اتهامات للدولة بالتقصير والأمطار الغزيرة تكفّلت بإخماد النيران الحكومة طلبت مساعدة خارجية وعون والحريري دعوا الى فتح تحقيق

شهدت العديد من المناطق في لبنان حرائق بالجملة في المساحات الخضراء واليابسة، منذ ليل الاحد الاثنين ولغاية بعد ظهر أمس، كان أخطرها حريق المشرف الذي امتدّ إلى مناطق ساحلية مجاورة وصعد إلى منطقة كفرمتى، تلاه حريق ضخم في أحراج مزرعة يشوع – قرنة الحمرا وزكريت، في المتن.

وسجلت في الجنوب حرائق عديدة تمّت السيطرة عليها في عدد من قرى قضاء بنت جبيل ومرجعيون وصور. وفي الشمال، أخمد عناصر الدفاع المدني حريقاً اندلع في منطقة الدواليب – إهدن، وقد عملت طوافات تابعة للجيش اللبناني على إطفاء حريق اندلع في غابة ديرنبوح في قضاء الضنية وحرائق أشجار في بلدة بطرماز. وفي عكار، التهمت النيران أكثر من ثمانية كيلومترات مربعة من الأحراج، في وقت نزحت عشرات العائلات من القرى العكارية التي تمدّدت النيران فيها بسبب سرعة الرياح.

وفي منطقة المشرف غادرت مئات العائلات المنطقة إلى بيروت أو إلى غيرها من المناطق البعيدة عن الحرائق، بعدما امتدّت شهب النيران التي اندلعت يوم الإثنين إلى المناطق السكنية، حيث وصلت النيران إلى منطقة الدبية جنوباً مروراً بمنطقة الدامور. وأدت النيران التي وصلت إلى منازل المواطنين وبعض محطات الوقود إلى حركة نزوح كبيرة.

وبعد يومين على هذا الحريق الهائل، الذي أتى على أحراج المنطقة ووصل المنازل، تمكن المسعفون من محاصرة النيران، وعملوا على إخمادها في منطقة الدبية والمشرف. ووفق رئيس بلدية المشرف زاهر عون، هناك تخوّف من تجدّد الحريق، إذا لم تتمكن فرق الإنقاذ من إخماده بشكل تام.

وأقام عدد من المتطوّعين مستشفى ميدانياً في مسبح الجسر لمعالجة الأهالي المتضرّرين من الحريق. وتداعى عدد من الشبّان والشابات على مواقع التواصل الاجتماعي لتأمين مساعدات قد يحتاجها أهالي المناطق المنكوبة. وعند توجّه وزير المهجرين غسان عطاالله إلى «مسبح الجسر» في السعديات رفضوا حضوره بينهم مشدّدين على أنهم لا يريدون أيّ مسؤول من السلطة القائمة. ولفت عطالله الى أنه ذهب الى المسبح المذكور بناء لطلب صاحب المسبح غسان عبدالله الذي فتح أبواب المسبح وغرفه للعائلات المنكوبة من الحريق.

وأشار الى أنه خلال حضوره في المكان، تعرّض لمضايقات من قبل بعض ممثلي الجمعيات التي كانت هناك وتساعد الأهالي والذي سمّاهم بـ»الغوغائيين»، الذي رفضوا وجود ممثلين عن السلطة. وأكد انه تمّ الاعتذار لاحقاً منه في مكتب صاحب المسبح الذي طلب من «الغوغائيّين» مغادرة المكان على الفور.

ووصل عدد الحرائق في المناطق اللبنانية إلى نحو 104، وفق ما أعلن المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، واستخدم الدفاع المدني حوالى 200 آلية من أجل إخمادها.

ووضع الصليب الأحمر اللبناني فرقه في حال من الاستنفار كما أقام مستشفى ميدانياً أمام مركزه في الدامور، وتمكنت فرق الصليب الأحمر من تقديم الإسعافات الأولية في المستشفى الميداني وفي عدد من المناطق، ونقل حالات أخرى إلى المستشفيات. ومعظم هذه الحالات الصحية كانت تعاني من ضيق في التنفس واختناق وإغماء وحروق طفيفة. وتم تلقي النداءات على خط الطوارئ المجاني 140.

وفيما تراوحت التحليلات في أسباب الحرائق التي اندلعت في لبنان في اليومين الفائتين، بين العوامل المناخية أو إقدام البعض على افتعالها، راحت أصابع الاتهام تتجه نحو وجود تقصير وفساد، ساهم في عدم الاستجابة اللازمة لإخماد الحرائق بالشكل المطلوب.

وبعيداً عن الحريق الهائل الذي شبّ في منطقة المشرف وامتد إلى المناطق المجاورة، والذي استدعى تدخل الطوافات القبرصية للمساعدة في احتوائه، طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون فتح تحقيق في الأسباب التي أدّت إلى توقف طائرات الإنقاذ وإطفاء الحرائق «سيكورسكي» عن العمل منذ سنوات، وتحديد المسؤولية. كما طلب إجراء كشف سريع على الطائرات الثلاث والإسراع بتأمين قطع الغيار اللازمة لها.

من ناحيته أكد رئيس الحكومة سعد الحريري، بعد اجتماع لجنة إدارة الكوارث في السراي، أنه إذا «كان الحريق مفتعلاً، فهناك مَن سيدفع الثمن. ولا أضرار جسدية حتى الساعة. والأضرار المادية سنعوّضها». ولفت إلى أن «كل الأجهزة تعمل من دون استثناء ولا بد من فتح تحقيق في ملابسات الحرائق وأسبابها». وأضاف «اتصلنا بالأوروبيين ومن المفترض أن تصلنا وسائل للمساعدة خلال أربع ساعات ونشكر كل الأجهزة على جهودها».

إلى ذلك طلبت وزيرة الداخلية ريا الحسن، بعد اجتماع لجنة إدارة الكوارث في السراي، العون من الدول المجاورة. وأجرت اتصالات طلباً للمساعدة. وأكّدت أن اليونان استجابت إلى طلبها وستوفد طائرتين للمساعدة. وكانت الحسن قد أعلنت عن إنشاء غرفة عمليات في السراي، وأخرى متنقلة على الأرض في المشرف لمتابعة عملية اخماد الحرائق.

كما دعا وزير البيئة فادي جريصاتي، من المشرف، إلى حالة طوارئ لمواجهة الكارثة التي نجمت عن الحرائق، وقال: «الوقت اليوم ليس للاستنكار بل لتأمين الأموال لشراء تجهيزات للدفاع المدني واطفاء بيروت. وأشكر قائد الجيش على وضعه ثماني طوافات اليوم لإطفاء الحرائق. وهناك وفد من قيادة الجيش مع مدير الدفاع المدني وممثل عن وزارة البيئة سيسافر الى اسبانيا لشراء طائرتين خاصتين، وهما تختلفان عن طائرات السيكورسكي غير الملائمة تقنياً للتدخل».

وأفادت «الوكالة الوطنية للاعلام» أن الطائرتين القبرصيتين أنهتا طلعاتهما للمساعدة في إطفاء الحرائق، وكانتا تزوّدتا للمرة الأخيرة عند الخامسة والنصف مساء بالمياه ومادة «الفوم» التي يتم وضعها مع المياه للمساعدة في عملية الإطفاء.

كما عمل فوج الإطفاء في مطار بيروت وفوج الاطفاء في اتحاد بلديات الضاحية على تقديم التسهيلات والمساندة إلى الطائرتين، ومن المنتظر وصول 4 طائرات بتقنيات متطوّرة الى المطار من اليونان والأردن للمساعدة في عمليات الإطفاء.

وأشار الجيش اللبناني في بيان الى أنّ عدداً من وحداته قامت الى جانب طوافات تابعة للقوات الجوية وطائرتين من قبرص وعناصر من الدفاع المدني بمحاصرة الحرائق، على الرغم من وجود بعض العوائق من دخان كثيف وخطوط التوتر العالي التي تمنع في بعض الأحيان التدخل السريع والفعال. وقد وضعت قيادة الجيش عدداً من الطوافات في حالة جهوزية تامة في القواعد العسكرية كافة للتدخل عند حصول أي تطور في مختلف المناطق اللبنانية.

وتابع وزير الصحة العامة جميل جبق من العاصمة الإيرانية، نتائج الحرائق التي اجتاحت لبنان وما تسبّبت به من إصابات بلغ عددها أكثر من مئة بين حالات اختناق وحروق، إضافة إلى حالة وفاة، وأوعز إلى جميع المستشفيات استقبال الحالات المتضرّرة صحياً والتغطية على نفقة الوزارة مئة في المئة.

في سياق آخر، وبعد أن التهمت الحرائق عدداً من المناطق أخذت الأمطار تتساقط في الجنوب والشوف وجبل لبنان وبيروت وضواحيها، حيث استبشر المواطنون خيراً بهطول الأمطار، مما ساعد في إطفاء النيران والسيطرة عليها.

وكتب وزير البيئة فادي جريصاتي على «تويتر» قائلاً: «في هذا اليوم المأساوي للبنان وغاباته المنكوبة. ننحني أمام جهود شباب الدفاع المدني والجيش اللبناني. ومن هنا أعلن حالة طوارئ بيئية تستدعي تكاتف الأيدي لدعم الدفاع المدني واعادة تشجير لبنان الذي سيعود «لبنان الأخضر».

وأكد وزير الدفاع الياس بو صعب أنّ «العدو الاسرائيلي يستغلّ الحرائق في هذه الظروف وبدأ بتركيب حائط إسمنتي في منطقة الوزاني وهذا عمل خطير». وأعلن بوصعب في حديث تلفزيوني عن توجه طائرتين من اليونان الى بيروت من طراز canadair » ذات الحمولة الكبيرة والفعّالة والمتخصصتين بإخماد الحرائق إضافة الى عربتي إطفاء و30 عنصراً على متن c130».

ولاحقاً نشر موقع المنار صورتين للبناء الإسمنتي الإسرائيلي في منطقة «متنازع عليها» بالوزاني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى