الحكومة تستأنف الموازنة الإثنين… بعد توقف عند الضريبة على المصارف الرواتب والتعويضات بين التخفيض والتوحيد والتحييد… وخصوصية العسكريين

كتب المحرّر السياسي

كشف كلٌّ من البيت الأبيض والكرملين إجراء محادثات هاتفية مطوّلة وشاملة بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، استمرت لساعة ونصف، أعلن بعدها أنها تناولت ملفات دولية متعدّدة، خصوصاً الملف النووي لكوريا الشمالية بعد زيارة الزعيم الكوري كيم جونغ أون لموسكو، والتطوّرات في فنزويلا بعد الانقلاب العسكري الفاشل، بينما سارع الكرملين بعد الاتصال إلى الإعلان عن الاستعداد لتفاهم نووي ثلاثي أميركي روسي صيني يبدو أنه كان ضمن ملفات الحوار الهاتفي.

رغم عدم الإعلان عن التداول بين بوتين وترامب بملفات سورية وليبيا وإيران، إلا أن مصادر متابعة أكدت استحالة تجاوز هذه الملفات في محادثة بهذه الأهميّة بين الرئيسين بوتين وترامب لاستحالة رسم تفاهمات في ملفات خلافية، وبقاء الملفات الخلافيّة الرئيسية في حال متفجّرة. ورجّحت المصادر أن تكون قد رسمت سقوفاً للمواجهة في عنوان الملف النووي الإيراني والعقوبات الأميركية من جهة، ونوعاً من التفويض المشروط لموسكو في الملف السوري، ونوعاً من الإدارة المتحركة بالتشاور لتطورات الوضع في ليبيا.

في مستجدات العقوبات الأميركية على إيران، ومَن يستورد نفطها، برز الإعلان الأميركي بلسان الرئيس ترامب عن تقدّم هام في المفاوضات التجارية مع الصين، متجاهلاً الإعلان الصيني عن مواصلة شراء النفط الإيراني، كما برز الإعلان التركي عن نية مواصلة شراء النفط من إيران على خلفية صعوبة مواءمة مصافي النفط التركية مع مواصفات من مصادر أخرى.

المصادر المتابعة وضعت العقوبات الأميركية ضمن حدّي عدم التصعيد إلى الحد الذي يجفف موارد إيران ويطلق حروباً تجارية مع دول كبرى كالصين ودول إقليمية هامة كتركيا، والأخطر أنه يهدّد بدفع إيران لخطوات خارج نطاق السيطرة قد تؤدي لتفجير الوضع في الخليج، وبالمقابل عدم التراخي في العقوبات إلى الحد الذي يمكن إيران من تحقيق وفورات مالية تعتبر أميركا أنها ستستخدم لتعزيز قدرات إيران وقوى المقاومة عسكرياً، وتزيد من الخطر على «إسرائيل». وقالت المصادر إن العقوبات محكومة بحدّين هما، عدم تعريض أمن السعودية والإمارات لخطر الغضب الإيراني وعدم تعريض «إسرائيل» لخطر الوفرة الإيرانية.

لبنانياً، تتقدم الموازنة ببطء على طاولة مجلس الوزراء وقد توقفت نقاشاتها أمس حتى الإثنين عند بلوغ النقاش للضرائب التي ستطال أرباح المصارف، واقتراح رفعها من 7 إلى 10 وفقاً لمقترح وزير المال، بانتظار التوافق على سلة تفاهمات بات موضوعها الرئيسي، مستقبل الرواتب والتعويضات في القطاع العام، حيث يتوزع الوزراء بين ثلاثة تيارات: تيار يمثله رئيس الحكومة سعد الحريري ويدعو إلى تخفيضات شاملة لكل الموظفين تطال الرواتب بنسبة معينة تصاعدية وتطال التعويضات التي يتقاضاها الموظفون عن التعليم خصوصاً، وتعيد النظر بالكثير من تعويضات العسكريين، والتيار الثاني يمثله رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير المال علي حسن خليل ويدعو لمنع أي مساس برواتب ذوي الدخل المحدود والمتوسط وتعويضاتهم، لكنه يضع سقفاً للرواتب هو راتب رئيس الجمهورية لا يجوز أن يتخطاه راتب أي موظف، وللتعويضات الإضافية الناجمة عن الساعات الإضافية أو بدلات اللجان والغرامات والعطاءات ومن ضمنها عائدات تطبيق التدبير رقم ثلاثة للعسكريين، سقف مواز هو ما يعادل راتب الشهر الواحد لأي موظف، لا يجوز أن تزيد عنه هذه التعويضات، على أن يشمل ذلك المدنيين والعسكريين، أما التيار الثالث الذي يمثله رئيس الجمهورية فيلتقي مع رئيس المجلس ووزير المال برفض المساس برواتب وتعويضات ذوي الدخل المحدود، لكنه يستثني العسكريين، وفيما تحرّك موظفو مصرف لبنان احتجاجاً على فرضية أن يلحقهم بعض التخفيض إذا اعتمدت رؤية رئيس المجلس ووزير المال، بقي ملف العسكريين وتعويضاتهم على الطاولة، وتوقعت مصادر معنية بالنقاش حول الموازنة سلة تفاهمات تطال أجوبة موحدة حول مساهمة المصارف وحول الرواتب والتعويضات، بحيث يجري تمريرها معاً بصورة مترادفة ومشروطة.

حتى الساعة يواصل المعنيون في الحكومة خلال الجلسات المخصصة لدراسة الموازنة اعتماد سياسة إرجاء البنود موضع الخلاف. وبات معلوماً أن لا جلسة اليوم في السراي لانشغال الوزير جبران باسيل المصرّ على حضور كل جلسات الموازنة في جولة على عدد من المناطق منها عروس البقاع زحلة، على ان يعود مجلس الوزراء يوم الاثنين مع استبعاد مصادر وزارية أن يتم الانتهاء من درس الموازنة قبل نهاية الأسبوع المقبل..

وبحسب مصادر وزارية لـ«البناء» فإن النقاش وصل الى المادة 42 من بنود الموازنة، لافتة الى ان الأجواء الإيجابية لم تمنع الرؤى والمقاربات المختلفة حيال بند الإعفاءات الضريبة، وجرى نقاش رفعَ فوائد الأرباح على المصارف من 7 الى 10 في المئة.

وقال وزير المال علي حسن خليل في دردشة مع الصحافيين: «واصلنا النقاش وقطعنا جزءاً لا بأس به من دراسة بنود الموازنة، هناك تلطيف لبعض البنود وتغيير محدود لبعض المواد من دون أن تكون هناك تغييرات جوهرية. كما جرى نقاش حول موضوع رفع الفائدة من 7 في المئة الى 10 في المئة وتمّ الاستماع الى كل الآراء، وتأجّل البتّ في هذه المادة الى الجلسة المقبلة. وأضاف لا أحد يفكر بحرمان التقديمات للعسكريين من الطبابة ومساعدات مدرسية وسواهم من الموظفين في المؤسسات العامة. وهذا الأمر غير وارد على الإطلاق. كما بحثنا بالأمس في موضوع توحيد التقديمات. وأضاف: «اما بالنسبة لضريبة «ر8» فهي تحتاج إلى إعادة نظر من الآن حتى إقرارها، وكي لا يظلم أحد وتتراكم الغرامات على الموظفين الذين لم يكن لهم علم بهذه الضريبة، وأقرّ اقتراح إعفاء من الغرامات على هذه الضريبة». وتابع: «هناك إعادة نظر بوضع مرفأ بيروت بأكمله هو وغيره من المؤسسات العامة».

وتؤكد مصادر مطلعة لـ»البناء» أن الأمور داخل جلسات مجلس الوزراء ستنتهي في النهاية الى إقرار الموازنة، لكن المشكلة تكمن في الخلاف الحاصل حيال الموازنة وملفات أخرى، مشيرة الى ان الرئيس ميشال عون يهدف الى إقرار موازنة إصلاحية لا تمس العسكريين وأصحاب الرواتب المتوسطة وذوي الدخل المحدود، خصوصاً أن ضبط المالية العامة ووضعها على السكة الصحيحة، باعتبار ان الإيرادات يمكن تأمينها وتوفيرها من ابواب اخرى تتصل بالأملاك البحرية وضبط التهرب الضريبي واشراك القطاع المصرفي في تحمل العبء وغير ذلك. ولفتت المصادر الى ان الوضع الاقتصادي المتدهور لا يعني على الإطلاق ان البلد في انهيار اقتصادي، مشددة على ان سعر الليرة مستقرة.

وفيما أشارت مقدّمة نشرة اخبار الـ LBCI إلى وجود محاولة لإخضاع موازنة مصرف لبنان إلى وصاية وزير المال، لفتت مصادر معنية بالملف الاقتصادي لـ»البناء» الى ان الامور صعب ان تتحقق، خصوصاً أن السياسية النقدية جرياً على ما هو معروف تخضع لسلطة وإشراف البنك المركزي المعني الوحيد برسم السياسة النقدية وإصدارها وتحديد اسعار الفائدة في حين ان السياسة المالية تخضع لإشراف وزير المال لجهة إعداد الموازنة.

ولفت نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن حزب الله لم يبدِ رأيه في خطة الكهرباء على المستوى الإعلامي، ولم يبدِ رأيه في الموازنة على المستوى الإعلامي أي لم يدخل في سجالات ليبيِّن للناس أنه شعبي وأنه يحمل لواء المستضعفين والفقراء. لأننا واثقون أن هذه الأفكار التي اقتنعنا بها إذا ناقشناها داخل مجلس الوزراء وحاولنا أن نتفاهم مع شركائنا في الوطن سنخرج بنتيجة معقولة، كما خرجت خطة الكهرباء بنتيجة معقولة من دون أن نوتّر الناس بالرّد والرد المضاد، ومن دون أن نتنافس لنقول للناس إننا نعمل لمصلحتهم والناس يعرفون أننا نعمل لمصلحتهم، ولأننا في الحقيقة نُعدّ عدّتنا الصحيحة ويكون لنا منطقنا الذي يساعد في أن تخرجَ الموازنة متناسبة مع وضعنا وتتقدم بنا إلى الأمام.

من ناحية أخرى، جال وزير الخارجية الاسباني وشؤون الاتحاد الاوروبي والتعاون الاسباني جوزف بوريل فونتييس على المسؤولين، مؤكداً أن بلاده ترى في قرارات وتوصيات مؤتمر سيدر فرصة للبنان تدل الى ثقة المجتمع الدولي به وبإمكاناته. وأعرب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون عن أسفه لأن الاتحاد الاوروبي لا يتخذ موقفاً مشجعاً من عودة النازحين السوريين الى بلادهم، على رغم ان اسباب العودة متوافرة بعد استتباب الامن والاستقرار في معظم الاراضي السورية، واعلان المسؤولين السوريين ترحيبهم بهذه العودة وتقديمهم كل الرعاية للعائدين. وابلغ الرئيس عون ضيفه، أن لبنان أمّن حتى الآن العودة لـ 194 الف نازح سوري من اراضيه ولم ترد معلومات عن تعرضهم لأي مضايقات، وهذا ما أكدته تقارير المنظمات الدولية الموجودة في سورية، مشيراً إلى أن لبنان «يتطلع الى تغيير في الموقف الاوروبي يسهل هذه العودة تحت رعاية المجتمع الدولي، لئلا تشتد تداعيات هذا النزوح على الاوضاع كافة في لبنان، ونجبر على اتخاذ خطوات لتنظيم العودة مع الحكومة السورية».

من ناحية أخرى، جدد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في تقرير نصف سنوي نشر أمس الجمعة، مطالبته بنزع سلاح حزب الله ووقف عملياته العسكرية في سورية المجاورة.

وإذ أشار إلى أن الحكومة اللبنانية الجديدة تعطي أولوية للوضع الاقتصادي، أكد غوتيريش أن «من المهم أيضا الانصراف الى إعداد استراتيجيات دفاعية وطنية»، مشدداً على «ضرورة أن تحتكر الدولة اللبنانية امتلاك واستخدام الاسلحة إضافة إلى استخدام القوة، وهي قضية رئيسية تندرج في صلب سيادة لبنان واستقلاله السياسي».

واعتبرت مصادر عسكرية لـ»البناء» ان الحرب الاسرائيلية على لبنان مستبعدة رغم انها ليست مستحيلة، مشيرة الى ان ما يجري من ضغط اميركي على المنطقة لا سيما على ايران وسورية، قد يكون بالنسبة الى واشنطن وكيان العدو الاسرائيلي افضل، من أي حرب عسكرية، على اعتبار ان الحرب الاقتصادية هي الأسهل بالنسبة اليهما ومن شأنها ان تدفع إيران الى التفاوض، مع تشديد المصادر العسكرية الى ان الموقف الإيراني واضح بان لا تفاوض تحت اي ضغط اقتصادي. وتلفت المصادر الى ان كل ما يجري سيبقى في إطار التهويل الذي لن يوصل الى اي نتيجة، خاصة أن «إسرائيل» على وجه التحديد مقتنعة ومدركة تماماً ان حزب الله على اهبة الاستعداد للتصدي لأي عدوان فهو يملك قدرات ردع دفاعية وهجومية، وهو لا يخشى الحرب على الإطلاق، والتجارب الماضية خير دليل.

إلى ذلك، برزت أمس زيارة السفير الايراني محمد جلال فيروزنيا إلى وزير الخارجية جبران باسيل حاملاً رسالة لباسيل من الوزير محمد جواد ظريف تتصل بالإجراءات الأميركية الاخيرة ضد إيران والتي تدفع المنطقة الى توتر وانعدام الأمن من جراء انتهاكها الاعراف والقوانين الدولية. وسلّم باسيل فيروزنيا رسالة الى نظيره الايراني تضمنت طلباً بإصدار عفو خاص لمناسبة شهر رمضان المبارك عن اللبناني نزار زكا.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى