القصيفي: لورشة جادة تصحّح الواقع وتنهض به بالتعاضد والتقاعد واستعادة حقوق مكتسبة مهدورة فلحة: ليس الإهمال رسمياً فقط بل كلنا مسؤولون عنه وعن الإنقاذ

لبّى صحافيو لبنان وإعلاميوه ومصوّروه والمخرجون الفنيون، دعوة نقابة محرّري الصحافة اللبنانيّة، إلى الاعتصام في ساحة الشهداء قبل ظهر أمس، اعتراضاً على الواقع الذي يرزح فيه قطاعهم، وانتصاراً لمهنتهم الرسالية المهدّدة في مرتكزات وجودها.

حضر إلى ساحة الشهداء متضامناً مدير عام وزارة الإعلام الدكتور حسّان فلحة، نائب رئيس المجلس الوطني للإعلام إبراهيم عوض، المسؤول الإعلامي في حزب الله محمد عفيف، عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حميّة، مفوض الإعلام في الحزب التقدمي الاشتراكي رامي الريس، عضو المكتب السياسي في تيار المستقبل راشد فايد، مستشار الرئيس فؤاد السنيورة عارف العبد، مسؤول الإعلام الداخلي في حزب القوات اللبنانيّة مارون مارون، ووفود من المكاتب الإعلامية لحركة أمل والكتائب اللبنانيّة وتيار المردة. كذلك حضر رئيس رابطة متخرجي كليّة الإعلام عامر مشموشي، رئيس نادي الصحافة بسام أبو زيد، رئيسة النادي الدولي للصحافة والإعلام سيمون الأشقر، رئيس جمعية المراسلين العرب عمر حبنجر، نقيب المصوّرين عزيز طاهر، نقيب مخرجي الصحافة والغرافيك علي كمال الدين، إضافة إلى أعضاء مجلس النقابة ووفود إعلاميّة من الجنوب والشمال والبقاع والجبل. وكان لافتاً حضور صحافيّي الشمال مع لافتات مؤيدة للاعتصام.

عواضة

بدأ الاعتصام بالنشيد الوطني اللبناني ودقيقة صمت حداداً على أرواح الشهداء، وبكلمة لعضو مجلس النقابة المسؤول الإعلامي واصف عواضة قال فيها: «هذه أول مرة يلتقي فيها أبناء المهنة من أجل صيانة هذه المهنة. نحن هنا اليوم من أجل إنقاذ الصحافة من الانهيار. نحن هنا اليوم من أجل استمرار وسائل الإعلام، وتلك التي توقفت من أجل العودة الى ساحة العمل، لأنّ لا صحافيين من دون وسائل الإعلام، وقد كنا أول من قدّم الاقتراحات لإنقاذ قطاع الإعلام من الانهيار».

القصيفي

وتحدّث نقيب المحررين جوزيف القصيفي وقال في كلمته: «نلتقي، في ساحة شهداء الوطن، وهم الصحافيون الذين امتشقوا القلم سلاحاً، وبه شقوا الطريق إلى الحريّة والتحرّر، وتقدّموا إلى أعواد المشانق: جباه تعانق عاليات الذرى، وصدور خافقة بالبطولة يسطرونها أحرفاً وكلمات تؤبجد ملحمة الثبات…

نلتقي، اليوم، لنرفع الصوت عالياً ومدوّياً ضدّ الإهمال الرسمي لقطاع الصحافة والإعلام، واللامبالاة حيال تشرّد المئات من الزميلات والزملاء الذين باتوا عاطلين من العمل جرّاء إقفال المؤسسات التي كانوا فيها يعملون بذريعة الأزمة الاقتصادية والماليّة وشحّ الموارد، علماً أنّ معظمها أقفل لأسباب مغايرة لتلك التي أعلنت…

نلتقي، لنسأل القيّمين على الدولة أين أصبحت القوانين الموعودة الناظمة للصحافة والإعلام، بعدما تقادم الزمن على القوانين الحاليّة، وباتت قاصرة عن الإحاطة بالتطوّر الهائل الذي طاول المهنة.»

وتابع: «إنّ صحافة لبنان وإعلامه كانا رمز حريته وديمقراطيته، وتطوّره، وعلامة ازدهاره، وشكّلا البيئة الجاذبة لمفكري العرب ومثقفيهم، ورجال أعمالهم، ومعها تحوّلت بيروت إلى مدينة «كوزموبوليتية» جعلت من وطننا منارة الشرق ومحجته، ومن العار أن يتخلىّ المسؤولون عن هذا القطاع في أيام محنته، لذلك فالمسؤولية كبيرة في الإقدام على الآتي:

وضع قانون عصري للصحافة والإعلام يستجيب للتحديات الراهنة ويؤسّس للمستقبل.

دعم قطاع الصحافة والإعلام والعاملين فيه عبر مشروع يموّل من الموازنة العامة.

إنشاء صندوقين: تعاضدي وتقاعدي للصحافيين والإعلاميين والعاملين في وسائل الإعلام كافة تُمَّول انطلاقتهما من خزانة الدولة ريثما يصبحان قادرين على الإقلاع.

إلى حين العمل بصندوقي التعاضد والتقاعد يتعيّن تنسيب جميع المحرّرين والعاملين في المؤسسات الإعلامية غير المشمولين بخدمات الضمان الى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فرع المرض والأمومة.

حلّ مسألة الرسوم البلدية المتراكمة والناتجة من قرارات التريّث التي لم يعد يسري عليها مرور الزمن.

إعادة ما انتزع منّا وبغفلة من الزمن، وشحطة قلم من تقديمات تمتّعنا بها منذ ستينيات القرن المنصرم.

الطلب من الحكومة الإفراج عن مشروع القانون المتعلق بتعديل أحكام في قانون المطبوعات يتصل بنقابة المحرّرين، وإرساله الى المجلس النيابي كما ورد من وزارة الإعلام من دون أيّ حذف أو إضافة، أو تحوير.

الطلب من مجلس القضاء الأعلى حثّ محاكم العمل على الإسراع في بت الدعاوى المرفوعة من زميلات وزملاء صرفوا كيفيّاً من مؤسساتهم لقاء تعويضات مجحفة.

العفو عن جميع مخالفات النشر وجرائم المطبوعات المنصوص عنها في المواد 2 الى 25 من قانون المطبوعات الصادر بالمرسوم الاشتراعي الرقم 104/77 وتعديلاته».

وتوجه النقيب القصيفي إلى الزملاء بالقول: «تلازمون السياسيين 24 ساعة على 24، وتتولّون تغطيّة أخبارهم وتتفانون بخدمتهم، وهم لا يعبأون بمشكلاتنا ومعاناتنا. ولم نحصل من المسؤولين إلاّ على معسول الكلام، والإشادة بدور الإعلام، فيما أهله على قارعة الطريق. قولوا لهم: كونوا معنا وانتصروا لحقنا، ولا نطلب منكم إلاّ الأفعال، فإذا خذلتمونا، فإنما تخذلون أنفسكم.

وحرصاً منّا على وحدة الصفّ الصحافي والإعلامي، وللدلالة على تمسكنا بهذه الوحدة، فإنّ هذه المطالب ستكون موضوع بحث في خلوة مشتركة مع نقابة الصحافة كما مع نقابتي المصوّرين ومخرجي الصحافة والغرافيك للاتفاق على لائحة بها تُرفع الى المسؤولين المعنيّين لصوغها في اقتراحات ومشاريع قوانين تمهيداً لإقرارها.

وختم القصيفي قائلاً: «آن الأوان لأن تبدأ ورشة جادة، اليوم قبل الغد، لإنقاذ الصحافيين والإعلاميين من براثن البطالة والجوع».

فلحة

واعتبر فلحة الذي شارك كزميل لا كمدير عام لوزارة الإعلام انّ الواقع الذي وصل اليه الإعلام ليس إهمالاً رسمياً بل إهمال عام للإعلاميين أيضاً، محمّلاً مسؤولية ذلك للجميع دون استثناء انْ كان من قبل العاملين أنفسهم او النقابات او الظروف التي كانت أصعب مما تصوّرناها.

وشدّد على أنّ المطلوب العمل سوياً وتضافر جميع الجهود لإيجاد الشروط اللائقة، مشيراً الى انّ وزارة الإعلام تعمل على نصوص قانونية تحافظ على حقوق الإعلاميين في عملهم وأدائهم وهي تتعاون مع نخبة منهم في ذلك. واوضح انّ هذا الهدف لا يتحقق بجهود مؤسسة أو إدارة او جهة حكومية بل هذا عمل جماعي يجب التوافق للوصول اليه.

وأكد انّ الموضوع وجودي وكياني لاستمرار العمل الإعلامي ولاستمرار الحرية فيه، مشدّداً على ضرورة الابتعاد عن ايّ ارتهان للحفاظ على هذه الحرية فأغلى ما يملكه لبنان هو الإعلام والحرية الإعلامية.

فلحة اعتبر أنّ المؤسسة الإعلامية تقوم على 3 أطراف وهي: «أصحاب المؤسّسة، العاملون فيها والمؤسسة»، لافتاً الى انّ أصحاب المؤسسات وضعهم مختلف عن وضع العاميلن في مؤسساتهم وحتى عن هذه المؤسسات.

وتحدّث عن ضرورة التحرك سريعاً لإنقاذ الوضع بعيداً عن الكلام المنمّق، وقذف الاتهامات، لذا رأى انّ المطلوب من نقابتي المحرّرين والصحافة والمؤسسات الإعلامية وكذلك مؤسسات الدولة ان تعمل لإقامة ورش عمل ومؤتمر إعلامي وطني لمناقشة هذه القضايا وإيجاد الحلول، وعلى الإعلاميين متابعة قضيتهم حتى النهاية. ولفت الى انّ الدولة تتحمّل جزءاً من الحلّ فقط أما المؤسسات الاعلامية فيقع جزء من المشكلة عليها.

إعلام «أمل»

وعبّر المكتب الإعلامي المركزي في حركة «امل» عن «التضامن الكامل مع وقفة نقابة المحررين التي أقيمت في ساحة الشهداء برئاسة النقيب جوزيف القصيفي»، مشدّداً على أنّ «مطالبهم ستكون ضمن أجندة عمل المكتب الذي يسعى لأن ينال كلّ ذي صاحب حق حقه في ميدان العمل الإعلامي في لبنان».

وإذ أكد المكتب «وقوفه الى جانب العاملين في المجال الاعلامي، خصوصا اولئك الذين يعملون ولا يقبضون رواتبهم، او الذين يتعرّضون للصرف التعسّفي»، شدّد على «أهمية استمرار النضال النقابي لأجل تحقيق الأهداف الأساسية والمتمثلة باستعادة التقديمات التي كانت نقابة المحررين تقدّمها للمنتسبين إليها، وإنشاء الصناديق التعاضدية والتقاعدية لضمان حقوق كلّ العاملين في الميدان الإعلامي في لبنان».

الاتحاد العمالي

كما أعلن الاتحاد العمالي العام تأييده وتضامنه الكامل مع وقفة نقابة المحررين واعتصامهم برئاسة النقيب جوزيف القصيفي، واعتبر الاتحاد في بيان أنّ مطالبهم المحقة هي مطالب الاتحاد العمالي العام خصوصاً لجهة مطلبهم وقف التسريح والبطالة وتهديد مصير كلّ العاملين في الإعلام المكتوب من مخرجين ومصوّرين ومحررين، ونطالب جميع المسؤولين وخصوصاً منهم وزير الإعلام بالتدخل الفوري لمعالجة هذه الأزمة المستفحلة بالسرعة اللازمة، خصوصاً أنّ هذا القطاع تميّز بإعلامه الحرّ وشكّل منارة لوجه لبنان الحضاري ولا يزال في أحلك الظروف.

إلى ذلك يعقد رئيس الاتحاد العمالي العام في لبنان بالإنابة حسن فقيه مع العمال المصروفين من «المطابع التعاونية الصحافية» مؤتمراً صحفياً مشتركاً عند الساعة العاشرة والنصف من صباح اليوم الأربعاء 21 آب الجاري في مقر الاتحاد العمالي العام كورنيش النهر.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى