جنبلاط يرهن حلّ قبرشمون والمجلس العدلي بمصالحة مع حزب الله المادة 95 أمام مجلس النواب لحسم الميثاقيّة ومبدأ إلغاء الطائفيّة والمناصفة

كتب المحرّر السياسيّ

في الخليج تبدو الصورة رغم التصعيد الكلامي الأميركي والبريطاني أقرب لمناخات ردم الهوة بين إيران والاتحاد الأوروبي، الذي لم تعُد بريطانيا جزءاً منه رغم تشاركها مع فرنسا وألمانيا في إعلان التمسك بالاتفاق النووي في ولاية تيريزا ماي وثم في ولاية بوريس جونسون. والموقف الأوروبي عبر عنه بقوة أمس، القرار الألماني برفض المشاركة في تشكيل قوة دعت إليها واشنطن تحت عنوان حماية الملاحة البحرية في الخليج بقيادتها، وأكمل التعبير الرئيس الفرنسي في حوار هاتفي مع الرئيس الإيراني الشيخ حسن روحاني أكد خلاله اعتبار العقوبات الأميركية إجراءً أحادياً مرفوضاً، ونشرت مواقع فرنسيّة قريبة من قصر الأليزيه عن ماكرون اهتمامه بالحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران والسعي لحل الخلافات بالحوار والحوافز التي نصّ عليها الاتفاق بتطوير الآلية المالية الأوروبيّة أنستكس.

في الشمال السوري تواصلت المعارك الضارية وسجل الجيش السوري المزيد من التقدّم إلى مواقع استراتيجية تتيح الاستعداد لفتح معركة خان شيخون وسراقب، وبالتالي الطريق الدولي الذي يربط حماة بحلب، بعدما كانت الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة ولتركيا قد قامت خلال الأسبوعين الماضيين بهجمات معاكسة وعمليات قصف صاروخي وضعت تركيا لحسابها مقدرات عسكرية ولوجستية نوعية، تمكن الجيش السوري من احتوائها وتدمير القوة المهاجمة وخلفيات الإمداد الداعمة لها، بصورة أعادت التذكير بمعارك حلب التي سبقت تحريرها، بينما بدأت موسكو بالاتصالات الهادفة لجسّ نبض الأتراك للسير بحلول سياسية تتيح انسحاب الجماعات المسلحة من الطريق الدولي ومحيط أمانه اللازم لتسلّمه من الجيش السوري قبل سيطرة الخيار العسكري على الموقف وإقفال المسالك السياسية للحلول.

لبنانياً، تبدو الحكومة معلّقة على مساعي رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط لتوظيف أزمة قبرشمون وإحالة ملفها إلى المجلس العدلي لتطبيع علاقته بحزب الله، حيث أوضح لأكثر من جهة أنه إذا سارت العلاقة مع حزب الله، كما يجب فكل شيء يصير سهلاً، وأن قضيته ليست مع المجلس العدلي ولا مع النائب طلال إرسلان ولا مع رئيس الجمهورية ولا مع التيار الوطني الحر، بل مع حزب الله، بينما قالت مصادر متابعة إنه من المستحيل أن يقبل حزب الله بهذه الطريقة في تصغير القضايا الكبرى وتسخيف الحلفاء وتوقعت أن يكون جواب حزب الله على الطلب الجنبلاطي أن التعبير عن حسن النية في العلاقة بالحزب يبدأ من القبول بالإحالة إلى المجلس العدلي.

بالتوازي في ملف الموازنة التي نالت الموافقة على توقيع رئيس الجمهورية فتح النقاش حول المادة 80 باب البحث باتفاق الطائف والتوازن الطائفي والمناصفة والميثاقية وبالتالي علاقة كل ذلك بإلغاء الطائفية كهدف وطني نص عليه الدستور، وسيكون ذلك موضوع رسالة يوجّهها رئيس الجمهورية إلى المجلس النيابي لتفسير المادة 95 من الدستور، بينما تطلعت مصادر نيابية إلى الدعوة لاجتماع هيئة الحوار الوطني في بعبدا تطرح خلالها كل القضايا الإشكالية التي تعيق انتظام الحياة الوطنية في البلد والحياة الدستورية للمؤسسات.

الأكيد حتى الساعة أن لا جلسة لمجلس الوزراء الأسبوع المقبل، طالما أن الأجواء لا تزال على حالها من التوتر والتصعيد، ما دفع مجدداً الرئيس سعد الحريري الى التريث لدعوة مجلس الوزراء هذا الأسبوع، علماً أن استحقاق أموال سيدر لا ينتظر حلّ الخلافات الداخلية التي قد تطول.

وبينما استقبل الحريري مساء أمس، النائب السابق وليد جنبلاط في إطار المشاورات الدائمة لحل الأزمة المستجدة بعد حادثة قبرشمون. عاود اللواء عباس إبراهيم اتصالاته بعد عودته أمس من الدوحة، حيث التقى النائب طلال أرسلان في خلدة بعيداً عن الإعلام، للبحث في حلّ أزمة حادثة الجبل، غير أن أرسلان بحسب المعلومات رفض مبادرة الرئيس الحريري الداعية إلى تحييد اجتماع مجلس الوزراء عن مسار معالجة أزمة قبرشمون وأبلغ موقفه للواء إبراهيم.

وفي السياق استقبل الحريري أمس، السفير الفرنسي برونو فوشيه وعرض معه المستجدّات والعلاقات الثنائية والأوضاع الاقتصادية، علماً أن معلومات البناء أشارت إلى أنّ مبعوث الفرنسي المكلّف متابعة تنفيذ مؤتمر سيدر السفير بيار دوكان، أرجأ زيارته بيروت إلى نهاية شهر آب المقبل، مع إشارة المصادر إلى أن الدول التي تعهّدت تقديم المساعدات الى لبنان تتطلّع الى التصنيفات الائتمانية السلبية للبنان.

إلى ذلك، وعلى خط المادة 80 بات مؤكداً أنّ رئيس الجمهورية سوف يوقع الموازنة في الساعات القليلة المقبلة، على أن يقوم تكتل لبنان القوي بتقديم اقتراح قانون معجل مكرّر لتعديل المادة 80. وكانت لافتة زيارة الوزير سليم جريصاتي عين التينة، موفداً من رئيس الجمهورية، ولقاؤه الرئيس نبيه بري. وقال جريصاتي التنسيق قائم بين بعبدا وعين التينة وليس جديداً وبحثت مع بري موضوع معالجة المادة 80 من قانون الموازنة ، وأضاف في عهد ميشال عون أنجزت 3 موازنات، فلا يمكن إلا يوقع قانون الموازنة ، وتابع الرئيس عون لن يطعن بالموازنة وسيوقّعها وسيبادر الى توجيه رسالة الى مجلس النواب بواسطة بري لتفسير المادة 95 من الدستور . واشار الى ان الرئيس بري مهتمّ بمعاودة جلسات مجلس الوزراء سريعاً والكل بانتظار عودة اللواء إبراهيم لاستئناف مبادرته .

وتشدّد مصادر تكتل لبنان القوي لـ البناء على أن ما يقوم به التكتل ينطلق من ضرورة احترام المادة 95 من الدستور التي نصّت على المناصفة بين المسلمين والمسيحيين في الإدارات العامة. ولفتت المصادر الى أن لبنان القويّ لا يتعاطى بمنحى طائفي، لكنه في الوقت عينه يريد استرجاع حقوق المسيحيين في الدولة. واعتبرت المصادر أن التكتل يدرس جيداً الخطوة التي سيقوم بها من منطلق أن الفقرة الأخيرة من المادة 80 يجب أن تحذف لقطع الطريق على توظيف من جاءت على ذكرهم الفقرة الأخيرة من المادة المذكورة.

وبينما نوّهت كتلة المستقبل بـ الإيجابية التي يبديها رئيس الجمهورية لجهة التوقيع على قانون الموازنة بصفته نقلة إيجابية في المسار المطلوب للدولة ومؤسساتها الدستورية، تخفف من وطأة التجاذب الذي اعترى المواقف من المادة 80 ، كان لافتاً تصويت كتلة المستقبل على تكتل لبنان القوي ونقدها الرد على النائب اسعد درغام من دون أن تسميه في ما يتعلق بفرع المعلومات، فلفتت الى تجدّد الحملات التي تستهدف فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وتطوّع بعض النواب لمهمة إثارة الشكوك حول عمليات تعذيب موقوفين أثناء التحقيق معهم في فرع المعلومات، الأمر الذي تدحضه الوقائع والتقارير الطبية والتحقيقات القضائية، فلا يكاد هذا الفرع ان يتولى التحقيق في قضية من القضايا، حتى تنهال عليه حملات التشكيك والإساءة .

وفي السياق، تشدد مصادر المستقبل لـ البناء على ان ما يجري لجهة تعطيل مجلس الوزراء يأتي في سياق تطويق الرئيس سعد الحريري، معتبرة أن الرئيس الحريري سوف يضع حداً لكل التجاوزات الحاصلة وقفز البعض فوق الصلاحيات، مشيرة الى أن الرئيس الحريري سيبقى الى جانب النائب السابق وليد جنبلاط لا سيما أن ما يجري يطرح الكثير من التساؤلات، معتبرة أن خيار المحكمة العسكرية هو خيار قضائي مستغربة رفض الحزب الديمقراطي لهذا الطرح وكأن هناك أمراً بتعطيل الحكومة، ورأت المصادر ان المتضرر الأول من تعطيل الحكومة هو العهد الذي لا يكفّ وزراؤه ونوابه على التأكيد أن هذا العهد هو عهد الإنجازات وإذ بهم يعطلون مجلس الوزراء المفترض أن يبدأ بنقاش سيدر وخطة ماكينزي لمعالجة الوضع الاقتصادي.

في المقابل قد يكون ما أعلنه النائب جميل السيد عبر حسابه على تويتر أصدق تعبير عن المشهد الراهن حيث قال: الحكومة معطّلة، والقضاء مرتهن، والأمن استزلام وتسييس، والإدارة فساد، والإقتصاد شلل، والبلد على الهوّارة، والكُل رؤوس تحكُم ولا حاكم، والشعب في خبر كان! لماذا كل هذا؟! ببساطة، يسقط مفهوم الدولة، عندما تصبح التسويات السياسية أعلى وأقوى من الدستور والقوانين والقضاء والأمن والأخلاق .

الى ذلك، عُقدت قمّة روحية إسلامية – مسيحية في دار مشيخة عقل الموحدين الدروز بدعوة من الشيخ نعيم حسن، أكدت أنّ الوحدة الوطنية تشكل الأساس والضامن لبناء لبنان الغد وأنّ أيّ إساءة للعيش المشترك في أي منطقة، خصوصاً في الجبل هي إساءة إلى لبنان الفكرة والرسالة. وشدّدت القمة، في بيان في ختام أعمالها، على أن المطلوب المزيد من الوعي والتضامن الوطني لتجاوز المخاطر التي تتضاعف في ضوء ما يُحاك من مشاريع معلنة وغير معلنة تستهدف إعادة رسم خريطة المنطقة.

وقال الشيخ نعيم قاسم أمس، في كلمة له في حفل تخريج طلاب، نسمع بين الحين والآخر استعادة للغة الطائفيّة والتخاطب الطائفي بشكل واسع وكبير، وتراشق بين عدد من الأطراف على قاعدة اللغة الطائفية، نحن بحاجة إلى استعادة اللغة والتخاطب الوطني والأداء الوطني، واستبعاد العناوين الطائفية في المحاججة وإثبات صحة المواقف من أجل أن نعمّر لبنان معاً، ولأننا في سفينة واحدة لا يستطيع أيّ طرف أن يستأثر بجزء من السفينة تحت عنوان أنها حق له، نحن شركاء معاً يجب أن نتفاهم وأن نجد قواعد تساعدنا على أن نعمل بلغة وطنية وأداء وطني واحد، وإنصاف الجميع من خلال توزيع عادل للحقوق والواجبات في داخل هذا البلد.

وقال: قد لا تؤدي شعارات الفتنة الطائفية اليوم إلى التقاتل لأن الكلّ منهَك، ولأن لبنان بعد الانتصار لم تعُد تؤثر فيه هذه العناوين الطائفية لتحدث فتنة عسكرية وتقاتلاً داخلياً، لكن هذه الفتنة الطائفية يمكن أن تؤدّي إلى تعطيل المؤسسات، وتؤدّي إلى المزيد من التدهور الاقتصادي، وتخرّب منظومة وهيكلية البلد. هل نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى التقاتل ولا نقف عند الفتنة عندما تؤدي إلى الانهيار؟ علينا أن نلتفت بأن إنقاذ البلد مسؤولية علينا جميعاً .

إلى ذلك، قال المساعد الخاص لرئيس البرلمان الإيراني حسين أمير عبد اللهيان في حديث الى قناة العالم: إنّ المسؤولين السوريين يهيّئون الأرضية لعودة النازحين السوريين الى بلدهم إضافة الى أن سورية تهيّئ نفسها لإجراء انتخابات مجلس الشعب خلال الأشهر المقبلة . وعن اللقاء مع الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله خلال زيارته لبنان، أوضح أمير عبد اللهيان أنّه تمّ الحديث عن الأوضاع الإقليمية والدولية والاستعداد الكامل لحزب الله والمقاومة للردّ على أيّ حركة تهدف الى زيادة التوتر والعدوان من إسرائيل الغاصبة ضدّ لبنان .

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى