قاضي التحقيق تسلّم الملف وتحذيرات من الرضوخ للضغوط الأميركية وتوقيف عميد رافق الجزّار إلى مركز الأمن العام في المطار

لا تزال قضية جزّار معتقل الخيام العميل عامر الفاخوري تتفاعل قضائياً وسياسياً وشعبياً.

وفي جديد هذا الملف، توقيف العميد الركن في الجيش إ. ي. وهو يخضع للتحقيق بسبب مرافقته للعميل عامر الفاخوري إلى مركز الأمن العام في مطار بيروت الدولي.

وأمس تسلّمت قاضي التحقيق العسكري المناوب نجاة أبو شقرا ملف الفاخوري، بعد ادّعاء النيابة العامة العسكرية عليه بموجب ورقة طلب تضمّنت ملاحقته بجرم الانضواء في صفوف العدو، والحصول على جنسيته والتسبّب بقتل لبنانيين.

وفي هذا السياق، أعلنت المديرية العامة للأمن العام، في بيان أنه «في إطار متابعتها لعملاء العدو الإسرائيلي وتعقبهم، أوقفت المديرية العامة للأمن العام آمر معتقل الخيام سابقاً اللبناني عامر الفاخوري. نتيجة التحقيق معه اعترف بتعامله مع العدو الإسرائيلي والعمل لصالحه وانه استحصل بعد فراره عام 2000 الى داخل فلسطين المحتلة على هوية إسرائيلية وجواز سفر إسرائيلي غادر بموجبه الأراضي الفلسطينية المحتلة.

بعد انتهاء التحقيق معه أحيل إلى النيابة العامة العسكرية استناداً إلى إشارة مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس».

وفي موازاة ذلك، تقدّم 34 محامياً و10 أسرى محررين إلى النيابة العامة التمييزية بإخبار ضدّ العميل الفاخوري وكلّ من يظهره التحقيق مشاركاً ومتورّطاً بجرم التعامل مع العدو «الإسرائيلي» وتسهيل دخوله إلى لبنان وهو عميل محكوم.

وفي المواقف من هذه القضية، قال وزير المالية علي حسن خليل عبر تويتر «اللبنانيون جميعاً خصوصاً أبناء منطقة مرجعيون لن يسامحوا مَن تفنّن في ابتكار العذاب لهم ولعائلاتهم. والمعلومات عن محاولات لتنظيف سجلات 60 عميلاً إسرائيلياً يجب أن تؤخذ بأقصى درجات الجدية والمتابعة».

بدوره، غرّد النائب عدنان طرابلسي على حسابه على تويتر بالقول «الشعب اللبناني لم ينس ما فعله عملاء العدو الصهيوني خلال فترة الاحتلال من قتل للأبرياء وظلم وتعذيب وتنكيل»، مطالباً بـ «أن يُرفع عنهم أيّ غطاء سياسي في حال وجوده وأن تُنزل بهم أقصى العقوبات على ما اقترفوه وليكونوا عبرة لأشباههم ولمن تحدّثه نفسه أن يسير على دربهم.»

من جهته، أكد حزب الاتحاد في بيان أنّ «العودة المُدانة للعميل الصهيوني عامر الفاخوري هي امتحان للسلطة السياسية اللبنانية ولأنظمتها القانونية، في التعامل مع الظواهر أمثال هذا العميل الذي ارتكب الفظائع والجرائم بحق اللبنانيين بارتباط مباشر مع العدو الصهيوني، وتنفيذ تعليماته بحق أبناء وطنه هي ظاهرة تستحق أن تكون مفصلاً لا يجوز التهاون بها أو تمريرها من دون موقف رسمي على مختلف المستويات الحكومية والنيابية والقضائية، باعتبارها جزءاً من مقاومة العدو الصهيوني التي لا تسقط بالتقادم أو بحمل جنسية أجنبية حتى ولو كانت الجنسية الأميركية».

وتابع «فعذابات اللبنانيين ودماء الشهداء الذين كانت أجسادهم معلقة على أعمدة تحت لهيب الشمس الحارقة، تكفي لإسقاط الجنسية اللبنانية عن هذه الرموز العميلة التي لا تقيم وزناً للسيادة الوطنية ولا للانتماء للوطن، فعن أيّ سقوط للجرم الجزائي تتحدث بعض الأوساط؟ فجرم العمالة متأصّل بهذه الرموز ومن المعيب أن نشرّع أبواب الوطن لها لتستبيح أمنه وسيادته من جديد».

وطالب السلطات القضائية بإعمال مبدأ قانوني لا يُسقط مبدأ العمالة بالتقادم ومعاقبة المتعاملين بأشدّ العقوبات، وعدم تخفيف الأحكام عليهم ليكونوا عبرة لضعاف النفوس، لأنّ العقوبة هي قوة رادعة للذين يستسهلون أمر الاتصال والتعامل مع العدو الصهيوني.

كما طالب بتحرك شعبي ضاغط على السلطات المعنية كافة من أجل أن تكون العقوبات زاجرة ومن بينها إعدام هذا العميل بعد محاكمة في باحة سجن الخيام الذي مارس جرائمه داخله كي يكون عبرة لمن تسوّل له نفسه القيام بمثل هذه الأفعال. وحيّا القاضي جرمانوس على اتخاذه موقفاً قضائياً «بتوقيف العميل الذي يريد استباحة لبنان وأمنه وسلمه من جديد».

وطالبت قيادة «رابطة الشغيلة»، برئاسة أمينها العام النائب السابق زاهر الخطيب، بمحاكمة الفاخوري وإعدامه «عقاباً على الجرائم الوحشّية التي ارتكّبها بحقِ أبنائنا من المقاومين والموطنين»، كما طالبت «بكشف الجهة العليا وبعض الجهات الأمنية في الدولة التي كرّمت العميل فاخوري، وسهّلت دخوله إلى لبنان»، مؤكدةً «أنّ تكريم العملاء وتبييض صفحتهم عبر سحب مذكرات التوقيف وإبطال الأحكام الصادرة بحقهم، بحجة مرور الزمن، إنّما يُشكّل جريمة كبرى بحق الوطن وأسر الشهداء والجرحى والأسرى والمقاومين».

وحذرت «من الخضوع للضغط الأميركي لإطلاق سراح العميل الفاخوري وتسفيره إلى الولايات المتحدة الأميركية، بذريعة أنّهُ يحمل جواز سفر أميركي».

واعتبر الأمين العام لـ»التيار الأسعدي» المحامي معن الأسعد، في تصريح، أنّ إثارة عودة العميل الفاخوري إلى لبنان مشبوهة في التوقيت والمضمون، والغاية منها استجرار نقاش داخلي تمهيداً لإصدار العفو العام عن العملاء وعن كلّ من تعامل وتواصل مع الكيان الصهيوني وأقام فيه، ومنهم ما زال مقيماً فيه.

وتساءل «كيف استطاع هذا العميل أن يلغي أو يزيل البرقية المنقولة المختصة بالأمن القومي رقم 303 وإن كانت غير قانونية، إلاّ أنها سارية بحق مئات الأشخاص؟»

وأكد أنّ «العمالة لا يساوم عليها، خصوصاً في حالة هذا العميل المجرم وإنْ سقطت آثار جرمه، إلاّ أن آثار فعله معنوياً واجتماعياً وسياسياً لا يمكن أن تزول». وطلب «من كلّ من عانى من جرائمه التقدّم بالدعاوى على أنواعها، خصوصاً أنّ التقارير والمعلومات تؤكد استمرار عمالته وعلاقته بالكيان الصهيوني ولديه علاقات متينة بعدد من المسؤولين»، محذراً السلطة «من الرضوخ للضغوط الأميركية التي تطالب بترحيله، لأنّ ذلك يشكل اعتداءً على سيادة لبنان باعتباره يحمل الجنسية اللبنانية، ولا يمكن ترحيله حتى لو كان يحمل الجنسية الأميركية».

ونوّه الأسعد «بالأمن العام اللبناني الذي كشف محاولة تسلل هذا العميل الى لبنان»، مشيداً بالقاضي جرمانوس «الذي اتخذ قراراً شجاعاً عنوانه لا مساومة على العمالة».

وأعرب «تجمّع العلماء المسلمين»، في بيان، عن أسفه «أن يعتبر البعض أنّ العملاء إنما فعلوا ما فعلوا اضطرارا وهروباً من ضغوطات عانوا منها، في حين أنّ سيرتهم العملية تؤكد أنهم عندما امتهنوا العمالة ذهبوا فيها إلى أبشع صورها». واعتبر «أنّ التساهل مع هؤلاء هو مشاركة في الجرم ولا بدّ من أن تؤسّس هذه القضية لمنهج يعتمد في التعامل مع العملاء انطلاقاً من قوانين واضحة في اعتبارهم متهمين بتهمة الخيانة العظمى».

وطالب الدولة بفتح تحقيق جدي في موضوع العميل الفاخوري، وبتشريع قانون خاص بالعملاء مع الكيان الصهيوني. ودعا «الأسرى الذين نالهم عذاب من هذا العميل الخائن لتشكيل لجنة تتقدّم بدعاوى فردية وجماعية أمام القضاء المختص للمطالبة بالحقوق والاقتصاص من المجرم، كما طالب أهالي الأسرى الذين استشهدوا على يديه للتقدّم بدعاوى أخرى كونه المسؤول عن قتلهم وصاحب الأمر في ذلك».

ورأى «رئيس لقاء الفكر العاملي» السيد علي فضل الله أنّ تسهيل دخول كبير عملاء الاحتلال «الإسرائيلي» إلى لبنان فضيحة وطنية لا يمكن السكوت عنها مشدّداً «على ضرورة إسقاط المحميات السياسية والأمنية عن الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق المقاومين والأسرى والأبرياء من اللبنانيين».

ودعا لمحاكمتهم وإنزال أقسى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لغيرهم مؤكداً ضرورة كشف ومحاسبة المتورّطين بإدخال العميل الفاخوري وتسوية أوضاعه وحمايته.

وأكد رئيس حزب «الوفاق الوطني» بلال تقي الدين، في بيان، «رفض التهاون والتساهل في التعاطي مع عملاء الاحتلال الاسرائيلي والتغطية على العميل عامر الفاخوري، كبير العملاء وجزّار معتقل الخيام الذي مارس أبشع أساليب التعذيب بالمعتقلين». وطالب «الدولة اللبنانية والحكومة والقضاء العسكري بالاقتصاص من هذا العميل وكل من يتعامل مع العدو الإسرائيلي بأشد العقوبات».

وتساءل «من سهّل عودة هذا العميل ومن استقبله ومن شطب له مذكرة التوقيف»، منتقداً «بعض الأصوات التي خرجت تنادي بتسوية في ملف المبعدين اللبنانيين الموجودين داخل فلسطين المحتلة والذين تعاملوا مع العدو الاسرائيلي وجيش لحد»، مؤكداً أن «دماء الشهداء ليست رخيصة».

وتساءل الأمين العام لـ»حركة الأمة» الشيخ عبد الله جبري، عن «سر عودة أحد كبار عملاء العدو «الإسرائيلي» إلى لبنان في هذه الظروف، وعن الغاية منها، وما إذا كان يقف أحد ما وراءها، في محاولة لجسّ النبض، وفرض أمر واقع بعودة العملاء إلى البلد تحت عنوان «مرور الزمن» على جرائمهم في حق شعبهم ووطنهم».

ودان مكتب النقابات والمهن الحرة في حركة أمل في بيان السماح بعودة العميل الفار الفاخوري إلى لبنان، «وهو المشهود له بالتنكيل والتعذيب وقتل الأسرى في معتقل الخيام». وأعلن انه «يضع كلّ إمكانات دائرة المحامين في الحركة بتصرّف عوائل الشهداء والجرحى والأسرى الذين نكّل بهم هذا العميل، واستعداده الكامل لتكليف من يلزم من المحامين لحمل ملفاتهم إلى القضاء ورفع الدعاوى اللازمة».

الجيش: لا معرفة شخصية بين القائد والعميل

أكدت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أن لا معرفة شخصية لقائد الجيش العماد جوزاف عون تجمعه مع العميل عامر الفاخوري. وقالت في بيان أصدرته أمس «تداول بعض مواقع التواصل الإجتماعي صوراً لقائد الجيش العماد جوزاف عون تجمعه مع الموقوف العميل عامر الياس الفاخوري. يهمّ قيادة الجيش أن توضح بأنّ هذه الصور قد تمّ التقاطها خلال زيارة العماد عون إلى الولايات المتحدة الأميركية في تشرين الأول من العام 2017، خلال حفل استقبال عام أقامته السفارة اللبنانية على شرف العماد عون، حيث قام المدعوون بالتقاط صور إلى جانبه ومن ضمنهم العميل فاخوري، علماً أن لا معرفة شخصية تجمعه مع قائد الجيش».

أضافت «كما تداول بعض المواقع الإخبارية خبراً حول مرافقة عميد في الجيش اللبناني للعميل المذكور إلى مركز تابع للأمن العام اللبناني. يهمّ القيادة أيضاً التأكيد على أنها تقوم بمعالجة هذا الموضوع بالأطر والطرق القانونية المناسبة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى