هلّموا إلى ساحة الشهداء والإعلام.. أية ضمانات لكم في دولة القتل والجريمة؟

هاني سليمان الحلبي

«اليوم إلى اللقاء.. في ساحة الشهداء.. ساحة صحافيي لبنان وإعلامييه.. لنقول كلمتنا ونعزّز وحدتنا.. في مواجهة التحديات التي تتهدّدنا..

كونوا كثراً في الاعتصام التضامني مع العاملين في القطاع الصحافي والإعلامي، اليوم الثلاثاء، الساعة 11 قبل الظهر..

يدٌ واحدة.. جسم واحدٌ.. إرادة واحدة.. وقرار واحد.. لصحافيين وإعلاميين عاملين يستحقون حياة كريمة..

هلّموا إلى ساحة الشهداء.. ساحة صحافيي لبنان وإعلامييه وليكن عنواننا: لضمانات تطمئننا إلى يومنا وغدنا..

نقابة محرّري الصحافة اللبنانية».

هذا ما تضمّنته بالحرف الدعوة إلى الاعتصام في ساحة الشهداء والإعلاميين والصحافيين في وسط بيروت اليوم، من نقابة محرّري الصحافة اللبنانية.

والدعوة ناضحة بالألم والشكوى وشدّ العصب والعزائم في دولة تُنحَر صحافتها «على عينك يا تاجر»، وهي الأعرق عربياً لما يزيد عن قرن ونصف القرن، مهدّدة بأن تختفي من الوجود، ويأتي يوم قريب تجمَع أقلام الصحافيين في متحف بيروت، كبقايا لقىً من عصر حجري غابر.

صحافة دشّنها، الصحافي الأولى في العصر الحديث، المعلم بطرس البستاني، في وطنياته، والجنة، والجنينة، وما لا يحصى من الخطب والمعارف والكلمات والرسائل لأبناء الوطن من محبّ الوطن، نجدنا اليوم عند الصفر عينه، وعند المنطلق نفسه، وكأننا بتاريخ في الحرية والأدب والعلم الدستوري والحقوق وميراث الدولة وتنمية المجتمع.

والأوجع أن يرى صحافيو المناطق والإعلاميون من بيوتهم، دعوة صارخة كهذه، محقّة حقاً مطلقاً وتمسّ حقوقهم الشخصية والمهنية والصحية والأسرية، ومستقبلهم وشيخوختهم، ولا يستطيعون الانضمام لحشد زملائهم!!

لماذا؟

لأنّ عملية تصفيتهم بتصفية دور الإعلام كسلطة سيادية مستقلة تمّ الشروع بها بشراء مؤسسات الصحافة والإعلام ففقدت الكثير من صدقيتهم، وفقد الصحافيون الكثير من رصيدهم فانفضّ الناس عن قراءة كلمات معظمهم، لأنهم لم يعودوا قادة بلاد وأحراراً. ولأنّ دولتهم، بمؤسساتها كافة، منافقة، تصرّح بعلكة الدعم صباحاً وتبتلع لسانها في المساء.

فأيّ قانون للإعلام وللصحافة تمّ إقراره؟ وهو ما زال قابعاً في أدراج لجان تتراشق التهم، كما في موازنة 2019 وغيرها من المشاريع القانونية. وأيّ دعم لمؤسسات الإعلام يحميها من حيتان التكنولوجيا والفيسبوك وتويتر وانستغرام والواتس أب. والصحافة في العالم تساعد تماماً عندما تروّج لتغريدات السياسيين وأخبار التكنولوجيا ولم تقاطعها، فكانت كمن يبتلع الموسى لأجل خبر يبيع دمه.

لا يكفي اعتصام واحد ولا أكثر.. لا يكفي يوم واحد نستصرخ الصمّ والعميان من رجال البلاد وسياسييه، الذين ليسوا مستعدين لتخفيض رواتبهم ودعم نقابة الصحافة بها أو موازنة تسليح الجيش. لا تجرّبوا المجرَّبين الفاشلين!

أيها الصحافيون والإعلاميون، لا ضمانات لكم سوى وحدتكم وخطتكم الدقيقة وتضحياتكم المرتكزة على تضحيات السابقين النبلاء لا المرتزقة للمحاور السياسية والأجهزة الدولية.

ادعوا إلى يوم إنذار أول يتوقف الإعلام كله، صحافة وإعلاماً مرئياً ومسموعاً وإلكترونياً، ويعلن الحداد على الصحافة في بلد النهب والموت والحيتان.

في لبنان «نطاق ضمان الفكر الحر»، كما أسماه سيد الصحافة أنطون سعاده، الذي اغتالته الحكومة اللبنانية ظلماً، كما تغتالكم، تتشح الصحافة بالسواد والفقر والتلاشي.

عضو اتحاد الكتاب اللبنانيين وعضو نقابة محرري الصحافة اللبنانية

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى