الجيش السوريّ يبدأ بدخول خان شيخون… وإرباك في العواصم المعنيّة إرسلان: لم ندخل المصالحة بانتظار المسار القضائي… وليوقف الحريري رسائله

كتب المحرّر السياسيّ

في جبهات الخليج تبدو إيران وأنصار الله ممسكين بناصية الأمور، والقاعدة التي أعلنها زعيم أنصار الله السيد عبد الملك الحوثي حاسمة في تكريس هوية محور للمقاومة أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله توليه مواجهات المنطقة على قاعدة التكامل. وفي الميدان وصلت صواريخ انصار الله وطائراتهم المسيّرة إلى قرب حدود السعودية مع دولة الإمارات فأصابت أهدافها في حقل شيبة النفطي، الذي وصفته حكومات الخليج في الرياض وأبو ظبي خصوصاً، بالتهديد لاستقرار أسواق النفط العالمية، بينما إيران تكشف عن عزمها استخدام أجهزة طرد مركزي متطورة كماً ونوعاً في قدرتها على التخصيب، تعلن بلوغ المخزون لديها من اليورانيوم المخصب 370 كلغ، وتحرّر ناقلتها من جبل طارق وتتجه بها حرة في البحر المتوسط غير آبهة بالتهديدات الأميركية بمذكرة إيقاف بعد الفشل الأميركي في مواصلة حجزها في جبل طارق.

الجبهة الحاسمة كانت كما هي دائماً سورية، حيث نجح الجيش السوري ومعه الحلفاء وغطاء ناري روسي، ببدء الدخول إلى خطوط الأبنية الأولى في مدينة خان شيخون من جهة الشمال الغربي، ووفقاً لمصادر عسكرية أصبح الطريق الدولي بين حماة وحلب الذي يمر في وسط خان شيخون مقطوعاً بنيران الجيش السوري، والعمليات العسكرية تشهد سخونة عالية ومواجهات ضارية، لكن المصادر قالت إن المعركة محسومة لصالح الجيش السوري في ظل الارتباك الذي تخطى الجماعات المسلحة وقادتها وفي طليعتهم جبهة النصرة، ليسود في العواصم المعنية من أنقرة إلى واشنطن، حيث الانتظار والصمت ومحاولة التحقق والتتبع للأخبار الواردة من جبهات القتال، بعدما كان الرهان الأميركي التركي الخليجي الإسرائيلي، كل بحساب يعنيه، على صمود جبهة النصرة وأخواتها وتعقيد مهمة الجيش السوري حد الاستحالة، علّ المقايضات المفترضة تنضج، فتنضج المقايضة الأميركية للوجود في سورية بالوجود الإيراني، وتنضج المقايضة التركية لضبط إدلب وتأمينها أمنياً بالتغاضي عن عملية عسكرية شرق الفرات، ومقايضة إسرائيلية بالكفّ عن تهديد الاستقرار السوري مقابل ضمان أمن الاحتلال على جبهة الجولان، ومقايضة خليجية بدعم التسوية السياسية في سورية أملاً بحصة في تركيبة الدولة المقبلة. كلها رهانات سقطت ليل أمس وتبخرت الأحلام معها، لتحلّ ساعة الحقيقة ويرتبك الجميع.

لبنانياً، ينتظر أن تعود الحياة إلى العمل الحكومي مع تراكم المفات الضاغطة، خصوصاً ملف النفايات، وبعدما حمل رئيس الحكومة معه من واشنطن اطمئناناً إلى أن لا جديد يستدعي القلق في ملف العقوبات، فيما رئيس الجمهورية يؤكد من مقر إقامته الصيفي أن الأولوية للشأن المالي والاقتصادي ستترجم إجراءات وسياسات انطلاقاً من شهر تشرين الأول وفقاً لنتائج اللقاء المالي الذي عقد قبيل لقاء المصارحة والمصالحة في بعبدا، وعن اللقاء وخلفياته ونتائجه تحدث رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال إرسلان في أربعين مرافقي الوزير صالح الغريب، فشدد على أن اللقاء في بعبدا كان للمصارحة، لكن المصالحة لم تبدأ بعد وينتظرها الكثير وأوله صدقية المسار القضائي، الذي ينتظر تقرير المحكمة العسكرية ليقرّر مجلس الوزراء ما يلزم في ضوء التقرير، معلناً التعاون الكامل مع التحقيق، وبالمقابل وجه ارسلان انتقاداً قاسياً لرئيس الحكومة حول كلامه من واشنطن الداعم للحزب التقدمي الاشتراكي وزعيمه النائب السابق وليد جنبلاط، داعياً لوقف رسائل ما وراء البحار.

ينتظر لبنان عودة رئيس الحكومة سعد الحريري من واشنطن. فمع عودته سيجتمع في المقر الصيفي في بيت الدين مجلس الوزراء الذي يفترض أن يضع خريطة الطريق لتنفيذ لما اتُفق عليه في اجتماع بعبدا الاقتصادي، ومتابعة مقررات سيدر، فضلاً عن الملفات الحياتية والمتصلة بمعالجة ازمة النفايات بشكل سريع لا سيما ان النفايات باتت شوارع أقضية زغرتا والكورة وبشري والمنية – الضنية في الشمال في ظل رفض من الأهالي نقلها الى مطمر تربل، وقرار وزير البيئة فادي جريصاتي التريث بانتظار عودة الحريري.

الى ذلك، توقّع رئيس الجمهورية ميشال عون أن يبدأ لبنان في تشرين الأول تنفيذ سلسلة من الإجراءات الاقتصادية والمالية المتفق عليها في اجتماع بعبدا المالي، متعهدًا برعاية ذلك بنفسه.

وقال عون، في تصريحات خطية لوكالة «رويترز»: «سأرعى شخصيًا المسار التنفيذي لمقررات لقاء بعبدا المالي والاقتصادي بالتعاون مع الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري والقوى السياسية المشاركة في السلطة».

وأضاف أن «الهدف هو ضمان الاستقرار السياسي في مجلس الوزراء وخارجه، وتأمين أكبر قدر من الإنتاجية، خاصة لجهة تنفيذ موازنة 2019 بوارداتها وإصلاحاتها».

وأوضح عون أنه يتوقع أن «يبدأ هذا المسار التنفيذي مع بداية شهر تشرين الأول بعد الانتهاء من التحضيرات الجارية الآن في مختلف الإدارات مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات النمو مما ينعكس إيجابًا على الوضعين الاقتصادي والمالي».

أما مصادر عين التينة، فتؤكد لـ»البناء» ضرورة تكاتف المعنيين لإنقاذ لبنان من أزمته الاقتصادية الخانقة والعمل على ترجمة ما جرى الاتفاق عليه في في لقاء بعبدا المالي، والإعلان عن خطة طوارئ إصلاحية، لافتة الى ضرورة مشاركة الجميع في عملية الإنقاذ لاستعادة الثقة الدولية. ورأت المصادر أن مشاريع سيدر يجب ان توضع على طاولة مجلس الوزراء في أسرع وقت وان تحظى بالأولوية من منطلق أنها ستساهم في إنعاش القطاعات الإنتاجية.

الى ذلك استضاف رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري وزوجته لارا في مزرعته خارج واشنطن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو وزوجته إلى مأدبة غداء، شارك فيها نجلا الحريري حسام وعبد العزيز وكريمته لولوة، الوزير السابق غطاس خوري وكريمته جيني والسيد رفيق البزري.

ورأت مصادر مطلعة لـ»البناء» ان رئيس الحكومة ركز مباحثاته الأميركية على قاعدة اقامة جدار فصل بين الدولة اللبنانية ومصارفها من جهة وحزب الله من جهة أخرى، معتبرة أن الحريري حاول خلال لقاءاته الإشارة الى انه يعمل على تجنيب لبنان أي تداعيات للعقوبات الاميركية على حزب الله وإيران، لافتة الى ان المساعدات الاميركية للحكومة عبر المؤسسات الدولية قد تكون رهن اعتماد الرئيس الحريري سياسة جديدة تجاه حزب الله والتيار الوطني الحر، على قاعدة البقاء في التسوية، لكن وفق منطلقات جديدة تراعي الأهداف الغربية.

واشارت المصادر الى ان واشنطن ليس لديها اي ملاحظات على القطاع المصرفي وأداء مصرف لبنان وهذا يعد مؤشراً ايجابياً من منطلق التنويه الاميركي بسياسة البنك المركزي.

وأشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن حزب الله أصبح دعامة مركزية أساسية ثابتة، فمن كان يبحث عن لبنان من دون هذه الدعامة، يبحث عن فراغ ، وشدد على أننا «جزء من هذا البلد، ولنا حلفاء وازنون يؤيدوننا ويدعموننا، ويحملون الاتجاه السياسي الذي نحمله، من أجل لبنان السيد والمستقل، ونحن نرى أن ما نقوم به هو ما يحقق مصلحة لبنان».

وكان لافتاً هجوم نائب تكتل لبنان القوي زياد أسود على الرئيس الحريري فغرّد قائلاً: «إذا رحت إلى أميركا واستقبلت وتقابلت، لا يمكنك أن تتعهد بشيء واذا رجعت الى لبنان لا يمكنك أن تنفذ شيئًا… ما كُتب قد كتب دولتك»…. موقف أسود استدعى ردًا عنيفًا من النائب السابق مصطفى علوش، فوصف التغريدة بأنها نَعيب، وكلامٌ تافه، وأضاف: «إذا كان ما كُتب قد كُتب، فما على الرئيس إلا ان يعلنه، والرئيس عنده تكتل داخل المجلس ويمكنه إقالة الحكومة… .

الى ذلك وفي ذكرى أربعين شهيدي حادثة قبرشمون أكد رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان أن «خسارتنا كبيرة وليست خسارة عادية، وما حصل مع «وزيرنا الغالي» لم يكن بسيطاً ولم تكن حادثة عابرة ولسنا من مدرسة التفاوض على الدم وبيع الدم». وقال إننا مع المصالحة انما هي مسار طويل وتندرج في إطارها بنود وبنود ونعتبرها خطوة أولى باتجاه الخطوات الأخرى ولا نطلب سوى الحق والعدالة ولا مقايضات . وتابع ارسلان: قلنا اننا حاضرون لمعالجة وضع المسار الحكومي على قاعدة فصل المسار الأمني والقضائي والسياسي وما كتبناه في لقاء بعبدا هو اختصار لكل المبادرات التي سبقت . وتوجه الى رئيس الحكومة سعد الحريري بالقول: أتمنى منه الا يرسل لنا رسائل عبر البحار لأن البلد لم يعد يحتمل ومن ينتظر رسائل عبر البحار هو من يكون بموقع الضعف وليس نحن . وركز أرسلان على أنّ «المكابرة والتكبّر لن يؤدّيا إلى نتيجة. نحن لسنا من مدرسة التفاوض على الدم وبيعه، ولن نكون ولو جار علينا الزمن. نحن لهذا الزمن نقول: «كنّا في الأمس ونحن اليوم وسنكون غدًا، شاء من شاء وأبى من أبى».

وفيما يزور ارسلان والوزير السابق وئام وهاب في الساعات المقبلة الرئيس ميشال عون في بيت الدين، استقبل الأخير يوم السبت وفداً من الحزب التقدمي الاشتراكي برئاسة داليا جنبلاط نظراً لسفر رئيس الاشتراكي وليد جنبلاط والنائب تيمور جنبلاط خارج بيروت، على أن يزورا الرئيس عون فور عودتهما. وأكد رئيس الجمهورية أمام الوفد أن «المصالحة لن تهتز وإن اختلفنا سياسياً». وقال: بشارتي لكم إننا سنبذل قصارى جهدنا لنخرج من هذه الحالة. وجميعنا مدعوون لنضافر جهودنا مع بعضنا البعض والاتفاق على إعمار لبنان. واشارت مصادر الاشتراكي لـ»البناء» إلى أن اللقاء أكد المصالحة التي حصلت في بعبدا، معتبرة ان اللقاء تمحور حول تفعيل عمل المؤسسات والالتقاء حول ما هو مصلحة للبنان على الصعيدين الاقتصادي والاستقرار السياسي، لافتة الى أن حادثة قبرشمون تعالج عبر المسار القضائي وأن التحقيقات في شأنها تستكمل مع تسليم المعنيين كافة المطلوبين.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى