رؤساء أندية غبّ الطلب.. «من نادي إلى نادي والأمر عادي»!

إبراهيم وزنه

كما في الرياضة كذلك في السياسة والعكس صحيح، فتبديل المواقف وتغيير القناعات والانتقال من ضفّة إلى أخرى جميعها علامات دالة إلى واقعينا الرياضي والسياسي، ففي السياسة اللبنانية اعتدنا على تبدّل القناعات عند معظم الأفرقاء، حتى أضحت عبارة «نقل البارودة من كتف إلى كتف» ماركة مسجّلة محلية … واللافت أن الأمر نفسه يحصل عند رؤساء الأندية الرياضية، وهذا ما يلغي فكرة الانتماء الحقيقي للنادي … ومرحبا ولاء.

الحراك الرياضي في لبنان يشبه المتاهة، ففي بلد تغلب فيه نزعة الانتماء إلى الطائفة والخطّ السياسي على حساب الانتماء إلى الوطن والمواطنية لا عجب من تبديل القناعات والقمصان، وبناء على ما تقدّم جئنا نستعرض بعض الأسماء التي اندفعت إلى الساحات الرياضية من بوابة رئاستها للأندية، ثمّ انتقلت من نادٍ إلى نادٍ مسجّلة أرقاماً قياسية في تحقيق «نقلتها»، ومن هؤلاء في ميادين كرة القدم نذكر: الشيخ بهيج أبو حمزة الذي إنتقل من رئاسة نادي الأخاء الأهلي عاليه إلى رئاسة نادي الصفاء، السيّد شريف وهبي الذي إنتقل من رئاسة نادي المجد إلى رئاسة نادي التضامن صور، الأستاذ غازي الشعّار الذي إنتقل من رئاسة نادي الشباب العربي إلى رئاسة نادي الصفاء، السيد تميم سليمان الذي إنتقل من رئاسة نادي المشعل إلى رئاسة نادي السد لكرة اليد وصولاً إلى رئاسته لنادي العهد، والمهندس وليد قمر الدين الذي إنتقل من موقعه القيادي في نادي الرياضة والأدب إلى رئاسة نادي طرابلس، والكابتن اميل رستم الذي أمضى 41 عاماً مع الحكمة وعندما خرج من الباب «الأخضر» طرق أبواباً عدّة في مجالات الاشراف والتدريب.

وبالانتقال إلى لعبة كرة السلّة، وسلتنا التي كانت متخمة بالانجازات أصبحت اليوم خاوية تستنجد الدعم وكرم الرعاة، فقد إنتقل الراحل هنري شلهوب من رئاسة نادي الشانفيل إلى رئاسة نادي الحكمة وبعد وفاته أحتذى نديم حكيم خطواته وأضاف خطوة إضافية مع رئاسته لنادي بيروت حالياً، كما أن الاداري جوزيف عبد المسيح تشارك مع حكيم في جميع تنقّلاته في موقع أمانة السر، وهناك أسماء أخرى.

بالمقابل، وعلى المقلب الآخر، الذي يحمل عنوان الثبات وصدقية الانتماء، تبرز أيضاً أسماء ساطعة لامعة، كالحاج عمر غندور و»البرزيدان» انطوان الشويري الرئيسان التاريخيان لناديي النجمة والحكمة، وعدنان الشرقي والراحل سمير العدو الاداريان التاريخيان في الأنصار والنجمة، أما على صعيد اللاعبين فالأمر طبيعي من منطلق تحكّم سوق العرض والطلب مع دراسة الاحتياجات الفنية في عمليات انتقالهم من فريق إلى آخر.

اليوم رئيساً للنادي الفلاني وغداً رئيساً للنادي العلاني، معادلة لبنانية لا مكان لها في حسابات المنطق، أما في حسابات المصالح والنكايات وتطبيق الأوامر الحزبية فكل شيىء محتمل، انه الواقع من دون رتوش يا سادة، ماذا عند أولئك المتنقلّون ليدافعوا عن حركتهم وما عند الراسخون في مواقعهم في هذا العراك الدائر بين «الثابت والمتحرّك»؟

عن تجربته في التنقّل بين الأندية على الصعيد الاداري، أوضح شريف وهبي: «انتقلت من رئاسة نادي المجد إلى رئاسة نادي التضامن بهدف دمج الفريقين وتوحيد الامكانات والطاقات المتوفّرة مع الاستغناء عن رخصة المجد لمصلحة طرف ثالث، وجاء الحصاد انجازات لافتة». ولفت وهبي إلى تلقّيه عرضاً للامساك بدفّة نادٍ من خارج الطائفة التي ينتمي اليها نتيجة صداقاته وعلاقاته في كافة الاتجاهات الطائفية والمناطقية. ليختم: «حالياً، ابتعدت عن كافة المواقع الادارية وسلّمت راية الاهتمام الكروي إلى ابني عباس الذي يشرف على أكاديمية الأنتر الهادفة إلى صقل المواهب ورعاية الأجيال ورفع مستوى اللعبة في لبنان».

من جانبه، أشار نديم حكيم: «انتقلت مع البرزيدان هنري شلهوب من ادارة نادي الشانفيل إلى ادارة نادي الحكمة لأننا لم نقدر على أن نقدّم شيئاً إضافياً للنادي المتني وفق سياستنا التي تضاربت مع سياسة الممسكين به سابقاً»، وعن انتقاله من رئاسة الحكمة إلى بيروت، أوضح: «بعدما عانيت ما عانيته في الحكمة حيث فترات الاضطرابات تصل إلى ضعفي فترات الاستقرار ورأيت نفسي مكبّلاً لا استطيع أن أزيد شيئاً يفرح الجماهير المتطلّبة أخذت القرار مع بعض الأصدقاء وشكّلنا فريقاً جديداً على الساحة السلّوية أطلقنا عليه اسم بيروت»، وعن دوافعه للعمل في الميدان الاداري الرياضي قال: «ترجمة لرغبتي وسعادتي في العطاء في الميادين الرياضية والشبابية، ولا يوجد أي توجّه سياسي أو دعم حزبي لكل ما نقوم به في نادينا الواعد بيروت».

لا أحد ينكر بأن تاريخ نادي الرياضة والأدب في طرابلس مرتبط بقوّة بآل قمر الدين، أربعة أشقّاء لعبوا تحت راية الفريق الشمالي الذي كان يرأسه والدهم، ولاحقاً أكمل «عمدة» الفريق وليد قمر الدين المسيرة ممسكاً بدفّة النادي الشمالي حتى سقوطه إلى الدرجة الثانية، وبعد فترة أصبح الرجل رئيساً لنادي طرابلس، فما الحكاية؟ يرد أبو بشّار موضحاً: «تركنا نادي الرياضة والأدب في التسعينيات بارادتنا، سلّمناه الى إدارة جديدة ووقفنا على الحياد لخمس سنوات عاش خلالها الفريق حالة التراجع، ولما سنحت الفرصة بالاطلالة مجدداً على الدرجة الأولى من خلال نادي طرابلس تشجّعت مدعوماً من الرئيس نجيب ميقاتي واستلمت دفّة الرئاسة وما زلنا نكمل المسيرة». وأضاف معلّقاً على انتقالات رؤساء الأندية: «الانتقال دليل عافية، والظروف والطموحات هي التي تتحكم بالعملية، فالأفكار التي لا يستطيع أن ينفّذها مع هذا الفريق يسعى إلى تنفيذها مع فريق آخر وخصوصاً عند إنسداد أفق التطوّر والارتقاء».

ومن جانبه، وصف أمين عام نادي الصفاء السيد هيثم شعبان عملية انتقال أي شخص مسؤول من نادٍ إلى نادٍ آخر بأنها طبيعية جداً وتأتي بمثابة حلقة ضمن سلسلة، «وهكذا تمّت عمليتي انتقال الشيخ بهيج أبو حمزة والدكتور غازي الشعار من ناديي الاخاء والشباب العربي إلى الصفاء، فأندية الجبل في خدمة بعضها البعض، وهي الرافد الأساسي لللاخاء والصفاء على حدّ سواء».

وعلى ضفّة الانتماء والتماهي مع النادي، يعلّق الرئيس التاريخي لنادي النجمة الحاج عمر غندور ترأس النادي من العام 1968 ولغاية العام 2003 قائلاً: «رئيس النادي ليس محترفاً لينتقل من نادٍ إلى آخر، على رئيس النادي أن يكون مرتبطاً بناديه متجاوزاً فكرة تحقيق مصالحه غير الرياضية، فالارتباط الحقيقي بالنادي وليس بالموقع، ارتباط يشكّل للرئيس الاطمئنان الاجتماعي والعاطفي والنفسي لا بل يمثّل تطلّعاته وقناعاته المجتمعية في سياق خدمة ناسه ومنطقته». ويضيف غندور في وصف الرؤساء المتنقّلين من نادٍ إلى آخر : «همّهم وضعهم الشخصي، كثيرون منهم يركضون وراء المنصب لتحقيق مآرب أخرى، وعلى قاعدة أكون رئيساً أو لا أكون معكم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى