موسكو تدخل من بوابة عودة النازحين بعد خروج واشنطن من شباك الترسيم الحريري وباسيل يجدّدان التسوية… بعدما حققت التعبئة أهدافها بشدّ العصب

كتب المحرّر السياسيّ

بدا أن طهران عازمة على تقديم موعد البدء بالتخصيب المرتفع لليورانيوم، لملاقاة قمة العشرين بإجراءات عملية تقطع الشك باليقين لجهة الإرادة الإيرانية برفع سقف التحدي لشركائها في التفاهم النووي، تحت عنوان أن من لا يؤدي التزاماته التي يقوم عليها التفاهم النووي لا يمكنه أن يطلب من إيران التزامات أحادية بلا تجاوب من الشركاء. وبالتوازي ظهر الرهان الأميركي على فصل العقوبات الأميركية على إيران والانسحاب الأميركي من التفاهم النووي عما ستفعله إيران وما يفعله حلفاؤها، ومطالبة الدول الدائمة العضوية بالتجاوب مع العودة لتجريم إيران كخطر على الأمن والسلم الدوليين إذا عادت للتخصيب المرتفع لليورانيوم، وتجريمها كمصدر خطر على الملاحة الدولية في ضوء ما جرى لسوق النفط وناقلاته في الأيام الماضية، لكن الأجوبة الروسية والصينية والأوروبية جاءت مخيّبة للطلبات الأميركية. فالإجماع الذي أرادته واشنطن بوجه طهران تحقق تحت عنوان التهدئة والحاجة لمبادرات تنتج التسويات وتمنع التصعيد، وسط حديث أوروبي عن سعي لتفعيل الآلية المالية للتبادل التجاري مع إيران خلال أيام قليلة مقبلة تسيق عودة إيران المقررة للتخصيب المرتفع بعد عشرة ايام.

وفي سياق دولي إقليمي مشابه للتعثر الأميركي، والتقدّم الروسي، يشهد لبنان حركة دبلوماسية روسية لافتة تستثمر على تراجع الآمال بوصول قريب لمعاون وزير الخارجية الأميركية ديفيد ساترفيلد إلى بيروت، مقابل وصول المبعوث الروسي الخاص لشؤون المنطقة الكسندر لافرنتيف إلى لبنان، وموسكو التي كانت تراقب عن كثب المساعي الأميركية لاستخدام وساطتها في ترسيم الحدود البرية والبحرية للبنان، بهدف تحييد دور حزب الله وسلاحه عن أي مواجهة محتملة بين أميركا وإيران، عبر إغراء لبنان بنيل حصته من النفط والغاز مقابل محاصرة حزب الله وتقييده، وجدت أن الحسابات الأميركية التي إصطدمت من جهة بموقف حزب الله برفض عزل المواجهة مع إيران عن مستقبل مواجهات المنطقة، ومن جهة أخرى بجشع إسرائيلي أراد إضافة ملف الصواريخ إلى المفاوضات، فقررت أن تتحرك لدخول لبنان وربما سواه من دول المنطقة من بوابة سورية عنوانها في لبنان عودة النازحين، وربما يكون كذلك في الأردن، كما تقول مصادر روسية تؤكد عزم الرئيس الروسي منح جرعة قوة لتفعيل مبادرته لعودة النازحين السوريين، بينما واشنطن تشعر بالعجز عن تحقيق أي تقدم سواء في تطمين لبنان من شباك الترسيم أو في تطمين الأردن من تداعيات صفقة القرن.

لبنانياً، مع تقدم نقاش الموازنة في المجلس النيابي، وصولاً لبند رسم المستوردات، الذي يثير نقاشاً وتتصاعد دعوات استبداله برسوم لا تطال جميع اللبنانيين، وخصوصاً ذوي الدخل المحدود، ويبدو أن شبه إجماع نيابي ممكن التحقق إذا توافرت مقترحات عملية في هذا الصدد تنسجم مع التزام المجلس دستورياً بعدم إلغاء واردات أو زيادة نفقات، إلا بتأمين ما يعادلها في تحقيق نسبة العجز الواردة في مشروع الحكومة، شكل اللقاء المطوّل الذي جمع رئيس الحكومة سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل لخمس ساعات وتلاه غداء ضمّهما في بيت الوسط، فرصة وصفتها مصادر الفريقين بالصريحة لمناقشة كل القضايا الخلافية التي تصدّرت السجالات بين تياريهما خلال الأسابيع الماضية، وفرضت أجواء من التوتر الطائفي على البلاد بالخطابات التي أطلقها كل من الحريري وباسيل، وطبقاً لمصادر متابعة يبدو أن مرحلة شدّ العصب قد انتهت بالنسبة للفريقين، وقد حققت غاياتها بتمكينهما من الإمساك، كل بشارعه الطائفي، ومحاصرة منافسيه في طائفته عشية البدء ببحث كلف التعيينات، بما يتيح حجز الحصص الرئيسية لكل من الفريقين، وينتظر أن تنطلق جلسات حكومية من اليوم في السراي وتتواصل الخميس في قصر بعبدا تمهيداً لجلسات تنعقد مطلع الشهر المقبل تخصّص للتعيينات.

يصل لبنان اليوم ولمدة يومين الوفد الروسي المؤلف من الممثل الخاص للرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرنتيف للبنان، يرافقه نائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين ومساعداهما، حيث سيلتقي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ورئيسي المجلس النيابي نبيه بري، والحكومة سعد الحريري، وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب لعودة النازحين وقائد الجيش العماد جوزاف عون والمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ومسؤولين آخرين.

وسيبحث الوفد الروسي مع المسؤولين اللبنانيين، بحسب مصادر مطلعة لـ البناء ، في المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين وضرورة تعاون المجتمع الدولي لحل مشكلة النزوح. كما سيناقش الجانبان مفاوضات استانا المقررة في تموز المقبل ودعوة لبنان للمشاركة في المؤتمر بصفة مراقب. ولفتت المصادر الى ان اللقاءات سوف تتطرق الى الاوضاع الاقليمية والازمة السورية بشكل خاص لجهة التأكيد على ضرورة الحل السياسي وإعادة الإعمار لا سيما في ما خص دور لبنان في هذه العملية من الناحية اللوجستية نتيجة موقع لبنان.

وشددت مصادر مطلعة لـ البناء على أن أي مبادرة لا يمكن أن تبصر النور إذا لم تتوفر لها مقومات النجاح محلياً، بما معناه الإرادة السياسية الموحدة لعودة النازحين، معتبرة أن الأمور يجب ان تسلك الطريق الصحيح في معالجة هذا الملف لجهة إزالة العوائق التي تقف في وجه عودة السوريين الى ديارهم. وهذا يتطلب الحديث مع المجتمع الدولي ودعوته الى عدم ربط مساعداته للنازحين ببقائهم في لبنان، فضلاً عن ضرورة التنسيق مع الحكومة السورية، وصولاً الى تحفيز النازح على العودة وتبديد مخاوفه وهواجسه التي يحاول الخارج زرعها في رأسه.

الى ذلك، نشرت بعض صفحات التواصل الاجتماعي صوراً يتم تداولها بين عدد من الاشخاص السوريين تحت عنوان سوريون فقدوا الحياة في لبنان ، يدعون من خلالها الى المشاركة في إضراب أطلقوا عليه اسم إضراب الكرامة ، بسبب ما اعتبروه الإجراءات القاسية من قبل الحكومة اللبنانية بحق النازحين، كما بسبب عنصرية الشعب اللبناني في التعامل مع الشعب السوري ، لمدة 3 أيام ابتداءً من 20 الحالي، ويشمل التوقف عن العمل وشحن الهواتف الخلوية ومقاطعة وسائل النقل اللبنانية.

وفي سياق الزيارات الخارجية للبنان يصل مساء اليوم وفد من مجلس الشورى السعودي الى مطار رفيق الحريري الدولي، وسيلتقي الوفد غداً الأربعاء رئيس الجمهورية ميشال عون، رئيس المجلس النيابي نبيه بري رئيس الحكومة سعد الحريري. كما يزور الوفد الخميس مفتي الجمهورية اللبنانية عبد اللطيف دريان.

من ناحية أخرى، وعشية جلسة مجلس الوزراء العادية في السراي الحكومية اليوم، التقى رئيس الحكومة سعد الحريري أمس، وزير الخارجية جبران باسيل في السراي ثم انتقلا الى بيت الوسط لتناول وجبة الغذاء. وعقدا اجتماعاً مطولاً دام نحو خمس ساعات خصص لتقييم الوضع على خلفية السجالات وتبادل الاتهامات على مدى الأسبوعين الماضيين بين مسؤولي التيارين.

وبحسب مصادر تيار المستقبل لـ البناء ، فإن الرئيس الحريري اكد للوزير باسيل ما اعلنه في مؤتمره الصحافي لجهة ضرورة العمل لتحقيق مصالح البلد قبل المصالح الخاصة والسياسية وضرورة تفعيل عمل الحكومة، معتبراً أن السجالات لا يمكن ان توصل الى اي نتيجة، في حين أن المطلوب التفاهم لإنقاذ البلد اقتصادياً. ولفتت المعلومات الى ان اللقاء تناول كل التفاصيل المتعلقة بمواقف الوزير باسيل بدءاً من لقائه مع الفاعليات البقاعية مروراً بحادثة طرابلس وملف النازحين وصولاً الى ملف التعيينات.

وكان اللقاء بحسب المكتب الإعلامي للرئيس الحريري فرصة للتأكيد على تقديم المصلحة الوطنية على ما عداها من اعتبارات، وعلى الأهمية التي توجبها مقتضيات المرحلة، لتفعيل العمل الحكومي وتهيئة المناخات الملائمة لإنجاز الموازنة وإعداد العدة اللازمة لوضع البرنامج الاستثماري الحكومي والخطة الاقتصادية وقضايا النفايات والنزوح والمهجرين والتعيينات وكل الملفات المعيشية والملفات التي تعالج الهدر وتكافح الفساد وتؤدّي الى رفع إنتاجية الحكومة والدولة بشكل عام لتكون على جدول أعمال المرحلة المقبلة.

وخلص الاجتماع في ضوء ذلك إلى أن التفاهم الذي حصل قبل حوالي ثلاث سنوات قائم وسيستمرّ قوياً وفاعلاً بعد جلسة المصارحة، في إطار التعاون مع كافة المكونات الحكومية لتوفير عوامل الاستقرار المطلوب، وتحقيق أعلى درجات التجانس في العمل الوزاري .

وعلى خط العمل التشريعي، قررت هيئة مكتب مجلس النواب التي اجتمعت في عين التينة برئاسة الرئيس نبيه بري عقد جلسة نيابية تشريعية نهاية هذا الشهر يحدد موعدها في ما بعد، وتتناول مشاريع واقتراحات القوانين الواردة على جدول الأعمال الى جانب بعض اقتراحات القوانين المعجلة المكررة التي سيأخذ المجلس موقفاً في شأنها ثم تتبع بانتخاب حصة المجلس من أعضاء المجلس الدستوري، علماً أن الرئيس بري بدا مرتاحاً لمسار نقاشات جلسات لجنة المال والموازنة والحضور النيابي الكبير في جلساتها آملاً أن تنتهي اللجنة من دراسة مشروع الموازنة نهاية الشهر الحالي.

وكانت لجنة المال والموازنة استأنفت اجتماعاتها لمناقشة مشروع الموازنة، حيث أسقطت بندي رخص الزجاج الداكن ورخص السلاح من الموازنة بسبب اعتبار بعض النواب أنها مواد مخالفة للقانون. وعلقت في جلسة المساء المادة 63 المرتبطة بالـ 2 على البضائع المستوردة لصياغة جديدة تأخذ في الاعتبار اقتراحات النواب ووزير المال لاستثناء بضائع استهلاكية يومية. واعتبر النائب إبراهيم كنعان ان من غير الجائز الذهاب الى رسوم على المواطن قبل أن تقوم الدولة بواجباتها لضبط الهدر وتأمين الإيرادات من أماكن أخرى. في حين بقي وزير المال علي حسن خليل على موقفه من ان الهدف من رسم 2 في المئة على البضائع المستوردة تخفيف العجز وحماية الإنتاج الوطني ويمكن توسيع مروحة الرسوم النوعية على كل المنتجات التي يتم إنتاج مثيل لها في لبنان ما يؤمن ايرادات أكثر ولا يؤثر على الطبقات الفقيرة .

وعقد أمس، اجتماع في وزارة الداخلية بين الوزيرة ريا الحسن ووزير الدفاع الياس بو صعب، تناول مجمل الأوضاع والتطورات الأمنية على الساحة اللبنانية، فضلاً عن تعزيز التعاون والتنسيق بين الجيش والقوى الامنية التابعة لوزارة الداخلية.

كشفت قوى الأمن الداخلي عن عملية نوعية لشعبة المعلومات أسفرت عن توقيف داعشي ز. م. مواليد عام 1999، سوري مقيم في بلدة ياطر كان يعد لاستهداف إحدى الكنائس او الحسينيات وقتل أكبر عدد من روادها، مقتدياً بما قام به عناصر التنظيم في سريلانكا وتزامناً مع الفيديو الذي تم نشره مؤخراً لأبو بكر البغدادي والذي يبارك فيه مثل هذه العمليات. بالإضافة الى شخص آخر سوري ص. ب. قام بتجنيده.

وأوضح قائد الجيش العماد جوزاف عون أمس، أن الجيش يتعامل اليوم مع عدو إرهابي غير تقليدي متخفٍ بين الناس، حيث التعقيدات كثيرة وغير واضحة. واعتبر خلال تفقده كلية فؤاد شهاب للقيادة والأركان، أن سرعة استجابة الوحدات للاعتداء الإرهابي في طرابلس أخيراً، ومسارعتها إلى إنهاء الحالة الشاذة، تؤكد أهمية المبادئ التي نتعلمها في كلية القيادة والأركان ، لافتاً إلى أن الإرهاب يتحيّن الفرص من خلال بعض الخلايا النائمة لبث حقده في المجتمع، لكن تطوّر مديرية المخابرات وجهوزيتها أحبط الكثير من هذه المحاولات، وما أفلت منها قضت عليه الوحدات المولجة حفظ الأمن .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى