بوتين يشكّك في قدرة تركيا على منع تسرّب «الدواعش»

حذّر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من أن العملية العسكرية التي تشنها تركيا ضد المقاتلين الأكراد شمال شرقي سورية، قد تؤدي إلى فرار الآلاف من مسلحي تنظيم «داعش» المحتجزين في المنطقة.

وأشار بوتين أثناء قمة قادة الدول المستقلة في عشق آباد عاصمة تركمانستان، إلى وجود مراكز خاصة باحتجاز المسلحين الأسرى في الشمال السوري كانت الوحدات الكردية تتحمّل حتى الآونة الأخيرة مهمة حراستها.

وحذر من أن هؤلاء الإرهابيين قد يهربون من هذه المراكز في حين ينسحب منها الأكراد أمام تقدم القوات التركية، مضيفاً: «لست على قناعة بشأن ما إذا كان الجيش التركي سيتمكن، وخلال أي فترة، من السيطرة على هذا الوضع».

ولفت بوتين إلى أن مئات وحتى آلاف المسلحين يتواجدون في هذه المنطقة حالياً، حسب المخابرات الروسية، محذراً من أن هؤلاء قد يشكلون تحدياً جديداً حقيقياً لرابطة الدول المستقلة.

وتساءل الرئيس الروسي: «إلى أين سيذهبون؟ هل سيتوجهون عبر أراضي تركيا وغيرها إلى مناطق لا يسيطر عليها أحد في عمق سورية، ثم عبر إيران إلى دول إقليمية أخرى؟ يتعين علينا إدراك ومعرفة ذلك وتعبئة موارد أجهزتنا الخاصة للتصدي للخطر الناشئ الجديد».

وكانت «قسد» المتعاملة مع الولايات المتحدة تحتجز أكثر من 10 آلاف من مسلحي داعش تم أسرهم في مخيمات ومراكز احتجاز في هذا الجزء من سورية. لكنها قالت هذا الأسبوع إنها مجبرة على التخلي عن بعض تلك المواقع لمحاربة الغزو التركي.

وفي السياق، أعربت وزارة الخارجية الروسية عن قلق موسكو إزاء التصعيد والصدامات المسلحة شرقي الفرات وتدعو كل الأطراف إلى الحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس.

وجاء في بيان الخارجية الروسية، أمس، تعليقاً على العملية التركية شمال شرقي سورية: «إن الصدامات المسلحة على المناطق الحدودية، وتصاعد التوتر والعنف على الضفة الشرقية لنهر الفرات لا يمكن إلا أن تدعو إلى القلق. نعتبر أنه من المهم منع المزيد من زعزعة استقرار الوضع في الشمال الشرقي ومنع معاناة السكان المدنيين».

وأضاف البيان: «وفي هذا الصدد، ندعو جميع الأطراف إلى الحفاظ على أقصى درجات ضبط النفس والتحقق بعناية من التدابير المتخذة، مع الاحترام التام لسيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية».

أوروبا.. لضبط النفس

وبشكل منفصل، حثّ الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ أنقرة على ضبط النفس في توغلها.

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، أعرب ستولتنبرغ أيضاً عن قلقه من أن الهجوم التركي قد «يعرّض للخطر» المكاسب التي تحققت ضد تنظيم داعش في الحرب في سورية.

وتشن قوات النظام التركي عدواناً على الأراضي السورية بريفي الحسكة والرقة بقصف جوي ومدفعي استهدف العديد من القرى والبلدات فيهما مركزاً على البنى التحتية والمرافق الحيوية كمحطات المياه والكهرباء والسدود والمنشآت النفطية والأحياء السكنية ما تسبب باستشهاد عدد من المدنيين ووقوع أضرار ودمار كبير فى البنى التحتية.

بعد قطر.. باكستان تؤيد العدوان

وعشيّة زيارة أردوغان إلى باكستان في الثالث والعشرين من الحالي، أعرب رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، عن دعم بلاده للعدوان العسكري التركي في شمال شرقي سورية، وذلك بعد تأييد قطر أول أمس.

وأكدت الحكومة الباكستانية في بيان لها أن خان، أجرى أمس مكالمة هاتفية مع رئيس النظام التركي لإبداء «الدعم والتضامن» بشأن العملية، حسب وكالة «أسوشيتد برس».

وذكر خان في المكالمة، حسب البيان، أن «باكستان تتفهم تماماً مخاوف تركيا في ما يتعلق بالإرهاب والتهديدات والتحديات التي تواجهها، وخاصة أنها خسرت 40 ألف شخص جراء الهجمات الإرهابية في السنوات الأخيرة»، قائلاً إنه «يصلي من أجل نجاح جهود تركيا لتعزيز أمن واستقرار المنطقة والتسوية السلمية للوضع في سورية».

وأمس، انفجرت سيارة مفخخة في القامشلي ما أدى حسبما أفادت وكالة الأنباء السورية بوقوع عدد من الشهداء المدنيين والجرحى. كما أكد مصدر طبي، أمس، استشهاد مدني وإصابة آخرين جراء استهداف الجيش التركي لمدينة القامشلي برمايات مدفعية عدة.

وقال المصدر: إن «مدنياً لقي حتفه وأصيب ثلاثة آخرون إصابات متفاوتة الخطورة جراء سقوط قذائف مدفعية مصدرها قوات الاحتلال التركي على مدينة القامشلي، لافتاً إلى أنه تمّ إسعاف المصابين إلى مشفى السلام في المدينة».

توقف الرحلات الجوية الى القامشلي

بدوره، أكد مصدر قيادي في «قسد»، أنه تمّ إلقاء القبض صباح أمس على مجموعة أشخاص يقومون بإرسال إحداثيات من داخل مدينة القامشلي للاحتلال التركي وتم العثور بحوزتهم على أجهزة اتصال وخرائط».

من جهة أخرى، توقفت الرحلات الجوية العسكرية بين مطاري دمشق الدولي والقامشلي الدولي شمال شرقي سورية نتيجة العدوان التركي.

وقال مصدر إن الرحلات الجوية العسكرية السورية لطائرات الشحن اليوشن المعتادة بين مطاري دمشق الدولي والقامشلي الدولي شمال شرقي سورية، توقفت نتيجة الهجوم الذي تشنّه القوات التركية والميليشيات العميلة الموالية لها على الحدود الشمالية من سورية، مع احتمال بوقف الرحلات المدنية بين المطارين.

تشريد عشرات آلاف السوريين

هذا وفر عشرات الآلاف من السكان مع أمتعتهم في سيارات وشاحنات ومركبات ثلاثية العجلات، بينما هرب آخرون سيراً على الأقدام.

وقالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن عشرات الآلاف شردوا، وحذّرت وكالات الإغاثة من تعرّض ما يقرب من نصف مليون شخص بالقرب من الحدود للخطر – في مشاهد مماثلة لما حدث منذ بضع سنوات، عندما فر المدنيون من مقاتلي «داعش».

وقال برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إن العمليات العسكرية التركية في شمالي سورية، أدت إلى نزوح نحو 70 ألف شخص من منطقتي تل أبيض ورأس العين، منذ بدأت الأربعاء.

ومن جهة أخرى، قالت منظمة أطباء بلا حدود إنه تم إغلاق مستشفى في تل أبيض، بعد فرار العاملين فيه تحت وطأة القصف، بينما ذكرت الإدارة الكردية شمالي سورية بأنها بدأت في إخلاء «مخيم مبروكة»، الذي يضم 7 آلاف نازح بعد قصفه من قبل تركيا.

عقوبات متوقعة على أنقرة

في الوقت نفسه، قالت مسؤولة فرنسية، أمس، إن العقوبات ضد تركيا ستكون «مطروحة» في قمة الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل، بسبب توغل أنقرة في سورية.

وصرّحت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية والأوروبية، أميلي دى مونتشالين، لإذاعة فرانس إنتر إن أوروبا ترفض فكرة أنها عاجزة عن الرد على ما وصفته بأنه وضع مروع للمدنيين وحلفاء أوروبا الأكراد في الحرب على داعش.

ورد الدبلوماسيون الأوروبيون في بروكسل بحذر على فكرة فرض عقوبات على أنقرة على الرغم من أن الغزو واجه انتقادات بالإجماع. ويهدف العدوان التركي إلى إنشاء ما يسمّى «منطقة آمنة» لإبعاد المقاتلين الأكراد السوريين، وستنهي هذه المنطقة استقلال الأكراد وستضع معظم سكانها تحت السيطرة التركية.

وترغب أنقرة في توطين مليوني لاجئ سوري، معظمهم من العرب، في المنطقة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى