إضراب عام في المخيمات رفضاً لقرار وزارة العمل ودعوات لبنانية وفلسطينية لإلغائها: تقود إلى التيئيس الجماعي المفضي حتماً إلى التوطين وتسيء للاستقرار

عمّ الاضراب المخيمات الفلسطينية أمس، احتجاجاً على قرار وزارة العمل، فامتنع العمال الفلسطينيون عن مغادرتها لمزاولة أعمالهم المعتادة.

واعتصم عدد من سكان مخيم الجليل في بعلبك، عند مدخله وقطعوا الطريق المؤدية إلى داخل المخيم، ورفعوا شعارات تطالب وزير العمل كميل أبو سليمان بالعودة عن قراراته «بحرمان الفلسطينيين من حق العمل».

كذلك، أقفل أهالي وشبّان مخيمي عين الحلوة والمية ومية في صيدا، منذ ساعات الفجر الأولى مداخل المخيمين بالإطارات المشتعلة. وفي صور أيضاً، أُقفلت مداخل مخيمات الرشيدية والبص والبرج الشمالي بالإطارات المشتعلة، وعلت الهتافات المستنكرة لإجراءات أبو سليمان.

وطالب المحتجّون المسؤولين بالتراجع عن القرارات معتبرين أنها «مشروع فتنة بين اللبنانيين والفلسطينيين في لبنان».

ومنعت القوى الأمنية مسيرة للاجئين الفلسطينيين كان من المفترض ان تنطلق من تحت جسر الكولا باتجاه المجلس النيابي، بدعوة من «ائتلاف حق العمل للاجئين الفلسطينيين» والمؤسسات والجمعيات العاملة في لبنان، وذلك رفضاً «للإجراءات التعسفية تجاه العمال والتجار الفلسطينيين في لبنان وحقهم في العيش بكرامة»، واكتفى المتظاهرون بالتجمع تحت الجسر المذكور.

وقال أحد المنظمين للمسيرة «لقد حصلنا على تصريح للمسيرة لكننا فوجئنا اليوم أمس صباحاً، بمنع الناس من التحرك من المخيمات، إلاّ اننا استطعنا الحصول على تصريح بمواكبة القوى الأمنية اللبنانية للتجمّع تحت جسر الكولا».

أضاف «هناك عدد كبير من أبناء المخيمات لم يتمكّنوا من الوصول إلى نقطة التجمّع بسبب الإجراءات الأمنية المشددة، ومع ذلك فقد قُدرت الأعداد بالآلاف».

رسالة دبّور إلى الفلسطينيين

وفي موازاة ذلك، وجه السفير الفلسطيني أشرف دبّور رسالة إلى الفلسطينيين في لبنان، دعاهم فيها إلى «إفساح المجال أمام الحوار الهادئ والبنّاء، الذي تجريه القيادة السياسية الفلسطينية مع الجهات الرسمية اللبنانية لمعالجة الثأثيرات السلبية على حقهم في العيش الكريم نتيجة قانون العمل، للخروج بنتائج عملية، ومن خلال الحوار البناء، الذي نؤكد أنه سيوصلنا إلى نتائج إيجابية سيتلمسها أهلنا قريباً جداً».

وإذ شدّد «على أهمية الحفاظ على العلاقات المتينة والصادقة التي تربطنا بأشقائنا اللبنانيين»، أشاد «بالأداء الرائع لأبناء شعبنا بالحرص الشديد على الأمن والاستقرار في لبنان، والذي هو أمننا، واستقرار لبنان دعم لقضيتنا وحقنا»، وتوجه «إلى أهلنا بضرورة الحفاظ على الصورة الناصعة التي تجسّدت بالالتزام بالقانون اللبناني، وبعدم الانجرار إلى ما لا يخدم قضيتنا العادلة، فهدفنا في مرحلة وجودنا القسري في لبنان، الحياة الكريمة إلى حين عودتنا إلى وطننا، والذي يسانده ويدعمه أشقاؤنا اللبنانيون».

«العمّالي» على خط المعالجات

ودخل الاتحاد العمّالي العام على خط المعالجات، إذ استقبل رئيس لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني حسن منيمنة في مقر اللجنة في السراي الكبير، رئيس الاتحاد بالإنابة حسن فقيه والأمين العام للاتحاد سعد الدين حميدي صقر، وتناول البحث الأزمة التي أثارتها إجراءات وزارة العمل اللبنانية بحق أصحاب بعض المهن المختلفة والعمال الفلسطينيين.

وأشار فقيه بعد اللقاء إلى أنه «جاء بعد اجتماع مع الزملاء في اتحاد عمال فلسطين لاستيضاح الوزير منيمنة أجواء مساعيه لمعالجة آثار هذه الإجراءات على اللاجئين الفلسطينيين. ونحن إذ نؤكد أننا مع كلّ ما يصون ويحفظ حق العامل اللبناني، ويحميه في ظلّ مزاحمة اليد العاملة الاجنبية، ندرك أن موضوع العامل الفلسطيني مختلف، فالفلسطيني ليس نازحاً بل هو لاجئ ولا ينطبق عليه ما ينطبق على العمال الآخرين».

وأعلن أن الاتحاد العمالي العام سيلتقي الأربعاء مع وزير العمل «لبحث في كيفية الخروج من هذه الأزمة وتخفيف التوترات وردود الفعل، والعمل في الوقت نفسه على تفعيل العمل بالقانونين المعدلين 128 و129 اللذين ينظمان العمالة الفلسطينية في لبنان عبر إصدار المراسيم التطبيقة لهما».

مواقف

في غضون ذلك، أكد الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد في بيان «التضامن مع التحركات الاحتجاجية على إجراءات وزارة العمل ضد العمال الفلسطينيين والمؤسسات التجارية الفلسطينية».

وإذ أعلن «تأييده مطالب المحتجين»، جدّد التشديد على «مطالبة وزير العمل والحكومة بالتراجع عن تلك الإجراءات، لكونها تسيء إلى لبنان على الصعد الوطنية والسياسية والاقتصادية كافة. كما تسيء إلى الاستقرار الاجتماعي والأمني. فضلاً عن أنها تتعارض مع القانونين 108 و109 المعدلين الصادرين سنة 2010»، موضحاً أنّ «القانونين المُشار إليهما أعطيا اللاجئين الفلسطينيين وضعية خاصة مختلفة عن وضعية العاملين غير اللبنانيين الآخرين. ولذلك، لا يجوز لوزير العمل، ولا للحكومة، التعامل مع الإخوة الفلسطينيين، كما يتم التعامل مع العاملين الأجانب».

واستهجن «صمت الحكومة، وصمت رئيسها، عن تلك الإجراءات في الوقت الذي يقف فيه اللبنانيون والفلسطينيون موقفا موحداً في مواجهة صفقة القرن الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية وإلغاء حق العودة وفرض التوطين على اللاجئين الفلسطينيين في أماكن إقامتهم، فالنجاح في هذه المواجهة يتطلب بالضرورة تعزيز العلاقات اللبنانية- الفلسطينية».

بدوره، رأى أمين عام «رابطة الشغيلة» النائب السابق زاهر الخطيب في بيان، أنّ قرار أبو سليمان «فرض إجراءات تضيّق على عمل الفلسطينيين اللاجئين في لبنان، يشكل إمعاناً في مواصلة سياسة الحرمان من أبسط الحقوق الإنسانية والاجتماعية والعيش بكرامة لأهل لنا شردهم من أرضهم صهاينة بمؤامرة استعماريين، كما يشكل نقضاً لقرارات حكومية تؤكد الوضع الخاص للفلسطينيين».

وطالب الحكومة بالعمل سريعاً على إلغاء قرار وزير العمل إلغاء قطعياً ونهائياً «ورسم سياسة واضحة في التعامل مع الفلسطينيين تنطلق من علاقات الأخوة ووقوف لبنان إلى جانب نضال الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه والعودة إليها، وما يترتب على ذلك من دعم للأخوة لتمكين الفلسطينيين اللاجئين من الصمود في وجه تآمر المستعمرين ومشاريع التهجير والتوطين، التي تعمل على فرضها الولايات المتحدة وكيان العدو الصهيوني، عبر صفقة القرن لتصفية قضية فلسطين».

كذلك، رفض لقاء الأحزاب والقوى الوطنية والقومية في البقاع، القرار الصادر عن وزارة العمل بحق الفلسطينيين، بعنوان: «المنافسة غير المشروعة على فرص العمل»، داعياً إلى «سحبه من التداول والتراجع عنه».

ورأى اللقاء في بيان، أنّ «العنوان في ظاهره ليس موضع خلاف على الإطلاق لكنه ينطوي على نيات قد لا تكون سليمة المقصد والهدف ولاسيما في توقيته المستفز بموازاة معمعات صفقة القرن ومندرجاتها وفي صلبها توطين فلسطينيي الشتات وشطب حق العودة».

وأكد أنّ «الفلسطينيين في لبنان لا يندرجون تحت صفة مهاجر غير شرعي انما شعب مقتلع قسراً من أرضه بالتهجير تحت وطأة القتل والاحتلال من عدو غاشم ظالم، ومن واجبات الدولة اللبنانية أن توفر له ظروف العيش بكرامة لحين عودته»، معتبراً أن «مثل هذه الإجراءات ستقود إلى التيئيس الجماعي المفضي حتماً إلى التوطين المرفوض فلسطينياً ولبنانيا على السواء».

وختم «على وزارة العمل، التدقيق والتمحيص بخطواتها قبل تسطير قرارات محض ارتجالية تقود عن قصد أو غير قصد إلى مآلات تخدم مخططات الأعداء المتربصين بلبنان شراً».

ودعت «الحملة الأهلية لنصرة فلسطين وقضايا الأمة» في بيان اثر اجتماعها الأسبوعي، إلى الوقف الفوري لإجراءات وزارة العمل ضد الفلسطينيين، عمالاً وأرباب عمل، والشروع بتنفيذ وثيقة لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني وإصدار المراسيم التنظيمية للقانونين 128 و129 لعام 2010، اللذين ينظمان العلاقة مع الفلسطينيين اللاجئين قسراً إلى لبنان.

كما دعت «الحكومة اللبنانية إلى الردّ الحاسم على إجراءات وزارة الخزانة الاميركية بفرض عقوبات على رئيس كتلة الوفاء النيابية محمد رعد ونائب بيروت أمين شري ومسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا باعتبارها تستهدف نواباً وقادة لبنانيين لهم حصانتهم الدستورية والشعبية والنضالية».

ولاحظت الحملة «تزامن هذه الإجراءات ضد الفلسطينيين واللبنانيين مع محاولة الإدارة الأميركية فرض «صفقة القرن» والضغط على كل جهة ترفض الانصياع لمشروعها الرامي إلى تصفية القضية الفلسطينية وضرب الإرادة العربية المستقلة وإثارة الفتن والحروب في المجتمعات العربية. وفي مقدم الرافضين هو الشعب الفلسطيني بإجماع قواه، والمقاومة التي تشكل سداً منيعاً بوجه هذا المشروع».

كما لاحظت «تزامن هذه القرارات مع تفشي خطاب عنصري ضد الفلسطينيين والسوريين وهو خطاب لا يقود إلاّ إلى الفتنة والخراب، وامتداد لخطاب عنصري مزدهر في الولايات المتحدة والغرب».

ودعت الحملة الى «أوسع تحرك شعبي ووطني لبناني لرفض الإجراءات الآحادية من قبل وزارة العمل»، كما دعت إلى «أوسع تحرك عربي ودولي ضد الحرب الاقتصادية التي تشنها إدارة ترامب ضد كل جهة أو دولة ترفض الانصياع لهيمنتها».

وقررت الحملة أيضاً «إجراء اتصالات مع لقاء الاحزاب والقوى بهدف عقد مؤتمر وطني موسع يضم مختلف ألوان الطيف السياسي والحزبي والنقابي والاجتماعي اللبناني والفلسطيني، من أجل إعلان موقف موحد من الإجراءات بحق الفلسطينيين، كما بحق النواب والمجاهدين في المقاومة».

وانتقد الأمين العام لـ»التيّار الأسعدي» المحامي معن الأسعد بشدة إجراءات وزارة العمل في حق اللاجئين الفلسطينيين الصادرة عن وزير العمل «الذي ينفذ توجهاته السياسية وهو قرار سياسي بامتياز»، داعياً «وزير العمل إلى استشارة متخصصين ليطلع على الفرق ما بين النازح واللاجئ، وأن ما يطبق على السوريين لا يمكن تطبيقه على الفلسطينيين».

ورفضت حركة الأمة، في بيان «حرمان اللاجئين الفلسطينيين من أبسط حقوقهم الاجتماعية، وهي حق العمل والسكن والتأمين الاجتماعي»، كما رفضت بشدة «إرهاقهم وقهرهم بمعاملات تفوح منها روائح تعصب وعنصرية، وتصعيب الأمور أمامهم، بالإضافة إلى السمسرات».

في المقابل، اعتبرت «الرابطة المارونية في بيان أن أبوسليمان «يطبق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء، على اللبنانيين والفلسطينيين والأجانب».

ورأت أن الحصول على إجازات عمل، يصب في مصلحة الفلسطينيين «ويضمن حصولهم على تعويضات نهاية الخدمة»، مشيرةً إلى أنه «ليس من مصلحة رب العمل الفلسطيني التهرب من تسجيل مؤسسته في الضمان، لأنه شرط إلزامي ولاسيما أنه يفيد من تسهيلات، ولا تتعدى قيمة الرسوم التى يؤديها على الإشتراكات الإثنين في المائة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى