كوني أنثى

جهاد الحنفي

لتكوني أنثى

كوني أنثى

لا أعني نصفَ المجتمعِ

ولا أعني

ما تعنيه جمعياتُ حقوقِ المرأةِ

في العالمِ…

لا يحتاجُ الضوءُ

مرافعةً عصماءَ

ليثبتَ أن العتمَ نقيضُ الروحِ

ولا يحتاجُ العطرُ

صراخاً وهديراً

كي يمسكَنا بأناملِه البيضاءِ

ويأخذَنا نحو مواعيدِ الدهشةِ

كوني أنثى

حتى لا يلتبسَ عليك كلامي

وتسيئي فهمَ مرامي

كوني هادئةً

أحتاجُ لبعضِ الوقتِ

وبعضِ القهوةِ…

لا بأس سأصنعُها بيديَّ

وإن كنتُ أحبُّ مذاقَ القهوةِ

من بين يديكِ

يداكِ تضيئانِ الليلَ الساكنَ فيها

أنفاسُكِ فوق الفنجانِ

أنوثةُ نكهتِها

لكن

إبقي بمكانِك هذي المرةَ

لا تنفعلي

سيطولُ حديثي سيدتي

كوني أنثى

يصحو الوردُ ويغفو

في شفتيكِ

ويرتاح القمرُ المتألقُ

حناءً أشقرَ في كفيْكِ

وتختبئُ الأسرارُ الأبديةُ

في عينيكِ

وحيث تمرُ خطاكِ

يفوحُ نداكِ

كوني أنثى

يتشهَّى النحلُ العطشانُ

القبلةَ من قدميكِ

كوني أنثى

أنا من قالوا عنه

بأنكِ منه

« ومنه»

لا تعني التقليلَ بل التبجيلَ

فأغلى ما في الشجرِ البذرُ

وأشهى ما في الشجرِ الثَّمرُ

ولا تنطقُ بالسحرِ الوردةُ

لولا ذاك السرُّ العَطِرُ

ولا تبتسمُ الآفاقُ ضياءً

لولا الشمسُ

ولولا القمرُ

القصةُ ليست جزءًا من كلٍّ

سيدتي

هي ما يوحيه الأثر ُ

هي ما يعنيه الأثرُ

كوني أنثى

أقصرُ من عمرِ الدُّميةِ

في كفيْ طفلٍ

هذا العمرُ

تعالي نتجاوزْ ما ابتدعوا

وتعالي نحرقْ ما زرعوا

من وهْمٍ

في هذا الدربِ الممتدِّ بنا

من أقصى الروحِ الى أقصى الروحِ

أحبك

طيراً دونَ قيودٍ

دونَ حدودٍ

يفترشُ الأفقَ حبوراً

بجناحيه الورديَّيْن

ولكن أعلنها بوضوحٍ

ليس يليقُ المخلبُ بالبلبلِ

كوني أنثى

يا بوحَ العنقودِ

على شفةِ الروحِ

ويا وحيَ القيثارةِ

في صمتٍ القلبِ

ويا كلَّ عناوينِ الدربِ

وكلَّ مواعيدِ الحبِّ

يداكِ سريري وحريري وضميري

عيناكِ مسيري ومصيري

لم أعرف قبلك آلاكِ

ولم اعشقْ ضوءًا لولاكِ

فكوني حين تضيقُ سمائي

أملا

كوني كوثرَ أعماقي

فاكهتي الحلوةَ والعسلا

كوني الغيمةَ

تحيي صحراءَ فمي قُبَلا

كوني لغتي

حبرَ وجودي

كي أكتملا

كوني أنثى

لاصير أنا رجلا

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى