حزب الله ليس متفرّجاً إنْ وقعت الحرب!

جهاد أيوب

في مقالة سابقة أشرنا إلى أنّ إيران تتعامل مع التهديدات الأميركية على أنّ الحرب واقعة، وهذا ينطبق أيضاً على كل محور المقاومة والممانعة وبالتحديد على حزب الله في لبنان، والحزب هو أساسي في هذه الحرب إنْ وقعت، وليس متفرّجاً كما يسوّق إعلام بعض مرتزقة الداخل!

ما من مرة عاش حزب الله وقيادته العسكرية الجهوزية لحرب مقبلة كما جهوزية هذه المرحلة، ورغم ما يشوب الواقع اللبناني لا يزال حزب الله متماسكاً على صعيد أفراده، وعلى صعيد بيئته التي تعاني من وضع اقتصادي خانق كما حال الجميع، فالضرر الاقتصادي جراء همجية الحرب السعودية الأميركية على اليمن، والتضييق على محور المقاومة لم تقتصر على مجتمع المقاومة في الداخل اللبناني وفي الدول العربية ودول الممانعة فقط، وقد طال الجميع، لا بل الضرر أصاب تلك المجتمعات التابعة لمعونات السعودية إعلامياً وحزبياً واجتماعياً بالصميم، وشتتها إلى حدود الدهشة والفقر المالي!

إنّ واقع الحرب على اليمن أوجد أكثر من مشكلة عند المعتدي، فمشكلة السعودية اليوم أوسع من مشكلتها مع حزب الله أو محور المقاومة، ولا يزال الشارع العربي وبغالبيته رغم تمويلها لحكوماته يرفضها، ولا يؤمن بها كصديقة تعمل على حمايته، وربما فضح علاقتها مع «إسرائيل»، وصفقة القرن، وتهجّم إعلامها بمناسبة ومن دونها على كلّ من يؤمن بمقاومة «إسرائيل» أفقدها المصداقية، ولم يعد الشارع العربي يؤمن بمصداقيتها، لا بل هي متهمة مباشرة بأنها وراء عدم استقرار الدول العربية!

والمراقب شاهد كيف أنّ شارع تلك البلاد العربية والإسلامية تحرك في «يوم القدس العالمي» في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، وصوته كان ولا يزال داعماً للقضية الفلسطينية، ويؤمن بالمواجهة، وبالمقاومة وبمحاربة «إسرائيل» كأنّ كلّ ما دفعته السعودية من أموال لشراء إعلام مرتزق تاه بشربة ماء، والأخطر من كلّ ذلك أنّ الأيمان بأنّ الحلّ يكمن في المقاومة هو الفعل والفاعل والتفاعلي عند غالبية تلك الشعوب، وهذا دليل آخر على بداية فشل مشروع أميركا وتوابعها في المنطقة حتى لو لم يظهر جلياً بعد!

هذه الأمور يفهمها حزب الله كلياً، وما كان من إجراء العرض العسكري يوم القدس بعد انقطاع ليس عابراً بل رسالة محمّلة بمضامين عديدة لمن يعنيهم الأمر!

وليس من الخطأ ان يُطلب من المقاومة بأن تسعى إلى إظهار عناصر قوّتها، وقد تلجأ إلى تمرير هذا من وقت إلى آخر، وتحديداً في خطابات السيد حسن نصر الله ومن قبل بعض الوجوه السياسية والإعلامية المعنية لدرء وردع العدو وأدواته!

كما لا بدّ من مناورات صغيرة هنا أو هناك تكون عبارة عن إيصال رسائل ورفع جهوزية خاصة، والقيام بمناورات استدعاء قواتها لجهوزية الحرب، ونحن هنا لا نبالغ إنْ قلنا ربما الحزب والمقاومة قاما بمثل ذلك، والتاريخ يشهد للمقاومة كيف قامت بعد حرب تموز 2011 بمناورات أربكت العدو، وقد لا تحتاج لفت نظرنا بل المقاومة في كلّ مناوراتها تحاكي جهوزية تامة لوقوع الحرب والتي ستكون المقاومة جزءاً أساسياً فيها!

بالطبع أميركا ومن يسير في فلكها في الداخل اللبناني سيتحركون، وقريباً سنجد تحركات افتعالية مشبوهة للسفير السعودي داخل أكثر من منطقة لبنانية، وربما قد يزور الجنوب اللبناني، ولكن هذا لن يؤثر على جهوزية المقاومة وحزب الله.

وأيضاً سنستمع إلى أصوات اعتدناها تهاجم المقاومة وقد تزيد جرعات الشتائم والنق والانتقادات والهجوم الاستفزازي من خلال مؤتمرات صحافية مفاجئة ودون جدوى!

وقد يعتبر بعضهم أنّ التخلي الذي أصاب النائب وليد جنبلاط في عدم اعترافه بمزارع شبعا ضمن هذه الرسائل المطلوبة ضدّ المقاومة، وفي الحقيقة هي رسائل خاصة بمصالحه وتجارته والبزنس الذي يؤمن به جنبلاط ليس أكثر، وآخر رسائله موضوع طلاب الشهادة المتوسطة!

حزب الله والقادة في أتمّ الجهوزية، والمقاومة ليست معنية بهكذا صغائر ستحدث في الداخل اللبناني، وهو لن يغوص بمشاكل غير مجدية وصراعات زعاماتية لمكاسب جماهيرية انتخابية فارغة، وهو منذ بروز تهديدات ترامب، والاجتماعات المخابراتية السعودية الإماراتية الإسرائيلية العلنية والسرية المتكرّرة منهمك في الردّ الردعي والردّ المباشر الذي يربك العدو في شتى الأساليب والوسائل، ويدرس كلّ الوقائع والمعطيات، وعلى أساسها أكثر من المتابعة، والمتابعة عند قيادة الحزب تدركها وأدركتها جيداً «إسرائيل»، والصمت وما أدراك ما صمت المقاومة المخيف، والفعل حينما يتطلب ذلك دون الرجوع إلى الوراء!

وهذا تطلب دائماً مراقبة شديدة ودقيقة وغاية في الحساسية والمسؤولية من قبل المقاومة لقوات الطوارئ الدولية المتواجدة على الأراضي اللبنانية، وكلّ الحدود المتاخمة لفلسطين على مدار الساعة!

قادة المقاومة يعلمون جيداً خطورة المؤامرة، وبالتأكيد يعقدون الجلسات للخروج بآليات ردعية جاهزة تحاكي الواقع، وتواجه العدو بتفوّق، وتحمي لبنان والمقاومة وبيئتها!

المقاومة مؤمنة بالسعي الفعلي لإمتلاك القدرات الهجومية والدفاعية لإيصال العدو إلى مرحلة اليأس، والتي تجعله يتخلّى عن فكرة الحرب، وشنّ حروبه المباغته والمفاجأة!

بعد هذه الهزائم التي مُنيّ بها العدو الصهيوني على يد المقاومة عسكرياً وسياسياً، وفشل مغامرات الأعراب في تحقيق حروبهم الحاقدة على محور المقاومة في سورية واليمن والبحرين والعراق ولبنان وفلسطين أصبحنا أمام زمر متشابهة في عدم امتلاك قدرة الدفاع، وجهوزية الهجوم عندهم يشوبها الكثير من الخوف وقلق ما ينتظرهم خاصة عند الجيش الإسرائيلي وبقايا الجيش السعودي، ولذلك القدرة الهجومية عند رجالات الله، ورجالات جيوش محور الممانعة تجعل العدو مردوعاً بشكل دائم، خاصة أنّ الصبر كان مفتاحاً لفرج قريب قد تنعم به المقاومة ومحورها، بينما عامل الوقت وكثرة الانتظار أفقدت الفريق الأميركي صبره وشتتت جهوده… وهذا هو بيت القصيد والمطلب… لذلك نستطيع القول: «إنّ القدرة الهجومية عند رجال الله أصبحت عقيدة فعالة ومطلوبة وستنفذ في المقاومة»!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى