بوتين: أميركا تُعدّ وصفة للحروب التجارية والحقيقيُّة والتجارة العالمية لم تعد المحرك المطلق للاقتصاد العالمي

اعتبر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أنّ مساعي الولايات المتحدة الأميركية لفرض هيمنتها على بقية الدول «تُعدّ وصفة للحروب التجارية والحروب الحقيقية».

وقال بوتين: «في الواقع، لم تعد التجارة العالمية هي المحرك المطلق للاقتصاد العالمي، والمحرك الجديد، الذي من المفترض أن تلعب التقنيات الحديثة دوره، لا يزال قيد التصحيح ولم يبدأ العمل بكامل طاقته. علاوة على ذلك، فقد دخل الاقتصاد العالمي في مرحلة الحروب التجارية ومستوى متزايد من الحمائية سواء المباشرة أو المخفية».

كما احتجّ بوتين، خلال منتدى اقتصادي في سان بطرسبرغ، أمس، على ما أسماها بـ»المنافسة غير العادلة والحماية التجارية»، منوّهاً إلى أنّ «دولاً كانت تدعو لحرية التجارة باتت تتحدث عن العقوبات في الوقت الراهن»، منتقداً في الوقت ذاته، «سياسة العقوبات التي تتبعها واشنطن»، معتبراً أنّ «الدولار بات أداة في يدها للضغط على دول العالم».

وأبلغ بوتين المنتدى الاقتصادي، الذي يحضره الرئيس الصيني شي جين بينغ، أن «الولايات المتحدّة تسعى لفرض سلطتها القانونيّة في أنحاء العالم».

وفي هذا الصّدد، شدّد الرئيس الروسي على «ضرورة وضع اتفاقات دولية جديدة يحترمها الجميع، من أجل تحقيق نمط مستدام للتنمية الاقتصادية العالمية».

واعتبر بوتين، أنّ «منظومة العلاقات الاقتصادية الدولية الحالية تعيش حالة أزمة، بالرغم من تحقيق الاقتصاد العالمي نمواً في السنوات الأخيرة»، محذراً من أنّ «النظام الاقتصادي العالمي لن يكون متوازناً أبداً إذا لم يكن عادلاً».

وأشار بوتين إلى أنّ «صيغة السيطرة الأميركية التي تحاول الولايات المتحدة فرضها على الجميع، تمثل طريقاً إلى حروب لا نهاية لها، ولا تقتصر على مجال التجارة فقط، بل هي عبارة عن قتال بلا قوانين يخوضه الجميع ضدّ بعضهم».

وشدّد الرئيس الروسي على «ضرورة إعادة النظر في النظام المالي العالمي»، مشيراً إلى أنّ «الدولار أصبح أداة ضغط على العالم بأسره».

ودعا بوتين إلى «إعادة مفاهيم مثل السيادة والمسؤولية إلى التداول، من أجل تجاوز أزمة نظام الاقتصاد العالمي»، كما دعا لـ»تعزيز المؤسسات الاقتصادية التابعة للأمم المتحدة».

وأضاف حول النموذج الحالي للعلاقات التجارية الدولية «من الناحية الطبيعية، يتميز النمو الأخير للاقتصاد العالمي بالقيم الإيجابية. فخلال الفترة ما بين الأعوام 2011-2018، بلغ متوسط النمو 2.8 بالمئة سنوياً، وفي السنوات الأخيرة ازداد قليلاً عن 3 بالمئة. ولكن، في رأينا، وبرأيي وقادة الدول، نحتاج جميعاً للاعتراف وبصراحة، بأن على الرغم من النمو المذكور أعلاه، فإن النموذج الحالي للعلاقات الاقتصادية الدولية لا يزال للأسف في أزمة، فهو يحمل هذا النمو وهذه الأزمة، والطبيعة الشاملة، والمشاكل هنا تتراكم وتتضاعف على مدى العقود الماضية. وهم أكبر وأكثر جدية مما بدا من قبل».

وأكد أنه «من الضروري زيادة كفاءة منظمة التجارة العالمية، وملئها بمعانٍ جديدة، مع مراعاة مبادئ التفاعل والمنافسة بين البلدان بنماذجها التنموية المختلفة».

وتابع «بالطبع، ليس فرض قانون واحد على الجميع، ولكن قبل كل شيء تنسيق المصالح الاقتصادية الوطنية. مبادئ التفاعل والمنافسة والتعاون بين البلدان بنماذجها وميزاتها واهتماماتها الإنمائية المختلفة. وينبغي أن يتم تطوير هذه المبادئ بأقصى درجات الصراحة والديموقراطية. على هذه الأسس، من الضروري تكييف منظمة التجارة العالمية مع الواقع الحديث للتجارة العالمية. وملئها بمعانٍ جديدة وبمحتوى المؤسسات الدولية الأخرى».

على صعيد آخر، يأمل الرئيس الروسي، في أن يستأنف قائدا الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، دونالد ترامب وكيم جونغ أون، الاتصالات ويبحثان البرنامج النووي الكوري.

وعن الاقتصاد الروسي، أشار إلى أن «روسيا تستهدف في السنوات القريبة أن تكون ضمن قائمة أكبر خمسة اقتصادات في العالم، ما يُعدّ مؤشراً إيجابياً للمستثمرين الأجانب».

وعن عملاق الاتصالات الصيني، اعتبر الرئيس الروسي، أن «محاولات إخراج عملاق الاتصالات الصيني هواوي من الأسواق العالمية ليس إلا بداية لأول حرب تكنولوجيّة عالمية في العصر الحديث «.

كما أكد الرئيس الروسي أن بلاده «تولي اهتماماً كبيراً للتعاون في مجال الطاقة مع الصين، ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأحد أبرز مستهلكي الطاقة».

وذكّر بوتين خلال منتدى بطرسبورغ الاقتصادي في الجلسة الافتتاحية لمنتدى الطاقة الروسي الصيني التي حضرها ونظيره الصيني شي جين بينغ، بأن «روسيا تُعدّ أحد الموردين الرئيسيين لحوامل الطاقة إلى الصين».

وإلى جانب التعاون مع الصين في مجال النفط والغاز، أشار بوتين إلى «استمرار التعاون مع بكين في مجال الطاقة النووية السلمية»، معرباً عن استعداد بلاده لـ»تعميق هذا التعاون وتطويره».

وأضاف، أن «روسيا مهتمّة في توسيع حضور الشركات الصينية في السوق الروسية، والعمل على جذب المزيد من الاستثمارات الصينية إلى الاقتصاد الروسي».

وتابع: «لذلك نواصل العمل على تحسين مناخ الأعمال كي يشعر المستثمرون الأجانب، بمن فيهم المستثمرون الصينيون، براحة أكبر معنا».

وفي سياق الردّ الجميل والطريف، على سؤال حول موقف روسيا ودورها، في الحرب التجارية الطاحنة الدائرة بين الولايات المتحدة والصين.

قال بوتين، «هناك مثل صيني يقول، إن القرد الذكي يجلس جانباً عندما يتعارك نمران في الوادي، منتظراً كيف سينتهي ذلك». وأثار الردّ استحسان وتصفيق الحاضرين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى