مصادر رئيس الجمهورية لـ«البناء»: لبنان ليس جزءاً من الصراع في الخليج لكن متمسك بحق المقاومة في الدفاع عن لبنان

محمد حمية

كما جرت العادة في العامين المنصرمين تتجه الأنظار الى نيويورك التي وصلها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والوفد المرافق أمس، لترؤس وفد لبنان لافتتاح أعمال الدورة الرابعة والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة.

وتكتسب زيارة الرئيس عون هذا العام والمواقف التي سيطلقها من أعلى منبر دولي أهمية خاصة مع تزاحم التطورات والقضايا المحلية والإقليمية والدولية، فأزمة النزوح تتفاقم مع غياب أي مؤشر دولي لحل هذه الأزمة التي تلامس عامها التاسع، بموازاة عدوان إسرائيلي على لبنان لم يسبق له مثيل منذ عدوان تموز 2006، وضع المنطقة على شفير الحرب مع محاولات العدو الإسرائيلي للقرصنة على ثروات لبنان وبرّه وبحره، كل ذلك يحصل وسط عاصفة مستمرة لم تهدأ منذ سنوات تدور رحاها في الخليج وحرب باردة بين إيران والولايات الاميركية تُنذر بحرب عسكرية ولو كانت محدودة، بينما المشهد العربي يُستدرج الى التطبيع او ما يعرف بصفقة القرن.

هذا المشهد الداخلي والخارجي سيكون محور خطاب الرئيس اللبناني في نيويورك، فلبنان الذي أجمع على موقف وطني عارم ضد العدوان الإسرائيلي وضد العبث بثرواته وحدوده وضد صفقة القرن، يتبع سياسة النأي بالنفس تجاه الصراعات الخارجية، لذلك يشكل اجتماع الجمعية العامة فرصة لطرح مواقفه من هذه القضايا وتوجيه رسائله الى المجتمع الدولي.

وبحسب مصادر مطلعة لـ«البناء» فإن الرئيس عون سيطرح جملة من المواضيع منها موضوع مكافحة الإرهاب في المنطقة والعمل الدائم لتحقيق السلام والأمن والاستقرار في المنطقة، وسيؤكد أهميّة إنشاء أكاديمية لحوار الأديان والحضارات في لبنان، كما سيتطرق الى ازمة النزوح في لبنان والأعباء التي تحملها وضرورة أن يتحرك المجتمع الدولي بشكل سريع لمساعدة لبنان وتقديم الدعم اللازم. وسيشدّد على ضرورة إنهاء الحرب في سورية كجزء من استقرار المنطقة وسيدعو الدول الكبرى والقوى الإقليمية المؤثرة في الأزمة السورية إلى إنهاء تدخلاتها في سورية، كما سيأتي على ذكر الملف النووي الإيراني وسيشدّد على الحوار العربي العربي وبين دول الخليج لا سيما بين إيران والسعودية وضرورة إنهاء الحرب على اليمن بالطرق السلمية.

ويشير مصدر مقرّب من الرئيس عون لـ»البناء» الى أن «لبنان لا يستطيع أن ينحاز الى اي من الدول المتصارعة في الخليج أو أي من التحالفات في المنطقة، بل يسعى لأن يكون في علاقة مميزة مع جميع الدول العربية والخليجية وكذلك مع إيران باستثناء العدو الإسرائيلي، لكنه في مسألة المقاومة والعدوان الإسرائيلي لن يقف في موقع المحايد وموقفه واضح من هذا الأمر. وذكّر المصدر بموقف الوزير جبران باسيل الأخير في الولايات المتحدة بأن المقاومة وحزب الله ليسا إرهاباً بل هو مكوّن لبناني يمثل شريحة شعبية واسعة ولا يمكن وصف المواطنين بالإرهاب، معتبراً ان «ذلك موقف جريء ويعبر عن موقف رئيس الجمهورية ايضاً»، ومشدداً على أن لا أحد يستطيع اخضاع الدولة اللبنانية لحسابات خارجية».

كما سيولي عون أهمية لملف صفقة القرن وتداعياتها الخطيرة على لبنان لكونه جزءاً لا يتجزأ من المنطقة وسيؤكد على ضرورة حماية القضية الفلسطينية والمقدسات ورفض مصادرة الحقوق الفلسطينية. وسيعلن رفض لبنان لأي شكل من اشكال التوطين للاجئين الفلسطينيين او للنازحين السوريين.

ويقول وزير الخارجية الأسبق الدكتور عدنان منصور لـ»البناء» إن «موقف لبنان واضح لجهة رفض صفقة القرن لأنه سيكون أولى ضحايا الصفقة لأنه يحتضن على ارضه حوالي 400 الف لاجئ فلسطيني، ووجودهم مؤقت بحسب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948».

كما سيثير عون العدوان الإسرائيلي على لبنان لا سيما الاعتداء الأخير على الضاحية الجنوبية الذي يعتبر بحسب منصور منافياً للقانون الدولي والقرارات الدولية أهمها القرار 1701 ويتحمل المجتمع الدولي المسؤولية في ردع «إسرائيل».

وسط الضغوط التي يتعرض لها لبنان في ملفات عدة يشدد منصور على أن «لا الأميركيين ولا المجتمع الدولي يستطيعون الضغط على الرئيس عون في موضوع المقاومة، لأن عون ينطلق بموقفه من قناعة شخصية بضرورة المقاومة في الدفاع عن لبنان وتحرير ارضه كقوة داعمة للدولة والجيش اللبناني، كما ينطلق من حق لبنان بالدفاع عن ارضه بالوسائل المتاحة ومن البيان الوزاري للحكومة الحالية والحكومات المتعاقبة. وهذا حق تكفله المواثيق الدولية لا سيما ميثاق الامم المتحدة الذي يمنح الحق لأي دولة بالدفاع ضد اي اعتداء على ارضها»، فرئيس الدولة اللبنانية بحسب منصور «ينطلق من الشرعية الدولية والحق اللبناني والقوة المتمثلة بالمعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة».

كما سيشدد عون على حق لبنان بأرضه وبره وثروته الطبيعية وأن لبنان لن يتنازل عن حقه في حدوده البرية والبحرية، فهذا الحق غير قابل للمساومة لأن من يتنازل عن شبر من أرضه يتنازل عن كل الارض وسيدعو عون الامم المتحدة الى حل هذا النزاع بالطرق السلمية والتفاوض غير المباشر برعاية الامم المتحدة.

واذ تختطف خطابات عون الأضواء في كل المنابر الدولية، لأنه الرئيس العربي المسيحي الوحيد من بين الرؤساء العرب، يرى منصور أن «مواقف عون معروفة من الإرهاب والمقاومة وسيادة لبنان وحق المقاومة وهو يعبر عن موقف الدولة اللبنانية مستنداً الى القانون الدولي والدعم الشعبي له».

ويضم الوفد الرسمي لرئيس الجمهورية: الوزير باسيل الذي سينضم لاحقاً الى الوفد، وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي، مندوبة لبنان الدائمة لدى الامم المتحدة امل مدللي وسفير لبنان في واشنطن غابي عيسى والمستشارة الرئيسية لرئيس الجمهورية ميراي عون الهاشم، إضافة الى دبلوماسيين وإداريين وإعلاميين.

ومن المقـــرر ان يلقـــي رئيــس الجمهورية كلمة لبنان الأربعــاء المقبـــل على أن يلتقي قبل ذلك الأمين العام للأمم المتحدة انطونــيو غوتيريس. وستكون للرئيس عون بحســب مصادره لـ«البناء» لقاءات هـــامة مع عدد من رؤساء الدول العربية والأجنبية ومسؤولي المنظمات الدولية.

وتتزامن مشاركة عون هذه السنة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد أيام من موافقة 165 دولة أعضاء في الامم المتحدة على مبادرة رئيس الجمهورية بإنشاء «أكاديمية الانسان للتلاقي والحوار» في لبنان، والدعم الذي لقيته هذه المبادرة من المجتمع الدولي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى