بعد الإستقلال بسنتين ، وخلال شهر آذار 1962 ، وصل السفير محمد علي حمادة والد الوزير مروان حمادة ، قادماً من السنغال، لتقديم أوراق اعتماده باعتبار أن الجالية في الكاميرون تتبع إدارياً، لسفارة لبنان في دكار.

بعد المواعيد البروتوكولية مع أركان الدولة، وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية، دعا بعض أبناء الجالية اللبنانية الى حفل عشاء على شرف السفير، ولم يدعوني، مما أحدث لغطاً وتساؤلات وصلت ضجّتها إلى مسامع السفير فقيل له أن مسعد حجل قومي سوري ، يحفل صالونه برسوم الزعيم سعادة وعلم الزوبعة شعار الحزب، لذلك لم يُدْعَ الى هذه السهرة .

وفي الغد وصلني خبر من قبل القنصل فرنسوا ناصيف، أن السفير حمادة يرغب بزيارتي مساءً .

بلّغت الرسول عن ترحيبي بقدوم السفير ومن يأتي معه.

السفير حمادة يجلس تحت صورة سعادة وعلم الزوبعة

استقبلت القادمين ورحّبت بهم أجمل ترحيب، وبما أن صورة الزعيم وعلم الزوبعة، كانا مرفوعين على الحائط في صدر الصالون، وعندما دخل سعادته ونظر الى الإطارين بكل جدّية واحترام، تقدّم بخطوات ثابتة وجلس على المقعد تحتهما وأجلس القنصل عن يساره وجلست انا عن يمينه .

علمتُ بعدئذ أن السفير أسمع المشتركين في سهرة الأمس، أنه سيزور مسعد حجل لأنه سوري قومي إجتماعي، يرفع علم الزوبعة ويعلق صورة الزعيم سعادة ؟!.

لم أترك المناسبة تمرّ، و «هل كسرى أكرم منّا يا عمر؟» .

إتّصلت بإدارة قاعة المحافظة، cercle municipal وهي كانت أكبر وأرتب مكان لإقامة حفلات ودعوات لعدد كبير من المدعوين، وطلبت من المسؤولين عنها حجزها بإسمي لإقامة وليمة عشاء فاخرة على شرف سفير لبنان وحضور عدد من الشخصيات الرسمية وكل أبناء الجالية اللبنانية والسفراء العرب .

وكانت دعوتي هي المميّزة بالمناسبة وكانت ناجحة جداً .

لم أستثنِ أحداً من أبناء الجالية، حتى اولئك الذين وقّعوا العرائض لتسليمي للأمن العام، ولا الذين غيّبوني في سهرتهم، هم ليسوا قوميين إجتماعيين، تصرّفوا بحقدهم وصِغَرهم، وتصرّفت بمحبة إبن النور، لأني قومي إجتماعي.

وكانت زيارة السفير حمادة هي الأخيرة من قبل رسميين لبنانيين، إذ أن احداً بعده لم يقدّم أوراق اعتماد ولم يتفقّد الجالية ولم يسأل عنّا …

السفير العراقي نور الويس يقدم أوراق اعتماده ويلبي دعوة الحجل

إعتاد الأمينان مسعد وناديا حجل على تكريم السفراء المعتمدين في الياوندي في وصولهم وفي نهاية مهماتهم.

جاء في مذكرات الأمين حجل: صفحة 352 الحلقة الثالثة والعشرون من المجلد الأول:

أوراق إعتماد السفير العراقي

وفي صيف 1978، وصل السفير العراقي الى الياوندي ليقدم أوراق اعتماده، من ضمن جولته في عدد من الدول الإفريقية لنفس الغرض.

ونظراً لعلاقتي الوطيدة مع السفراء العرب المعتمدين والمقيمين في الكاميرون: سفير مصر وسفير السعودية وسفير ليبيا وسفير تونس وسفير الجزائر وسفير المغرب، تعرّفت على السفير العراقي الأستاذ نوري الويس.

وعلى شرف السفير الويس، دعوت السفراء والقناصل العرب وزوجاتهم وجميع أبناء الجالية اللبنانية، الى وليمة عشاء في دارتي.

صدف أن وصل عمي ابو فاروق 7 وإمرأة عمي آتيين من لبنان، بعد أن ضاقت بهما سبل البقاء في بيتهما وملكهما وأرزاقهما في الزلقا، زمن تسلط الأحزاب الإنعزالية التي تكنّ العداء اللدود للقوميين الإجتماعيين، وعلى رأسها الكتائب المتصهينة، فاضطهد أعضاء تلك الأحزاب كل الآخرين، وخصوصاً القوميين الإجتماعيين، فلم يرعوا حرمة ولم يتركوا موبقة إلا وارتكبوها، من نسف وخطف وتهجير وتدمير واغتيال وسرقة وخوّة وابتزاز الخ …

وصلا الى الياوندي قبل ليلة من موعد العشاء الذي دعوت اليه على شرف سفير بلاد الرافدين.

طبعاً كانا موجودَين في ذلك الحفل وتعرّفا على جميع المدعوين واضفى عمي جواً من المرح والفرح بنكاته الحلوة وأخباره الجميلة وأبيات شعره اللطيفة .

وعندما وصل سعادة السفير نوري وتمّ تعارفه على جميع الحاضرين، كان عمي ابو فاروق جالساً على أريكة تقع في آخر صف التعارف، وعندما وصلت مع السفير الى عمي، أخبرته أنه وصل للتوّ من بيروت، قال له بحرقة وألم: يا بو فاروق كيف تركت لبنان، كيف هو لبنان وكيف حال إخوتنا اللبنانيين؟ فما كان من ابو فاروق إلا ارتجال قصيدة جواباً على سؤال سعادته، أوردها كما هي، على دقة وصفها وصدق خبرها، قال:

كيف تركت لبنان ؟

كيف تركت لبنان متألم حزين

مقطّع شقف بين الدياب الكاسرين

وجايي تَ لِمّْ دموع من اللي هاجروا

وإرجع على الأطلال إبكي الطّيبين

كيف تركت لبنان متألم جريح

مكتّف ممدّد تحت سكين الدبيح

ببكي على الأطلال تلتين النهار

وتلت البقي ببكي على كتف الضريح

كيف تركت لبنان عم يصرخ يا خيّ

وما فيش خيّ يناولو نقطة مويّ

لو كان عندو إم كانت حضنتو

وعالقليلة كانت بتبكي عليّ

كيف تركت لبنان متهدّم عديم

حامل جروحو وعنّتو عنّة يتيم

لو كان عندو إم كانت لمّتو

وأخدتو عَ كتافها لعند الحكيم

كيف تركت لبنان أعمى بيستجير

مكسّر الجنحين مش قادر يطير

لو كان عندو إم بتعطي عيونها

أهون عليها كتير مَ تشوفو ضرير

إن جينا تَ نحكي الحال قدّام السفير

السفير بحالنا بيعرف كتير

يا سيّدي لبنان مَرَضو بداخلو

بدّو حكيم يكون متخصّص قدير

يا سيّدي لبنان بحالة إحتراق

أطلال عا أطلال مضني من الفراق

وقدّ ما بالغرب نحكي ونشتكي

ما بْيِجي الترياق إلا من العراق

مسؤولون مركزيون يزورون الكاميرون

دأبت قيادة الحزب على إرسال وفود مركزية لتفقّد الفروع الحزبية في المغتربات ومنها الفرع الناشط في الكاميرون.

ففي اواسط الستينات من القرن الماضي زار الأمين علاء الدين حريب الكاميرون ونزل ضيفاً في دارة الأمين مسعد حجل طيلة إقامته ومن الكاميرون غادر الى الولايات المتحدة الأميركية.

وبعد زيارة الأمينة االأولى ، التي كانت قمة الزيارات ، توافد المسؤولون تباعا وتكثفت زياراتهم أثناء الحرب الأهلية في لبنان 1975 1990 الأمناء والرفقاء :

جبران جريج حافظ الصايغ نبيل العلم قاسم صالح أسعد حردان سمير الحجل وغيرهم .

كانت زيارات المسؤولين المركزيين وتفقدهم للفروع الحزبية عبر الحدود وزياراتهم للرفقاء التابعين لهذه الفروع الوقع الحسن ولاقت الترحيب الحار من الأعضاء العاملين وكذلك من المواطنين حيث أنهم جميعاً كانوا يطّلعون على مجريات الأحداث والأوضاع في الوطن ، في وقت لم يكن أحد من المسؤولين الرسميين في لبنان يهتمون أو يبالون بملايين اللبنانيين المنتشرين على وسع القارات في مجمل دول العالم مع العلم أن الأوكسجين المالي الذي كان يتحوّل من المغتربين الى مصارف الوطن هو المنعش الأساسي والهام في استمرار اللبنانيين بمجابهة المستجدات والتحوّلات وإن اعتمادهم على مبادراتهم الفردية كانت الأنجع والأنجح في تامين ما لم تتمكن الدولة من القيام به لأسباب جوهرية منعكسة من هيكلية النظام الطائفي المتخلف الذي لم يعالج أي موضوع حيوي أو يحل أية عقدة يعاني منها الشعب اللبناني .

إن القوميين الإجتماعيين في الكاميرون قاموا بواجباتهم من خلال إيمانهم القومي الذي جسّده فيهم « الإثم الكنعاني « حسب نعوت الرومانيين، وهو لا يزال فاعلا في نفوسهم اينما وجدوا.

هوامش:

7 – الرفيق الشاعر جريس ابو جودة: والد كل من الامين فاروق ابو جودة، الامينة ناديا حجل والرفيقات عفيفة ابو سليمان، ايزابيل ابو جودة، فوزية شرف، ليلا خوري وفريـال شما.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى