نصرالله: إن وقعت الحرب فالقوات والمصالح الأميركية في المنطقة ستُباد… و«إسرائيل» ليست بمنأى موقف لبنان في القمة خالف التعهّدات إن لم يتوقف البحث بالصواريخ الدقيقة فسنقوم بتصنيعها

كتب المحرّر السياسيّ

أحيت عشرات العواصم والمدن العالمية وعشرات الملايين اليوم العالمي للقدس، في مناخ دولي وإقليميّ يمتدّ من تراجع التهديدات الأميركية بالحرب، وظهور الضعف الخليجيّ في قمم مكة، حيث السعي لتوفير حصانة خليجية وعربية وإسلامية بعد الفشل في توفير الحماية العسكرية بوجه الهجمات المعاكسة لليمنيين، والتي نجحت بتهديد العمق السعوديّ رغم الحماية الأميركية، وبالتوازي مواصلة العمليات في شمال غرب سورية بتعاون سوري إيراني روسي، تشترك فيه قوى المقاومة، وظهور تماسك الموقف الروسي مع تقدّم العمليات بتوجيه اللوم لتركيا التي قال مجلس الأمن الروسي المنعقد برئاسة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إنها تمتلك نفوذاً على الجماعات المتطرفة التي تقاتل في منطقة خفض التصعيد وتهدّد الأمن في إدلب.

قمة إحياء يوم القدس كانت في الضاحية الجنوبية لبيروت، حيث قدّم حزب الله مشاركته السياسية والشعبية في جعل الإحياء مناسبة لرسم معادلات جديدة، على مستوى مواجهات المنطقة، سجل خلالها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مواقف لامست سقوفاً جديدة، سواء في ملف التصعيد الأميركي بوجه إيران، أو في توازنات المنطقة بين القوى المؤيدة لصفقة القرن مقابل محور المقاومة، خصوصاً على مستوى الخليج، وصولاً لمعادلات المواجهة مع «إسرائيل» والمفاوضات لترسيم الحدود البرية والبحرية للبنان والمحاولات الأميركية التي كشف عنها السيد نصرالله لتضمين المفاوضات سعياً لكشف قدرات المقاومة وامتلاكها للصواريخ الدقيقة أو لمصانع هذه الصواريخ، دون أن يمر الموقف اللبناني في القمة العربيّة دون تعليق.

استبعد السيد نصرالله خطر الحرب، التي ترد فقط إن كان لدى الأميركيين القدرة والثقة بالقدرة على خوضها وتحمل أعبائها، ولكن السيد نصرالله أضاف معادلة لفرضية نشوب الحرب قائلاً إنه إذا وقعت الحرب فإن القوات والمصالح الأميركية في المنطقة ستُباد، وإن الأنظمة التابعة لأميركا عليها أن تبحث عن مصيرها ومستقبلها، والأهم قوله إن المنطقة كلها ستشتعل وإن «إسرائيل» ستدفع الثمن غالياً ولن تكون بمنأى عن هذه الحرب.

في الخليج، اعتبر السيد نصرالله أن الشعب والجيش وأنصار الله في اليمن قد نجحوا بخلق معادلة جديدة، فالسعودية خسرت الحرب أمامهم، وباتت مكشوفة لهجماتهم، وعمقها بلا حماية بعد استهداف محطات النفط في ينبع، وبعدما ثبت أن سلاح الطائرات المسيّرة لا علاج له مع رادات وتقنيات وصواريخ الأميركيين والسعوديين معاً، ومن هذه المعادلة التي قال السيد إن اليمنيين كتبوا فيها تحوّلهم قوة إقليمية حاسمة، وصف قمم مكة بقمم الاستغاثة السعودية التي تدرك أن واشنطن لن تخوض حرباً من جهة، وأنها عاجزة عن حمايتها من جهة أخرى.

في المواجهة مع كيان الاحتلال والثقة بنصر محور المقاومة في إسقاط صفقة القرن وصف السيد نصرالله حال الحلف الأميركي الإسرائيلي السعودي، بالضعف والوهن قياساً بعناصر القوة والمبادرة والتماسك التي كان يتمتع بها في الماضي، مقابل حال التماسك والصعود والقدرة والثبات التي يمتلكها محور المقاومة بصورة لا يمكن أن تقارن بما كانت عليه أحواله في ما مضى، ليستنتج أن إسقاط صفقة القرن ممكن وسيكون كما كانت انتصارات محور المقاومة التي سبقت.

توقف السيد نصرالله أمام المفاوضات التي تجري مع معاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد حول ترسيم الحدود البرية والبحرية للبنان، كاشفاً عن محاولة ابتزاز يحملها ساترفيلد للمفاوضين اللبنانيين حول محاولة ربط هذا التفاوض بالسعي لكشف امتلاك المقاومة لصواريخ دقيقة أو لمصانع لصناعة هذه الصواريخ، وصولاً لتحديد موقع للمقاومة كمصنع مفترض للصواريخ والدعوة لتفكيكه، ليقول السيد نصرالله إن المقاومة تملك هذه الصواريخ وإن أي استهداف لها سيواجه بردّ الصاع صاعين، نافياً امتلاك مصانع للصواريخ لكنه قدّم معادلة قوامها، ما لم يتوقف ساترفيلد عن إثارة هذا الأمر فسنقوم ببناء مصانع لهذه الصواريخ.

للمرة الأولى اعتبر السيد نصرالله أن الموقف اللبناني في القمة العربيّة، كان مخالفاً للتعهّدات التي تقوم على النأي بالنفس، وعدم الانحياز لأي من محاور المنطقة، وهو انحياز مشروع للقوى السياسية، لكنه محظور على الموقف الرسمي اللبناني وفقاً لما تمّ تثبيته في البيان الوزاري.

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أنّ موقف الوفد اللبناني في القمة العربية في مكّة المكرمة مرفوض ومدان، وهو لا يمثّل لبنان ولا ينسجم مع البيان الوزاري ومخالف لالتزامات الحكومة، ونسأل أين هو النأي بالنفس؟

وأشار إلى أنّ «الجانب الأميركي يحاول استغلال المفاوضات حول الحدود البحرية والبرية لمعالجة ملف لصالح إسرائيل، هو ملف الصواريخ الدقيقة وتصنيعها»، وقال: «لدينا في لبنان صواريخ دقيقة بالعدد الكافي تستطيع أن تغيّر وجه المنطقة والمعادلة، وأي قصف إسرائيلي على أهداف للمقاومة على علاقة بالصواريخ أو بغيرها، سنردّ عليه بقوّة وبسرعة».

وتابع في احتفال لمناسبة «يوم القدس العالمي» بعنوان «نحو القدس» في الضاحية الجنوبية: «في لبنان لا نقاش بأنّه لم يأتِ زمان على لبنان فيه مقاومة بمواجهة إسرائيل بمستوى القوة والعدّة والإمكانيات والجهوزية كما الموجود الآن، وهذا لا يقاس بأيّ زمن مضى»، مشيراً إلى أنّ «اسرائيل تخشى المقاومة في لبنان، والمسؤولين الإسرائيليين يتحدثون عن حالة الردع وقدرات المقاومة».

وأكد السيد نصرالله، أن محور المقاومة أقوى من أي وقت مضى منذ مرحلة الثمانينيات، ولفت الى أن المقاومة الفلسطينية أصبحت في مرحلة تطور هائل وكبير في معادلة الصراع وهي تقترب من معادلة قصف تل أبيب في مقابل غزة، وأشار الى أن المقاومة في غزة قادرة على السيطرة على مساحات واسعة في فلسطين المحتلة في أي حرب مقبلة.

وقال: «إنّ إسرائيل في العام 2019 هي أضعف من أيّ زمن مضى وهي أقل قوّة من أيّ زمن مضى». وتابع: «اليوم محور المقاومة والجبهة الرافضة لصفقة ترامب أقوياء جدّاً وقادرون على مواجهتها، هم يركزون على أهم قوة في المحور وهي إيران».

وتطرق الأمين العام لحزب الله خلال خطابه إلى صفقة القرن وشدّد على أن «واجبنا هو مواجهتها فهي صفقة الباطل وصفقة تضييع الحقوق وتضييع المقدسات وجريمة يجب أن تواجه من الجميع»، وأضاف «يمكننا دفع صفقة القرن الى الفشل ونحن نمشي في هذا المسار»، وكشف أن «محور المقاومة يقف لمنع تحقيق صفقة القرن».

ولفت السيد نصرالله إلى أن «هدف صفقة القرن إنهاء أي كلام عن القدس وقطاع غزة واللاجئين»، وقال «في مرحلة 2011 كانت هناك محاولة أميركية لإنهاء القضية الفلسطينية وإعطاء الفلسطينيين بعض المطالب»، وأضاف «واشنطن تمكّنت من استيعاب الثورات الشعبية العربية وحرفها عن مسارها وتوجيهها في اتجاه خاطئ»، ولفت الى أن «هناك بيئة استراتيجية مفترضة عند ترامب ونتنياهو لفرض صفقة القرن وإنهاء القضية الفلسطينية».

واعتبر أنّ «التهويل بالحرب على إيران، الحرب بين أميركا وإيران، يعني ان المنطقة ستكون مختلفة وهناك من عمل على الدفع الى الحرب، ومنهم مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون». وأشار نصرالله إلى أنّ «بولتون وولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دفعوا باتجاه الحرب على إيران»، مضيفاً أن «ترامب وإدارته وأجهزة مخابراته يعرفون جيّداً أنّ الحرب على إيران لن تبقى على حدود إيران، يعني أنّ كلّ المنطقة ستشتعل وكلّ القوات الأميركية والمصالح الأميركية ستُباد وكلّ الذين تآمروا سيدفعون الثمن».

وسط هذه الأجواء، تبدأ لجنة المال والموازنة درس فذلكة الموازنة الاثنين المقبل. واعتبر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن موازنة العام 2019 لا تعكس طموحات اللبنانيين لكن إقرارها، ولو بعد تأخير، يساعد على تحقيق الانتظام المالي الذي سوف تعطى له الأولوية في مشروع موازنة العام 2020 الذي طلبت من وزير المال والوزراء المعنيين المباشرة بإعداده منذ اليوم لإحالته الى مجلس النواب ضمن المهل الدستورية. وأشار الى ان التحقيقات في المخالفات الإدارية والتوظيفية المرتكبة خلال العامين 2017 و2018 سوف تأخذ مجراها القانوني لدى النيابة العامة لديوان المحاسبة لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة، مؤكداً في المقابل أن مسألة التهرب الضريبي سيوضع لها حد من خلال الإجراءات التي سوف تتخذ مع اقرار الموازنة الجديدة.

وشددت مصادر نيابية في لبنان القوي لـ»البناء» على أن الاتجاه هو للمحافظة على نسبة العجز التي حددت بالموازنة في جلسات السراي، مشددة على اننا جاهزون في اجتماعات لجنة المال لمناقشة ارقام الموازنة بدقة، معتبرة أن الوزير جبران باسيل نجح في إضافة اقتراحات بنيوية اقتصادية وإلا لكانت الموازنة ستكون أشبه بالموازنة الرقمية.

وشددت مصادر نيابية في التحرير والتنمية لـ»البناء» على أن مشروع الموازنة يتطلب دراسة وبحثاً معمقين في لجنة المال والهيئة العامة جرياً على مقاربة كتلة التحرير والتنمية لإقرار موازنة إصلاحية تخفض العجز. ورجحت المصادر وصول قطع الحساب للعام 2017، إلى مجلس النواب خلال أسبوع بانتظار أن تنجز قطوعات الحسابات من 1997 الى 2016.

وأكد السفير الفرنسي برونو فوشيه ، أن «سيدر ليس في خطر»، مشيرًا إلى «أننا رحبنا بإيجابية بموازنة عام 2019 التي وافق عليها مجلس الوزراء والتي سيناقشها حاليًا مجلس النواب. و الموازنة لم يتم تبنيها بعد ويجب أن تمر بمجلس النواب، لكنها خطوة أولى لتطبيق إصلاحات سيدر».

ولفت فوشيه، إلى أن «المجتمع الدولي انخرط لمساعدة لبنان بشرط أن يقوم البلد بإصلاحات بنيوية»، موضحًا أنه «بدأ تطبيق سيدر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيزور لبنان في النصف الثاني من العام 2019، بعد اقرار الموازنة نهائيًا».

الى ذلك اصدرت النيابة العامة لدى المحاسبة أربعة ادعاءات أحيلت على الغرف المختصة للديوان في أربعة ملفات تختص بالتوظيف العشوائي. وطلب المدعي العام لدى ديوان المحاسبة القاضي فوزي خميس من غرف ديوان المحاسبة ارسال تقارير إلى مجلس النواب و مجلس الوزراء عن مخالفات ارتكبها 3 وزراء في الحكومة السابقة بشأن التوظيف العشوائي.

وثمّن رئيس اللجنة النائب إبراهيم كنعان «الخطوة الأولى للنيابة العامة في ديوان المحاسبة في ملف التوظيفات بعد الرقابة البرلمانية التي قامت بها لجنة المال والموازنة بالتعاون مع هيئات الرقابة، وهو ما يضعنا على طريق الإصلاح الفعلي ويثبت للمشككين والمتحاملين إنه بتوفر الارادة والمتابعة لا مستحيل».

واعتبرت مصادر حزب القوات من جهتها لـ»البناء» أن خطوة ديوان المحاسبة مهمة جداً واستثنائية، معتبرة ان «هذه خطوة تصبّ في المصلحة العامة ويجب ان تكون عبرة لمن قرّر مخالفة القانون 46»، مشددة على ضرورة العمل على إبطال كل التوظيفات المخالفة للقانون، معتبرة من ناحية أخرى ان نواب الجمهورية القوية سيواظبون على حضور اجتماعات لجنة المال وسوف يناقشون بنود الموازنة كافة وفق رؤية ومقاربة حزب القوات لتعديل ما يجب أن يعدل تحت عنوان الإصلاحات البنيوية.

على خط آخر، أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أن «لبنان يواجه عبء النزوح السوري والأخطر هي المحاولات لجعل هذا البقاء دائماً لا موقتاً، وهذا ما لا نريده وتجربتنا مع اللاجئين الفلسطينيين دليل». ودعا باسيل خلال لقائه رئيسة مجلس النواب الإسباني «للمساعدة لإعادة النازحين لديارهم لا تشجيعهم على البقاء عبر المساعدات التي تقدم لهم والحل الوحيد هو عودتهم، وتحويل الأموال التي تصرف على بقائهم لتكون لخدمة عودتهم».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى