اعتصام حاشد في معتقل الخيام: اعدلوا كي لا يتولّى الشعب الأمر بيده الحكومة تواصل التعيينات… و«القوات» تشاغب… وباسيل: العلاقة ببرّي جيدة وتتحسّن

كتب المحرّر السياسيّ

انشغل العالم أمس، بنتائج الضربة اليمنية القاسية التي نجحت عشر طائرات مسيَّرة بتوجيهها لقلب الصناعة النفطية السعودية في تجمّع أرامكو المحصّن، الذي يحظى بحماية أميركية مباشرة سواء بالتغطية الرادارية أو الحماية الصاروخية إضافة للمتابعة الاستخبارية. والضربة تخطّت أبعادها المعنوية بما تسبّبت به من فضيحة للكذبة الأميركية التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب لحكام الخليج تحت عنوان ادفعوا لنا فنحميكم، إلى الأبعاد الاقتصادية والمالية والخدمية على السعودية التي أصيبت فيها محطات أساسية لتوليد الكهرباء وتحلية المياه إضافة لقدرتها على تزويد السوق النفطية باحتياجاتها. وهو ما برز في كلام ترامب عن الاستعداد لضخ كميات من النفط تعوّض النقص الناجم عن الضربة التي تلقتها السعودية. ولم يكن أمام واشنطن لتبرير الفشل والفضيحة، اللذين ظهرا بمخاطر ارتفاع أسعار النفط واهتزاز حركة البورصات العالمية، إلا التحدّث عن أن الضربة مصدرها إيران بصواريخ كروز، بالرغم مما يشكّل التسليم بوصولها إلى أهدافها في السعودية من فضيحة من نوع آخر. وهو ما كشف الارتباك الأميركي المحكوم بمعادلة شرعيّة قيام اليمنيين باستهداف مواقع سعودية حيوية رداً على العدوان والحصار. فجاء اختيار إيران لتحميلها المسؤولية لتوصيف الضربة بالاعتداء الإيراني، رغم ما يقدمه من صورة قدرة عسكرية لتجاوز أنظمة الحماية الأميركية التي يفترض أنها إذا كانت عاجزة عن التعامل مع طائرات مسيَّرة فهي مُعدَّة أصلاً لمواجهة صواريخ بالستية.

بالتوازي مع الهيستيريا الأميركية السعودية، بدت إيران مرتاحة لوضعها، واثقة من أن الحرب الكلاميّة الأميركيّة رغم ما تضمنته من هلوسات عن الخيارات المفتوحة ستبقى محكومة بمعادلة الردع التي رسمتها إيران مع إسقاط الطائرة الأميركيّة التجسسيّة العملاقة، بينما كانت أوروبا تقوم بخطوة لافتة في تحريك ملف التفاوض مع إيران بالإقدام على إيداع 15 مليار في حساب إيران ضمن آلية «أنستيكس» لتبادل النفط بالمال، بعدما رفضت إيران قبول المبلغ بصيغة قرض، ما يعني بداية تطوّر مهم في مسار التفاوض الإيراني الأوروبي نحو صياغة تفاهم أولي لا يبدو ممكناً بدون الموافقة الأميركية، كما قال وزير الخزانة الأميركية قبل يومين، مشيراً إلى أن أوروبا لا تستطيع أن تضع في حساب إيران مبلغ الـ 15 مليار من دون موافقة أميركية.

لبنانياً، كان الاعتصام الحاشد في معتقل الخيام للأسرى المحررين وأهالي الأسرى الشهداء مناسبة لإطلاق صرخة مدوّية شارك فيها عدد من السياسيين، عنوانها دعوة الدولة إلى تحمّل مسؤولياتها القانونية في ملف العملاء وإغلاق الثقوب التي ثبت وجودها مع دخول العميل عامر الياس الفاخوري إلى بيروت، وهي ثغرات سياسية وقانونية وأمنية، لا يكفي في التعاطي معها تأمين محاكمة العميل الفاخوري، لأن المطلوب مراجعة ملف العملاء ووضع تشريعات وإجراءات تضمن عزله عن أي بازار سياسي. وكان التحذير عالي الصوت من المشاركين بدعوة الدولة للعدل وعدم نكأ الجراحات كي لا تتولى الناس حقوقها بأيديها.

في الشأن الحكومي يتوقع أن تُستَكمل اليوم، سلسلة التعيينات التي بدأت منذ إنهاء ملف تعيين أعضاء المجلس الدستوري وتواصلت مع التعيينات القضائية، بينما لا تزال قضية موقف القوات اللبنانية مطروحة في التداول، بعدما علق رئيس الحكومة سعد الحريري بعد زيارته لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، على حصتها بالتعيينات بقوله إنه يفي بما يعد وسيمثل القوات، «التي تعرف ماذا فعلت معي»، بينما كانت مواقف نواب القوات المشاغبة على الحكومة والعهد تتواصل، وكان اللافت في المواقف أمس، ما قاله ليلاً رئيس التيار الوطني الحر في حديث تلفزيوني بمناسبة فوزه برئاسة التيار بالتزكية، عن رؤيته السياسية، واصفاً العلاقة بالرئيس نبيه بري وحركة أمل بالجيدة، مشيراً إلى أن التعاون في مواجهة الوضع الاقتصادي يزيدها قوة، وعن رؤيته للنظام الطائفي والخروج من الطائفية، قال باسيل «إننا نؤمن بدولة المواطنة التي تساوي بين المواطنين في الحقوق والواجبات، واقعنا طائفي، وطالما ان النظام قائم فإننا سندافع عن حقوق الذين نمثلهم ونستعد لإطلاق تجمّع سياسي أحد أبرز أهدافه تحقيق الدولة المدنية».

يعقد مجلس الوزراء جلسة عند الحادية عشرة والنصف قبل ظهر يوم غد الثلثاء في القصر الجمهوري وعلى جدول أعماله 26 بنداً، من بينها مشروع قانون موازنة سنة 2020 الذي ستخصّص له جلسات عدة لمناقشته تمهيداً لإحالته الى مجلس النواب وإقراره ضمن المهلة الدستوريّة، أي قبل نهاية السنة الجارية.

ويتضمّن جدول أعمال الجلسة سلّة جديدة من التعيينات تضمّ اقتراحين بتعيين الدكتور مازن سويد رئيساً لمؤسسة «إيدالـ« خلفاً لرئيسها السابق نبيل عيتاني، وكذلك تعيين أعضاء مجلس ادارتها ومفوض الحكومة لديها، وتعيين رئيس للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة خلفاً للرئيس المستقيل منذ فترة طويلة، فضلاً عن بنود عدة ابرزها: عرض وزارة الدفاع الوطني مشروع المسودة النهائية لاستراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود في لبنان IBMالمؤجل من جلسة 12/9/2019، مشروع مرسوم يرمي الى تعيين عضوين جديدين في مجلس إدارة الصندوق التعاوني للمختارين في لبنان، الموافقة على مشروع اتفاقية قرض مع الصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي للمساهمة في تمويل مشروع مرافق الصرف الصحيّ في حوض الليطاني الشمالي والأوسط، وعلى تفويض رئيس مجلس الإنماء والإعمار التوقيع عليه.

الى ذلك يعرض وزير المال علي حسن خليل العناوين العامة للموازنة في جلسة الثلثاء ويتم توزيع نسخ عنها على الوزراء، على ان تخصص جلسة يوم الاربعاء او الخميس لإجراء قراءة عامة أولية للمشروع، قبل البدء بجلسات متتالية لدرسها بنداً بنداً وإقرارها ضمن المهلة الدستورية.

وفيما بات واضحاً ان المشروع يخلو من أية ضرائب مباشرة، فإن ذلك لا يعني وفق مصادر نيابية لـ«البناء» أن الموازنة ستبقى على حالها لا سيما أن الخلاف مفتوح على مصراعيه حيال ضرورة فرض ضرائب جديدة ورسوم في موازنة 2020، مشيرة إلى أن ما عجز الرئيس سعد الحريري ومعه الوزير جبران باسيل عن تمريره في موازنة العام 2019 قد يحاولان تمريره في موازنة العام 2020 لا سيما في ما يتصل بزيادة 5000 ليرة على البنزين، ورفع TVA إلى 15 في المئة. وشددت المصادر على أهمية تخفيض العجز من 6.7 في المئة الى 4.5 في العام 2020، بالتوازي مع وصول وزارة المال الى تفاهم حقيقي وجدي مع مصرف لبنان والمصارف التجارية لخفض خدمة الدين العام.

وليس بعيداً، أشارت مصادر مطلعة وخبيرة في الشأن الاقتصادي لـ«البناء» الى اهمية فرض الضرائب أسوة بكل دول العالم، لكن شرط أن تبقى ضمن سقف محدد يمكن من خلاله تحقيق خفض العجز إلى أقل من 6.7 في المئة، لكنها أكدت في الوقت ذاته أن فرض الضرائب يجب أن يكون مقروناً بمحاربة حقيقية للفساد وسد منابعه وخفض الإنفاق العام، لأن من شأن ذلك ان يدفع باتجاه عودّة الانتظام المالي، جازمة أن خفض الإنفاق يستدعي الانكباب على اتخاذ خطوات صارمة في قطاع الكهرباء والأملاك البحرية والجمارك والمعابر. وتتطلع المصادر إلى إمكانية الاستفادة من أموال مؤتمر سيدر الذي يعد لبنان بتقديم مشاريع استثمارية بقيمة 11 مليار دولار، والبدء بعملية التنقيب عن النفط والغاز نهاية 2019.

إلى ذلك، يتوجه رئيس الحكومة سعد الحريري إلى العاصمة الفرنسية في 20 أيلول الحالي للقاء الرئيس إيمانويل ماكرون في الإليزيه، كما ستكون لرئيس الحكومة اجتماعات في وزارة المال الفرنسية مع مدراء ورؤساء كبريات الشركات الفرنسية لشرح حيثيات الوضع اللبناني والإصلاحات التي باشرت الحكومة بها تمهيداً لحثهم على الاستثمار في لبنان، وفق مقررات مؤتمر سيدر.

وإذ زار الحريري أمس، رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط في دارته في كليمنصو، أكد أن موازنة 2020 ستكون موضع نقاش وسنحاول الالتزام بالمواعيد الدستورية لمناقشة الموازنات، والأهم في هذه الموازنة كيفية مواجهة التحديات على الصعيد الاقتصادي والمالي. وقال: «أساس موازنة 2020 هو خطة على 3 سنوات لمواجهة التحديات، وهذه الموازنة ستكون مرتبطة بموازنتي 2021 و2022 ولن تكون هناك ضرائب في موازنة 2020». وفيما قال الحريري سنستكمل في مجلس الوزراء التعيينات، اشار رداً على سؤال الى ان «القوات اللبنانية مكون أساس في الحكومة ويجب أن يكون لها حصة في التعيينات، وأنا أفي بوعودي ولا أريد الدخول في جدال مع «القوات»، وهنّي بيعرفوا شو عملوا معي». أما جنبلاط فاكتفى بالقول: «قد نتفق على بعض الأمور وقد نختلف على أخرى، لكن الأهم مصلحة البلد».

وأشارت مصادر مطلعة على أجواء الزيارة الى انّ موعدها كان الاسبوع الماضي لكنها تأجّلت بسبب المستجدات، لافتة الى ان اللقاء الذي استكمل على مائدة العشاء بحث في ملف الموازنة والتعيينات، مشيرة الى ان العلاقة بين الطرفين ايجابية، وتوطدت مجدداً بعد حادثة قبرشمون ووقوف الرئيس الحريري الى جانب جنبلاط، معتبرة أن الأخير مرتاح للتعيينات وأنه حصل على تأكيد من المعنيين بحصته في التعيينات وفق المعايير التي تسري على توزيع حصص الفرقاء الآخرين من الاحزاب.

واعتبرت مصادر في تيار المستقبل لـ«البناء» ان كلام الحريري من كليمنصو عن القوات «هنّي بيعرفوا شو عملوا معي» نابع من سلسلة مواقف قواتية عبّر عنها الدكتور سمير جعجع تستهدف الرئيس الحريري بشكل مباشر، عندما يقول إننا نختلف واياه على ادارة الدولة فضلاً عن لجوء القوات الى التصويت ضد موازنة العام 2019، مشيرة الى عنصر اللا ثقة الذي يخيم على عاللاقة بين الرئيس الحريري بالقوات، بمعزل عن أن رئيس الحكومة فعل كل ما بوسعه في ما يتصل بتعيينات الدستوري القوات تدرك جيداً هذا الامر.

إلى ذلك وبينما يمثل العميل عامر الفاخوري أمام القضاء يوم غد الثلاثاء بالتوازي مع وصول محاميته الاميركية التي تتولى ملفه القانوني، نفذ عدد من الأسرى المحررين وفعاليات من الأحزاب والقوى القومية والوطنية ومواطنون اعتصاماً في معتقل الخيام، تلبية لدعوة هيئة ممثلي الأسرى والمحررين تنديداً بعودة العميل الاسرائيلي عامر الياس الفاخوري الى لبنان.

وخلال الاعتصام أكد رئيس لجنة الأسرى المحررين في الحزب السوري القومي الاجتماعي سمير خفاجة أنّ «هذا الجزار العميل عمالته مشهودة وموثقة ومكشوفة … وليس بمقدور أمّهاتنا وأطفالنا وعائلاتنا ان ينتظروا مرور العملاء الذين أذلوهم وقتلوا أبناءهم وآباءهم في الشارع بكلّ وقاحة وبساطة دون أن يتمّ الاقتصاص منهم. من هنا فإننا لن نسمح بأن يتمّ تهريب العملاء استجابة لاستصراخ أرواح الشهداء في معتقل الخيام وأنين الجرحى وعذابات الأسرى.

وطالب رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين بمحاكمة العملاء المجرمين خاصة ممن ما زالوا مرتبطين بالعدو الإسرائيلي، وأن تُنزَل بهم أشدّ العقوبات، وليس هناك شيء آخر، والذي يباشر هذا الملف أياً كان، عليه أن يتعاطى معه على أنه حساس وخطير، وأن يتذكّر دائماً أن هناك أسرى وشهداء وجرحى من المقاومين تعذّب بعضهم وقضى البعض الآخر على يد هذا المجرم العميل، وأن هناك سؤالاً سيجيب عنه أمام أولئك الذين تحملوا من هذا العميل وغيره كل هذه التضحيات سواء في سجن الخيام أو في غيره. وقال إن الموضوع ليس بسيطاً، وهو لا يقتصر فقط على أن هناك غلطة حصلت ودخل عميل إلى لبنان وتمّ حذف اسمه عن طريق الخطأ، متسائلاً ما الذي يريده هذا العميل؟ وما هو الهدف والمخطط الذي ينتمي إليه؟ علماً أنه عميل مجرَّب، وعمل مع الإسرائيليين 40 عاماً، وما زال يحمل جواز سفر إسرائيلياً، ودخل إلى لبنان بجنسية أميركية وغيرها.

وأكد وزير المال علي حسن خليل أننا كما كنا على الدوام أمناء على مشروع المقاومة وحماية إنجازاتها، لن نسمح بتعكير هذا الأمر من خلال إعادة إنتاج جديد لصورة العملاء في لبنان تحت أي عنوان كان، وسنكون دائماً في موقع الحرص على حماية حقوق كل الذين كانوا رواداً في المقاومة وفي عملية التحرير وصناعة صورة لبنان المقاوم القوي.

وفي هذا السياق، أعادت عمالة الفاخوري ملف مشروع قانون العفو العام الذي يجري إعداده الى الواجهة، حيث اشارت مصادر مطلعة لـ «البناء» إلى ان هذا الملف معقد جداً، مشيرة الى ان الكلام عن عودة العائلات التي فرّت الى الاراضي المحتلة من دون تحقيق لا يجوز، فهي ستخضع اسوة لما يعرف بجيش لحد للتحقيق على أن تجري محاكمة من عمل تحت لواء جيش لحد من دون أي تخفيف للأحكام بحقهم، لافتة الى ان ملف العملاء يجب التعاطي معه بدقة لانه ليس بسيطاً، ومسألة العميل الفاخوري تستدعي التنبه الى احتمالات دخول أمثال هذا العميل والانصراف الى التشدد في المراقبة.

ومساء أكد وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل في حديث عبر قناة الـ«OTV»، أنّ «التيار ولد من الجيش اللبناني وهناك مَن يسعى لتشويه صورتنا مع الجيش. وفي موضوع الموازنة كنا الى جانب الجيش وهناك من ضحّى وهم لا يبخلون لا بتقاعد ولا غيره».

وعن موضوع المصالحة مع القوات اللبنانية، قال باسيل: «وضعناه جانباً وقد نجح. ورئيس حزب القوات سمير جعجع يريد أن يعيش معارضة عنيفة ضد التيار الوطني الحر والعهد. ونتمنى ان يعود للتفاهم لأننا نتشارك في الحكومة نفسها».

أما عن العلاقة مع المردة فقال باسيل «لا سبب لأن تكون العلاقة سيئة مع الوزير السابق سليمان فرنجية وأتمنى أن تُصلَّح الأمور، ولكن لا تجاوب من جانبه حتى الآن».

وتابع باسيل: «ما حمى لبنان هو قوة لبنان والرد على إسرائيل كان مدروساً وأعادها الى الحدود والى قواعد الـ2006 نحن لا نريد حروبـ«.

وأكد باسيل أننا مع «الرئيس بري ولا يوم أردنا ان لا تكون العلاقة جيدة»، مضيفاً «الوضع الاقتصادي يقربنا من بعضنا أكثر. واليوم وقت الوحدة والانتاج في الحكومة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى