موسكو تربط التفاهم مع واشنطن في سورية بالجولان… وماكرون يُعدّ مبادرة لقمة العشرين اليوم يُنتخب نصف المجلس الدستوري… و«القومي»: مؤتمر المنامة تتمة للحرب على سورية

كتب المحرّر السياسيّ

خيبات أميركية متلاحقة لا تغطي عليها اللغة العنترية التي تحدّث بها الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهدداً بمحو إيران بعدما هرب من المواجهة عندما أسقطت طائرة التجسس الأهم التي يملكها الجيش الأميركي بصاروخ إيراني، هذه الخيبات وحدها تفسّر مسارعة اوروبا بالتحدث مع إيران مباشرة لإنعاش الاتفاق النووي ومنعه من السقوط، عبر الاتصال الذي أجراه الرئيس الفرنسي إمانويل ماكرون بالرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني عارضاً التحضير لمبادرة تحمي التفاهم النووي من السقوط، وكشف عن مضمون المبادرة في بيانين منفصلين لمكتب الرئيس الفرنسي ومكتب الرئيس الإيراني، أمس الثلاثاء، في اتصال بين الرئيسين. وقال ماكرون لروحاني إن فرنسا تسعى لإقناع أميركا بالالتزام بالاتفاق النووي مع إيران كسبيل وحيد لمنع التصعيد في المنطقة، وفق البيان الفرنسي. ووفق بيان الرئاسة الإيرانية، أكد ماكرون خلال الاتصال الهاتفي مع روحاني تعاون الجميع للحيلولة دون زيادة التوتر في المنطقة، وشدد روحاني بالقول: إن القوات الإيرانية المسلحة «ستردّ بشكل حاسم وقاطع على أي تجاوز أميركي جديد لحرمة أجوائها»، على الرغم من تأكيده أن طهران لا تريد الحرب مع واشنطن، معرباً عن اعتقاده بأن «الظروف ستتغيّر كلياً إن نفّذ الأوروبيون بنود الاتفاق النووي خاصة المتعلقة بالبنوك وتصدير النفط». ونقل البيان تأكيد الرئيس الإيراني لنظيره الفرنسي أن العقوبات الأميركية ستفشل، واصفاً البيت الأبيض بأنه «متخلّف عقلياً»، مشدداً بالقول: «لن نعيد مفاوضات عملنا عليها لمدة عامين تحت أي ظرف»، وأضاف الرئيس روحاني: «في أي وقت تقوم 4+1، أي الدول الموقعة على الاتفاق النووي بعد الانسحاب الأميركي، بالعمل بالتزاماتها في الاتفاق النووي، وتحل مواضيع تصديرنا للنفط والتبادلات البنكية، فإن الأمور تعود إلى وضعها الطبيعي».

الخيبات الأميركية بدأت في الاجتماعات التي ضمت في القدس المحتلة مستشار الأمن القومي الروسي نيكولاي باتروشيف ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شباط، حيث عرض الأميركيون والإسرائيليون على روسيا مشروع صفقة تقوم على التعامل مع انتصار الرئيس السوري بشار الأسد كحصيلة نهائية شرعية للحرب في سورية، والاعتراف بشرعية الرئاسة السورية وتطبيع العلاقات العربية والغربية معها، وتمويل إعادة الإعمار وتفكيك المشروع الكردي الانفصالي في الشرق وانسحاب القوات الأميركية ووقف الهجمات الإسرائيلية، مقابل انسحاب إيران وقوى المقاومة، وكان الجواب الروسي سلبياً بإعتبار أن أي تفاهم مع أميركا و»إسرائيل» حول الحل النهائي في سورية غير ممكن في ظل الإصرار الإسرائيلي المدعوم أميركياً بضم الجولان السوري المحتل، ولأن احتلال الجولان هو الذي يبرر للدولة السورية التعاون العسكري مع إيران وحلفاء آخرين كحزب الله، حتى بعد استعادة الدولة السورية سيطرتها على كامل الأراضي السورية التي كانت تحت سيطرتها قبل الحرب الأخيرة، وأنه في ظل هذا الوضع يصبح للتفاهمات الممكنة سقف واحد هو منع التصادم وليس البحث عن تسويات شاملة، وقد كانت تصريحات مستشار الأمن القومي الروسي واضحة في الدفاع عن العلاقة مع إيران، بينما كانت تصريحات مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون مرتبكة، فتحدث عن بيانات لوكالة الطاقة الذرية تتهم إيران بمخالفة التزاماتها النووية وهو كلام لا صحة له وفقاً لبيانات الوكالة التي تؤكد التزام إيران بكل موجباتها، وفيما دعا بولتون إيران للغة الحوار كان الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوجه لها التهديدات، في صورة تعبر عن درجة الضياع والارتباك في توجهات الإدارة الأميركية.

الخيبة الأهم كانت في المنامة، حيث انعقد المؤتمر الموعود لإطلاق النسخة الاقتصادية الجاذبة لصفقة القرن، ووقف جارد كوشنر مستشار الرئيس الأميركي وصهره يعرض ثمرة ما قام بإعداده خلال سنوات، فيتحدّث عن الأموال الخليجية التي سينفقها الأميركيون تحت شعار السلام واعداً الفلسطينيين، الذين قاطعوا المؤتمر وانتفضوا احتجاجاً على عقده، بالازدهار إذا ساروا في ركاب مشروعه، الذي لا مكان فيه للحديث عن القدس وحق العودة للاجئين، ولا دولة في الضفة الغربية، وبينما كان كوشنر يتحدث أمام جمع بلا صفة ينكر كل منهم أن حضوره يعتبر تأييداً لمشروع كوشنر، كما فعل السعوديون والمصريون والأردنيون، كان كوشنر يعرض خريطة تظهر اقتطاع جزء من سيناء من مصر وضمّه إلى غزة ما أثار موجة من الاستنكار على وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المصرية، والحدث الوحيد اللافت كان حجم الحضور الإعلامي الإسرائيلي الذي يكشف الوظيفة الحقيقية للمؤتمر الذي ولد ميتاً على الصعيد الفلسطيني، ليكمل مهمته في تكريس التطبيع الخليجي الإسرائيلي.

لبنانياً، شكلت المقاطعة لمؤتمر المنامة تعبيراً عن التزام برفض التوطين والتضامن مع المقاطعة الفلسطينية، وارتفعت الأصوات المندّدة بالمؤتمر والمشاركين فيه، بينما رأى الحزب السوري القومي الاجتماعي في المؤتمر استمراراً لنهج الخيانة والتطبيع الذي سلكه بعض الحكام العرب، وكانت ترجمته الأبرز في تواطئهم على سورية ومشاركتهم في الحرب عليها، بينما تصاعدت الدعوات كي يناقش مجلس الوزراء غداً موقف لبنان الرسميّ لتكريس المقاطعة وإبلاغ الموقف اللبناني عربياً ودولياً.

وفيما انطلقت أمس، في المنامة عاصمة البحرين ورشة تعرض فيها الولايات المتحدة الاميركية «الشق الاقتصادي» لخطتها لما يُسمّى «السلام في الشرق الأوسط»، أشارت مصادر دبلوماسية ومطلعة على السياسة الاميركية في المنطقة لـ«البناء» الى أن «الموقف اللبناني حيال صفقة القرن بشكل عام ومؤتمر البحرين بشكل خاص يحصّن الوضع الداخلي ضد تداعيات ما يحاك في البحرين لدول المنطقة»، مشيرة الى «إجماع سياسي ووطني لبناني على رفض الصفقة رغم الخلافات السياسية»، موضحة أن «تنفيذ قرارات المؤتمر يحتاج الى موافقة حكومات دول المنطقة لا سيما الحكومة الفلسطينية ودول اللجوء الفلسطيني كلبنان وسورية وغيرهما فضلاً عن موافقة شعوب تلك الدول»، مشيرة الى أن «في لبنان لا يجرؤ أحد لا من المسيحيين ولا المسلمين على الموافقة على الصفقة مقابل أيّ ثمن، لأن ذلك يؤدي الى التوطين الذي يؤدي بدوره الى خلل في الديموغرافيا وتداعيات اقتصاديّة سلبية»، لكنها دعت الى «تكريس ذلك في موقف رسميّ جامع في مجلس الوزراء وإبلاغه الى الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية يؤكد خلاله على تسمك لبنان بالقرارات الدولة المتعلقة بعودة اللاجئين الى أرضهم وبالمبادرة العربية للسلام»، معتبرة أن «الإدارة الأميركية الممثلة بصهر ترامب عراب الصفقة يرتكب أخطاءً جسيمة، فهو يبيع قرارات أميركيّة بالمال الخليجي لضمان أمن إسرائيل وتطمين حلفائه الخليجيين بفرض عقوبات على إيران وتهديدها بالحرب العسكرية». ولفتت المصادر الى «معارضة في الداخل الأميركي من قبل اليهود لسياسة جارد كوشنر، فهؤلاء اليهود الأميركيون لا ينظرون الى تحقيق السلام من منظار كوشنر ونتنياهو وترامب بل بتحقيق السلام عبر دولتين فلسطينية وإسرائيلية».

واعتبر الحزب السوري القومي الاجتماعي أن «صفقة القرن»، وصفةٌ أميركية ـ صهيونية ابتلعها المصابون بداء التطبيع والخيانة. وأن أميركا ليست وحدها من يعمل على تمرير هذه الصفقة المشؤومة، بل معها أنظمة عربية مطبّعة، ومعها أيضاً كل الذين انخرطوا في الحرب الإرهابية على سورية. وأشار عميد الإعلام في «القومي» معن حمية في بيان إلى أن الذين أفتوا بالحرب على الشام، وبسفك دماء السوريين، فعلوا ذلك في إطار «صفقة القرن»، لأن سورية رفضت التآمر على فلسطين، وكانت ولا تزال عمقاً للمقاومة وحاضنة لها.

وأكد بأن هناك أنظمة عربية ثبتت مشاركتها في «صفقة القرن»، والمطلوب تعرية هذه الأنظمة ومواجهتها بما اقترفت من خيانات موصوفة بحق فلسطين وبحق أمتنا وعالمنا العربي.

وسأل: أين جامعة الدول العربية، لا نسمع لها حساً ولا حركة، ولا تدعو إلى اجتماع طارئ لإدانة «صفقة القرن» ولتعليق عضوية البحرين بسبب استضافتها ورشة العار؟ فهل باتت هذه الجامعة مطوّبة لأنظمة التطبيع، تعمل لصالحها، وتنفذ إملاءاتها مقابل أموالها؟

وشدّد على ان «صفقة القرن» لن تمر طالما أن شعبنا متمسك بالمقاومة نهجاً وخياراً لتحرير القدس وكل فلسطين من الاحتلال اليهودي.

الى ذلك وكما بات معلوماً، فإن مجلس النواب سيعقد اليوم جلسة تشريعية يستهلها بدراسة اقتراحات ومشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال على أن تتحول بعد الانتهاء من إقرار جدول الأعمال وتلاوة المحضر الى جلسة انتخابية، حيث ينتخب المجلس النيابي حصته الأعضاء الخمسة من المجلس الدستوري من الذين تردّدت أسماؤهم. وهم: القاضي طانيوس شلب ماروني القاضي انطوان بريدي ارثوذكسي ، القاضي أكرم بعاصيري سني ، القاضي عوني رمضان شيعي والقاضي رياض أبو غيدا درزي . فيما يعقد مجلس الوزراء جلسة له قبل ظهر الخميس المقبل في السرايا الحكومية حيث ينبغي أن تعيّن الحكومة الأعضاء الخمسة المتبقين ومن الذين تمّ تداول أسمائهم: المحامية ميراي اميل نجم أو الدكتورة فاديا كيوان موارنة ، المحامي النقيب عبد الله الشامل الارثوذكس ، مروان كركبي الكاثوليك ، سمير حمود سني وزهير شكر شيعي ، علماً ان جدول الاعمال جلسة الخميس لا يحمل بين بنوده أي بند يتصل بالتعيينات.

وفي سياق متصل، حطّ الوزير ملحم الرياشي في عين التينة أمس، موفداً من رئيس حزب القوات سمير جعجع للبحث في ملف التعيينات. وبحسب مصادر قواتية لـ»البناء» فإن المشاورات مستمرة لتحصل القوات على حصة في تعيينات الدستوري. وفي هذا الإطار، فإن الرياشي تبلغ من الرئيس بري دعم الأخير لحصول القوات على العضو الماروني الثاني في المجلس الدستوري في جلسة مجلس الوزراء الخميس، علماً أن الماروني الأوّل سيتم انتخابه اليوم في الجلسة التشريعيّة اليوم وسيكون من حصة التيار الوطني الحر، مع الإشارة الى ان الاتصالات كانت استهلت بموافقة التيار العوني على أن يكون العضو الكاثوليكي من حصة حزب القوات الذي أصر على الماروني سعيد مالك.

وعلى الصعيد المالي الاقتصادي، أعلن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن «البنك المركزي يدعم مساعي حكومية لخفض تكلفة خدمة الدين في ميزانية 2019، لكن لم يتم الانتهاء بعد من إبرام اتفاق في شأن التدابير». وعما إذا كان تمّ الانتهاء من إبرام اتفاق بين الحكومة والقطاع المصرفي في شأن سندات الخزانة المنخفضة الفائدة، قال سلامة: «كلا لم يُنجَز بعد، سنجري مناقشات في شأن الميزانية، لكن الأرقام ستُحقق إنما لن يُفرَض شيء على المصارف». أضاف: «يتوقع البنك المركزي ألا ينمو الاقتصاد أو ينكمش في العام 2019 والآفاق قد تتحسّن بدءاً من النصف الثاني من العام الحالي بسبب تحسّن الاستهلاك نظراً إلى الموسم السياحي الجيّد، لكن لننتظر ونرَ». ولفت سلامة إلى أنه لا يتوقع أي مشكلات في سداد لبنان سندات دولية مستحقة هذا العام، مطمئناً إلى أن «ملاءة الحكومة المالية ليست على المحك». وعن تحويلات اللبنانيين من الخارج، أوضح سلامة أنها «مستقرة عند نحو 7 إلى 8 مليارات دولار سنوياً».

الى ذلك أقرّت لجنة المال مساهمة صندوق المهجرين البالغة 40 مليار ليرة بعد تقديم وزير المهجّرين لكل التفاصيل المطلوبة والمعايير، بعدما كانت أقرّت اللجنة في جلستها الصباحية موازنة وزارة الداخلية والبلديات، مع بعض التعديلات والقرارات، وأوّلها في ما يتعلّق بالدفاع المدني، لجهة اعتبار احترام القانون 2014 القاضي بتثبيت عناصر الدفاع المدني واجب على الحكومة وليس خياراً، وقد اتخذنا قراراً بأن تتضمّن موازنة العام 2020 الكلفة الإجمالية السنوية لمتطوّعي الدفاع المدني والتي تصل الى 88 مليار ليرة.

وأعلن رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان بعد اجتماع لجنة المال أن التقشف يكون بالنفقات لا من خلال الضرائب والرسوم، معتبراً أن الدولة لا يجب أن تكون عدوة التدقيق «وهو مطلوب في التوظيف وفي الجمعيات لتبيان الوهمي من المستحق». ولفت كنعان الى ان بنود المتقاعدين من عسكر وغير عسكر لن تعود كما أتت من الحكومة وستعدّل على غرار ضريبة الـ 2 بالمئة على الاستيراد والحل بات قريباً.

وبالتوازي مع اجتماعات لجنة المال لمناقشة مشروع الموازنة الذي يتضمن مساً بحقوق العسكريين، أعلن حراك العسكريِّين المتقاعدين قطع الطرقات الرئيسية التي تربط العاصمة بالمناطق يوم غد الخميس من الساعة الخامسة ولغاية الساعة العاشرة صباحاً، معتبراً أن الخطوة تحذيريّة لأن الخطوات اللاحقة ستكون أشدّ قسوة وإيلاماً طالما أن الحكومة ماضية في تعنتها وإصرارها على هضم حقوق المواطنين.

وأوضح انه يستثنى من منع المرور الآليات التابعة للقوات المسلحة كافّة والدفاع المدني والصليب الأحمر والهلال الأحمر وسيارات الإسعاف التابعة للبلديات والجمعيات وآليات قوات الأمم المتحدة التي تحمل شعارها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى