بابو لحود ساحرة الذوق والتصميم الراقي تستحق التكريم

جهاد أيوب

مجرّد ذكر اسمها تذهب دون تعمّد إلى الذوق الجميل والأناقة الفاخرة، وحكاية زمن لم يعدّ إلا في الكتب!

بسيطة في اختيار قماشها، ومُغامِرة في اختيار ألوانها، تدرس لوحتها وتصميمها. شخوص محورها بعفوية الصنعة، وبقيمة التركيز فتعطي من مجرد ثوب بسيط حالة ملوكية تلفت النظر وترافق خطواتك الذهنية، وهذا هو سرّ الجمال… نعم الجمال يلفت النظر، ويدهش الحالة ليترك صفحات في ذهن متدفّق يبحث عن من يشغله ويشعله، والجمال يشعل هذا الذهن الباحث وحتى لو كان متخماً أو بليداً فيشغله حتى الجمال.

وبابو لحود هي كل ما ذكرت، وهي شعلة من التميّز الفاخر، وهي لا تعرف أن تقدّم غير الجمال وفي أصعب الظروف.

لها علينا الكثير منذ بداياتها، صحيح انطلقت مع شقيقها روميو لحود، ولكنها كانت تمتلك ذوق الصنعة، وموهبة متدفقة، واشتغلت كما يحلو لها، ونفذت ما في خاطرها، حاولت منذ الانطلاقة أن تكون هي، وأن لا تشبه غيرها، ولا تقارَن مع غيرها، وأن تبحث عما يرضي فضول بابو.

نفذت تصاميمها لكبار النجوم وعلى رأسهم الأسطورة صباح، صحيح الأسطورة كانت ملكة الأناقة حتى رحيلها وبعده، إلا أن بابو خدمت أناقتها بما يليق بتاريخها، وبمشاركة جسدها، فأطلّت صباح مع بابو ملكة متوّجة، والذوق الرفيع استمر معها طيلة تصاميم بابو.

مع اللؤلؤة سلوى القطريب جالت بابو كما تشتهي، غاصت أكثر بغابات النصّ والفكرة، وصنعت حكاية لجسد ميّاس، لجسد غزال، ممشوق، تليق به الأناقة الفاخرة.

مع سلوى تفوقت بابو، ومع سائر النجوم ذكوراً وإناثاً تفوقت أيضاً، وهذا ثبت بابو لحود في الذوق المخملي الكلاس.

ولكن… في التصاميم المأخوذة من الطبيعة اللبنانية، ومن التراث اللبناني المشرقي العريق تفوّقت بابو على بابو وعلى الجميع، هنا تجدها باحثة عن فترة زمنية معينة، مغرقة بالتفاصيل الدقيقة مع لمسات ساحرة عصرية.

تأخذ بابو موتيفة صغيرة، تدرسها، تضيف عليها وإليها ما يطوّر القطعة لا ما يزيدها فقراً بحجة خالف تُعرف!

تحب بابو لحود البساطة مع الشغل الصعب، تمزج الفلكلور مع العصر، وتقرب العصور إلى الواقع، وهنا تلعب من خلال فهمها لذوقها، ولعملها الأنيق..

أقصد التصميم عند بابو لحود ليس صنعة، وليس وسيلة عابرة، بل التصميم عندها كتابة في جسد وعلى قطعة من قماش، وهذا الكلام ليس مبالغة بل واقع حال بابو، وتستحق أن نضيء عليه لكونها مبدعة مشرقية ساهمت في تدعيم ذوقنا البصري، وأغنت مفهوم الجمال لدينا.

حينما تتجول في تصاميم بابو لحود تجد الرسوم الجاذبة من خلال اختيار الألوان، وحينما تجدها منفّذة تجد القماش الجاذب، ولكن العمل ككلّ يشبه لوحة تشكيليّة كل ما فيها تقربك إليها مع دهشة السعادة، فالعمل قيمة وليس سلعة، والبصر يسبح بجمال الفكرة وأناقة التفاصيل!

منذ أشهر اختارتها مؤسسة «لبانون بوسط» لتنافس بأعمالها الآخرين، وذلك لثقة الإدارة بما ستقدّم، وطلبوا منها تصاميم لبنانية عن الفلكلور اللبناني التقليدي حتى توضع طوابع بريدية، وكانت النتيجة أفضل ما تكون، واتحدوا بتصاميم بابو بلدان البحر المتوسط، والكل متأكد من أن النتيجة لصالحها دون منازعة… وهذا الفعل المنافسة بمثابة الوسام الذي يعلق على صدر الوطن كما وسام الأرز الذي علّق على صدر بابو لحود منذ سنوات.

هذه هي بابو لحود الفنانة والتشكيلية والتي صنعت من تصاميم الأزياء حالة خاصة تحسب للذوق، وتحسب للوطن، ونفتخر بأن في هذا الوطن الصغير أفعالاً كبيرة ننافس بها العالم.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى