مركز ثقل الإقليم من الرياض إلى صنعاء والحوثي سلطان البحار وسيد الجزيرة العربية…!

محمد صادق الحسيني

كلّ الحوادث والوقائع والأنباء تشي بتراجع دور الرياض وأخواتها الخليجيات على كلّ الصعد، مقابل تقدّم متسارع لدور صنعاء ومن وقف معها متضامناً، بالسياسة كما بالأمن وبالجغرافيا كما في التاريخ…!

خطاب السيد القائد عبد ملك بدر الدين الحوثي الأخير جاء مفصلياً في الانتقال بالمشهد اليمني والإقليمي المحيط بصنعاء من الدفاع الى الهجوم…!

ويجزم مراقبون نشطون لما يجري في عواصم القرار المقاوم منذ تحرير حلب وسقوط مشاريع الهيمنة الغربية والممالك والإمارات الصغيرة، بأنّ ما يتفاعل الآن في المشهد اليمني الجديد، والذي عبّر عنه السيد الحوثي أخيراً هو في الواقع إضافة الى كونه ناتجاً عن إضافة نوعية للجهد اليمني في تحوّلات الإقليم الكبير إنما هو أيضاً وأيضاً تعبير عن وصول آثار تحرير حلب الاستراتيجي الى اليمن وبحرها المحيط في الجزيرة العربية…!

الذين يقرأون التاريخ جيداً يقولون بأنّ تفاعلات المشهد اليمني الحالي المتصاعدة نصراً بعد نصر إنما هي تشبه وصول آثار انحدار دول المحور النازي الفاشي التي وصلت أسوار برلين بعد نحو سنة ونصف السنة من تحرير ستاليننغراد…!

على المقلب الآخر فإنه وبعد اجتماع موسكو المفصلي والمهم قبل أسابيع بين ممثلي الشعب اليمني والقيادة الروسية، فقد انتقلت تمظهرات حضور القيادة اليمنية الثورية الحرة والمستقلة في المشهد الدولي إلى محطة مفصلية جديدة تمثلت في الاجتماع الذي رعته طهران قبل أيام على مستوى السفراء مع الدول الأوروبية الأساس إيطاليا وفرنسا وألمانيا وبريطانيا في العاصمة الإيرانية..!

وهذان الاجتماعان ما كانا ليحصلا لولا الإنجازات الكبيرة جداً على المستوى العسكري التي حققها الجيش واللجان الشعبية اليمنية في جبهات الحرب المفروضة على الشعب اليمني المظلوم.

واذ يمثل هذان الاجتماعان تحوّلاً مهماً في العلاقات اليمنية مع العالم الخارجي فإنهما يمثلان تحولاً نوعياً أيضاً في بلورة الوضع الاستراتيجي في البحر الأحمر والجزيرة العربية والقرن الأفريقي..!

يجمع المتابعون لمجريات الحرب الكونية المفروضة على اليمن المظلوم بأنّ الأسابيع القليلة الماضية شهدت تحوّلاً نوعياً كبيراً في سياق إعادة رسم جغرافيا اليابسة في منطقة شبه الجزيرة العربية والبحار المحيطة بها وكذلك الخلجان والمضائق التي تطلّ من خلالها على العالم وأعالي المحيطات…!

فبعد ان ظلت ما تسمّى المملكة العربية السعودية لعشرات السنين الماضية بمثابة اللاعب الأساسي وربما الوحيد والكيان الأكثر حضوراً في المجتمع الدولي والأكثر تأثيراً في سياقات التشكيلات السياسية العربية والإسلامية الرسمية، فإنّ جريمة الحرب والعدوان على اليمن وما تبعها من استنزاف للنظام الحاكم في الرياض إنما أدّت إلى تراجع كبير للمملكة، وظهور دويلات منافسة لها من وسط ما يسمّى بمجلس التعاون الخليجي…!

بيد انّ الانتصارات السياسية والمعنوية المتتالية لأنصار الله وصبرهم الاستراتيجي وصمود الشعب اليمني الأسطوري من جانب والتطوّر الهائل لمنظومة العمل العسكري والأمني والاستخباري للجيش واللجان الشعبية من جانب آخر، أحدثا نقلة نوعية من جنس آخر في كلّ الإقليم وليس اليمن لوحده…!

فهذان التحوّلان نقلا عملياً مركز الثقل السياسي في المنطقة من اليابسة السعودية الى الهضبة اليمنية وموانئها وخلجانها ومضيقها الاستراتيجي على البحر الأحمر، الى الحدّ الذي اقتربت فيه اليمن او تكاد الى مرتبة المركز الرئيسي لأنظار العالم واللاعب الأساسي في مستقبل الجغرافيا السياسية ليس في البحر الأحمر والجزيرة العربية فحسب بل وفي القرن الأفريقي أيضاً…!

ولما كانت الهضبة اليمنية العليا بقيادة أنصار الله بما مثلته من صبر استراتيجي وحكمة متناهية وحنكة عالية في إدارة التحوّلات، هي من كانت تلعب الدور الأساسي في كلّ هذه التحوّلات، لذلك سنرى قريباً عواصم العالم وهي تتزاحم تترى نحو مزيد من الإذعان والإقرار بدور القيادة الحوثية في صناعة اليمن الجديد وأيضاً بما تمثله هذه القيادة من دور أساسي ينتظرها في محور المقاومة الذي بدأ يتعزز يوماً بعد يوم بعد تراكم القوة الذي بدأت تبلوره كلّ من طهران ودمشق وبيروت، وبغداد أيضاً رغم بعض التعثر..!

وتبقى رسائل السيد القائد الحوثي في خطابه الأخير بمثابة المحطة الفاصلة بين مرحلة الدفاع الاستراتيجي التي تخطتها اليمن بامتياز مقابل مرحلة الهجوم الاستراتيجي التي قرّرت أن تسطرها من اليوم فصاعداً بكلمات من نور عنوانها الرئيسي ولى زمن الدفاع وجاء زمن الهجوم بامتياز تماماً كما تمّ تفصيل ذلك في خطاب السيد الحوثي:

لا شرعية إلا شرعية صنعاء…

ولا تقسيم لليمن ولا تبعية للخارج…

والعيون ستشخص من الآن فصاعداً للمحور الذي أعلنت صنعاء الانتماء اليه من دون مواربة من صنعاء الى طهران مروراً ببغداد ودمشق وبيروت…

المحور الذي يتقدّم تحت الشمس المشرقة، فيما تتراجع الشمس وتنحسر عن تحالف العدوان الذي بدأ يتفتت ويأفل نجمه من أبو ظبي الى الرياض وصولاً الى تل أبيب وواشنطن…!

عالم ينهار هو عالم العدوان، وعالم ينهض هو عالم المقاومة، وما ذلك على الله بعزيز.

بعدنا طيّبين قولوا الله…

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى