ممانعة مسيحية لتغيير قانون الانتخاب ومصادر التنمية والتحرير لـ«البناء»: اقتراحنا يعزّز المفهوم الوطني وساطة على خط بعبدا ـ عين التينة لسحب رسالة عون

محمد حمية

لم تُسجل جلسة اللجان المشتركة في اجتماعها الثاني في المجلس النيابي أي تقدم في مواقف القوى السياسية لا سيما المتمسكة بقانون الانتخاب الحالي، حيال اقتراح القانون المطروح من كتلة التنمية والتحرير، بل دلّت المداولات في جلسة أمس، بأن هناك خلافاً في العمق وأن النقاشات لا زالت تدور في جوهر اقتراح القانون وليس في بنوده. فيما انقسم النواب بين من دعا الى اقتناص الفرصة لتطوير قانون الانتخاب الى قانون عصريّ فعلاً عبر اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة على قاعدة النسبية، كما يتحدث اقتراح التنمية والتحرير، وبين من أكد أن توقيت الطرح غير مناسب ويضيف ملفاً خلافياً جديداً ويزيد من الانقسام السياسي الداخلي.

ووسط هذا الانقسام تأتي رسالة رئيس الجمهورية الى المجلس النيابي حول تفسير المادة 95 من الدستور الذي يعتزم المجلس مناقشتها في السابع عشر من الجاري، في ظل وساطة بين بعبدا وعين التينة يقوم بها نائب رئيس المجلس إيلي الفرزلي لمخرج توافقي رجحت مصادر «البناء» أن يتضمن مبادرة من رئيس الجمهورية لسحب الرسالة.

ولم يلحظ موقف الأحزاب المسيحية التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب أي تطور إيجابي حيال اقتراح قانون الانتخاب، بل حرصوا على تمرير رسالة بأن هذا الاقتراح لن يمرّ، معتبرين أنه يعدل في التركيبة اللبنانية ومكوناتها.

وقد رفضت بعض القوى إحالة الاقتراح الى الهيئة العامة فردّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري في لقاء الأربعاء بأن الجهة الوحيدة التي ترده هي الهيئة العامة، معتبراً أن هذا الاقتراح قابل للنقاش وللتعديل بكل مواده ومحتوياته، واصفاً القانون الحالي بأنه «ميني أرثوذكسي» و»نعيش الآن كلبنانيين تردداته السلبية»، مشدداً على أن «الطائفية هي سمّ النظام وحاميته في آنٍ معاً، ولكن إلى متى؟».

أما التيار الوطني الحر فعبّر عن معارضته لتغيير القانون الحالي الذي يعتبره إنجازاً للعهد الرئاسي بعد حوالي عقد من التمديد، ويؤكد بأن النواب المسيحيين في المجلس الحالي يمثلون مكوناتهم السياسية والطائفية وليسوا مستولدين في كنف المكونات الاخرى كما المجالس السابقة، وهذا يحقق المناصفة الحقيقية. وأكد ممثلو التيار في اللجنة أنه لن نقبل بتغيير القانون الا بالحفاظ على صحة التمثيل وأهم إنجاز هو القانون الحالي.

إلا أن مصادر نيابية في التنمية والتحرير ترى أن «التوقيت مثالي وضروري لمناقشة هادئة لعدم تكرار الخطأ السابق بمناقشة قانون الانتخاب تحت ضغط المهل القانونية»، وتشير لـ»البناء» الى أن «الرئيس بري تقصد فتح هذا الملف قبل 3 سنوات من موعد الاستحقاق الانتخابي ليكون هناك متّسع من الوقت لمناقشته، لذلك وضعت الكتلة هذا الاقتراح بين أيدي جميع الكتل النيابية الاخرى». وتكرر المصادر بأن «القانون الحالي باعتراف معظم القوى السياسية وتجربة الانتخابات الأخيرة يؤكدان أنه ليس القانون الذي يطمح اليه اللبنانيون بل عمّق المذهبية والطائفية من خلال تضييق الدوائر وإدخال الصوت التفضيلي»، ولفتت الى أن «اقتراح النسبية ودائرة انتخابية واحدة هو حلم اللبنانيين، ولذلك كل المستفيدين من النظام الطائفي الحالي يمانعون إقرار هذا القانون الذي يعزز المفهوم الوطني في كل المناطق». وتربط المصادر بين «جوهر النقاش في اقتراح قانون الانتخاب وبين تفسير المادة 95 من الدستور».

وفي جدار الممانعة المسيحية هذا، برز موقف للحزب التقدمي الاشتراكي بحسب معلومات «البناء» الذي حاول إقران اقتراح التنمية والتحرير وبين إنشاء مجلس الشيوخ وإلغاء الطائفية السياسية، كما ينص اتفاق الطائف.

في المقابل تعتبر مصادر مطلعة في حزب الله لـ»البناء» أن «اقتراح التنمية والتحرير ضرورة للحياة الوطنية والسياسية في لبنان، لكنه سيصطدم بجدار معارضة المكوّن المسيحي. وهذا ما يحتاج الى حوار وطني بين المكونات الطائفية في لبنان لتطمين كافة المكونات بأن أي قانون لن يأتي على حساب الآخرين». وتشير المصادر الى أن «المادة 95 ستسقط في المجلس النيابي في حال عرضت عليه للتصويت، وبالتالي ستبقى الامور في دائرة النقاشات والسجالات السياسية».

وإذ تقول مصادر رئيس المجلس لـ»البناء» إن موعد الجلسة قائم، ترى مصادر عاملة على خط بعبدا عين التينة أن «الرئيس بري يعتبر منذ تسلمه رسالة الرئيس عون أنها حق دستوري لرئيس الجمهورية ولن يقدم على ما يخالف الدستور. وهو مصرّ على تلاوتها على مسمع النواب، أما الرئيس عون بحسب المصادر فمتلقف للأسباب الموجبة لطرح تأجيل النقاش في الرسالة لاعتبار أنها مادة تحتاج الى وجهات نظر متباينة في المجتمع اللبناني، لأن التفسير يحمل في طياته تعديلاً والتعديل يعني تطبيق المادة 95 التي تتضمن فقرات عدة من ضمنها إلغاء الطائفية وتفسير كلمة «مقتضيات الوفاق الوطني»، وبالتالي إن حراجة المرحلة ودقة الوضع الاقتصادي والضغوط الخارجية تدعو الى البحث عن مخرج لذلك، وبالتالي لا يوجد أي خلاف بين الرئيسين ويجري البحث عن مقترح لجعل المرحلة أرفع درجة للاسترخاء السياسي».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى