لتفسير المادة 95 باتجاه الدولة المدنية…

خالد الداعوق

لا يختلف اثنان على أنّ الأزمات المتناسلة والمتوالدة من بعضها البعض في لبنان لها جذر واحد وحيد هو النظام الطائفي، ولا يختلف اثنان أيضاً على أنّ العلاج الجذري الوحيد لكلّ تلك الأزمات هو في إلغاء الطائفية والانتقال إلى الدولة المدنية التي تتحق فيها المساواة الكاملة بين المواطنين في الحقوق والواجبات.

هذا من حيث المبدأ النظري، أما على الصعيد العملي فدون تحقيق هذا الحلم الكثير من العقبات والمطبّات التي لا بدّ من تجاوزها وإزالتها لكي نتمكّن من فتح الطريق أمام بدء العلاج حتى ولو تمّ ذلك بشكل تدريجي وليس دفعة واحدة.

ولقد أبقى الدستور اللبناني بشكل دائم، وخصوصاً بعد الطائف، الأبواب مفتوحة أمام كلّ من يريد أن يعمل ويناضل في سبيل تحقيق الهدف المنشود، ولعلّ الأبرز في هذا السياق ما ورد في الفقرة «ج» من مقدّمة الدستور التي نصّت على أنّ «إلغاء الطائفية السياسية هدف وطني يقتضي العمل لتحقيقه وفق خطة مرحليّة»، ثم ما ورد في تعديل المادة 95 من الدستور: «على مجلس النواب المنتخب على أساس المناصفة بين المسلمين والمسيحيّين اتخاذ الإجراءات الملائمة لتحقيق إلغاء الطائفية السياسية وفق خطة مرحلية وتشكيل هيئة وطنية برئاسة رئيس الجمهورية تضمّ بالإضافة الى رئيسي المجلس والحكومة شخصيات سياسية وفكرية واجتماعية». وحدّدت المادة نفسها مهمّة الهيئة كالتالي: »دراسة واقتراح الطرق الكفيلة بإلغاء الطائفية وتقديمها الى مجلسي النواب والوزراء ومتابعة تنفيذ الخطة المرحلية».

من هنا نرى أهمية الرسالة التي وجهها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون إلى المجلس النيابي بشأن تفسير المادة 95، والتي تجاوب معها رئيس المجلس نبي بري ودعا بموجبها إلى جلسة عامة في 17 تشرين الأول المقبل تلبية لطلب الرئيس عون.

ذلك أنه لا بدّ للمعنيين على اختلاف مسؤولياتهم ومواقعهم أن يتعاملوا مع رسالة رئيس الجمهورية على أنها مناسبة لبدء العمل على تنفيذ ما ورد في هذه المادة، وليس العكس كما يحلو للبعض أن يفسّر الأمر…

وعلى الصعيد الشخصي أثق تماماً بأنّ الرئيس عون ومن منطلقاته الوطنية المشهودة، سوف يدفع الأمور في الاتجاه الإيجابي، وسوف يلاقيه بلا شك الرئيس بري ومعه كلّ القوى الوطنية، أولاً لاستكمال تطبيق اتفاق الطائف، لا سيما البنود الإصلاحية بكلّ مندرجاتها وأهمّها إلغاء الطائفية، وثانياً للانتقال بلبنان من مرحلة اجترار الأزمات الممتالية على كلّ الصعد إلى مرحلة ابتكار الحلول وتنفيذها، وصولاً إلى الدولة المدنية التي تتحقق من خلالها مصلحة لبنان واللبنانيين عموماً…

أمين عام منبر الوحدة الوطنية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى