تونس بين أبرز محطاتها وآخرها تقارب فرص القرويّ وسعيّد

تترقب تونس بعد أيام قليلة إجراء الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية بين المرشح نبيل القروي ومنافسه قيس سعيّد. في وقت يرى فيه البعض أن الإفراج عن القروي، الأربعاء الماضي، قد يقلب الموازين لصالحه، خاصة أن سعيّد هو صاحب النسبة الأعلى في الجولة الأولى من الانتخابات.

فيما يرى البعض إعلان النهضة مساندتها لقيس سعيّد أنه قد يساهم في فوزه، ويراه آخرون بأنه سيؤثر سلباً عليه في ظل معارضة الكثير من الكتل النيابية للنهضة.

وبدأ التصويت للجولة الثانية في الانتخابات الرئاسية بالخارج، صباح أمس، فيما تجرى الجولة الثانية يوم الأحد 13 تشرين الثاني. وفي عرض لأبرز المحطات في تونس منذ ثورة 2011 التي أنهت عقوداً من الاستبداد في تونس حيث تنظم الاحد الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

سقوط بن علي

في 14 كانون الثاني 2011، فرّ الرئيس التونسي زين العابدين بن علي من البلاد بعد 23 عاما من الحكم بلا منازع، وذلك في أعقاب انتفاضة شعبية أطلقها إضرام البائع المتجوّل محمد البوعزيزي النار في نفسه في 17 كانون الأول. وأوقعت الثورة 338 قتيلاً وأكثر من 2100 جريح.

فوز حركة النهضة الإسلامية

في 23 تشرين الأول 2011، فازت حركة النهضة الإسلامية، التي كانت محظورة خلال عهد بن علي وباتت حزباً معترفاً به في آذار 2011، بـ 89 مقعداً من أصل 217 في المجلس التأسيسي في أول انتخابات حرة في تاريخ تونس.

وفي كانون الأول 2011، انتخب المجلس المنصف المرزوقي، الناشط اليساري المعارض لبن علي، رئيساً للجمهورية، بينما تمّ تكليف حمادي الجبالي، الرجل الثاني في حركة النهضة، تشكيل حكومة.

خيبة أمل

في نيسان 2012 اندلعت مواجهات في الحوض المنجمي في جنوب غرب البلاد بين عاطلين من العمل وقوات الأمن. وفي حزيران ثم في آب 2012، شهدت تونس تظاهرات تخلّلتها أعمال عنف وهجمات لمجموعات إسلامية متطرفة صغيرة.

وفي نهاية تشرين الثاني، اندلعت صدامات في سليانة شمال غربي أوقعت 300 جريح.

وشملت الإضرابات والتظاهرات العنيفة قطاعات الصناعة والخدمات العامة من وسائل النقل الى التجارة. وكما في 2011، تركّزت المواجهات في المناطق المهمشة اقتصادياً.

اغتيال معارضين

في السادس من شباط 2013، اغتيل المعارض اليساري شكري بلعيد في تونس العاصمة.

وفي 25 تموز 2013، اغتيل المعارض القومي اليساري والنائب بالبرلمان محمد البراهمي بالقرب من العاصمة.

وتبنّى إسلاميون متطرفون الاغتيالين اللذين أثارا أزمة سياسية.

انتقال ديمقراطي

في 26 كانون الثاني 2014، اعتمد البرلمان ثاني دستور للجمهورية التونسية، ثم جرى تشكيل حكومة تكنوقراط وانسحب الإسلاميون من الحكم.

في 26 تشرين الأول 2014، فاز حزب «نداء تونس» المناهض للإسلاميين بقيادة الباجي قائد السبسي بالانتخابات التشريعية، متقدّماً على حركة النهضة.

في كانون الأول، أصبح الباجي قائد السبسي أول رئيس تونسي منتخب ديموقراطياً بالاقتراع العام.

في شباط 2015، قدم رئيس الوزراء الجديد الحبيب الصيد بعد أسابيع من المداولات، حكومة يهيمن عليها حزب «نداء تونس» لكنها ضمت منافسيه من النهضة.

اعتداءات

في العام 2015، تبنى تنظيم الدولة الإسلامية تنفيذ ثلاثة اعتداءات في تونس: في 18 آذار، قتل 21 سائحاً أجنبياً وشرطياً تونسياً في اعتداء على متحف باردو في العاصمة. في 26 حزيران، أوقع اعتداء على فندق بقرب مدينة سوسة وسط شرق 38 قتيلاً بينهم 30 بريطانياً. في 24 تشرين الثاني، استهدف هجوم الحرس الرئاسي ما أسفر عن 12 قتيلاً.

في آذار 2016، هاجم عشرات الجهاديين منشآت أمنية في بنقردان جنوب شرق ما أدى الى مقتل 13 عنصراً من قوات الأمن وسبعة مدنيين والقضاء على عشرات المسلحين المتطرفين.

وتحسّن الوضع الأمني في السنوات الماضية، لكن كان يتم تمديد حالة الطوارئ التي فرضت في 2015 بانتظام.

احتجاجات اجتماعية

في كانون الثاني 2016، بدأت موجة احتجاجات في القصرين وسط إثر وفاة شاب عاطل من العمل. وامتد الغضب الى العديد من المناطق وأعلنت السلطات حظر تجول لأيام.

منح صندوق النقد الدولي في أيار موافقته على خطة مساعدة جديدة بقيمة 2,5 مليار يورو على أربع سنوات.

في آب 2016، كلف يوسف الشاهد من حزب نداء تونس تشكيل حكومة «وفاق وطني».

في مطلع 2018، شهدت البلاد حركة احتجاج تكثفت مع دخول موازنة التقشف حيّز التنفيذ.

تغيرات سياسية

أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي في أيلول 2018 انتهاء تحالفه مع النهضة.

وقام الشاهد بتعديل حكومي في تشرين الثاني بدعم من النهضة. وبعد خلافات داخلية، انشقّ عن حزب نداء تونس برئاسة السبسي وأسس حزبه الخاص.

في 25 تموز 2019، توفي السبسي عن 92 عاماً قبل أشهر قليلة من انتهاء ولايته.

في 23 آب، أوقف رجل الأعمال نبيل القروي المرشح الى الانتخابات بتهمة «تبييض أموال». ونسب حزبه المسؤولية ليوسف الشاهد الذي رفض أي علاقة له بتوقيف أحد أبرز منافسيه.

تراجع الأحزاب التقليدية

في 15 أيلول نال الجامعي المستقل قيس سعيّد الذي قام بحملة مناهضة لبرامج الاحزاب التقليدية 18,4 من الأصوات متقدماً على نبيل القروي 15,58 في الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية. وحل مرشح حركة النهضة عبد الفتاح مورو في المرتبة الثالثة بحصوله على 12,88 . وحل يوسف الشاهد في المرتبة الخامسة مع 7,4 من الأصوات.

وفي 6 تشرين الأول تصدّر حزب النهضة نتائج الانتخابات التشريعية، بحصوله على 52 مقعداً من أصل 217، بحسب النتائج الأولية الرسمية، ولكنّه ظلّ بعيداً عن التمكن من تشكيل حكومة منفرداً. وفي التاسع منه، أطلق سراح نبيل القروي، قبل أربعة ايام من الدورة الثانية للانتخابات الرئاسية.

موقف حزب «قلب تونس»

يرى النائب في البرلمان التونسي الحالي عياض اللومي، أن الأزمة في الوقت الراهن تتجاوز نتائج الانتخابات.

وأوضح أمس، «الانتخابات مزورة مسبقاً، خاصة في ظل استعمال أساليب قذرة ضد السيد نبيل القروي، وإطلاق سراحه قبل يومين من الانتخابات وهي غير كافية لإجراء الحملة الانتخابية».

وشدد اللومي على «رفض التحالف مع النهضة فيما يتعلق بتشكيل الحكومة، وأن النهضة هي من دلست الانتخابات ولم تتحمل مسؤوليتها في التراجع الذي حدث طوال الفترة الماضية».

وحول برنامج القروي أكد اللومي أنه «سيطبق حال فوزهم بالانتخابات الرئاسية، وأن دور الحزب في البرلمان سيكون معارضة جدية»، متابعاً: «أنه على الإخوان المسلمين تحمل مسؤولياتهم في تشكيل الحكومة».

أزمة الاصطفاف

من ناحيتها قالت النائبة السابقة بالبرلمان التونسي ليلى أولاد علي، أن «تكافؤ الفرص يصعب تقييمه في الوقت الراهن».

وأضافت أمس، أن «القروي يتمتع بفرص أكبر في الإعلام التونسي، وترى أولاد علي أن حزب تحيا تونس الذي تنتمي له لن يتحالف مع نبيل القروي، نظراً لملفات الفساد التي تتعلق به، وأن تحيا تونس أنشئ من أجل مقاومة الفساد».

بالرغم من أنها أكدت أن الحزب لن يساند القروي، إلا أنها ترى أن المرشح الثاني قيس سعيد، غير واضح وغير محدد التوجه.

وتابعت أن «حركة النهضة أعلنت مساندة قيس سعيّد بعدما تأكدت أن قواعدها تدعم قيس سعيّد، ما يعني أن القواعد هي التي تقود الحركة لا العكس».

وشددت على أن النهضة حاولت اللحاق بـ»الموجة»، بعدما فقدت الكثير من أنصارها، وأنها أعلنت ذلك قبل الانتخابات التشريعية حتى تستعيد بعض الأصوات، وأنها حيلة سياسية.

المهمة الأصعب

في هذه الأثناء، يعد تشكيل الحكومة في تونس إحدى العقبات أمام البرلمان المقبل، خاصة أن تشكيل الحكومة يتطلب 50+1 من مقاعد البرلمان البالغ عددهم 217 عضواً، وهو ما يتطلب 109 من الأصوات يصعب الحصول عليها في ظل الكتل المتواجدة في البرلمان.

وأوضحت أولاد علي أن «الكتلة الأعلى في البرلمان وهي النهضة سترشح رئيس الحكومة، إلا أن عملية تشكيل الحكومة تبدو صعبة للغاية، في ظل معارضة الكثير من الكتل التحالف مع النهضة، وهو ما يصعّب المهمة أمام البرلمان حال عدم قبول القروي التحالف مع النهضة وعبير موسى رئيسة حزب الدستوري الحر التي رفضت هي الأخرى الأمر في وقت سابق».

مؤشرات سياسية

أما بشأن المشهد بعد خروج المرشح الرئاسي نبيل القروي، فيرى محمد بوعود المحلل السياسي التونسي، أن «الوضع الحالي يزيد نسب المشاركة في العملية الانتخابية».

وأكد بوعود أن «خروج القروي سيدفع أنصار قيس سعيّد للحفاظ على تصدّر مرشحهم، فيما يدفع بأنصار القروي بالعمل على فوز مرشحهم وهو ما يشير إلى أن نسب المشاركة ستكون أعلى من الجولة الأولى».

وشدّد بوعود على أن «خروج القروي أعاد نسبة من التوازن للعملية الانتخابية التي كانت على حافة التشكيك في نزاهتها حال عدم خروجه»، وأن القروي «كسب تعاطفاً خلال الفترة الماضية».

ويرى أن «فرص قيس سعيّد ليست بالقليلة أيضاً خاصة بعد مساندة حركة النهضة، وأن خروج القروي قد يقلب الطاولة».

المهمة المستحيلة

في وقت سابق أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تونس عن النتائج الرسمية للانتخابات التشريعية، وتصدّرت حركة «النهضة» الإسلامية النتائج بحصولها على 52 مقعداً في البرلمان، فيما حلّ حزب «قلب تونس» بزعامة نبيل القروي في المرتبة الثانية بـ38 مقعداً.

فيما حلّ التيار الديمقراطي، ثالثاً بـ 22 مقعداً، يليه ائتلاف الكرامة المحافظ «21 مقعداً» ثم الحزب الدستوري الحر «17 مقعداً» وتحيا تونس «14 مقعداً» ومشروع تونس «أربعة مقاعد».

ولم تتجاوز باقي الأحزاب والقائمات المستقلة ثلاثة مقاعد، وهو ما يشير إلى صعوبة تمرير الحكومة حال عدم تحالف التيار الديمقراطي وتيار الكرامة وتحيا تونس مع النهضة، وهو ما يستبعده المراقبون في الشارع التونسي.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى