ترامب يخشى ملاقاة طهران على حافة الهاوية: قد يكون خطأ بشريّا! جنبلاط يصعّد… وتعميم بلدية الحدث يتفاعل… ومخاوف نيابيّة من تراجع المصارف

كتب المحرّر السياسيّ

حبس العالم أنفاسه من اللحظة التي انتشر فيها خبر إسقاط الحرس الثوري الإيراني للطائرة الأميركية بدون طيار، وبات الجميع بانتظار الرد الأميركي. فالطائرة تشكل أحدث ما تمتلكه الترسانة الأميركية من غرف عمليات إلكترونية طائرة يصل وزنها إلى خمسة عشر طن، وتطير بسرعة تزيد عن ستمئة كلم، وترتفع إلى أكثر من خمسة عشر كلم، وتقوم بالتصوير والتنصت وتحليل الأصوات والصور وبعمليات الإرسال والقيادة للعمليات، وتنجح بتفادي الرادارات، ويقارب سعرها مع معداتها ربع مليار دولار، وقد اسقطتها إيران بصاروخ أرض جو من صناعة إيرانية، لم يسبق الكشف عن امتلاكها مثله بقدرة إصابة الأهداف على هذا الارتفاع. وكشف وزير الخارجية الإيرانية محمد جواد ظريف عن أن الطائرة أقلعت بعد منتصف الليلة من مطار الظفيرة في الإمارات، وأسقطت في الرابعة فجراً فوق الأراضي الإيرانية وداخل المجال الجوي الإيراني، وقد سقط بعض أجزائها داخل إيران، وبات بعض الحطام بين أيدي الحرس الثوري، فيما جاء النفي الأميركي لانتهاك الأجواء الإيرانية خالياً من أي دليل مشابه لما قدمه الإيرانيون في رسالتهم إلى مجلس الأمن المرفقة بخرائط جوية تبين الأجواء الإقليمية والمراسلات التي وجهت للطائرة بالراديو كإنذارات للخروج من الأجواء الإيرانية قبل إطلاق الصاروخ الذي أسقطها.

الرئيس الأميركي الذي جمع أركان إدارته وجيوشه ومستشاره للأمن القومي جون بولتون، وتحدّث بداية بإيحاءات نيّة الرد على إيران عاد وتراجع باللجوء إلى لغة تخفيفية من خطورة العملية، فأشار إلى أن أحداً لم يُصَب من القوات الأميركية، وعاد فعرض لفرضية أن يكون إسقاطها غير مقصود من القيادة الإيرانية ومجرد تقدير خاطئ للعاملين على جهاز الصواريخ.

في عواصم العالم الخشية من انزلاق المواجهة الأميركية الإيرانية إلى حرب، سيطرت على ردود الأفعال التي تركزت على دعوات التهدئة وضبط النفس، والتحذير من مترتبات أي حرب على العالم اقتصادياً وسياسياً، في منطقة تشكل محور أسواق النفط في العالم، وتحتشد فيها مقدرات عسكرية متقابلة تكفي لدمار شامل. وبينما حذرت موسكو بلسان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من تسرّع أميركي نحو الحرب توقعت مصادر أميركية دوراً لموسكو في تبادل رسائل التهدئة مع إيران، خصوصاً مع الاجتماع المرتقب بين مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ومستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف في القدس المحتلة التي ستشهد الأحد اجتماعاً ثلاثياً أميركياً روسياً إسرائيلياً لمناقشة الوضع في سورية وكيفية تفادي التصادم بين التوجهات الأمنية والعسكرية للأطراف الثلاثة.

لبنانياً، تواصلت الحملة التي يقودها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ضد التفاهمات الثنائية بين رئيس تيار المستقبل رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل، واصفاً التفاهم بينهما بتسوية من يريد الإلغاء بأي ثمن والوصول بأي ثمن ومَن يريد البقاء بأي ثمن والشراكة بأي ثمن، ملمحاً إلى أنهما مجرد أدوات لقوى تؤمن بالإلغاء، وكأنه يقصد السعودية ضمناً، بينما كانت تتصاعد تفاعلات البيان الذي أصدره رئيس بلدية الحدث عن تمسكه بتعميم البلدية بحظر تأجير عقارات للمسلمين واعتباره عنواناً للحرص على التركيبة الديمغرافية الطائفية لسكان منطقة الحدث، فأعلنت وزيرة الداخلية ريا الحسن أنها طلبت من محافظ جبل لبنان استدعاء رئيس البلدية لاستجوابه حول صحة ما قال، وكانت مناخات الاستهجان هي العنوان الجامع بين التعليقات التي تناولت الموضوع الذي يتوقع أن يبقى في التداول في ضوء التبني شبه الرسمي لنواب من التيار الوطني الحر لموقف رئيس البلدية وتلميحات داعمة لموقفه من مقدمة نشرة أخبار تلفزيون الـ أو تي في، بينما في ملف الموازنة التي ينحصر النقاش المتبقّي حولها في القضايا التي تمّ تأجيلها، والتي سبق وكانت موضوع جدل حكومي، خصوصاً رسم المستوردات وتعويضات التقاعد والمنح المدرسية للموظفين، برز مجدداً قلق نيابي عبرت عنه أجواء لجنة المال والموازنة من تراجع المصارف عن تعهداتها بالاكتتاب بفائدة 1 لسندات خزينة بقيمة أحد عشر ألف مليار ليرة لثلاث سنوات.

هل انقلبت المصارف على الاتفاق؟

فيما خيّم الهدوء الحذر والترقب على الساحة السياسية بعد مغادرة الوفدين الدبلوماسيين الروسي والسعودي، وسفر رئيس الحكومة سعد الحريري الى الإمارات العربية، وحدها لجنة المال والموازنة النيابية خرقت صمت المشهد، إذ استكملت درس بنود موازنة 2019 في جلستين صباحية ومسائية لم تخلُ من سجالات وهرج ومرج وغمز ولمز، طال عمل اللجنة ومدى قدرتها على إدخال تعديلات جوهرية على مشروع الموازنة المحال من مجلس الوزراء في ظل وجود أغلبية نيابية تمثل مكونات الحكومة! ما دفع رئيسها النائب إبراهيم كنعان الى الدفاع عن اللجنة ورفض اتهامات بعض النواب والإعلام بأن الموازنة «تُضرب من بيت أبيها».

ويبدو أن اللجنة بحسب مصادر «البناء» تُرحل البنود الخلافية الى الهيئة العامة كما رمت الحكومة كرة خلافاتها على اللجنة والمجلس النيابي، فلم تغُص اللجنة حتى الآن في المحسومات التقاعدية من طبابة ومنح تعليمية وضريبة الدخل غيرها ولم تقارب موضوع العسكريين. وفي هذا البند أوضحت مصادر اللجنة لـ»البناء» أن «الاتجاه الى توحيد المنح التعليمية على مبلغ المليون ليرة لكل طالب، فلا يجوز أن تصل المنحة في قطاع الى 10 ملايين ليرة وفي آخر مليونين!».

كما لم يُحسم بند الضريبة على المستوردات علماً أن مصادر نيابية أكدت لـ»البناء» أن «اللجنة بانتظار اللائحة التي طلبها مجلس الوزراء من وزيري المال والاقتصاد لبدائل عن لائحة السلع الواردة في مشروع الحكومة»، موضحة أنه «يجب استبدال السلع الأساسية بالكماليات ولا يمكن استهداف كل السلع المستوردة كي لا تتحول الى ضريبة على القيمة المضافة»، وإذ أشارت معلومات «البناء» الى أن «تياري المستقبل والوطني الحر يصرّان على بند المستوردات كما أرسل من مجلس الوزراء، أوضحت مصادر كتلة التنمية والتحرير لـ»البناء» أن «كتلتي التنمية والوفاء للمقاومة مصرّتان على موقفهما من رفض هذا البند وستصوّتان ضده في الهيئة العامة، مذكرة بأن وزراء الحركة والحزب تحفظا في مجلس الوزراء عليه».

وبحسب معلومات اللجنة فإن النواب يؤجلون البت ببعض البنود للجلسة الأخيرة لمقارنة إيرادات الموازنة ونفقاتها ونسبة العجز وما تحتاجه للمحافظة على النسبة التي تصرّ عليها الحكومة لدواعٍ مالية داخلية وخارجية تتعلّق بمؤتمر سيدر ودرجة التصنيف الائتماني الدولي».

وناقشت اللجنة أمس، موازنات الوزارات واستكملت موازنة رئاسة الحكومة والمؤسسات التابعة لها، وانقسم النواب بين مؤيد لتخفيض هذه الموازنات وبين رافض لذلك، ما دفع عضو كتلة الوفاء للمقاومة الى انتقاد حجم المؤسسات التابعة لرئاسة الحكومة ووصفها بأنها أكثر وأقوى من الحكومة نفسها، وقدّم بعض النواب اقتراحات وأفكاراً لتخفيض بعض أبواب موازنات الإدارات العامة تصل الى 25 في المئة، وأبرزها تخفيض أو إلغاء المستشارين لدى الوزارات طالما هناك موظفون، وإذا لا تثق الوزارات بكفاءة هؤلاء فهذه مشكلة». وأجمعت اللجنة على «رفض تخفيض موازنات أجهزة الرقابة ودعت الى تحصينها مالياً لتعزيز دورها وأدائها الرقابي من ديوان المحاسبة الذي يعاني من شغور في أعضائه ونقص موظفين وايضاً مجلس الخدمة المدنية، حيث انتقد بعض النواب رفض الحكومة الأخذ بنتائج مبارياته داعين الى الأخذ بها واحترام المؤسسات وأصول التعيين أو إلغائها».

أما الصدمة التي سيواجهها المجلس والحكومة معاً وتحدث فجوة كبيرة في الموازنة يمكن أن تفجرها من داخلها، هي انقلاب المصارف على اتفاقها مع الحكومة بالاكتتاب بسندات خزينة في وزارة المال بـ 11 ألف مليار بفائدة 1 في المئة. وبالتالي ما سيرفع نسبة العجز الى ما فوق الـ 8 في المئة، بحسب مصادر اللجنة التي أكدت لـ»البناء» أن «هذا الأمر يشوبه التباس ولغط، لكن الواضح أن المصارف نكلت اتفاقها وتتهرّب. وهذا الامر سيعالج في السياسة وننتظر المشاورات التي تجرى بين المعنيين وموقف مصرف لبنان».

وأكد النائب كنعان أننا «حريصون على نسبة العجز التي حددتها الحكومة ولن نلغي أي إيراد من دون السعي الى تأمين بديل منه». وتابع بعد الاجتماع: «لن تتم الموافقة على إنفاق اي بند من دون تقديم الإيضاحات اللازمة من الادارة او المؤسسة المعنية». واعتبر أن «لجنة المال لا تضرب الموازنة من «بيت بيها» بل تعمّره بالرقابة والتدقيق الذي تقوم به».

وإذ سجل تراجع أساتذة الجامعة اللبنانية عن إضرابهم والقضاة عن اعتكافهم، واصل العسكريون المتقاعدون أمس، إقفال مبنى الواردات لليوم الثاني على التوالي، وسط تهديدهم بإقفال جميع مرافق الدولة خلال جلسة مجلس النواب وعلى رأسها مرفأ بيروت ومطار بيروت الدولي، في حال لم تلب مطالب العسكريين المتقاعدين.

هل بدأت معركة التعيينات؟

على صعيد آخر، يبدو أن معركة التعيينات بدأت قبل نضوجها وعرضها على مجلس الوزراء المتوقع الأسبوع المقبل، وهي تدرس على نار هادئة وبعيداً عن الإعلام، والواضح بحسب مصادر أن «رئيس القوات سمير جعجع لم ينتزع من الرئيس الحريري خلال لقائهما الأخير في بيت الوسط جواباً نهائياً لجهة الآلية التي ستتبع في التعيينات، فأرسل موفده ملحم الرياشي الى بعبدا للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون لإبلاغه الرسالة، علماً أن أوساطاً نيابية في القوات أكدت لـ»البناء» أن «اللقاء بين جعجع والحريري من جهة ولقاء عون – الرياشي من جهة ثانية لم يتطرق الى تفاصيل التعيينات على الإطلاق، بل تطرق الى آلية التعيينات وجرى البحث في الاستقرار السياسي وانتظام عمل المؤسسات وضرورة العمل على تفعيل إنتاجية مجلس الوزراء وأن للقوات هاجساً لما يجري في المنطقة وأن يكون لبنان محصناً. فالوضع الاقتصادي لا يحتمل اي انتكاسة». وتضيف المصادر أن «جعجع ناقش مع الحريري آلية التعيينات التي يجب اعتمادها لتعيد انتظام عمل المؤسسات والإدارة وثقة المواطن بالدولة وما طرحه جعجع مع الحريري نقله الرياشي الى عون»، وأكد الرياشي لعون بحسب المصادر أننا «نجحنا عبر قانون الانتخاب بتصحيح الخلل الميثاقي الذي كان قائماً ويجب على الرئيس عون لكي يكون عهده عهد مؤسسات اعتماد الكفاءة والاختصاص في التعيينات بعيداً عن المحسوبيات».

وعلمت قناة «المستقبل» أن « القوات طالبت بعدم تهميش أي جهة واتباع الآلية التي اقترحها الوزير محمد فنيش في التعيينات عندما كان في وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية».

في المقابل لم يتوقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط عن قصف جبهة العهد وصهره وتياره، حيث قال أمس إن «الواقع يقول إن ميثاق الثنائي لا علاقة له بالميثاق الوطني»، أضاف في تصريح له عبر مواقع التواصل الاجتماعي غامزاً من قناة الحريري والوزير جبران باسيل «أحدهم شعاره الإلغاء بأي ثمن والوصول بأي ثمن والآخر شعاره البقاء بأي ثمن والشراكة بأي ثمن، لكن لنتذكر أنهم أدوات لقوى لا تؤمن بالميثاق او التنوع فلسفتها اساساً الإلغاء».

تقرير أممي: السعودية عذبت الحريري

على صعيد آخر لفت ما كشفته المُقرّرة الأمميّة أغنس كالامارد، في تقرير حول مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، الى «حادثة احتجاز رئيس الحكومة سعد الحريري في السعودية».

وقد ورد للمقرّرة، أن سعود القحطاني كان واحدًا من مسؤولين اثنين استجوبا شخصيّاً رئيس حكومة لبنان سعد الحريري خلال احتجازه في مقر خاص في مجمع الريتز كارلتون في تشرين الثاني 2017، لإجباره على تقديم استقالته». وقد اقترح مقربون من القضية، بحسب التقرير، أن الحريري كان ضحية «تعذيب نفسي» ومعاملة قد تكون وصلت إلى «قاسية، غير إنسانية، ومهينة». ورأى التقرير أن «أوقح» هذه الاعتقالات، جاء في تشرين الثاني 2017 حين اعتقلت السعودية الحريري، مجبرةً إياه على «الاستقالة عبر التلفزيون».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى