موسكو تدعو لبنان لحوار مع سورية إذا كان جدياً في قضية النازحين جنبلاط وجعجع يفتحان النار على تفاهم الحريري باسيل… والمجلس الدستوريّ قريباً

كتب المحرّر السياسيّ

كشفت مصادر روسية مطلعة عن توتر بين موسكو وأنقرة حول الوضع في إدلب، بعد الفشل التركي في تنفيذ التعهّدات الخاصة بإنهاء جبهة النصرة رغم تمديد المهل لأكثر من عامين، وبالمقابل إصرار تركي على الاحتفاظ بنقاط المراقبة المتقدّمة التي تعيق فرص تقدم الجيش السوري على حساب الجماعات المسلحة التي تقاتل ضمن غرفة عمليّات مشتركة مع جبهة النصرة. وقالت المصادر إن ما قاله وزير الخارجية السورية وليد المعلم من بكين عن عدم رغبة سورية بالتصادم العسكري مع تركيا سمعه المسؤولون الروس من القيادة السورية مراراً رغم توصيف سورية للوجود التركي في سورية بغير الشرعي، وبالاحتلال الأجنبي، لكن الأتراك تخطّوا الحدود التي تستطيع موسكو تبريرها والتغاضي عنها، وقد أبلغت موسكو لأنقرة خطورة الموقف، وبدلاً من أن يكون الرد بالتجاوب وإزالة نقاط المراقبة المتقدّمة التي تحمي الجماعات المسلحة، أوعزت أنقرة لجماعاتها بالانقلاب على التفاهم السابق مع موسكو حول كيفيّة تشكيل اللجنة الدستورية، وهو ما كان موضع اعتراض الدولة السورية أصلاً، واستبعدت المصادر تموضعاً تركياً بعيداً عن موسكو، وقالت إن الوضع يشبه مرحلة معارك حلب، فموسكو لن تضغط على سورية لوقف عملياتها العسكرية بل ستقدّم المساندة النارية المطلوبة، وعندما يكتشف الأتراك فشل رهانهم على الجماعات المسلحة سيعودون إلى البحث عن المخارج من بوابة اللجوء إلى موسكو كما فعلوا في معارك حلب قبل ثلاثة أعوام.

موسكو منهمكة بالتحضير لمبادرة سياسية حول الوضع في الخليج وكيفية حماية التفاهم النووي مع إيران من السقوط، كما تقول المصادر، وهي ترى بالتراجع المتبادل عن الخطوات التصعيدية من واشنطن وطهران مدخلاً للتهدئة. والقضية هي ما إذا كانت واشنطن مستعدة للتراجع لأن إيران في موقع رد الفعل تذهب للتصعيد. وهذا ما ليس واضحاً بعد، فرغم إعلان الرئيس الأميركي عن نيته عقد قمة مع الرئيس الروسي على هامش قمة العشرين في اليابان لا يزال الغموض يكتنف جدول الأعمال والتوجهات التي ستطرح للنقاش وموسكو تنتظر الأجوبة الأميركية لتحدّد موقفها، بينما يعتقد المسؤولون الروس أن النجاح في التهدئة سيفتح المجال لحوار إقليمي إيراني سعودي برعاية أميركية روسية تشترك فيه الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، ويمكن لهذا الحوار أن يضع أسس تسريع الحل السياسي في اليمن باعتبار الحرب فيه باتت مصدر خطر على الأمن والسلم الدوليين، بمثل ما هي خطر على حياة اليمنيين.

لبنان نال نصيباً من الحراك الروسي الذي تمثل بحضور المبعوث الشخصي للرئيس الروسي ألكسندر لافرنتيف إلى بيروت، حاملاً رسالة للمسؤولين اللبنانيين مفادها أن الظروف مؤاتية لتفعيل المبادرة الروسية لعودة النازحين السوريين، وأن على اللبنانيين إظهار جديّتهم في الدعوة لحل هذا الملف الضاغط على لبنان عبر إثبات قدرتهم على فتح حوار مباشر مع الحكومة السورية كشرط لنجاح أي مبادرة في هذا الملف. فالعودة ليست فتح حدود وتوجيه نداءات ولا تضييق على النازحين في شروط الحياة، كما تحمل الرسالة السورية، بل بموقف رسمي لبناني يخاطب المنظمات الأممية للمشاركة بتأمين انتقال المساعدات المقدّمة للنازحين إلى العائدين، وبفتح حوار تفصيلي مع الحكومة السورية يحدّد برنامج زمني للعائدين مرتبط بالأولويات التي تخضع لظروف البلدين كما تعرفها الحكومتان، أي من البداية الميسّرة والممكنة، وإلى أين، والتنسيق بين معطياتها، وينتظر أن تتحول نقاط الموقف الروسي إلى مادة نقاش حكومي مؤجل منذ زمن لحساب خطاب سياسي لا صلة له بقضية العودة إلا بالعنوان.

في الشأن الداخلي تشير المعلومات التي تناقلتها المراجع السياسية إلى نجاح الرئيس سعد الحريري والوزير جبران باسيل بإنجاز خريطة طريق لتعويم التفاهمات بينهما، والبدء بملف التعيينات في المجلس الدستوري في الجلسة التشريعية التي دعا لانعقادها رئيس مجلس النواب يوم الأربعاء المقبل، وترتب على تفاهم الحريري باسيل تصعيد جنبلاطي قواتي عبرت عنه تغريدات رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ومواقف رئيس حزب القوات اللبنانية، اللذين كشفا بوضوح عن خشيتهما من وجود تفاهم على حسابهما بين باسيل والحريري بكلام جنبلاط عن الصهر والعبث بالأخضر واليابس وعن تسوية الذل والاستسلام، وحديث جعجع عن سعي باسيل لوضع اليد على المراكز المسيحية في الدولة. وتوقعت مصادر متابعة أن يحفظ لجنبلاط الموقع الدرزي في المجلس الدستوري، ويمرّر من مجلس النواب، ومثله يمرّر في مجلس النواب أحد الأعضاء المسيحيين للقوات اللبنانية، بالإضافة إلى شيعي تسمّيه حركة امل، وسني يسمّيه المستقبل ومسيحي يسمّيه التيار الوطني الحر، مقابل تعيين مجلس الوزراء سنياً يسمّيه المستقبل، وشيعياً يسمّيه حزب الله، وثلاثة مسيحيين يسميهم التيار الوطني الحر.

بدأ الوفد الرئاسي الروسي المؤلف من المبعوث الرئاسي الروسي لسورية الكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فرشينين جولته على القيادات المحلية من عين التينة، حيث استقبله رئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن يزور اليوم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية جبران باسيل في إطار البحث في ملفي النزوح السوري واجتماعات استانة.

وكشف لافرنتييف من عين التينة أنه تحدث مع الرئيس بري في موضوع الأزمة السورية وانعكاساتها على لبنان، فضلاً عن موضوع النازحين السوريين وماذا يمكن أن تقدمه روسيا في هذا المجال. وبدأ مساء أمس، وفد من مجلس الشورى السعودي في الساعات المقبلة زيارة الى بيروت، حيث ستكون له سلسلة من اللقاءات والاجتماعات مع الرؤساء والمسؤولين اللبنانيين في إطار ترسيخ التنسيق البرلماني بين الدولتين وتفعيل دور لجنة الصداقة البرلمانية السعودية اللبنانية. وبينما أصبح مؤكداً أن لا جلسة الخميس لمجلس الوزراء ما يعني أن لا تعيينات هذا الاسبوع، فان جلسة مجلس الوزراء أمس، كانت عادية حيث درس نحو نصف جدول الاعمال المؤلف من مئة بند، جدد خلالها الرئيس سعد الحريري التضامن الوزاري. وأصرّ الحريري على ضرورة إقرار الموازنة وخطة ماكنزي في شهر تموز وطلب من وزير الاقتصاد منصور بطيش إعادة دراسة الرسم النوعي مشيراً الى أن الأهم هو المحافظة على مؤسساتنا التجارية .

الى ذلك، وفيما لم تمض ساعات قليلة على الرسالة التي بعث بها رئيس الحزب التقمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى رئيس الجمهورية عبر النائبين الوزيرين أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، حتى خرج جنبلاط نفسه بتغريدة عبر تويتر مهاجماً الوزير جبران باسيل من دون أن يسميه قائلاً: في فلسطين صفقة قرن وفي لبنان صفقة قرن. هناك أرض وشعب على مشارف المصادرة والتهجير وهنا اتصالات وكهرباء وأملاك بحرية ومصافي ونفط وغاز على مشارف القرصنة والتوزيع والتخصيص. هناك صهر وهنا صهر يعبثون بالأخضر واليابس. هناك رئيس يهدد العالم يميناً وشمالاً وهنا تسوية القهر الذل والاستسلام .

ولفتت مصادر الاشتراكي لـ«البناء الى ان النائب السابق وليد جنبلاط يرحّب بأي تفاهم بين المكونات السياسية، لكنه يبدي تحفظاً حيال التسوية التي يحاول من خلالها التيار الوطني الحر الاستئثار بالبلد، مضيفة: كثر الحديث عن لقاء الخمس ساعات في بيت الوسط وأنه تناول ملف التعيينات الذي يجب أن يبحث في مجلس الوزراء وليس في اجتماعات ثنائية. واذا صح ما سبق ذكره، فإننا لن نسمح لأحد بمد اليد على الحصص التي لا تتصل بالطائفة المسيحية، معتبرة أن الحزب الاشتراكي على موقفه أنه لن يقبل تحت اي مسمّى المسّ بحصته في ملف التعيينات، مشيرة الى ان للحزب الاشتراكي وحده له الكلمة في التعيينات في المراكز التي تخصّه ولن يتنازل عن حقه لأحد، قائلاً: طالما ان بعض المكونات تنتهج سياسة القفز فوق المعايير الواجب اعتمادها للتعيينات، فإن ما يسري عليها سوف يسري على الجميع، وتابعت قائلة: عندما يسمح الوزير باسيل للقوى السياسية إبداء الرأي والتدخل في التعيينات المسيحية عندها لكل حادث حديث.

في موازاة ذلك، غمز رئيس حزب القوات سمير جعجع بعد اجتماع تكتل الجمهورية القوية من قناة الوزير جبران باسيل من دون أن يسمّيه، مشيراً الى أن أحد أطراف التسوية مُصرّ على أن تكون كل التعيينات المسيحية من حصته ، داعياً الى اعتماد آلية محددة للتعيينات مجدداً دعوته الرئيس عون الى التدخل لتصويب الأمور.

ومساء انتقل جعجع إلى بيت الوسط، حيث بحث مع رئيس الحكومة سعد الحريري الوضع السياسي العام وآخر المستجدات. وحضر اللقاء الوزير السابق ملحم رياشي والوزير السابق غطاس خوري.

وكان تكتل لبنان القوي لفت إلى أن وزير الخارجية ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل أكد متانة التفاهم مع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وتيار المستقبل لأنه أساس لاستقرار البلد، مشيراً الى أن هناك متضررين من هذا التفاهم وهم الخاسرون لأن هذا التفاهم هو شبكة أمان للبلد والشعب .

وشددت مصادر نيابية في تكتل لبنان القوي لـ«البناء على ان الوزير جبران باسيل لا يعطل التعيينات ولا يتمسك بحق الفيتو في هذا الملف كما يهول بعض المتضررين من التسوية، فجل ما يطالب به الحصول على حصة للتيار الوطني الحر تكون منسجمة مع موقعه وحجمه الوزاري والنيابي، من دون أن تخفي المصادر ان باسيل سوف يعمد إلى إنصاف حلفائه ايضاً في التعيينات وفق ما افرزته الانتخابات بعيداً عن استئثار هذا المكون او ذاك بالتعيينات.

الى ذلك تعقد جلسة عامة لمجلس النواب الأربعاء المقبل في ساحة النجمة برئاسة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، في حين تبدأ لجنة المال اليوم او غداً دراسة اعتمادات الوزارات والادارات، بعدما انتهت امس، من دراسة مواد قانون الموازنة باستثناء المواد المعلقة التي ستعقد جلسة مخصصة لها. وكانت لجنة المال في جلستها الصباحية أمس، عدلت المادة 72 المتعلقة بالموازنات الملحقة لأنها تخالف المادة 85 من الدستور، وأقرت المادة المرتبطة بتقسيط ديون الضمان مع توصية للحكومة لأنها مادة مستمرة منذ العام 2006، كما جرى اقرار المادة 73 لأنها تتعلق تقنياً بأموال يفترض ان تحصلها الخزينة. كما تم الطلب من رئيس لجنة المال وضع تعديل للمادة 78 المرتبطة بوقف التوظيف.

وبالتوازي، بدأ قائد الجيش العماد جوزيف عون زيارة الى المملكة العربية السعودية تلبية لدعوة من نظيره رئيس هيئة الاركان العامة في الجيش السعودي الفريق الأول الركن فياض بن حامد الرويلي، للبحث في سبل تعزيز التعاون بين الجيشين. وستكون لقائد الجيش سلسلة لقاءات أخرى مع عدد من المسؤولين السعوديين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى