اشتداد أزمة ترامب والبيت الأبيض يعترف ضدّه!

اعترف البيت الأبيض للمرة الأولى أول أمس، بأن «دونالد ترامب ربط منح مساعدات مقرّرة لأوكرانيا باعتبارات تتعلق بالسياسة الداخلية الأميركية»، وقدّم بذلك «حججاً جديدة للديموقراطيين الذين يسعون إلى عزل الرئيس».

وذلك عقب تأييد الأغلبية النيابية الأميركية لإدانة قرار ترامب «سحب القوات الأميركية من شمال سورية»، القرار الذي جسّد رسمياً حدة الموقف بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري ضدّ السياسة الخارجية «الترامبية» المثيرة للجدل ضمن الحياة السياسية الأميركية. كذلك، السجال الحاد بين ترامب ورئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي، وتوجّهه بكلام قاسٍ إليها ووصفها بـ «السياسة من الدرجة الثالثة»، في أحدث إشارة على التدهور الكبير في العلاقة بين ترامب وبيلوسي منذ أن بدأت الأخيرة تحقيقاً الشهر الماضي بهدف عزل الرئيس، لاستخدام سلطاته ضدّ منافس له في الانتخابات.

وكان ترامب طلب في نهاية تموز، من نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إجراء تحقيق حول جو بايدن وأعمال ابنه هانتر بايدن في أوكرانيا. وجمدت إدارة ترامب في الشهر نفسه مساعدة عسكرية بقيمة نحو 400 مليون دولار مخصصة لأوكرانيا.

فيما شكل هذا القرار لبّ التحقيق الذي فتحه قبل ثلاثة أسابيع البرلمانيون الديمقراطيون في إطار سعيهم لعزل ترامب. وهم يريدون أن يحددوا ما إذا كان ترامب قد استغل منصبه لأغراض شخصية، خصوصاً عبر تجميد أموال لإجبار كييف على التعاون.

وأثار كبير موظفي البيت الأبيض ميك مالفاني مفاجأة بإطلاقه هذا الاعتراف في مؤتمر صحافي قبل انعقاد قمة مجموعة السبع.

ويؤكد الملياردير الجمهوري أنه لم يمارس «أي ضغط» على الرئيس زيلينسكي وأن المساعدة تمّ تجميدها خلال فترة تقييم المساعدات التي يقدّمها إلى أوكرانيا شركاؤها الغربيون الآخرون.

لكن للمرة الأولى اعترف البيت الأبيض الخميس بأن ترامب كانت لديه دوافع أخرى.

وقال مالفاني «هل ذكر لي الفساد المرتبط بالخادم المعلوماتي للحزب الديموقراطي؟ بالتأكيد. لا شك في ذلك، لهذا السبب جمّدنا الأموال».

وأضاف «نحن نقوم بهذا الأمر دائماً في السياسة الخارجية»، مؤكدا أنه «عليكم تخطي ذلك، لا بد أن يكون هناك تأثير سياسي في السياسة الخارجية».

من سيئ إلى أسوأ

ويشير مالفاني إلى فكرة ولدت في أوساط أصحاب نظرية المؤامرة ونقلها ترامب والمقربون منه، تفيد أن «أوكرانيا هي التي قامت بقرصنة الرسائل الالكترونية للحزب الديموقراطي خلال الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جرت في 2016، وليس روسيا كما تؤكد وكالات الاستخبارات الأميركية».

وطرحت هذه الحجة للتشكيك بمصداقية التحقيق حول شبهات بتواطؤ بين فريق حملة المرشح الجمهوري وموسكو، الذي هيمن على أول سنتين من ولاية ترامب.

وقال ميك مالفاني إن «العودة إلى ما حدث في 2016 … كان ضرورياً بالمطلق»، مؤكداً أن «المساعدة دفعت لأوكرانيا في أيلول في نهاية المطاف».

وردّ الديموقراطي آدم شيف الذي يشرف على تحقيق الكونغرس حول ترامب بالقول إن «مالفاني قال للتوّ إن المساعدة العسكرية لأوكرانيا تمّ تعليقها لإجبار كييف على التحقيق حول الديموقراطيين». وأضاف أن «الأمور تسير من سيئ إلى أسوأ».

وفي مواجهة الجدل الذي أثارته تصريحاته، نشر مالفاني بعد ساعات بياناً أكد فيه أن وسائل الإعلام «شوّهت تصريحاته» التي أدلى بها أمام كاميرات، في إطار «الحملة الشعواء» ضد دونالد ترامب.

خيبة أمل

على جبهة أخرى، كشف السفير الأميركي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند أن «دونالد ترامب فرض على الدبلوماسيين المكلفين الملف الأوكراني العمل مع محاميه الشخصي رودي جولياني الذي يدافع عنه بقوة».

ومع أنه معروف بقربه من ترامب، قال رجل الأعمال «شعرنا بخيبة أمل من أمر ترامب إشراك جولياني».

وأضاف سوندلاند أن «جولياني أوضح للدبلوماسيين بعد ذلك أن الرئيس ترامب كان يريد أن يُدلي نظيره الأوكراني بتصريحين علنيين حول الفساد»، ويشير إلى «تحقيق في قضيتين مهمتين» هما «الخادم المعلوماتي الديموقراطي» ومجموعة الغاز «بوريسما» التي عمل فيها هانتر بايدن نجل جو بايدن.

وأكد السفير «لم أدرك إلا متأخراً أن أحد أهداف جولياني قد يكون … إقحام الأوكرانيين بشكل مباشر أو غير مباشر بالحملة لإعادة انتخاب الرئيس في 2020».

وسوندلاند هو ثامن شخصية يستمع إليها البرلمانيون على الرغم من محاولات البيت الأبيض عرقلة تحقيق الديموقراطيين.

ويريد الديموقراطيون التقدم بسرعة لاتهام الرئيس وهو من صلاحية مجلس النواب الذي يسيطرون عليه.

وحسب الدستور، يعود الأمر بعد ذلك الى مجلس الشيوخ للبت في مسألة إقالة ترامب. ونظراً لهيمنة الجمهوريين على هذا المجلس، يبدو هذا الاحتمال غير مرجح في المرحلة الحالية.

استقالة بيري

فيما أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أول أمس، استقالة وزير الطاقة ريك بيري، الذي ورد اسمه في التحقيق المتعلق بعزل الرئيس، ليصبح أحدث مسؤول ضمن سلسلة طويلة من المسؤولين الكبار الذين غادروا إدارة ترامب.

وقال ترامب في تكساس «قام ريك بعمل رائع في مجال الطاقة لكن الوقت حان الآن – ثلاث سنوات هي وقت طويل»، مشيراً الى انه «لدينا بديل له».

ويأتي الإعلان بعد يوم على نشر مقابلة قال بيري فيها إنه «بناء على أوامر من الرئيس ترامب قام بالتواصل مع المحامي الخاص للرئيس رودي جولياني حول قضية فساد مزعومة في اوكرانيا».

وقاد بيري سياسة «الهيمنة في مجال الطاقة» التي وضعها ترامب، والتي شملت زيادة مبيعات الوقود الأحفوري الذي تنتجه الولايات المتحدة إلى أوكرانيا ودول أخرى، وأشرف على زيادة إنتاج هذا الوقود.

وقال ترامب إن «بيري أبلغه قبل شهور بنيته الاستقالة، وأنه يخطط لترك منصبه مع نهاية العام».

وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» أن ترامب قد درس سابقاً تعيين بيري في مناصب رفيعة أخرى، بما في ذلك منصب كبير موظفي البيت الابيض، بسبب عدم ارتباط اسمه بفضائح شخصية كما حدث مع العديد من زملائه.

وبيري الذي تمّ ترشيحه لمنصب وزير الطاقة في كانون الأول 2016 هو المسؤول الذي خدم لأطول فترة في إدارة ترامب دائمة التغيير على صعيد الأشخاص.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى