خليل من الريجي: ظاهرة التهريب من أبرز علامات تحلل الدولة سقلاوي: أيّ رفع للأسعار بظلّ المعابر المفتوحة هدية مجانية للمهرّبين

محمد أبو سالم

كشف وزير المال علي حسن خليل أنّ ثمة «اكثر من 124 معبر تهريب في لبنان» عن طريق معابر وصلت بهم الوقاحة إلى حدّ تسميتها بمنتج معيّن أو باسم شخص معيّن أو ببلدة أو اتجاه معيّن، وهذه واحدة من أبرز علامات تحلل الدولة في القيام بواجبها».

واعتبر خليل خلال لقاء عقد في مبنى إدارة حصر التبغ والتنباك «الريجي» في الحدت، أنّ ظاهرة التهريب «تهدّد اقتصاد البلد وتساهم في عجز المالية العامة وتقليص الواردات»، مشيراً الى أنها من أبرز علامات تحلل الدولة في القيام بواجبها»، شاكياً عدم القدرة على اتخاذ «خطوات حقيقية في اتجاه ضبطه». وإذ نبّه إلى أنّ استمرار هذا الوضع «سيُسقط البلد على المستوى المالي وقدرته على الصمود وعلى التطوّر»، قال: «لا يمكن ان نسجل اننا دولة حقيقية ونحن نشهد ونرى وربما البعض يرعى مثل هذه المخالفات».

وأكّد خليل أنّ «مستوى التهرّب الجمركيّ والتهرب على المستوى الضريبيّ يشكل واحداً من ابرز عوامل استنزاف المالية العامة وعدم القدرة على تحقيق التوازن المطلوب».

وأضاف: «نحن نعرف انّ التهريب ليس قضية وطنية فقط بل قضية على مستوى العالم، ولكن أخطر أنواع التهريب هو أن تراه وتشهد عليه وتعدّ التقرير بحقّه ولا تستطيع أن تخطو خطوات حقيقية في اتجاه ضبطه».

وأِشار خليل الى أنه «قد رفعنا الصوت وقلنا خلال نقاش الموزانة العامة في مجلس الوزراء وخلال الأيام المنصرمة وفي لجنة المال والموازنة النيابية انّ هذه القضية تستوجب اطلاق ورشة عمل متكاملة تشارك فيها كلّ الاجهزة الأمنية والجمركية المعنية تتكامل ادوارها في اطار غرفة عمليات موحدة تُحَدّد فيها مكامن الخلل ويُعمَل على مكافحتها كقضية وطنية استراتيجية بامتياز. ولا يمكن ان نسجل اننا دولة حقيقية ونحن نشهد ونرى وربما البعض يرعى مثل هذه المخالفات».

كما شدّد على ضرورة إنجاز الموازنة «في أسرع وقت ممكن، حتى قبل نهاية هذا الشهر، في لجنة المال والموازنة، ليتسنّى إقرارها في الهيئة العامة ولتتحوّل الدولة نحو الاهتمام بالقضايا الأخرى المكملة لإقرار الموازنة» كنقاش الخطة الاقتصادية الضرورية والتي يجب ان تتكامل مع الموازنة من أجل تحريك عجلة الاقتصاد والمالية العامة والإنفاق الاستثماري. وإذ أكّد أن «لا نيّة لدى أحد في الحكومة وعلى مستوى القيادات السياسيّة في استهداف قطاع أو إدارة أو مؤسّسة عامة»، شرح أنّ «كلّ النقاش الدائر اليوم هو القدرة على سلوك مسار الإصلاح الحقيقي في الإدارة في المالية العامة».

أضاف: «قيل الكثير عن استهداف المؤسّسات العسكريّة والأمنيّة وأجدّد القول إنّ كلّ عملنا هو من أجل الحفاظ على مكتسبات وحقوق الأجهزة العسكريّة والأمنيّة والإداريّة وكل ما يتّصل بالمستفيدين من هذه الدولة. الفكرة الأساسيّة هي هذه والتحدّي هو في تأمين القدرة على استمرار تقديم التقديمات لهذه المؤسّسات.

وأشاد خليل «بالعمل المميّز للريجي وتجاربها الناجحة وقدرتها على متابعة مسؤولياتها وما تقترح». وقال: «اليوم نشهد على نجاح الريجي في تحويل محطة المؤتمر الاستثنائي الذي عقد قبل سنة وبضعة أشهر إلى محطة تنتج قرارات حقيقية من خلال المتابعة والمثابرة».

سقلاوي

من جهته، رحب سقلاوي بوزير المال الذي «يتابع بدقة كلّ خطط ومشاريع الريجي ويوليها الاهتمام والعناية التي تستحق على رغم الاستحقاقات الضاغطة الآن».

وخصص سقلاوي الجزء الأول من كلمته «لتصحيح بعض ما ورد في دراسة للجامعة الأميركية، وفي تصريحات بعض المسؤولين».

وعن دراسة الجامعة الأميركية التي تقترح «رفع أسعار التبغ وبالتالي رفع الإيرادات وخفض الفاتورة الصحية»، رأى أنّ «هذه المعادلة صحيحة، في حال واحدة، عندما لا يكون أمام المواطن خيار غير البضائع الشرعية. ولكن بوجود كلّ أنواع التبغ المهرّب في السوق، تصبح هذه الدراسة سوريالية وبعيدة عن التطبيق والواقع».

وأوضح أنّ «أيّ عملية لرفع الأسعار في ظلّ الوضع الاقتصادي الحالي ووضع المعابر المفتوحة ستدفع بالمواطن الى بدائل أرخص، وستجري الرياح بما لا تشتهي السفن، فلا تنخفض نسب المدخنين ولا تزيد العائدات، بل نقدّم هدية مجانية إلى المهرّبين».

وعلق سقلاوي على المؤتمر الصحافي لـ «أحد النواب الكرام» قبل أيام، متطرقاً إلى كلامه عن «جنات الفساد» وإلى ذكره «الريجي» ضمنها، فقال: «نستغرب الافتراءات على قطاع منتج، وفاعل اقتصادياً واجتماعياً وتنموياً، ونستغرب التعرّض لمؤسسة تعتبر سباقة في التطوير الإداري واعتماد معايير إدارة الجودة وقياس فاعلية الأداء نهجاً لها في كلّ تفاصيل عملها، ونستغرب استهداف مؤسسة تعتمد المساءلة والمحاسبة قانوناً والرقابة السابقة واللاحقة، ومن ثم من شركة تدقيق خارجي مكلفة من وزارة المال، وترسل موازنتها سنوياً قبل المهل المحددة اصولاً أيلول لتدرس من وزارة المال، وعلى ميزانية ترسل في آذار من كلّ عام وتحوّل الأرباح وفقاً للأصول الى خزينة الدولة».

وعن اقتراح النائب نفسه زيادة ألف ليرة على السجائر، سأل سقلاوي: «هل المطلوب إفلاس الريجي كما حدث عام 1999 بعد رفع الرسوم الجمركية حيث وقعنا تحت عجز مالي لسنوات نتيجة هذا القرار، ووصلت الأرباح الفائتة على الخزينة إلى ملياري دولار. وأما الربح فكان لجيوب المهرّبين وحضرة النائب يعرف ذلك جيداً».

وعن مساهمات الريجي التنموية للبلديات، أوضح سقلاوي أنّ «هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل حسمت عام 2015 أحقية الريجي في منح الهبات»، إذ رأت «انّ في إمكان إدارة الحصر بعد موافقة وزير المال وبناء على اقتراح مفوض الحكومة منح الهبات للإدارات العامة».

وردّ سقلاوي على قول النائب انّ مهمة «الريجي» بيع الدخان وإعطاء الأموال إلى الدولة، فقال: «لا يجوز اختزال رسالة هذه المؤسسة بهذا الشكل، فأبعاد تأسيس الاحتكار تتخطى الدعم المالي والاقتصادي الى تأمين الاستقرار الاجتماعي لمزارعي التبغ في الأرياف، من خلال تثبيت المزارع في أرضه، ودعمه، وتحسين ظروف عمله، لذلك فمن صلب واجباتنا ان نبادر من خلال البلديات لإنجاز طريق زراعية او برك تجميع مياه، وتأمين معدات رش مبيدات وغيرها لمساندة المزارعين… حيث غطت مشاريع الريجي حتى اليوم أكثر من 200 بلدة في الشمال والجنوب والبقاع، وقيمة المساهمات لا تتخطى نسبة 6 بالألف من صافي عائدات الخزينة من قطاع التبغ».

أضاف: «يُحسب لنا وليس علينا استحداث مصلحة للتنمية المستدامة ضمن هيكليتنا لأننا نعتبر انّ هذه النشاطات من صلب عملنا».

ومن ثم تحدث سقلاوي عن واقع التهريب، فاشار إلى أنّ «الريجي اليوم، وهي خامس مصدر لدعم خزينة الدولة، تتعرّض لتهديد حقيقي هو التهريب، والأرقام … دليل على أنّ الضرر خطر».

وكشف أنّ «سوق التهريب الحالي في قطاع التبغ تتراوح نسبته ما بين 30 و35 في المئة، أيّ ما يقدّر بـ 250 ألف صندوق مهرب في السنة، وإذا رفعت الأسعار كما في دراسة الجامعة الأميركية، قد تصل نسبة التهريب الى ضعفي هذا الرقم».

وتابع أنّ «الخسارة المباشرة تقدّر الآن بـ 100 مليون دولار، فيما الخسارة الفعلية فتقدّر بـ 300 مليون دولار لأنّ التهريب يحرم الدولة من أرباح مفترضة لعدم امكان رفع أسعار المصنوعات التبغية».

وتابع: «في العام المنصرم، بادرنا الى دق ناقوس الخطر في المؤتمر الأول لمكافحة التجارة غير المشروعة برعاية الوزير خليل والذي جمع أكثر من 600 مشارك من أكثر من 20 دولة عربية واجنبية، وأكد الوزير خلاله انّ الواقع المالي المأزوم يفرض ضبط ظاهرة التجارة غير المشروعة والتهريب والفساد المالي والإداري لكي يستقيم وضع الاقتصاد والمالية العامة من خلال إعادة النظر بالواقع التشريعي والتنفيذي ورسم الآليات الضرورية لضبط هذه الظاهرة. وبعد مرور عام على مؤتمرنا، نطرح السؤال مجددا: على من تقع مسؤولية حماية هذا القطاع، وموارد هذا الوطن؟ وهل يكفي ان نجتمع ونأتمر ونضع توصيات ومخرجات من دون أي إجراءات تنفيذية واقعية عملية؟».

وأضاف: «في الحقيقة، نطرح هذه الأسئلة اليوم، لأن جهودنا تبقى منقوصة إذا لم تصبّ في إطار رؤية وطنية جامعة. وايمانا منا بضرورة التحرك في هذا الإطار، قمنا بمشاركة نتائج هذا المؤتمر وتوصياته مع الرؤساء الثلاثة خلال العام الماضي».

وقال إنّ «الريجي اعتمدت منهجية المكافحة التجارية كون الحلّ الأساسي لعلاج مشكلة التجارة غير المشروعة بضبط المعابر البرية والبحرية والجوية لم يتحقق لتاريخه يا للأسف».

وأوضح أنّ من الخطوات التي تندرج ضمن هذه المنهجية «إطلاق الريجي إنتاج صنف سجائر سيدرز وطني بسعر منافس».

وقال: «لولا هذا الصنف لكان التهريب اليوم يغطي أكثر من 50 في المئة من السوق اللبنانية. وأما الخطوة الثانية ضمن منهجية المكافحة التجارية، فهي بدء الريجي خلال الأشهر الثمانية المقبلة بتصنيع معسّل وطني بموجب إجازة في معاملها لمكافحة تهريب المعسل».

ولفت إلى أن «المعسل باصنافه كافة مستورد ونسبة التهريب تقدر بـ 30 في المئة من السوق، أي نحو 1200 طن معسل مهرب. وكذلك ستبدأ الريجي، بتصنيع سجائر سيدرز من نوع SLIM، خلال أشهر»، مشيراً إلى أنّ «ماركة ELEGANCE تسيطر على 70 في المئة من سوق الـ SLIM المهرّب».

وتوقع «انّ تنخفض نسبة التهريب»، وأعلن نية «الريجي» إدخال السجائر الالكترونية شرعياً، مشيراً إلى أنّ «نسبة تهريب السجائر الالكترونية تبلغ مئة في المئة، إذ حتى اليوم ما زالت كلّ أصناف السجائر الالكترونية مهربة».

وقال: «نحن نشهد اليوم غزواً لأسواقنا من مختلف أنواع السجائر الالكترونية المهرّبة، الا انّ بعد مرور 4 سنوات على توقيع وزير المال على نظام الادخال وصدور إقراره في الجريدة الرسمية، لم نتمكن حتى اليوم من إدخالها».

وشكر سقلاوي النيابة العامة المالية بشخص القاضي علي إبراهيم «الذي سجل سابقة بتاريخ القضاء وساند الريجي في التشدّد في إيقاف المهرّبين وعدم اطلاقهم إلا بعد المصالحة ودفع الغرامات المتوجبة عليهم».

وقال سقلاوي: «ما أوردناه تناول قطاع التبغ فقط، والذي تقدّر قيمة خسائره الآن بـ 300 مليون دولار، فكيف هي حال القطاعات الأخرى وبكم تقدّر خسائرها؟».

اضاف: «نحن اليوم امام تحدّ حقيقي وضرر خطر يطاول الوطن والاقتصاد معاً، وكلّ أمام مسؤولياته يجب ان يحاول ويبادر ويتحرك ولكن لا يمكن ان نلغي انّ الحلّ الرئيسي لمكافحة للتهريب هو ضبط المعابر الشرعية وغير الشرعية وقبل أيّ رفع للأسعار، عند ذلك نحن من سيبادر لاقتراح رفع الأسعار».

وختم بتوجيه التحية الى فريق عمل جهاز مكافحة التهريب في «الريجي»، مشيراً إلى أنّ عديده «لا يتجاوز العشرين ويقوم بمهام كبيرة ويتعرّض للتهديد والوعيد، واستطاع تحقيق الكثير».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى