بوصعب يجول وقائد الجيش جنوباً: الاستراتيجية الدفاعية تبحث حين تزول الأخطار «الإسرائيلية» لمصلحة مَن التخلّي عن كلّ نقاط القوة في ظلّ المفاوضات حول الحدود؟

الجنوب ـ رانيا العشي

أجرى وزير الدفاع الياس بو صعب جولة في الجنوب، استهلها بزيارة ثكنة بنوا بركات في صور، والتقى قائد الجيش العماد جوزف عون في حضور قائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن روجيه الحلو ورئيس فرع مخابرات الجنوب العميد الركن فوزي حمادة وعدد من الضباط، واستمع الى شرح عن الأوضاع في المنطقة الجنوبية ولا سيما في القرى الحدودية.

ثم انتقل بوصعب وعون إلى زيارة المقر العام لـ»اليونيفيل» في الناقورة، حيث كان في استقبالهم القائد العام لـ»اليونيفيل» اللواء ستيفانو دل كول ومساعدوه، وكانت ثلة من عناصر «اليونيفيل» قدمت التحية العسكرية لبوصعب، ثم عقد اجتماع مغلق استمع خلاله من دل كول عن مهام «اليونيفيل» ودورها في الجنوب والمهمات المؤكلة اليها من الأمم المتحدة ولا سيما تنفيذ القرار 1701، وبحث مع دل كول في الخروق الإسرئيلية المتكررة للأراضي اللبنانية بحراً وبراً وجواً.

»بعدها تبادل بوصعب ودل كول الدروع التذكارية، ثم دون بوصعب كلمة في السجل الذهبي لـ»اليونيفيل». وتحدّث دل كول أمام الإعلاميين مؤكداً الشراكة الاستراتيجية بين «اليونيفيل» والجيش اللبناني. وقال: «سنقوم معاً بجولة على الخط الأزرق عبر الجو من الناقورة حتى شبعا».

وقال بو صعب: «لقد أحببت اليوم بالذات بدء زيارة رسمية من هذه النقطة كي ننطلق على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، ابتداء من الناقورة وصولاً الى مزارع شبعا، لان لها أهمية كبيرة، حيث اننا لا نعطيها اهتماماً كثيراً، علماً أنها من اجمل المناطق في لبنان وتجب المحافظة عليها».

وأكد «أننا اليوم بحاجة أكثر، وتدريجاً، الى جيش لبناني يعزز ويقوي وجوده ليتسلم كلياً في ما بعد هذه المنطقة، ويكون هو المشرف على حفظ الأمن فيها وردع أي اعتداء من جانب العدو الاسرائيلي على الحدود. وكلنا نعرف أن الجيش موجود هنا بخمسة آلاف عنصر في جنوب قطاع جنوب الليطاني، ولكن الحاجة هي الى عشرة آلاف عنصر».

ولفت الى أن «الجيش عدده خمسة آلاف واليونيفيل خمسة عشر ألفاً، لكن بحسب ما قاله لي قائد الجيش إذا أردنا أن ننتشر فيمكن ان ننتشر بأقل من خمسة عشر ألف عنصر، ولكن لا نستطيع الانتشار على هذه المنطقة بأقل من عشرة آلاف عنصر.

وتوجه بوصعب إلى المعنيين إن كان في الداخل اللبناني او خارج لبنان بأن التعويل على الجيش هو الاساس رغم كل الضخامة التي نراها للعمليات في هذه المنطقة، وهي تحصل بتنسيق كبير وعالٍ بين اليونيفيل والجيش اللبناني، رغم وقوع بعض الأحداث البسيطة والصغيرة، ولكن هذه الأحداث تُعالج بمسؤولية وبتعاون بين اليونيفيل والجيش اللبناني».

وأضاف: «ليس سهلاً على اللبنانيين الذين يعيشون في قراهم ان يروا عسكريين غير الجيش اللبناني، وبطلب من الدولة اللبنانية، مما يسبب حساسية لديهم، وهذا طبيعي، ولكن الأهم أن هذه المشكلة تعالج بحكمة بوجود التعاون بين الجيش واليونيفيل».

وقال: إن حجم المشاكل التي تقع لا تقارن بحجم العمليات في هذه المنطقة. وهذا جهد إضافي أريد أن أقوله للجيش اللبناني. البعض قد يقول إن عناصر اليونيفيل تسلّمت المنطقة وتهتم بكل المنطقة التي تمتد من شبعا الى الناقورة ولكن لا أحد يستخفّ بحجم العمليات.

وأشاد «بالتعاون الكبير بين الجيش والأهالي، قائلاً نحن بحاجة ان يكون الجيش قوياً ونعمل على تجهيزه اكثر، والمطلوب أن يكون لدينا فوج نموذجي، ولكن هذا يتطلب تجهيزات، من ضباط وأفراد، وتمويلاً. وهذه الأمور نعمل على دراستها. وبعد لقائي اللواء دل كول قال لنا إن الامم المتحدة تضع خطة ليتوسع انتشار الجيش أكثر، وحتى في البحرية، وأن يخفف تدريجاً وجود اليونيفيل، وقال إن هذا الموضوع يتطلب إمكانات، وإن الجيش ليست لديه هذه الإمكانات اليوم، ولكن سنكون حريصين كي نطلب مساعدات مماثلة».

وأضاف: «نحن حرصاء بقوة على جيشنا وشعبنا وكل شخص يريد الدفاع عن هذه الأرض. وسنظل نطالب بكل شبر من الارض اللبنانية ولن نتخلى عنه، ولن ندع أي وسيلة إلا ونستعملها، ديبلوماسية وبالتعاون مع اليونيفيل، واليونيفيل هي مقر لاجتماعات تعقد لنحاول إيجاد حلول للأراضي المتنازع عليها».

وقال: «ليس مقبولاً أن يأتي اليوم فريق من جهة واحدة ويقول ان الأراضي المتنازع عليها سيدخلها ويضع حاجزاً او جداراً فيها، من دون ان يكون هناك توافق وفقاً للاتفاق الذي اتفقنا عليها عندما صدر القرار 1701».

وتوجّه بوصعب بالتعازي للكتيبة السريلانكية المشاركة في «اليونيفيل» وللشعب السري لانكي «بعد الضربات الإرهابية التي استهدفت الأبرياء في بلدهم، وكانت سبقتها ضربات ارهابية في نيوزيلندا، وهذا ما نستنكره بشدة. هذه الهجمات الإرهابية سبق أن عشناها في لبنان».

ورداً على سؤال عن سلاح حزب الله، قال وزير الدفاع: «لا أحد يطمح للقيام بمهمة نيابة عن الجيش، وهو ما أقر به الأمين العام للحزب السيد نصرالله، وهذا يحتاج الى استراتيجية دفاعية تبحث حين تزول الأخطار الإسرائيلية».

ثم زار بو صعب نقطة الB1 وهي آخر نقطة تقع عند رأس الناقورة من الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة ـ وهي نفق للقطار وسكك الحديد كانت أنشئت عام 1942. وتسمّى B1.

ولحظة زيارة بو صعب للمنطقة شوهد زورق حربي «إسرائيلي» يقوم بمراقبة موكبه، ولكن داخل المياه الفلسطينية المحتلة. وفي المقابل كانت سفينة حربية لـ»اليونيفيل» تجوب شاطئ الناقورة وسط انتشار كثيف للجيش ولعناصر «اليونيفيل» على الطرقات وتدابير أمنية مشدّدة اتخذها الجيش و»اليونيفيل».

ثم انتقل بوصعب الى مقرّ «اليونيفيل» في الناقورة وتناول مع الوفد المرافق الغداء, لينتقل بعدها برفقة دل كول في مروحية دولية في جولة جوية على الخط الازرق من الناقورة وصولاً الى شبعا.

ومن مارون الراس وعلى هامش جولة قام بها وعضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن فضل الله، أشار بوصعب الى انه «من بعد الانتصار على العدو الإسرائيلي الاطماع الاسرائيلية لا زالت موجودة، وهناك مناقشات موجودة لتحديد الحدود البرية والبحرية، وبالتالي فإن موقعنا قوي بفضل الانتصارات يجعلنا نفاوض من منطلق قوة وليس ضعف، وبصفتي وزير دفاع أثني على جهود الجيش ولا احد يستطيع التنكر لتضحيات المقاومة في حرب تموز، واليوم مسؤولية الجيش كبيرة ومسؤوليات عالية لينتشر في كل القطاع من البحر الى تلال كفرشوبا ومزارع شبعا».

واعتبر بوصعب أنّ «الجيش اليوم بحاجة لأن يلتفّ حوله الجميع، والجيش يجب أن يكون الوحيد الذي يحمل السلاح في وجه العدو الإسرائيلي بتوافق الجميع، لانه لا أحد يحب أن يقوم بدور لا يريد أن يفعله». معتبراً أن «المكان المناسب لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية ليس في الجنوب، بل تحتاج الى حوار وطني بين الجميع، والطموح الإسرائيلي بالاعتداء على نفطنا وغازنا لم يعد قائماً، ولا احد يختلف على ان الجيش الوطني هو المدافع الاول عن وطننا».

وسأل: «لمصلحة من التخلي عن كلّ نقاط القوة في ظل المفاوضات حول الحدود البحرية والنفط. وهذا الملف سيكون مكان بحث في القريب المناسب من دون أن نكشف انفسنا امام العدو».

ورداً عن سؤال أوضح بوصعب ان نواب القوات يكتب لهم الرد من دون أن يعرفوا مضمونه، معتبراً ان نواب القوات ردّوا على كلامي من دون أن يسمعوه، وكان هدفهم جرّي الى مكان أقول فيه إني لست متمسكاً بالمقاومة ضد العدو الاسرائيلي».

»واعتبر فضل الله بدوره أن «كل اللبنانيين مسؤولون عن تسليح الجيش، الا ان الولايات المتحدة والجهات الدولية تمنع تسليح الجيش اللبناني». وقال إننا «نعيش في أعلى درجات الأمن والأمان في هذه المنطقة بفضل معادلة جيش وشعب ومقاومة وبفضل الجيش اللبناني الذي يسهر على أمن المواطنين»، مشدداً على تأييد «دعم الجيش وتسليحه ليكون قادراً على مواجهة الخروق الاسرائيلية المتمادية».

… وعند حردان في راشيا الفخار

وكانت للوزير بو صعب محطة أساسية ضمن جولته الجنوبية، حيث زار رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان في منزله في راشيا الفخار، وكان في استقباله إلى جانب حردان راعي أبرشية مرجعيون للروم الأرثوذكس المطران الياس كفوري، قائمقام حاصبيا أحمد كريدي وقائمقام مرجعيون وسام حايك وفاعليات دينية وحشد من الأهالي.

وشكر النائب حردان للوزير بو صعب «زيارته إلى الجنوب، الذي واجه الكثير من المعاناة أثناء الاحتلال الإسرائيلي قبل عام 2000»، داعياً إلى «الوقوف دائماً إلى جانب الجيش».

وأكد بو صعب من جانبه أنّ «الجنوب صمد في وجه الاحتلال، وسيقف إلى جانب الجيش وتسليحه لمواجهة أيّ عدوان على لبنان وحدوده».

وقدّم حردان درعاً إلى بو صعب عربون شكر ومحبة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى