المغنية سناء بركات… تدفئ خريف دمشق بصوت ملائكي وإيقاع سرياني

لورا محمود

أنيقة بالصوت والصورة، تشدّك تلقائياً بسحر حضورها وصوتها الملائكي، بحيث لا تحتاج للانتباه كثيراً لتدرك أنها شغوفة بما تقدّمه من فنّ عالي المستوى لا يشبه الا نفسه. فيه روحانية وصلاة تدخل الوجدان وتحرك القلب وتسلطن السمع. فكل حرف ونغمة تخرج من عمق صوتها تشعرك بأنك أمام صوت مهذّب وناعم وقوي أيضاً، فهو نعمة لصاحبته ونعمة لمن يسمع ويرى وكيف لا وهي القادمة من قرية «زَيدَل» في ريف محافظة حمص التي تعني بالسريانية «عطايا الله».

هي المغنية سناء بركات التي أخرجت الأغنية السريانية من طابعها الديني لتجعل منها أغنية لكل المناسبات. وهذا ما قدّمته في حفل أقيم لها في المركز الوطني للفنون البصرية بدمشق، حيث أطربت الحضور بثماني أغنيات باللغة السريانية وأغنية باللغة الآشورية تنوّعت مواضيعها بين الحنين والاشتياق للحبيبة وبين اللقاء على ضفاف الفرات وبين الوصف الجميل لحياة القرى والإيمان الموجود في قلوب هؤلاء الناس والرقص والغناء حتى الصباح فرحاً بالحب الأبدي.

قبل الحفل التقت «البناء» بالمغنية سناء بركات التي تحدّثت عن الأغنية السريانية وأهمية هذه الأمسية ليتعرّف الناس على الموسيقى الموجودة بالتراث السريانيّ خاصة أن الأغاني التي ستغنيها مكتوبة باللغة السريانية أيضاً.

وعن اجتهادها لتصل هذه اللغة لكل الناس. قالت بركات: أنا كسريانية وكموسيقيةّ اشعر أن من واجبي تقديم هذا النوع من الموسيقى. فهو تراث لمنطقة غنية بالحضارات في سورية وأحب أن يظهر ويعرفه الناس.

ولفتت بركات إلى أنه كان من الصعب أن تقديم موسيقى لا يعرفها الكثيرون، وأيضاً لغة لا يعرفها الجميع، لذا كنت خائفة من ردة فعل الناس، لكن بالعكس الناس أحبّوا الموسيقى والأغاني.

وتابعت بركات: في أول حفل لي قدّمت أغاني سريانية قمت بترجمتها وتوزيعها على الحضور ليفهم الجميع ما أغنيه، ورغم ذلك الكثيرون قالوا لي أن إحساسي قد وصلهم وهذا كافٍ حتى لو لم أترجم الأغاني.

وأشارت بركات إلى أن هدفها من هذا المشروع تقديم الموسيقى والأغاني السريانية وأن تعرّف الناس على هذا التراث الموجود من آلاف السنين بعيداً عن الترتيل السرياني المعروف. فمن النادر أن يقدّم حفل كامل باللغة السريانية. وتعتبر بركات أن هذا واجبها تجاه هذه اللغة وهذه الموسيقى والتراث الجميل.

أما الآلات المستخدمة في هذا النوع من الموسيقى فقالت بركات: البزق والناي والآلات الشرقية بشكل خاص هي الأكثر استخداماً في الموسيقى السريانية.

وعن تقديم هذا النوع من الموسيقى والأغاني السريانية خارج سورية نوّهت بركات أنها قدّمت ثلاث حفلات في إيطاليا خلال ثلاثة أعوام متتالية، لكنها كانت تراتيل باللغة السريانية ولم تغنّ أغاني أخرى بهذه اللغة.

المشرف الموسيقي وعازف الكمان جورج طنوس تحدّث لـ»البناء» عن الموسيقى السريانية وقال: هذه الموسيقى تشبه الموسيقى الشرقية فهي ليست بعيدة عنها والمغنية سناء بركات هي بالأصل سريانية وأخذت على عاتقها أن تنشر هذه الموسيقى وهذه اللغة، لذا كان لنا حفل سابق باللغة السريانية قدّمناه في دار الأسد للثقافة والفنون واليوم نقدّمه في المركز الوطني. ونحن نحرص دائماً في كل الحفلات ان نخصص جزءاً من وقت الحفل للأغاني السريانية والناس تطلب أيضاً هذا النوع من الأغاني دائماً.

أما رواد جلول عازف إيقاع فقال لـ»البناء»: الموسيقى السريانية هي موسيقى شرقية قديمة. وهي من تراثنا السوري ومفردات الأغاني السريانية هي كلمات نستخدمها بحياتنا اليومية، فبعض المفردات عربية والأغاني تحمل معاني جميلة وبسيطة أيضاً والألحان قريبة من سمعنا وهي تؤرخ لفترة زمنية مهمة في منطقتنا أيام حمورابي.

وقال عازف فيولا مهدي المهدي وهو موزّع موسيقي لثلاثة أعمال في هذا الحفل لـ«البناء»: إن التراث السرياني موجود في هذه الأرض منذ القدم ويقال إنه من إرث الحضارات القديمة التي سكنت سورية والأغاني السريانية، أضيفت اليها كلمات من اللغة العربية ومنها أضيفت إليها لغات لاتينية لكن بقي اللحن ثابتاً ولم يتغيّر، بل تغيرت اللغة فقط وبعض هذه الأغاني أخذ الطابع الديني والبعض تحدث عن مواضيع أخرى مثل الأغاني التي ستقدّم اليوم. فالأغاني منوّعة كأغنية «بدربو دلوقينا» والتي تعني على الدرب التقينا باللغة السريانية.

وعبّر المهدي عن إعجابه بجهود المركز الوطني فالحفلات التي تُقام فيه عالية المستوى، بالرغم ان مهمة هذا المكان ليست تقديم الموسيقى، لكن الحفلات التي تقدّم مهمة جداً.

وختم المهدي بأن مشروع تقديم الأغنية السريانية يجب أن يكون على نطاق واسع بحيث تقدّم الحفلات في كل المحافظات السورية ليتعرف الجميع على هذه اللغة وهذا النوع من الموسيقى.

يذكر أن المغنية سناء بركات التحقت بالمعهد العالي للموسيقى في دمشق، حيث تخرّجت منه باختصاص غناء شرقي وقانون تتلمذت على يد عدد من الأساتذة والخبراء ودرست الغناء مع مغنية الأوبرا السورية آراكس تشكجيان.

تحمل إجازة في الفلسفة وهي مغنية في كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقى ومغنية سوبرانو في كورال غاردينيا النسائي بقيادة غادة حرب.

وشاركت في تقديم انجيل يوحنا في دار الأوبرا السورية ولها مشاركات في دور أوبرا مارسيليا ونيس في فرنسا وشاركت كمغنية صولو في الترنيم السرياني في إيطاليا وبجولات في أوروبا هولندا، المانيا، الدنمارك، بريطانيا مع أوكسترا الموسيقيّين السوريين في عام 2016 ولها أغنية خاصة بعنوان «هالوردة».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى