ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

ولأن في التاريخ بدايات المستقبل…

تُخصّصُ هذه الصفحة صبيحة كل يوم سبت، لتحتضنَ محطات لامعات من تاريخ الحزب السوري القومي الاجتماعي، صنعها قوميون اجتماعيون في مراحل صعبة من مسار الحزب، فأضافوا عبرها إلى تراث حزبهم وتاريخه التماعات نضالية هي خطوات راسخات على طريق النصر العظيم.

وحتى يبقى المستقبل في دائرة رؤيتنا، يجب أن لا يسقط من تاريخنا تفصيل واحد، ذلك أننا كأمّة، استمرار مادي روحي راح يتدفق منذ ما قبل التاريخ الجلي، وبالتالي فإن إبراز محطات الحزب النضالية، هو في الوقت عينه تأكيد وحدة الوجود القومي منذ انبثاقه وإلى أن تنطفئ الشمس.

كتابة تاريخنا مهمة بحجم الأمة.

إعداد: لبيب ناصيف

الامين عبد الله قبرصي في الجزء الخامس من مذكراته

كيف توارى في الاسابيع التي تلت الثورة الانقلابية.. وكيف أمكنه الوصول الى عمان في الاردن عبر الاراضي الشامية

في الجزء الخامس من «عبدالله قبرصي يتذكر» 1 مجموعة كبيرة وقيّمة من المعلومات التي يصحّ ان تقرأ بحيث ننصح كل مهتم من الرفقاء والمواطنين الاصدقاء ان يقتنوه لما فيه من اضاءات على موضوع الثورة الانقلابية، وكيف امكن للامين عبدالله، التواري في بيروت بعد فشل الثورة الانقلابية ثم الافلات وصولاً الى عمان عبر الاراضي الشامية، وغير ذلك من مواضيع ومعلومات جديرة بان تقرأ.

هذا ما نورده نقلاً عن الصفحات 37- 103 بعد ان يشرح الامين قبرصي كيف طرق باب منزل الرفيق المحامي نديم حاطوم 2 صباح اليوم التالي للانقلاب.

يقول بدءاً من الصفحة 37:

لست ادري كيف اكتشفتني الرفيقة ليلى بربر 3 جاءت بعد الظهر تحمل إليّ آلة حلاقة ومنشفة وثياباً داخلية ومسبحة. فرحتُ بالمسبحة، اذا كان بالامكان ان نذكر كلمة فرح في نهار غضب الله والعباد علينا.

الجيران، كانوا عائلة قائمقام البترون السيد نجيب نادر، من مرجعيون.

كان ضرورياً جداً الا يشعروا بوجودي، الفار من وجه «العدالة» لا يثق بنفسه فكيف يثق بالآخرين؟

هبط الليل، واخبار الاعتقالات ومعركة وزارة الدفاع بين الضابط فؤاد عوض ورئيس المكتب الثاني الضابط انطوان سعد، إلقاء القبض على رئيس الحزب الدكتور عبدالله سعادة، وتواري عدد من العمد والامناء، واسترداد الضباط المحتجزين، تهزني هزات العاصفة،

رغم المسكنات والاسبرين، ما تمالكت نفسي، بعض الشورباء عشاء وتفاحة ناقصة دخلت معدتي، كان النوم هارباً مثلي.

التأمل في ما جرى، استكناه اسباب الفشل، لم يكن وارداً في حسابي، لم يخطر ببالي، ماذا يجري، مَن قُتل، مَن بقيَ حياً، متى يُعدم المقبوض عليه، كيف تتم عملية تصفية رفقائي وبالتالي تصفيتي، كانت اسئلة اطرحها على نفسي لاحقاً، ولا جواب لها الا الشؤم والانهيار!

ثم ماذا سيحل بزوجتي واولادي، ماذا سيحل بعائلات القوميين الاجتماعيين، واصدقائهم وحلفائهم؟ اين ستصبح اسلحة جيشنا القومي؟ كيف تبددت احلامنا وآمالنا وتطلعاتنا، كيف صارت دخاناً ورماداً؟

على كل، طلع الصباح، اشرقت شمس يوم من سنة 1962. الناس بأكثريتهم يعيدون في وزارة الدفاع او امام قصر الامير اللواء فؤاد شهاب، صاحب الفخامة رئيس الجمهورية الذي أحبط الانقلاب وانتصر على القوميين الاجتماعيين وارتاح من الذين كانوا الخطر الذي يجب ان يتخلص منه العهد. لقد انحلت العقدة التي كانت تعقد نفوس قادة الجيش، وقادة العهد. صار العهد سيد الاسياد، سيد البلاد بلا منازع، وبلا مخاوف وبلا حسبان اي حساب لاحد او لغد!

ها هي الرفيقة ليلى بربر اخت زوجتي تطل مع الشمس، تحمل آخر الاخبار: لقد خُتِم منزلنا بالشمع الاحمر، جندي على الباب يحرسه، فلا يدخله احد. جورجيت زوجتي وحنان ابنتي انتقلتا الى بيت نازك 4 ، وصباح وعاطف وضياء اولادي توزعوا على بيوت اصدقائنا متوارين عن الانظار خوفاً من الانتقام! العسكر مصاب بالجنون فلن يوفر احداً من الضرب.

كل شيء هيّن، طالما ان الاعراض سالمة، والشرف سالم، والرصاص لم يخرق بعد صدر اي من الثوار.

الهمّ الاكبر الآن، الى اين انتقل. العائلة الطيبة التي لجأتُ الى كنفها، فآوتني بمحبة لا تخلو من حذر وخوف. لا يجوز ان تظل تحت كابوس التهديد من قبل القضاء العسكري. المادة 219 من قانون العقوبات تنص على إعدام من يقدّم زاداً او مخبأ للفارين من وجه العدالة. اني أعرّض رب العائلة وهو بمثابة أولادي أو اخوتي الى عقوبة الاعدام بسببي. ماذا جنى اكثر من فتح بابه في وجهي؟ اذا كنت ثائراً على الظلم، فكيف اظلم الاخرين؟

لقد اسمعت اهل الدار اني راحل بعد ست وثلاثين ساعة. اي في مساء اليوم الاول من كانون الثاني، في مساء هذا النهار بالذات. لقد وعدت وسأفي بوعدي. واذا لم اجد مخبأ آخر فأنا ذاهب الى السجن استسلم وارتاح وأريح. لم أكن اسمع بعد بأخبار التعذيب الرهيب!..

لم يحدث جديد ذو قيمة، طوال النهار، اكثر من اني استعدتُ سيطرتي على اعصابي التي كانت قد افلتت من يدي. إني عدتُ إنساناً سوياً. مكّنت قدمي في الارض وأشرقت في ذهني كل ملكاتي. إن ادراكي المفقود او المبلبل او المتداعي استقامت ركائزه. اصبحتُ افكر. لم تعد افكاري تخيلات او تهاويل او مخاوف او محاذير. لقد ولد القائد فيّ من جديد، بُعثت قائداً.

واقبل الظلام مرة اخرى، اقبل الظلام صديق الفارين من وجه العدالة او من وجه المظالم.

ناديتُ المضيف الاستاذ نديم:

قلت سأرحل في الحال، اذهب واستدع اليّ الرفيق توفيق حميدان كنت قد دوّنت، بعد الدرس، عدة اسماء لا بدّ ان يلبي منها واحد. يا للعجب!

كم في شعبنا من رجولة وفروسية دفينتين!

جاء الرفيق توفيق… ما هزمته الهزيمة. جبّار يؤدي التحية في كبر المنتصر او شموخ أنف المهزوم الذي لا تقوى العاصفة على جرفه في تيارها.

قلت: قررت الانتقال الى دارك فوراً. تدّبر انتقالي بأمان.

قال: سمعاً وطاعة ولكن لي اعتراض ارجو الإصغاء إليه.

قلت: ما اعتراضك؟

قال: بيتي في قلب المقاومة الشعبية. انت تحاط بالأعين الراصدة الخصيمة. أفضل لك السجن، من التواري في منزل لا تستطيع ان ترى فيه النور.

قلت: ما العمل؟

قال: لدي رفيق آخر قادم من الكويت، منزله في امان، تستطيع فيه ان تكون في مأمن من المخاطر.

قلت: إليّ به على جناح البرق!..

مرّت ساعة انتظار طويلة

ولكنها مرّت

أقبل رياض مغربي، اسمر الوجه عريض الكتفين، في عينيه هدوء الصاعقة. ادّى التحية، ردّيت بأحسن منها. وأبلغتُ الاوامر.

قال: أخفيك ست اسابيع، ستة أشهر، ست سنوات.

قلت: على الفور

قال: بل فوراً

قلت: اذهبوا وادرسوا اسهل واقرب وآمن الطرق. ويحدث من بعد ما يحدث!

مضى الرفيقان، يؤمنان الثقة والطمأنينة.

ما خطر ببالي ان تكون التعبئة هكذا ناصعة وعفوية

وعادا يعلنان ان الطريق سالك وآمن.

قلت: الرفيق توفيق يسير في الطليعة ويسبق سيارتنا حوالي الخمسماية متراً. اذا داهمه اي خطر يحذرنا بزموره ثلاثاً ويكمل سيره دون ان يلتفت الى الوراء.

وسار ونحن من ورائه.

الى ان وصلنا الى اوتيل بريستول، شارع مدام كوري، رأس بيروت شاهدنا بأم العين شاحنة من الجيش، والجنود من جهتيّ الطريق، ورجال الفرقة 16، يفتشون السيارات الممتدة على طول مائة متر حتى الصنوبرة الشهيرة في ذلك الشارع. ما اضطربت أعصابنا.

لفتة الى الوراء ولا سيارة.

بهدوء ودقة تراجع الرفيق رياض الى ان اصبح في محاذاة طريق سالك الى شارع الحمراء. حوّل مقوده وانطلق دون ان يسترعي انتباه احد. لم نرَ أيّاً من الشرطة ينطلق في اثرنا. أكملنا من شارع الى شارع، حتى بلغنا بناية قريبة من قصر صالحة قصر الحريري حالياً فترجل رفيقي وطلب إليّ التمدد في قلب السيارة الى ان يؤمن لي طريق السلامة . كانت معنا الرفيقة ليلى بربر ملاكاً حارساً.

عاد، توقف، ثم استدار، وراح يخطو الى الامام. فنزلت وتبعته هادئ الخطى اسير كأحد المارة، لا شيء بي يشير الى اني فارٌ من وجه العدالة.

دخل بناية، فدخلتها، صعد درجاً فصعدته. اتجه صوب اليمين، ظلّ في خطاه المتئدة الهادئة الى ان بلغ آخر باب في الممشى وفتحه ودخل وأغلقه. ووصلت وضغطت على الباب فانفتح، فاذا بي داخل شقة ملوكية الاثاث!…

دخلتُ فاذا بناموس المجلس الاعلى حسن الجمال 5 وناموس عبر الحدود صلاح دبا 6 وقعت عينهما عليّ، فهرعا يتناوبان على حملي وضمي وتقبيلي والدموع تجري والشهيق يسمع.

وانزلاني ارضاً وتحلّقا حولي. سألت لما البكاء والشهيق.

اجابا ان رفيقاً مرّ بهما منذ دقائق وأخبرهما أني استشهدت في ديك المحدي، وانهما كانا يندباني ويبكيان عليّ، فلما برزت بلحمي ودمي ظنّا اني قائم من بين الاموات!.

في الشقة رقم 12:

تأثرت برهة من هذا الفيضان العاطفي.

أمرت بفتح الراديو.

بدأنا نستمع الى «حفلة» من الاهانات والشتائم والاتهامات والافتراءات، معركة ديك المحدي انتهت بضرب بيت اسد الاشقر، وسقوط بعض شهداء الواجب من رجال الجيش، وبسقوط بعض شهداء القضية.

ذكرت الاذاعة ان جثة وجدت على مفرق طريق «قرنة الحمرا» في ديك المحدي وعُثر على جواز سفر صاحبها فإذا هو اسامة.

لم اكن اعرف احداً بهذا الاسم الاّ الامين عيسى سلامة.

وقفت بعد إسكات الراديو، وقلت للرفقاء: فلنصمت دقيقة احتراماً لاستشهاد رفيق لنا هو الامين عيسى سلامة 7 صمتنا وجلسنا.

قلت: اننا سنسمع «الفينة بعد الفينة» اخبار استشهاد الكثير من قادتنا وجنودنا الابطال. فلا نعرف متى نقتل نحن. لذلك يجب ان نكون رابطي الجأش، كما يليق بالمناضلين، وان نكتقي، تأبيناً لشهدائنا واحتراما لاستشهادهم، بدقيقة صمت، ثم نكمل حياتنا كأن شيئاً لم يقع. كل ثورة تفترض وقوع ضحايا. لا ثورة بلا ضرائب باهظة. اذا استمرّينا احراراً يجب ان نفكر كيف تستمر النهضة، لان المأتم الكبير، والحزن الاكبر هو ساعة نيأس او ساعة تدل الدلائل على ان لا قيامة لحزبنا بعد اليوم.

وافق الرفقاء.

واستمرّينا نتباحث ونتحدث ونشرب ونأكل.

امضيت الربع الاول من الليل، أفكر في ما يجب عمله . اذا كان قرارنا هو للسلامة فقط فبئس القرار، اما اذا كان لتحمّل مسؤوليات قيادة النهضة في الظروف العصيبة الراهنة، فمرحباً بالقرار ومرحباً:

في الصباح كان قراري قد اُتخذ.

سأعلن نفسي قيادة واقعية مؤقتة، كما أعلنتُ نفسي في الحرب الكونية الثانية المسؤول. الرفيق صلاح دبا ينقل في حقيبته عناوين المسؤولين في بلاد الاغتراب في كل مكان. أكد لي ان تعليمات أعطيت الى المسؤول في المانيا بأنه عندما يتلقى في ظروف الطوارئ أية صادرة حزبية، يوزعها على كل الرفقاء عبر الحدود لان لديه لائحة بكل العناوين.

السؤال الآن: كيف تخرج الرسالة من المخبأ ؟

لجأنا الى الرفيقة ليلى بربر السكرتيرة في مستشفى المقاصد غير المعروفة عضواً في الحزب، والتي عرّفناها بمحل إقامتنا قصداً.

هيأت التعميم ووقعتُ باسم القيادة المؤقتة ووضعتُ داخله عنواناً وعلى ظهره اسماً مستعاراً وعنواناً وهمياً.

في التعميم، تكذيب لكل الاتهامات والافتراءات وسردٌ للاسباب التي دعت الى القيام بمحاولة الانقلاب وأهداف المحاولة. وأمرٌ بالاتصال بنا مع تحفظ ضروري، وهو اعتبار التعميم لاغياً اذا كانت قد وردت تعاميم اخرى من قيادة اخرى موجودة على ارض الوطن خارج لبنان.

كان التحفّظ الوارد في التعميم في محله، اذ لم نلبث ان عرفنا ان قيادة مؤقتة تألفت في عمّان من الامناء والعمد الذين استطاعوا الوصول إليها.

ولكم كانت دهشتنا كبيرة ساعة طلعت علينا الصحف ببيان نظّمه ووزعه رفيقنا في لندن عباس الخرسان 8 الذي بادر، بتقدير منه للواجب واذاع على العالم ما يدحض حملات التشويه والتشنيع.

ويتابع الامين قبرصي بدءاً من الصفحة 49 شرح الوضع في الشقة الملجأ، فيقول:

« بضعة ايام في الطابق الارضي، تلاقينا خلالها صدفة مع الامينة ديانا المير اخت الامينة الاولى زوجة زعيمنا سعاده سألناها عن المعنويات في الخارج، فقالت إنه لم يبقَ هنالك معنويات. القوميون مبعثرون ليس في عائلاتهم الا البكاء وصرير الاسنان. كان من الطبيعي في الايام الاولى، ككل مرة، ان يحدث مثل هذه البعثرة. إنه يحدث في افضل الجيوش بعد معركة فاشلة.

ومن ثم انتقلنا الى الطابق الرابع، الى شقة رقم 4. يا للعجب! في الطابق نفسه، وفي الشقة رقم 12، وعلى بعد 16 متراً، يقيم العقيد عصام أبو زكي «عينبال» الشوف. في الليل يحرس الجيش شقته . والارجح انه يحرس مداخل البناية كلها.

في الطابق السادس يقيم ضابط من آل الطرابلسي يحرسه الجبش ايضاً.

البناية كلها مأهولة بالعائلات الأجنبية، فرنسيون وألمان وسويسريون وطليان وإذا وُجد مواطن فكويتي، اللبنانيون غائبون عن البناية.

مُشِطَت بنايات رأس بيروت المشبوهة وغير المشبوهة، إلا أن بنايتنا لم تتعرّض لأي مداهمة. انها بناية بركات، شمال قصر صالحة شارع مدام كوري .

كان الجيش قد دفع خمسين الف ل.ل. ثمناً لرأسنا وكان في الوقت نفسه يحمينا!.

يوم في المخبأ

لا بدّ للقارىء ان يسأل او يتساءل: من أين يعيش هذا الفار من وجه المظالم؟

إنه لسؤال وارد وواقعي.

فالرجل الذي دفعت الدولة جائزة خمسين ألف ليرة لبنانية لمن يأتي به حياً أو ميتاً، الرجل الذي كانت تلاحقه الصحافة يومياً، فتذكر أنه تارة في بسكنتا، وطوراً في حاصبيا، المتن، وأخرى في ثوب كاهن، وغيرها في نعش ميت، وأخيراً في ضواحي جبيل او في شقة في شارع الحمراء، هذا الفار من وجه العدالة، كيف كان بإمكانه ان يتوارى وأن يجد من يمده بالنور والهواء، والغذاء والماء؟

إن الرفيق رياض المغربي الذي أنقذني من المصيبة، في أحرج ساعة منذ فراري، وحملني الى شقة مفروشة في رأس بيروت، كان يملك في البناية نفسها محلاً للتموين العائلي غروساري ، وكان يدير المحل رفيق قومي اجتماعي آخر ابو عصام .

ولحسن الحظ، كانت شقة في البناية نفسها بعهدته، كلّفه أحد اصدقائه في الكويت صيانتها والإشراف عليها. وسلّمه مفتاحها. إنها في الطابق الرابع كما سبق وذكرنا.

في هذه الشقة استقريتُ وحدي بعد ان تركني تباعاً كل من الرفيق صلاح دبا والرفيق حسن الجمال. الوحدة خانقة، شعرتُ وانا وحدي ليل نهار، رغم ان الاخوة تركوا لي راديو ترانزيستور، ورغم القراءة والكتابة، شعرتُ بنوع من اليأس الضاغط على أعصابي. ومع ذلك كنت أقنع نفسي أني حرّ أنام ساعة أشاء، وآكل ساعة أشاء، وأحصل على ما أشاء في شقة نظيفة معرضة للشمس والهواء؟ الرفيق ابو عصام 9 كان يحمل لي، في طريقه الى الجيران، سلّة صباحية، فيها الدخان والصحف والمأكولات المعلّبة.

وليلى بربر كانت تأتي كل اربعاء، تطبخ لي بعض المأكل، أحفظها في البراد يوماً او يومين.

وكانت ترافقني قنينة من الويسكي او العرق، لتعطيني بعض القابلية وتساعدني على الهضم.

كيف كان هؤلاء الناس يدخلون الى شقتي؟

اتفقنا على طرق الباب ثلاثاً، بصورة متقطعة، هكذا كان يدخل ابو عصام وكان من اهل الدار. لا يخاف ولا يخيف.

اما ليلى فقد تدبرت لنفسها مفتاحاً، قبلَت ان يُكال لها الف تهمة، لتقوم بواجبها القومي، وبواجبها تجاه صهرها الذي ما اعتبرته إلا بمقام أبيها.

الشقة ملوكية، ولكنها حبس. لا قيمة لشيء ثمين في الحياة إلا للحرية. القيود الذهبية والماسية قيود كريهة. العبودية أثقل ما يواجه الانسان اثقالاً.

فقالت له ابنة عمي، أخت زوجتي، فريدة بربر فرح 10 ، ساعة جاءت لزيارتي في الشهر الاخير من المخبأ: هذه الشقة تليق بالملك سعود !

المهم، كان كل شيء مؤمناً.

ولكن من اين المال؟

الشقة لم تكن تقدمة من «أبي كامل». كنت مضطراً ان انفق على نفسي. وان ادفع اجرتها 350 ليرة شهرياً باسم الكويتي الذي اجهله ولا يعرفه الا «ابو كامل».

ونفقات الاكل لا تقل عن المئتين وخمسين ل. ل.

فمن اين استطيع الإنفاق على عائلتي وعلى نفسي بمثل هذه السعة؟ في الايام الاولى صرفنا من وفرنا وكان زهيداً.

وفي الايام التي تلت مدّ إلينا الاصدقاء، والاهل أكفهم سخية. لقد طرقت باب المغفور له اميل البستاني فمدني بمبلغ مهم لا يزال ديناً بذمتي.

والكثيرون من الذين قدمت لهم خدمات، ما تخلّوا عني ساعة الضيق.

أما مالكو المنزل الذي كنت أقطنه في شارع المكحول رأس بيروت، فقد قاموا ببادرة لا مثيل لها. إنهم، عوضاً عن ان يطالبوا زوجتي ببدلات الايجار المستحقة، جاؤوها بالمال. ان صورة نمر المعلم، ووليم المعلم لا تمحوها الايام من ذهني وذاكرتي، صورة الانسانين اللذين تحمّلاني وعائلتي ثماني سنوات دون تذمر، دون سؤال. لو ان صاحب الملك كان ابي، لما تحمّلني كما تحمّلاني.

الليل طويل، كان قاتلي.

ما كنتُ اصل الى الليل حتى اشعر ان السماء تطبق على الارض، وان سقف شقتي ينهار عليّ. كنت اخرج الى الشرفة. أمامي قصر نجيب صالحة 11 ، بواحته الخضراء وحفلاته الزاهيات، وعلى بعد امتار منه حلوات كلية بيروت الاميركية التي كان اسمها الجونيور كولدج ومن البعيد كانت تداهمني اضواء منارة بيروت الدوارة فتكاد تفضحني، فأضع منشفة على رأسي لإخفاء شعري الاشيب!.

في الاشهر الاولى، ما كان لي أنيس ولا جليس، لقد أنكرت نفسي حتى عن زوجتي واولادي وأهلي.

كانت وحدتي في المخبأ وحدة؟؟ لأن كل من يلوذ بي كان مراقباً بدقة. اي خطأ، مهما كان ضئيلاً كان يمكن ان يعرّضني للوقوع في فخ، لذلك قبلت بالوحدة الخانقة، لأنقذ نفسي من براثن الظالمين!…

ايام المخبأ الاخيرة

كنت قد تعبت من المخبأ رغم اني ألفت مناخه وكوابيسه، وتسهّلت لي فيه الحياة وطابت. زوجتي في الثلاثة أشهر الأخيرة كانت تزورني كل اسبوعين مرة وتبقى في ضيافتي ثلاثة ايام او أكثر. والدتها كانت لا تبخل علي بالمكوث في مخبأي، اولادي كانوا يتناوبون تقريباً كل ليلة، على النوم في غرفتي فأشعر بنعمة الحياة واستنشق نسمات الحرية!

أهم ما يجب تسجيله ان كل من قدِم إلي، قدِم بناءً على خطة مدروسة، فضلاً عمّا كنت أفعله من كتابة رسائل مقفلة تُرسل الى المكتب الثاني والامن العام، عن ان عبدالله قبرصي، موجود في الكورة، في المتن، في الشوف، ليتوّهم المطاردون اني اتنّقل عبر لبنان. سعيتُ في ايامي الاخيرة في المخبأ، بان تكتب جرائد لبنان وعمان، أني اصبحتُ في الاردن. كان يجب ان اقابل خطط «العدالة» بخطط «الفرار». كان يجب ان ارفع ضغط المطاردة عن عائلتي وعني. افظع ما يؤرق الفار شكوكه وأوهامه ومخاوفه. لقد نجحت في وضع حدّ للمخاوف. كنت قد تعودّت ان اطمئن. أن أنظم الشعر، أن أقرأ بلا ملل، ان افكر وأتأمل في حياة داخلية غنية وخصبة.

ما كان يأتي الى مخبأي أحد إلا بعد دراسة طريق الوصول، لخطة سير. فزوجتي كانت تقضي نهاراً كاملاً لتصل إليّ. فمن الشرقية الى الشياح الى فرن الشباك الى زيارات لبعض الاصدقاء لتصل في العاشرة مساءً، بعد ان تتثبت ان الطابق الذي انزل فيه خالٍ من المارّة.

وهكذا اولادي.

إلا ان المال نفد، والاصدقاء الذين كان بالامكان التوكأ عليهم نفدوا.

لم يبق الا الحزب.

القيادة الحزبية في عمان ارسلت لي رسولاً تطلب ان اتوجه برفقته إليها. رفضتُ قبل ان يصدر قرار الاتهام. لقد كان من حقي ان انتظر منع المحاكمة اذا اجمع الذين عرفوا معارضتي للانقلاب على إعلان هذه المعارضة لرجال التحقيق.

أصرّيت على ان تمدّني القيادة بالمال. وذهب الرسول ليعود إليّ، بالجواب المألوف في حزبنا: «الخزانة فارغة». ومتى كانت ملآنة، هذه الخزانة للحزب الدولة، الذي لا يمدّ يده للمال الحرام.

لا مال للهاربين. اذا توفر لنا بعضه فهو وقف مرهون لعائلات السجناء.

في النهاية هذا حق. فالفار لا يزال يستمتع بنعمة الحرية الجزئية. الحرية لا تزال في قاموسه، ناهيك عن ان الفار نجا من عذاب جهنّم، ما اطيب نسمات المطهر، بالمقارنة مع نار جهنّم !..

لم تتخلّ القيادة المؤقتة في عمان، وقد كانت مؤلفة من الفارين، وبعض المقيمين لا عني ولا عن سواي في حدود ما تيسّر لها من فكر ومال. والدليل ان رسولها عاد إليّ مرة ثانية لحملي على مغادرة لبنان.

كررت الرفض بانتظار قرار الاتهام.

وصدر قرار الاتهام في الثالث من ايار 1962 فإذا باسمي بين الاسماء المرشحة للرمي بالرصاص. كل التهم الموجهة إليّ والى زملائي في المجلس الاعلى تهمٌ مميتة، او هي تقضي بالاعتقال المؤبد!

لم أكن بحاجة إلى من يفسر لي المواد القانونية التي تطبّق على وضعي. كنت قد قرأتها. كنت اعرفها قبل محاولة الانقلاب. وانا الذي قال بصوت عالٍ: ان ثلاثة من رؤوس الحزب كما اسلفت القول – مرشحة للاعدام دون محاكمة: عبدالله سعاده، أسد الاشقر، عبدالله قبرصي.

قرار الاتهام، حسم الموقف. لا بدّ من الرحيل

متى وكيف؟

قلت ان المال نفد ولا من يعيل ولا من يجيب.

ولدي الاكبر صباح لا ينام الليل. يتصل بأصدقائه لعله يجد حلاً. قيل له ان آل البلطجي سينقلونني الى قبرص. قيل له إنه بإمكانه ارتداء لباس طيار والانتقال بإحدى الشركات الى روما.

كل الاقتراحات كانت مرفوضة او مستحيلة، والسبب عصب الحياة مفقود: المال.

في الحادي عشر من حزيران عاد إليّ رسول القيادة من عمان. عاد وهو مجهّز بخطة انقاذ. كانت زوجتي تبكي بمرارة قبل وصوله لأنه لم يعد أمامي إلا الاستسلام.

كنت قد درست معها هذا الموضوع؟؟ مع واشٍ مضمون يقبض المكافأة ويسلمنا إياها لتستر بها شؤون العائلة من مدارس وغذاء وأجور منزل. لا ننسى ان الجائزة كانت خمسين ألف ليرة لبنانية.

كانت خطة رهيبة ولكنها معقولة. إذ لم يكن من مفرّ سوى الوقوع في الفخ، فلنقع بإرادتنا، وبطريقة «فنية» تسد العجز المادي الذي بدأنا نتخبّط في حبائله.

وبالفعل راحت زوجتي بواسطة اقربائها تفاوض وتناور ربحاً للمال او ربحاً للوقت.

وصل رسول القيادة، فانحلّت كل العقد، الا مخاوف زوجتي الأمنية.

قلت لها: تخيّري بين نارين. لا ينقذنا إلا موقف جريء ومغامرة. الرحيل هو الاجدى. السجن بالنسبة لي موت محتّم. لم تعد اعصابي ولا جسدي لتحتمل السجن، خاصة سجن التعذيب والمهانة، والفجور.

وقررت الرحيل في موعد لا تعرفه.

وعدت اركان الحزب وهم اولادي الثلاثة وصديقي؟؟ جوزف عيسى الخوري 12 وطلال توفيق فرح، ابن اخت زوجتي وهو بمثابة اولادي ايضاً. كانوا خمسة، رسمنا خطة النزول من المخبأ، الى المرآب، في ساعة تخفّ بها أرجل المارة وأعين الفضوليين.

وجاء يوم الخلاص: 19 حزيران 1962 الساعة الثامنة الا ربعاً، كان الفرسان المنقذون قد نفّذوا المهمات الموكولة إليهم بدقة لا بدّ من التنويه بها.

عاطف يرافقني عند الباب الى المصعد. أهبط انا في الطابق الاول. أما هو فيكمل الى المدخل. أسير أنا وئيداً وطبيعياً. بعد ان خلعت نظارتي ولبست طربوشاً. وارتديت «ثياب الميدان» اذا حدث طارئ يومئ إلي فانكفئ، وإلا فاستمر وأدخل محل السمانة تحت رعاية ابي عصام هايل عيد . اخرج منه الى حديقة صغيرة وراء البناية الضخمة، أتسلق سلالم وُضعت خصيصاً من أجلي.

كان في جيبي لكي لا اهلك جوعاً، خيارة واحدة وحبة كرز كبيرة!.. وقد أهخذت الحيطة للجروح، ففي جيب قميصي أضع سبيرتو. تلك كانت معدات الهارب الدفين يحمله قبره الى المجهول !.

كان قد مضى على دخولي الحزب، ثمانية وعشرون عاماً.

كنت قد خبرت المشارد والمنافي والسجون. كنت قد قطعت المسالك الوعرة وناضلت بالقلم واللسان. كنت اعرف كل انواع الحرمان من اليتم الى أحكام الإعدام. ليس في الكون مرارة الا مرّت تحت حلقي من المتاعب والمصاعب والمخاطر، كان لي رفقاء واتراب. ولكن تلك الساعات التي بدأت أقطعها او تقطعني بين بيروت وطرابلس، كانت فريدة، غريبة، لا اسمٌ لها ولا مسمّى! كيف لا وأنا دفينٌ وحيٌ معاً!.

نسرع. نتوقف. تفتيش السيارة والركاب. أصغي الى اصوات رجال الامن!… اتوجع ورأسي على الحديد. ليس مسموحاً ان اقول: آخ. الصمت وحده ينقذ!

تقف السيارة في الظلام. فينزل كامل الى حيث رأسي. يهمس: ألا تزال حياً ؟ أجبته: إني حيّ اسرعوا. اسرعوا.

وتعود السيارة الى الانطلاق لتقف ثماني عشرة مرة. الحواجز كثيرة. عديدة. وكذلك الهواجس.

نزلت السيارة في حفرة فحفرت في اعلى وجهي اخدوداً. سال دمي، فاسلت السبيرتو عليه، لاقوم بعملية جراحية مستعجلة. كيف فتحت زجاجة السبيرتو ؟ اين وجدت مساحة لاحرّك يدي ؟ كل هذه يجب ان نعيد تمثيلها كما يعاد تمثيل جريمة إمعاناً في الاثبات.

من اين كان يدخل الهواء الى القبر المتحرّك؟ من الجهة اليسرى للسيارة، كنت المح ضوءاً، عرفتُ من بعد انه ثقب اراده المنقذ مدخلاً للاوكسجين ومخرجاً لاوكسيد الكربون !.

الهدير، الحرارة، غرز الرفاص في البطن او في الساقين أمور لا بد منها، مغامرة حياة او موت. ما كانت مزعجة. الامل بالحرية والنجاة يطغي على كل أمر متعب، تماماً كأمل المريض بالحياة !

أحسست بالجوع. أحسست بالعطش. يا للمهزلة. ما الجوع، ما العطش؟ كأنما الانسان بحاجة الى الاكل والشرب، وهو يعدو باتجاه الهدف الكبير: الحرية. ما اعظم من قال: الحرية او الموت ؟ بل ما اعظم من يقول: الحرية هي الحياة.

الخيارة وحبة الكرز لا تزال سالمتين في جيبي يستحيل ان تمدّ يدك الى جيبك وتنتزع منها شيئاً. مستحيل ان تمد يدك الى فمك، انت الآن كل ما هو نقيض الحركة والتحرك والمرونة، انت الشلل والجماد!… ليس لرأسك ان ينزاح عن الحديد!

لقد بعدنا عن طرابلس. وصلنا الى الجمارك السورية. إنها آخر مرحلة. أهلاً سيدي، بتلك العبارة كان الضوء الاخضر الاخير.

السيارات كثيرة على ما يبدو. جلبة، تنافسٌ. اصوات تعلو وأصوات تنخفض. النتجية، جاء دورنا. كان المنقذ معروفاً لكثرة تنقلاته بين الشام ولبنان. في لحظات، دبرت امور سائقنا والركاب. وبعد لحظات كنا قد اصبحنا في حدود الامان.

أي أمان ؟ انا محكوم من المحكمة العسكرية الاستثنائية الشامية في الشام سنة 1956 بخمس وعشرين سنة ونصف السنة وذلك بدعوى قتل العقيد عدنان المالكي. ولكن من يعرفني إلا قلة نادرة، فحمص وتلكلخ حيث نحط الرحال.

على مشارف حمص وتلكلخ

يا لساعة القيامة من القبر. لا اقول من بين الاموات، لأني كنت الدفين الوحيد، لقد قمت من بين اموات نفسي. إنها ساعة الفرح. إنها مولد الطفل الكبير، إنها بدء عمر جديد !

قال المنقذ للركاب وكانوا عجوزاً وصبية واطفالها: « لا تخافوا لقد انقذنا حياة انسان محكوم بالموت. لن نقول لكم اسمه سندحرج المقعد عن صدره» . لا تخافوا:

وقمت من القبر !

ولمع شعري الابيض وقد التقى بعد أشهر بضوء القمر الصاعد من وراء الجبال او التلال او السهول .لم تتطلع المرأتان إليّ. ركعتا وراحتا تصليان: يا قديسة مريم، وأبانا الذي في السموات!..

ثم التفتتا صوبي، وفي عيونهما دموع فرح، كأنما كنت غريقاً وانتشلت من الخضم او رهين عملية جراحية خطرة، خرجت من مباضعها حيّاً.

ثم هجمتا عليّ تقبلاني. لا تعرفان من أنا. لا اعرف من هما حتى الآن. الإنسان هو أخ الانسان أحب أم كره. ما أصدق الأنبياء!…

السائق لم يلتفت صوبي. ما عرفته يومذاك ولا عرفته من بعد. المنقذ كان يولع سيجارته ويتطلع الى القمر الصاعد من الابعاد ريف خبز كوراني من طحين استراليا!

أما المرأتان فتشكران الله وتهنئان وتدعوان لي بالسلامة في ما تبقى من رحلة.

المرأتان اللتان لا اعرفهما واللتان شهدتا قيامي من القبر هما صورة للمرأة في أحب غرائز الامومة، في أرق مشاعر القلب الانساني، في أعلى مرتبة للإنسان الشاعر مع الإنسان! .. لقد كانتا الحنان، لهما تحيتي أياً كانتا وأينما كانتا؟!…

بعد ان يشرح الامين قبرصي عن مرحلة وصوله الى مرمريتا، فالى حماه ثم درعا، الرقا، عمان مستقراً في الغرفة رقم 31 من فندق «القصر» في عمان، يتحدث عن القيادة الحزبية المؤقتة في عمان، وهذا ما سنعرضه في حلقة لاحقة.

هوامش:

1 – صدر عن دار ومكتبة التراث الادبي للرفيق غسان الخالدي.

2 – نديم حاطوم: محام معروف كان تولى مسؤولية عميد القضاء. تعمل اللجنة الى اصدار نبذة تعريفية عنه.

3 – ليلى بربر: شقيقة عقيلته، الرفيقة جورجيت، وكانت اقترنت من الرفيق المناضل فهد حريق الذي يصح ان ننشر نبذة عنه.

4 – نازك بربر: شقيقة الرفيقة جورجيت، وكانت اقترنت من الامين شوقي صوايا واسست معه عائلة قومية اجتماعية.

5 – حسن جمال: كان مُنح رتبة الامانة. حكم عليه في الشام بعد حادثة اغتيال العقيد عدنان المالكي واعتقل في سجن المزة. بعد خروجه انتخب عضواً في المجلس الاعلى.أتيت على ذكره في أكثر من نبذة.

6 – صلاح دبا: تولى العديد من المسؤوليات الحزبية. أكثرها عميداً لشؤون عبر الحدود. منذ سنوات انتخب لعضوية هيئة منح رتبة الامانة، متولياً مسؤولية ناموس الهيئة.

7 – عيسى سلامة: اقرأ النبذة المعممة عنه على موقع شبكة المعلومات السورية القومية الاجتماعية www.ssnp.info

عباس الخرسان: كما آنفاً.

8 – ابو عصام: هو الرفيق المناضل هايل العيد.

9 – فريدة بربر فرح: للاطلاع على النبذة المعممة عن الرفيق د. توفيق فرح من بلدة حامات الدخول الى الموقع المذكور آنفاً.

10 – قصر نجيب صالحة، كان يملكه الثري، رجل الاعمال المشهور، ابن بلدة رأس المتن، نجيب صالحة. معروف حالياً باسم قصر الحريري. موقعه في منطقة قريطم… رأس بيروت.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى