بين المواطن والسياسي… وطن اسمه لبنان

د. عمران زهوي

يعيش المواطن اللبناني بين مطرقة تأمين لقمة العيش لأولاده وسندان مستقبلهم المجهول، فيلهث وراء ذلك متخبّطاً بقانون من هنا، أو ضريبة من هناك، وقرارات ما أنزل الله بها من سلطان، كلها تصبّ في خدمة مصالح أصحاب الكراسي والمواقع…

نصبح على أمل التفاؤل بحياة أفضل، وإذا بالصفعة تأتي مدوية هاتقة: من أنت لكي تتفاءل؟ أأنت زعيم؟ او ابن زعيم؟ او ابن مسؤول كبير في هذا البلد؟ تحتار عندما تخطو خطوتك الأولى عند كلّ صباح متوجّساً ماذا سأفعل في عملي اليوم؟ فيصيح الديك قائلاً ابتسم فكلّ حياتك مرهونة! أنت بخدمة السياسي ولأجل كرسيه تعيش، وأولادك سيرثون ذلك من بعدك، لأننا كما الجميع يعلم لدينا وراثة سياسية…

إبني لن يكون كإبن السياسي، ولن يصل الى مرتبته، ولن يتقاضى ما يتقاضاه، على الرغم من انّ إبني أذكى منه وأكثر كفاءة…

ينتهي يوم عملك فتعود الى المنزل لكي تأخذ قسطاً من الراحة، وإذ بصوت السياسي يلاحقك ويقلق راحتك لأنّ هناك من تكلم بكلام سوء عنه أو عن إبنه وذريّته، وكأنهم من المقدّسات، والمسّ بهم او انتقادهم من المحرّمات… والأدهى من ذلك نتقاتل في ما بيننا كأخوة في الوطن، من أجل هذا أو ذاك من السياسيين، فيسود الحقد والغِلّ في نفوسنا بينما الزعماء يتسامرون في الجلسات التي تجمعهم، ويتناسبون في ما بينهم ويتصاهرون.. وتتكلم أعراسهم وسهراتهم عن ثرواتهم الفاحشة…

هل تعلم أيها المواطن أنّ الحلم محرّم عليك؟ عندما يأخذك الحلم الزائف الى مكان فيه وطن لك حقوقك واحترامك وفرصتك في العيش بكرامة، والرجل المناسب في المكان المناسب، ولا وساطة للوظائف، ولا رشاوى في تسيير المعاملات، ولا سرقة من جيبك كمواطن، ولا فواتير كهرباء أو ماء أو مولد للكهرباء، تذهب براتبك أدراج الرياح، ممنوع علينا أن نعيش في وطن يليق بنا ونليق به، بل جلّ همّنا هو السياسي وأولاده وأرصدتهم المصرفية التي لا نستطيع أن نحصي المال الموجود فيها، فإلى متى سنبقى نُساق كالخراف؟ ولماذا لا يكون إبني في مكانه الذي يستحق؟ ولماذا لا أعيش دون الخوف من غد مظلم، أخاف فيه من إدخال إبني الى مستشفى لمعالجته أو شراء أدوية له، أو تأمين مدرسة تليق به، أو حتى حديقة ليلهو فيها؟ ألسنا بشراً؟؟ أم أننا خلقنا فقط لخدمة السياسي!

إلى متى سيبقى يدوس علينا السياسي ليرتقى سلم السلطة؟ الى متى سنبقى نحن الرماد في موقده؟ أيّ وطن هذا الذي تنتظر فيه الربيع فتأتيك شمس السياسي لتحرق كلّ امانيك! أيّ وطن هذا الذي تصلي فيه صلاة الاستسقاء فتمطر في أرض السياسي لينبت فيها مال وجاه وسلطة! أيّ وطن هذا الذي يلزمني ارتداء بنطال من دون جيوب لأنّ جيوب السياسي ممتلئة! أيّ وطن هذا الذي يُذلّ فيه المواطن في دائرة رسمية بينما الدوائر كلها بخدمة السياسي وزبانيته! لقد كفرنا بالسياسة وبالساسة، لأنهم يأخذوننا فقط إلى الجحيم… في وطن اسمه لبنان.

كاتب وباحث سياسي

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى