النظام البحريني: القتل عِلة وجوده!

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

بشاعة ما يقوم به النظام الملكي في البحرين لا توصف. أن تدين أحداً ثم تقتله ثم تمتنع عن تسليم جثمانه إلى ذويه، لم تُعرف به حتى أخلاق أهل الجاهلية. مَن ذا الذي يفعل ذلك ويُعَدّ مِن المسلمين؟ بحسب نص الإمام علي عليه السلام فقد شرع الله الإسلام: فسهل شرائعه لمن ورده، وأعز أركانه على مَن غالبه، فجعله أمناً لمن علقه، وسلماً لمن دخله . أي مورداً للسلام والأمن والكرامة .

السؤال الذي يطرح نفسه لماذا يلجأ هذا النظام إلى هذا التصرف، فإذا كان الحكم بالقتل عادلاً فممَ يخاف؟ وإذا كان ظلماً وهو القوي المقتدر فممَ يخاف؟

من الواضح أنّ الأنظمة الديكتاتورية في العالم، والبحرين واحد منها، تحمل عامل هلاكها بداخلها، عندما تجعل وجودها أوْلى من الإنسان وكرامته، وأوْلى من الشعب وحريته.

هذا النظام الذي بدأ بممارسات إقصائية كرّس خلالها الانقسام في المجتمع، وزعزع أُسس السلم الأهلي، وجعل العلاقات بين أفراد الشعب تُبنى على الشك والهواجس والأحكام المسبقة والتحيّز والتعصّب والكراهية، ما يمنع إقامة علاقات سليمة مستقرة، هو يواصل مسار الجنون والأبلسة والشيطنة بإصرار وعتوّ وعناد. وما يفعله هي الأزمة بعينها. أزمة النظام نفسه حين يُنكر مرضه ولا يعترف به. أزمة الضمير الذي لا يصحو. أزمة الأخلاق التي لا تُروَى بماء الحق والإنسانية. أزمة قراءة التاريخ والسير التي توجب الاتعاظ ممن سبق وصار تحت التراب. لكن يبدو أنّ لكل امرئ من دهره ما تعوّدا . نظام تعوّد على الإيذاء والظلم والتعسّف، يُصعّد بأسلوب إجرامه إلى الدرجة التي ما عاد معها يرى غير القتل عِلّة لوجوده. والحكم الذي يفكر على هذه الطريقة ويسير على هذا النهج هو على شفير الانهيار حتماً.

لا فرق كبيراً بين الاستعمار والاستبداد سوى أنّ الأول يأتي من الخارج، والآخر يأتي من الداخل. الأول أولويته السيطرة على الأرض والثروات، والثاني أولويّته السيطرة على الأجساد والعقول. الأول يمنعك من استغلال إمكانياتك المادية، والثاني يمنعك من استغلال إمكانياتك العلمية. الأول يسلبك الهوية والثاني يسلبك الروحية. يجتمعان معاً عندما يكون النظام وكيلاً للاستعمار.

النظام البحريني هو الذي يجمع بين كونه أداة للاستعمار وبين كونه أداة للاستبداد. فاز بكلتيهما وعليه وزرهما.

يمارس ما يظن به البقاء دون أن يدري أن الأدوات نفسها هي ما بها الزوال والفناء.

البقاء لله!!

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى