إلى أن ينزل ترامب عن الشجرة صراع في عصر المتغيّرات الكبرى بين العلم والجهل

بهيج حمدان

انضمّ رئيس الوزراء الصهيوني نتنياهو الى مسلسل توجيه التهديدات ضدّ إيران بضربها بطائرات أف 35 ، أو ضرب المجموعات التي تدعمها في سورية، محذراً من أنّ هذه الطائرات تستطيع أن تصل إلى أيّ مكان في إيران… ونقيض ذلك أن يطلب البنتاغون من إسرائيل عدم استعمال أف 35 خوفاً من إسقاطها كسقوط الطائرة الأميركية الحديثة جدا كلوبال في المياه الاقليمية الإيرانية قبل أسبوعين…

قبل ذلك سرّبت الولايات المتحدة خبراً تنصّل منه البنتاغون، يقول الخبر:

سفينة حربية عملاقة تمتلك أذكى وأقوى الأسلحة في العالم، ماذا لو فشلت في الدفاع عن نفسها ضدّ هجوم بالقوارب أو الطائرات المسيّرة.

البحرية الأميركية لديها خيارات دفاعية للتعامل مع هذه المواقف. السفن بمقدورها إطلاق صواريخ مضادة وقذائف من مدافع محملة على ظهرها، وربما تلجأ إلى خيار الحرب الالكترونية.

لكن سلاحاً آخر برز في الفترة الأخيرة، هو سلاح الليزر، في ظلّ الاتجاه المتزايد للجيش الأميركي للبحث عن أسلحة غير تقليدية لأنها ستكون سمة حروب المستقبل.

سلاح الجو الأميركي أجرى مؤخراً تجربة على سلاح دفاع صاروخي يعمل بالليزر، من المتوقع تجربته على طائرة مقاتلة بحلول عام 2021.

وفي حمأة هذه التسريبات والتهديدات العالية النبرة، كشف رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركية عن سعي الولايات المتحدة لتشكيل تحالف عسكري دولي لحماية الممرات المائية الاستراتيجية قبالة شواطئ إيران 800 كلم ، وقال نتواصل مع عدد من البلدان لمعرفة ما إذا كان ممكناً تشكيل سياسي يضمن حرية الملاحة في مضيقي هرمز وباب المندب…

ولا يعقل أن تكون كلّ هذه الجعجعة لن تصل إلى مكان؟ وتحاول الولايات المتحدة أن تحصل على كلّ شيء دون الحاجة إلى دفع أيّ شيء، وأعلنها الرئيس ترامب صراحة عندما قال: أنا رجل المحفظة متوقعاً أن يؤدّي الحصار على إيران وخضوع دول العالم لخدمة هذا الحصار سيؤدّي الى خضوع الإيرانيين لشروطه والاعتذار منه… ويوافقه كلّ الذين يقولون العين ما بتقدر تقاوم المخرز …

صحيح أنّ الولايات المتحدة أقوى دولة في العالم ولا ترقى اليها أيّ دولة مهما عظم شأنها، وهي قادرة من خلال الاطلاع على تقنياتها وبلوغ علومها مراتب خيالية لم تصل اليها الامبراطوريات التي حكمت العالم، وقد يجهل البعض أنّ الولايات المتحدة تتجسّس على جميع رؤساء وملوك العالم وعندها من الوسائل والإمكانيات المزروعة في الفضاء وفي أعماق المحيطات أن تطلع على جميع الاتصالات مهما كانت سرية، حتى انّ ألمانيا بدأت ترتاب من تسريب معلومات كانت ترغب في إبقائها سرية، وآخر ما عبّرت عنه في الأيام الماضية عن عدم رغبتها في إرسال جنود ألمان إلى سورية ضمن التحالف الغربي وقالت: نحن دولة غير تابعة لأميركا!

مثل هذا الشعور يعبّر عن حقيقة شعور القارة الأوروبية من تسلط الولايات المتحدة على عنفوانها القاري.

أخلص إلى القول إنّ إيران المحاصرة تعرف كلّ هذه التفاصيل وأكثر منها، وانّ ترامب يعرف ذلك، والمعركة حتى الآن سباق علوم ومعرفة، وهو ما بدأه الإمام الخميني بعد أن شنّ صدام حسين الحرب على إيران فقال الخير في ما وقع ولم يدرك العالم ما قصده قائد الثورة، فاتجه الإيرانيون إلى ينابيع المعرفة والعلوم ولا أتحدث عما بلغته إيران حالياً، لأنني لا أعلمه، وما زلنا نذكر حملة الاغتيالات الرهيبة التي أدّت إلى قتل عشرات علماء إيران المتفوّقين قبل سنوات ليست ببعيدة، والتي قام بها عملاء وصلوا من خارج الحدود، وما زالت الصهيونية تراقب عن كثب لوائح الطلبة الناجحين في كبريات الجامعات في العالم.

المعركة اليوم بين العلم والجهل، ولا مكان في هذا العالم لمن لا يملك العلم والمعرفة…

ولا نتحدث عن بني قومنا الذين تخلّوا عن دورهم فخرجوا من التاريخ قبل ان يواروا نبيّهم العظيم، وما زالوا مختلفين في السياسة وليس في الدين، ولا تجوز المراهنة عليهم، إلا من رحم ربي. ويروي أحد كبار الرواة وهو البخاري قال: كان يُجاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فيُقال: لا تدري ما أحدثوا بعدك فأقول كما قال العبد الصالح وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١١٧ إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ١١٨ المائدة فيُقال هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم.

وبالعودة الى مآل هذا الكباش الذي يُشغل العالم نطرح السؤال التالي: لو أراد ترامب ان يحاصر اليابان فهل يستطيع إخضاعهم بغير السلاح النووي؟ والجواب قطعاً لا… لأنّ اليابانيين أمة عريقة مجتهدة يموتون دون حريتهم!!

وهل يتوهّم ترامب انّ الأمة الفارسية الضاربة في التاريخ والتي تمتدّ جذورها إلى أكثر من ثمانية ألف عام هل تستسلم للحصار وفي عروق أبنائها دم يجري؟

ربما ترامب أدرك أخيراً أنّ الفرس ليسوا كغيرهم ولا بدّ له ان ينزل عن الشجرة.

ولا ندري إذا كانت إيران الفزاعة هي التي تبيض ذهباً في محفظة ترامب أم دول الخليج هي التي تبيض الذهب… وإلى متى سيبقى ترامب هو القابض…؟

صحافي لبناني

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى