العلاقات الإيرانية مع السعودية والإمارات على جدول أعمال بوتين وعمران خان الحرائق تفضح هشاشة قدرات الدولة… وسجالات… والقوميون نزلوا إلى الميدان

كتب المحرّر السياسيّ

يترجم الجيش السوري بأمانة ودقة وشجاعة قرار الرئيس السوري بشار الأسد وسط احتفالية شعبية متنقلة بين مدن وبلدات مناطق الحكسة والقامشلي والرقة وأرياف حلب الشمالية، بعدما وسّع نقاط انتشاره وتمركَز في قواعد سيطرة توزّعت خصوصاً في مدينتي الحسكة والقامشلي، وأمّن طرق إمداده، وبدأ يتوسّع في القرى الحدودية في القطاع الشرقي لجهة المالكية التي بدأت حركة إخلاء الأميركيين منها تتسارع بعدما انتهى إخلاء منبج التي أحكم الجيش السوري سيطرته عليها، وتنشطت قدرات لجان الحماية الكردية كلجان شعبية مساندة للجيش تقاتل تحت قيادته، في التصدّي للغزو التركي فبدت بلدة رأس العين منيعة بوجه القصف التركي ومحاولات الاقتحام المتكررة التي تعرّضت لها.

هذا التحول الذي ألقى بظله على المشهد السوري، فاتحاً الباب لإغلاق الرهانات والأوهام حول فرص تقسيم سورية، توسّع صداها وأثرها ليطال المسار السياسي الذي تعبر عنه اللجنة الدستورية التي ستعقد اول اجتماعاتها نهاية الشهر الحالي، ويصل المبعوث الأممي لمناقشة تفاصيلها اليوم إلى دمشق، التي ستبلغه التعقيدات التي ألحقها العدوان التركي بمسار عمل اللجنة وضرورة تذليلها بوقف العدوان قبل بدء اللجنة أعمالها، خصوصاً أن إدانة هذا الغزو والدعوة لمقاومته ستشكل أول مطلب وطني لأعضاء اللجنة من الوطنيين السوريين.

وفي الظلال نفسها تبلورت صورة المشهد الإقليمي، بعدما بدا حجم تماسك محور المقاومة وعلاقته المنهجية الواضحة بروسيا وقدرته على إدارة العلاقات المركبة كحال علاقته بتركيا، بين المواجهة والاحتواء، وبهذه المسافة مع تركيا، التي أظهرها المحور وروسيا معاً تمسكاً بالسيادة السورية، وبمصادر القوة التي أظهراها معاً، بدت العلاقات الخليجية الروسية في ذورة تقدّمها مع زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للسعودية والإمارات، كما بدت جسور موسكو التي يمدّها بوتين بين الرياض وأبو ظبي من جهة وطهران من جهة أخرى، في ضوء كل خلاصات المشهدين السوري واليمني كافية لفتح الباب لبدء مسار جديد، وضعت باكستان أيضاً ثقلها لبدئه عبر الزيارة التي يتابعها الرئيس الباكستاني عمران خان في الرياض بعد لقاءات رفيعة المستوى شملت لقاء الإمام علي الخامنئي في طهران. وقد صار حال الخليج ناضجاً، كما تقول مصادر متابعة للانعطاف نحو التسويات، وبتشجيع واشنطن التي خذلت حكام الرياض وأبو ظبي ونالت أموالهم، وتركتهم بلا غطاء في مواجهة العواصف التي أطلقتها بخروجها من الاتفاق النووي، بعدما حمّلتهم مسؤولية مطالبتها بالتخلي عنه والعودة للعقوبات على إيران، وتريدهم اليوم أن يسلكوا طريق التفاوض لتتخذهم ذريعة للتراجع عن خطوات التصعيد.

لبنانياً، حجبت الحرائق المتنقلة بين المناطق المشهد السياسي، الذي سجل لقاءات على مستوى قيادي كان أبرزها لقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة سعد الحريري للدفع في اتجاه تسريع إنجاز الموازنة، ولقاء الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله برئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، والذي ركز على الشأنين الداخلي والإقليمي، من موقع حليفين تاريخيين، مولياً أهمية خاصة لوقف الهدر ومكافحة الفساد، خصوصاً في ملف الأملاك البحرية، بينما كان ملف الحرائق قد فتح الباب لتحليلات عن أيادٍ خفية، بعدما كشف محدودية مقدرات الدولة وهشاشتها في مواجهة الكوارث الطبيعية، وقد امتدّت الحرائق من أرياف اللاذقية وحماة وحمص إلى جبال لبنان وصولاً إلى جنوبه، بينما ظهرت بعض المواقف الطائفية في التفسير والتعليق، وكان للحزب السوري القومي الاجتماعي موقفه الداعي لمبدأ كلّ مواطن إطفائي، والمطالب بسرعة الكشف على الأضرار وتعويضها، بينما لبّى القوميون نداء الحزب وتشكلت من منفذية الطلبة الجامعيين ومن مؤسسة مؤسسة الرعاية الصحية الاجتماعية فرق طوارئ وتدخل نزلت إلى الميدان للمشاركة في إطفاء الحرائق.وشملت النيران مناطق لبنانية عدّة من الجنوب إلى الشمال، كان أخطرها حريق المشرف الذي امتد إلى مناطق ساحلية مجاورة وصعد إلى منطقة كفرمتى، تلاه حريق ضخم في أحراج مزرعة يشوع – قرنة الحمرا وزكريت، في المتن.

وفي منطقة المشرف فرّت مئات العائلات من المنطقة إلى بيروت، بعدما امتدت شهب النيران التي اندلعت يوم الإثنين إلى المناطق السكنية، حيث وصلت النيران إلى منطقة الدبية جنوباً مروراً بمنطقة الدامور. وأدّت النيران التي وصلت إلى منازل المواطنين وبعض محطات الوقود إلى حركة نزوح كبيرة. وبعد أن التهمت الحرائق عدداً من المناطق أخذت الأمطار تتساقط في الجنوب والشوف وجبل لبنان وبيروت وضواحيها، ما قد يساعد في إطفاء النيران والسيطرة عليها.

ووصل عدد الحرائق في المناطق اللبنانية إلى نحو 104، وفق ما أعلن المدير العام للدفاع المدني العميد ريمون خطار، واستخدم الدفاع المدني حوالى 200 آلية من أجل إخمادها. ونتيجة الحرائق توفي المواطن سليم أبو مجاهد اختناقًا خلال مساعدته في إطفاء النيران في بتاتر.

وفيما تراوحت التحليلات في أسباب الحرائق في اليومين الفائتين، بين العوامل المناخية أو إقدام البعض على افتعالها، توجّهت أصابع الاتهام نحو وجود تقصير وفساد، ساهم في عدم الاستجابة اللازمة لإخماد الحرائق بالشكل المطلوب، فيما دعا رئيسا الجمهورية العماد ميشال عون والحكومة سعد الحريري الى فتح تحقيق لكشف ملابسات اندلاع الحرائق.

وقد أدت الامطار الغزيرة التي تساقطت في معظم المناطق الى اخماد أغلب الحرائق فيما توقفت عمليات الاطفاء بسبب حلول الليل.

وأشار الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خلال كلمته في المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، الى ان الحرائق التي حدثت وما تبعها كانت حدثاً مؤثراً جداً على لبنان واللبنانيين. واعتبر أن اللبنانيين اثبتوا انهم فوق الاختلافات الطائفية والمذهبية وعلى الجميع أن لا يحوّلوا ما حصل إلى مقاربات طائفية. ونوّه بالروح المسؤولة والوطنية التي شهدناها عند كثير من اللبنانيين الذين عرضوا منازلهم لإسكان المتضررين وقدموا المساعدات. ورأى السيد نصرالله أنه من المهم تفاعل اللبنانيين مع أي مشكلة تحصل في اي منطقة من أجل احتوائها بغض النظر عن تقصير الدولة.

وكان وزير الدفاع الياس بو صعب حذر في تصريح من أن «العدو الاسرائيلي يستغل الحرائق في هذه الظروف وبدأ بتركيب حائط اسمنتي في منطقة الوزاني. وهذا عمل خطير». وأعلن بوصعب في حديث تلفزيوني عن توجه طائرتين من اليونان الى بيروت من طراز canadair » ذات الحمولة الكبيرة والفعالة والمتخصصتين بإخماد الحرائق اضافة الى عربتي إطفاء و30 عنصراً على متن c130».

ولاحقاً نشر موقع المنار صورتين للبناء الاسمنتي الاسرائيلي في منطقة «متنازع عليها» بالوزاني.

وإذا كانت العدالة الالهية قد تدخلت للمساعدة في اخماد الحرائق البيئية، فإن أحداً لم يدخل على خط إطفاء الحرائق السياسية إن على جبهة الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وإن على جبهة الموازنة. فبعد جلسة مجلس الوزراء العاصفة أمس الأول، و»حرد» الحريري، لجأ الاخير الى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري عله يلقى مساعدة رئيس المجلس لفك أسر الموازنة واحالتها الى المجلس النيابي.

وإذ غادر الحريري من دون الادلاء بأي تصريح. أكدت مصادر الرئيس بري أن «اللقاء مع رئيس الحكومة تمحور حول المسار الذي تسلكه الموازنة العامة في جلسات مجلس الوزراء واللجان الوزارية والسبل الآيلة لتذليل العقبات لإنجازها وإحالتها الى المجلس النيابي في المواعيد الدستورية، فضلاً عن المخاطر الناجمة من اضاعة الوقت في السجالات السياسية وانعكاساتها الخطرة على الوضعين المالي والاقتصادي اللذين لا يحتملان التلكؤ في اتخاذ الإجراءات الفورية». وأشارت المصادر الى ان «البلد الذي يحترق بنيران الأزمات بحاجة الى خطوات تطفئ هذه النيران وليس الى إشاعة أجواء تؤجج من اشتعالها».

واستغربت مصادر تكتل لبنان القوي ربط موقف رئيس التكتل الوزير جبران باسيل في مجلس الوزراء حيال الموازنة والإصلاحات بلقائه مع السيد نصرالله، موضحة لـ»البناء» أنه «تم الاتفاق مع الحريري ووزير المال علي حسن خليل على نقاط عدة، لكن نقاطاً اخرى ارتأى باسيل اعادة النظر فيها»، مشددة على «أننا حريصون على الوصول الى موازنة حقيقية تحمل رؤية اقتصادية ومالية وليس مجرد ارقام مالية»، ولفتت الى أن «مقاربة باسيل للموازنة وليدة قناعة ورؤية التكتل والتيار لكيفية معالجة الوضع الاقتصادي والمالي ولا علاقة لها بلقاء باسيل مع السيد نصرالله رغم وجود مقاربات مشتركة عدة بين قيادتي الحزب والتيار لا سيما حيال سبل الخروج من الازمة المالية والاقتصادية».

وأوضحت مصادر التكتل أن «باسيل لم يقصد بكلامه عن قلب الطاولة المسّ بالتسوية السياسية وبالاستقرار الحكومي، لكن لم يعد بإمكاننا القبول بهذا الوضع القائم على الصعيدين المالي والاقتصادي والنقدي وبالتالي لن نقبل موازنة بلا إصلاحات جدية وضمن الموازنة ولن نقبل التلاعب بأسعار الدولار والسلع الأساسية ولا بخنق لبنان اقتصادياً عبر عرقلة الانفتاح على سورية التي تمثل رئة لبنان الوحيدة، كما قال رئيس التيار».

وبعد لقاء بري الحريري، عممت دوائر رئيس الحكومة موعداً لجلستين للحكومة في السراي الحكومي، الاولى بعد ظهر الأربعاء لمتابعة درس مشروع موازنة الـ 2020 والثانية عادية بعد ظهر غدٍ وعلى جدول أعمالها 36 بنداً.

ولا يزال الجمر تحت الرماد على صعيد العلاقة بين التيار الوطني الحر والحزب الاشتراكي، لكن يبدو أن هناك قراراً من قيادة التيار بعدم الرد على حملات الاشتراكي على رئيس التيار وعلى العهد، وأشارت أوساط نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى أن «الوقت ليس للسجالات والمناكفات السياسية ولن نرد على بعض القوى التي تشعر بعزل بعد سقوط رهاناتها، بل الوقت للعمل على إنقاذ لبنان لا سيما في ظل الظروف الصعبة التي يواجهها إن كانت الاقتصادية والمالية والبيئية خلال الايام القليلة الماضية». وبحسب معلومات «البناء» فقد كان الحريري على علم بموقف الاشتراكي بأنه سيتّجه الى التصعيد في جلسة مجلس الوزراء الاخيرة وتصعيد الوضع، فأبلغ باسيل بذلك طالباً منه الحفاظ على الهدوء وعدم الردّ، وما يؤكد ذلك وصول الوزير أبو فاعور مسرعاً الى جلسة أمس محاولاً استغلال الوقت ليلتقي الحريري قبيل الجلسة لإبلاغه رسالة من رئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط، بحسب معلومات «البناء».

وبحسب مصادر التيار لـ»البناء» فإن باسيل سيزور سورية عاجلاً أم آجلاً، لكن لم يُحدد موعداً للزيارة حتى الآن.

في غضون ذلك، وبعد أيام على لقاء السيد نصرالله – باسيل، التقى نصر الله مساء الاثنين رئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية بحضور وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس والمعاون السياسي للأمين العام حسين الخليل، بحسب بيان صادر عن العلاقات الاعلامية في حزب الله.

وجرى بحث معمّق شامل في التطورات الأقليمية لا سيما على الساحتين العراقية والسورية. وأكد الطرفان موقفهما المعروف بضرورة عودة العلاقات بين لبنان وسورية الى وضعها الطبيعي، كما جددا التأكيد على ضرورة الحوار المباشر والرسمي مع الحكومة السورية، خصوصاً في مجالين هامين هما الاستفادة من الفرصة الكبيرة التي تتيحها إعادة افتتاح معبر البوكمال لتعزيز الصادرات اللبنانية عبر سورية إلى العراق والعمل المشترك مع الحكومة السورية في مسألة عودة النازحين السوريين إلى بلادهم وتخفيف الأعباء الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة على لبنان. كما تم استعراض الأوضاع الاقتصادية بشكل مفصّل، حيث تم التأكيد على ضرورة العمل على زيادة الإيرادات وخفض النفقات آخذين بعين الاعتبار المطالب المشروعة لذوي الدخل المحدود ورفض زيادة الضرائب المباشرة وعدم المسّ بالرواتب والأجور والحسومات التقاعدية والعمل على دعوة الحكومة الى إيلاء الإيرادات الناجمة عن الأملاك البحرية اهتماماً جاداً، والتشديد على مكافحة الهدر والفساد. وأكد المجتمعون على الحاجة إلى تضافر كل الجهود وخصوصاً بين الرؤساء الثلاثة والقوى السياسيّة المختلفة للحفاظ على الاستقرار النقدي والمالي باعتباره إحدى ركائز الاستقرار الأمني والسياسي في البلاد بحسب بيان العلاقات الاعلامية.

وعلى صعيد آخر، نفى نائب الامين العام لحزب الله الشيخ قاسم نية الحزب التحرك الشعبي في الشارع ضد سياسة العقوبات، وقال قاسم ان «حزب الله إلى الآن يتابع الملف المالي الاقتصادي من خلال عرض آرائه وقناعاته في مجلس الوزراء ويناقش المشاريع والأفكار وكذلك سيفعل في المجلس النيابي، ولم يقرر حتى الآن أن تكون له خطوات في الشارع، وإذا قرّر ذلك فقيادته تعلن الخطوات، ولا يستطيع أن يعلن أحدٌ نيابةً عنا بأننا سننزل إلى الشارع أو لن ننزل إلى الشارع. هذا أمر مرتبط بخطة عمل نتابعها بشكل حثيث، وفق الأطر المعروفة ولا نستهدف أحدًا في لبنان، ولكن نريد أن نعمل لمصلحة لبنان وأن يكون المواطن آمنًا في لبنان». وأكد «أنه من المهم جدًا أن تأخذ الحكومة اللبنانية قرارًا جريئًا بفتح العلاقات السياسية مع سورية لمصلحة لبنان».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى