واشنطن تدفع باتجاه التصعيد إلى حافة الاشتباك مع إيران

تنفس الرئيس الأميركي دونالد ترامب الصعداء عقب تسليم المحقق الخاص لتقريره لوزير العدل، معتبراً عدم إثبات تهمة التواطؤ مع روسيا تبرئة له. بيد أنّ الجدل السياسي بين الفريقين يتصاعد بقوة ليدخل موسم الانتخابات الرئاسية المقبلة.

سيستعرض قسم التحليل القرار الأميركي تصنيف الحرس الثوري الإيراني «تنظيماً إرهابياً»، وما ينطوي عليه من مفاقمة الأزمات الإقليمية وربما الدولية.

تداعيات الانسحاب الأميركي مع روسيا حلف الناتو

تصدّت مؤسسة هاريتاج، إحدى أبرز ركائز اليمين الأميركي ومعقل المحافظين الجدد، للعزف على ضرورة بقاء حلف الناتو «لحاجة أميركية» صرف، وكذلك روسيا إذ «استغلّ الزعيم الروسي وجود الحلف لتبرير عدائه للغرب.. وهو أمر سخيف». وشدّدت المؤسسة على أنّ الحلف «لا يشكل أيّ خطر بالعدوان، وكان دوماً تحالفاً دفاعيّ الطابع.. ولا يضمر ايّ مخططات ضدّ روسيا السوفياتية وحلفائها». وأردفت أنه بعد انهيار الاتحاد السوفياتي «تعايش حلف الناتو وروسيا الجديدة بسلام جنباً إلى جنب لعدة سنوات، لحين تبني الرئيس بوتين تلك الفريّة لاعتقاده أنّ انضمام أعضاء جدد للحلف أضحى الناتو في وضع يستطيع بموجبه التعدّي على روسيا وتهديد أمنها».

في المقابل، اعتبر معهد كاتو أنّ حلف الناتو استنفذ دوره التاريخي إذ تمّ إنشاؤه في ظلّ مناخ الحرب الباردة «.. وأسهم في تعافي دول أوروبا الغربية من ويلات الحرب العالمية الثانية». واستشهد المعهد بتصريح شهير لوزير الخارجية الأميركي الأسبق، دين آتشيسون، محذراً أنّ دوره لمساعدة الاقتصاد الأوروبي «لن يدوم إلى الأبد.. مؤكداً للكونغرس أنّ أميركا لن تحتاج لإرسال قوات عسكرية أميركية هناك بشكل شبه دائم». بل إنّ الرئيس الأميركي الأسبق والقائد الأول لقوات الحلف «حذر من عسكرة قوات أميركية في الدول الأوروبية.. التي من شأنها تثبيط التطوّر الطبيعي الضروري لنمو قوات عسكرية خاصة بدول أوروبا الغربية». وخلص المعهد بالقول إنّ واشنطن حرصت على مطالبة الدول الأوروبية زيادة حصصها للإنفاق العسكري على الحلف لكن الأخيرة «وافقت وكانت مساهمتها أدنى» من المتطلبات الأميركية، مما يحث «الجيل الجديد من القادة الأوروبيين على الاعتقاد بأنه مهما فعلوا لتعزيز الحلف فإنّ واشنطن ستدافع عن أوروبا» في نهاية المطاف.

السياسة الأميركية في الإقليم

سعى مركز الدراسات الاستراتيجية والأميركية لإعادة تثقيف الساسة الأميركيون حول مفهوم «الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، كمنطقة حيوية للمصالح الأميركية «تضمّ 18 دولة، تمتدّ من الدار البيضاء بالمغرب إلى مشهد في إيران وشمالاً من حلب السورية إلى عدن جنوبي اليمن ويبلغ سكانها نحو 424 مليوناً، وهي متعددة العرقيات والإثنيات واللغات والقبائل». وأردف أنه على الرغم من أنّ الغالبية العظمى تعتبر نفسها «عربية إلا انّ ذلك لا ينفي وجود توترات داخلية جدية، فضلاً عن الانقسامات بينهم وجيرانهم والتي لا ينبغي أن تفرض قيوداً جدية على إنشاء شراكات استراتيجية بين تلك الدول».

سورية

استعرض المجلس الأميركي للسياسة الخارجية التواجد الروسي والإيراني في سورية «استناداً لاتفاق أبرم بين الطرفين عام 2015.. بيد أنّ دخول روسيا شكل بداية لتوجه إيراني معقد في سورية رمى لاستغلال المنافع الناجمة عن التواجد الروسي وفي الوقت عينه الالتفاف على القيود المحتمل فرضها على اجندة إيران التوسعية».

اعترف مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بالانتصار الذي حققه الرئيس السوري، وإنْ على مضض. موضحاً أنّ الرئيس الأسد «يسيطر على كافة المراكز السكانية الرئيسة في البلاد، بينما تبعثر خصومه، وأعداؤه الدوليون لا ينازعون حكمه بعد الآن.. بخلاف ما كان عليه الأمر قبل التدخل الروسي العسكري». وأوضح أنّ المعركة المقبلة «لتأمين الشمال الشرقي من البلاد حتمية، لكن ما يتبقى هو تعريف الشروط التي بموجبها سيلقي خصومه السلاح». أما استراتيجية الدول الغربية، وفق المركز، فإنها «تراهن على أنّ حاجة الأسد لإعادة إعمار البلاد ستوفر لهم مدخلاً للتأثير على صياغة مرحلة السلام المقبلة»، محذراً من أنّ تلك المراهنة «في غير محلها». وعوضاً عنها، يطالب المركز الغرب «إعارة اهتمامه لتحشيد الحلفاء من الدول المجاورة لسورية.. الرئيس الأسد يبدو أنه على استعداد لإجهاض مساعي اولئك كافة، وما ملايين اللاجئين السوريين سوى جزء من خطته».

تركيا

أقرّ معهد كارنيغي بهزيمة الرئيس أردوغان وحزبه في الانتخابات المحلية الأخيرة لصالح «المعارضة.. مما يبشر ببزوغ عصر للتغيير على الصعد المحلية». واعتبر خسارة حزب العدالة والتنمية لمدينتي اسطنبول وأنقرة خسارة «فادحة نظراً لسيطرة ارث أردوغان السياسي والعائلي عليهما منذ عام 1994». وأضاف أنّ السؤال المركزي الآن هو كيف «خسر زعيم لا يقهر وحركة سياسية أرضية دعمهما، لا سيما أنهما استطاعا توطيد القوة لفترة زمنية طويلة».

إيران

رحبت مؤسسة هاريتاج بالقرار الأميركي تصنيف الحرس الثوري الإيراني ضمن «المجموعات الإرهابية.. فهو الدرع والرمح للثورة الإسلامية في إيران وسيساعد الولايات المتحدة على تشديد العقوبات المفروضة ضدّها». وزعمت المؤسسة أنّ جهاز الحرس الثوري «منوط به مهاجمة أعداء إيران في الخارج، ودعم شبكات الإرهاب الأجنبية الموالية، وسحق المعارضة السياسية» للنظام.

اعتبر معهد واشنطن ان القرار الأميركي لتصنيف الحرس الثوري «كان متداولاً من قبل، وتوقيته هو الأسوأ بالنسبة لإيران.. في ظلّ تصريحات المتشدّدين والمعتدلين في طهران بأنه سيسفر عن ردّ فعل قاسٍ» تجاه القوات والمصالح الأميركية في المنطقة. وأشار المعهد إلى ما أسماه «تخفيف حدة تصريحات» المسؤولين الإيرانيين، لا سيما قائد الحرس الثوري علي جعفري، مشيراً إلى أنّ ردّ بلاده على القرار الأميركي «سيكون متبادلاً.. أيّ متناسباً مع خطوة واشنطن» الأمر الذي يُعزى إلى «الظروف الداخلية» الحالية في البلاد جسّدتها توجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي الذي تطرق للحرب الاقتصادية الأميركية على بلاده مما يستدعي اتخاذ «تدابير مضادة ضرورية ذات طابع اقتصادي ونفسي وليس عسكرياً». ورجح المعهد أن تلجأ إيران «لزيادة حدة مضايقاتها للقوات البحرية الأميركية في الخليج.. وقد تحتجز مزيداً من المواطنين الأجانب بتهمة التجسّس كورقة مساومة مع الولايات المتحدة واعتقال أفراد تربطهم صلات مباشرة أو غير مباشرة بالجيش الأميركي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى