احتفالية وطنية في المئوية الثانية للمعلم بطرس البستاني

ناصر قنديل

– أنجزت جمعية المعلم بطرس البستاني والهيئة الوطنية للاحتفال بالمئوية الثانية لميلاد المعلم بطرس البستاني ترتيبات الاحتفالية التكريمية مساء الأول من أيار المقبل، والتي تعلن عبرها افتتاح سنة ستمتد حتى الأول من أيار العام المقبل، باسم سنة المعلم بطرس البستاني، والجمعية التي يترأسها النائب فريد البستاني والهيئة التي يترأسها نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي، نجحتا بجعل الاحتفالية جمعاً وطنياً حاشداً يرعاه ويحضره رئيس الجمهورية، ويشاركه الحضور رئيسا مجلسي النواب والوزراء، وحشد من الوزراء والنواب والسفراء وقادة الرأي والمجتمع، ورؤساء الجامعات والكتّاب لجعل المناسبة إعلاناً عن التمسك بالثوابت التي أفنى المعلم بطرس البستاني سنوات عمره القصير في ترسيخها، من الدعوة لقيام الدولة المدنية، ونبذ التعصب والتطرف وكل طائفية ومذهبية، إلى الدعوة للاستثمار على التعليم والصحافة كركنين في نهضة الأوطان، والتمسك بدور ريادي للمرأة لا تمدّن ولا حداثة بدونه، وشعاره الخالد يتردد دائماً، الدين لله والوطن للجميع.

– الجمع الوطني الكبير بذاته إحياء لمشروع المعلم بطرس البستاني. فالرسائل الرمزية بالترفع فوق الخلافات وجعلها حواراً حول الوطن، والامتناع عن أخذها إلى أزقة العصبيات، خير تكريم لفكر البستاني الذي وصف الذين يضعون مصالح الطوائف فوق مصلحة الوطن بأعداء الوطن، وتكريم أعلام وقادة وصناع رأي عام يختلف اللبنانيون حولهم وينقسمون، كعلامات تمسك بالوحدة والسلم الأهلي كقيمتين ترتفعان فوق الآراء الحرة، والاجتهادات المشروعة، هو بذاته علامة نضج وطني، وسمو فوق الاستثمار السياسي. وهذا معنى أن تستحضر في التكريم رموز تنوّعت في السياسة، لا يتم النظر إليها سياسياً، بل بمقياس المعلم بطرس البستاني، هل أسهمت في تعزيز السلم الأهلي ونبذ الحروب، التي تشكل الحروب الأهلية منها أبشعها وأخطرها، أو هل أسهمت في التمسك بالتعليم والإعلام ركيزتين ينهض بهما لبنان، أو هل آمنت بدور متميز للمرأة، أو هل أسهمت في تعزيز مكانة اللغة العربية، وهنا أو وليس و هي المطلوبة، فليس شرطاً أن يكون المكرّم نسخة عن بطرس البستاني يصعب إيجادها إلا نادراً، بل يكفي الـ أو ، اي أن يكون للمكرمين من الرموز مساهمة حقيقية في واحدة من بساتين المعلم بطرس، ليكون التكريم فوق السياسة، رسالة جمع لا قسمة. وهذا جوهر ما يعنيه الإجماع على مكانة المعلم بطرس البتساني في الذاكرات المختلفة للبنانيين، التي حضرت مجتمعة في اجتماع الهيئة التأسيسية قبل شهر، فكل يراه من زاوية ويلتقي الجمع من الزوايا المتعددة لمرايا الرؤية، وهو ما يصعب في سواه، إلا ما ندر، ليشبه الاجتماع حوله الاجتماع حول الوطن، الذي لا يزال تأويل معناه مصدر اختلاف، والتمسك به محور إجماع.

– مسؤولية الهيئة والجمعية جسيمة في السنة المعلنة باسم المعلم بطرس البستاني، لوضع خطط تتيح تعميق الوعي المدني اللاطائفي في نفوس اللبنانيين، وتسرع الانتقال إلى كل ما هو مدني في بنية الدولة، وخطط تحقق التقدم خطوات في وعي اللبنانيين لمعنى التمسك باللغة العربية التي رآها البستاني علامة هوية يضيع بدونها معنى الوطن والانتماء، وخطط تتيح فرض إلزامية تعليم الإناث. وهو ما قال عنه البستاني إنه مدخل كل تمدّن، وخطط تربط التعليم بالحديث والجديد المواكب للعصر وتقنياته الحديثة، وقد دأب المعلم يردد أن التعليم الذي نريده هو منح أجيالنا آخر نسخة من نتاج العلم، وخطط تخرج التعليم من الارتباط بالطوائف وثقافة العصبيات سيراً على خطى المدرسة الوطنية التي أسسها وهيأ أساتذتها ليكونوا معلمين للوطنية بمثل نقل المعارف لتلامذتهم، الذين أصر على أن يكونوا من كل المناطق والطوائف والطبقات، وخطط تسهم في تعزيز مكانة الإعلام الحر والمسؤول وتدعم الصحافة، وقد تصدّر اسم المعلم بطرس البستاني لائحة الرواد في تأسيس الصحافة الحرة والمسؤولة بين العرب، لكن المهام أكبر من طاقة جمعية وهيئة واستنهاض القطاعين العام والخاص للمساهمة والشراكة الجديتين شرط للنجاح، ويكفي الجمعية والهيئة شرف قرع الجرس وإطلاق النداء.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى